رسائل في صندوق الغابة

هذا الصندوق في غابة واسعة.. تمتد من المحيط إلى الخليج، حيث المراعي العربية الخصبة الغنية بقطعان الخراف، والثيران وإناثها الحلوب الخيّرة، والخيول العربية الأصيلة التي يمكن مسايستها وركوبها ... وفي الغابة ما يجذب "رعاة البقر" وأصحاب الحلوق من كل صوب للاستفادة من خيراتها ، وكان ذلك من نصيبهم فعلاً أن اغتنوا وسيطروا على البقر والثيران بأفضالهم ورعايتهم لهم ردحاً من الزمن .لكن عنايتهم أثمرت عن يقظة غريبة لدى هذه الماشية ! وكأنهم فهموا أن ما ينالوه من التسمين والرعاية ليس لسواد العيون وإنما للانتفاع بخيراتهم واستخدامهم فبرز الثيران وأضاحي الخراف والجمال للتحرر من قيود المتسلطين واستغلالهم ...وكان ماكان من نظرية داروين في هذه المزارع التي أصبحت عالماً ثالث تدور عليه الدوائر
ومما يحكى في بلدان العالم الثالث.. أن طبيعة الثور تجلت في حاكم هائج يدّعي أنه راعياً يقود جرذان إلا أن شعبه رعيان يسوقهم شيطان ، مما أثار ثورة الغضب والموت في إحدى سبيلين الأول لـ حياة الآخرين وفيه توالت الثيران والثاني في سبيل الله وفيه تَقِلّ القلة الإنسانية السباقة . وبعد أن هاج وماج ذاك الثور الثائر وقتل الكثير ممن رآهم بهلوسته جرذان وعذّب كل من طالته أباليسه ، جـاءه الذبح . فقد خار بقوة وصلت لأذن رجلٍ ينتعل الدنيا ،وكأنه يناديه ..و لم تُعرف الخاتمة بعد
ويحكى أيضاً بأن طائفة من القرود التي كان فيها ما كان من رؤية داروين قد انجبت ماظنوه أسد، وأن هذا الأسد ساد وماد وعاث فساداً بالبلاد .. ولم تُعرف الخاتمة بعد ..
عندما تكتمل الحكايا سأقوم بإرسالها في هذا الصندوق .. يتبع .....

أن تنهق بمحبة ذلك الذي يطعمك مع أنه يحمّلك الكثير ويجهدك ..فهذا لأنك حمار، ويحق لآمرك أن يسوقك للمصير الذي يريده <<هذا الواقع المسلم به ياصديقي ...
الواقع يا صديقي -ولست أتواضع بكلمة صديقي- نحن العرب جميعاً مركوبين من حاكمينا الذين يثقلون ظهورنا بوجودهم .....
الفرق ياعزيزي بينك وبين العربي، هو أن موتك يعني شيئاً للحمار الذي يركبك ! أما العرب، فكثرتهم ككثرة الذباب على أنوف الدواب ..حيث يُقتل كل من يُزعج ذاك الذي لا يفهم .
الحاكم الفاهم ياصديقي يفهم أنـ"ـه من الشعب وعليه أن يفهمه"، فيتحرر ممن يعلوه وينزل عن ظهر شعبه ...
لكن مايحدث مع البعض أنهم يغلقون عيونهم وآذانهم ويتركون نبع العطاء -من أفواههم- مفتوحاً ، ثم يمنّون على المتنعمين بخيرات الكلام !.
ولا غرابة في امتنان بعض العرب لحكامهم .. الذين سمحوا لهم بالبقاء على قيد الحياة مع أنهم يستطيعون ألّا يفعلوا ذلك<< لكونهم يتفضلون بالحديث إليهم مع أنهم يركبونهم، ويكرمونهم ببعض الكلمات المحترمة دون غيرهم من الجرذان والحشرات والأحياء الدقيقة ... الغرابة أن يمن الحاكم بركوبه للوطن ! كقول أحدهم : لقد أفنيت عمري في خدمة هذا الوطن ...مع أنه كان سيفني عمره في كل الأحوال ،لكنه أفناه في خدمة الوطن له ! والوطن يشمل نتاج الشعب وما يأتي من ثروات الأرض ...
ليت لي أكثر من حيلتك وقدرتك على احتمال ما يجره التعرض للكواسر ... آه ياصديق العرب العزيز لو أنك تفهمني وتحمل عني بعض الهموم . تباً لك

كل و اشبع و نم ,, وابق خروف .. فويلك لو لمعت في رأسك رؤية.. وأدركت كم أنت خروف.. وكم كرش يترقب خيرك
كل وارع ..واسمن لما ينتظرك ... ولا تنظر إلا لهواك .. فويلك لو تدري ماأنت و مالاتدريه ... يا آت من نسل ذبائح ..في عالم أوحش مافيه بشر . كل واشبع ..ونم فالآتي وقتٌ لا يرحم
وامض في الزمن الكافر لا تبصر ما يعجزك .. ولا تفهم ، ما أحلى الغفلة ..عما يجري في العتم..وعن جبروت من يحيون بلطف الله .. وما أحكم طمس بصيرتك عن أضحية الوقت القادم
خذ عتمك وارتح وانعم ..هذا العالم يشقي من يعلم، وسلامك أن تلهو وتركل الشقاء ليوم اللحاق بركب الأضاحي ، فشقاؤك أن تعلم ...
ما أنت يا خروف البطون .. وما نكون ..ونحن نرعى عند من يملك رقابنا ... أنت سيرت .. ونحن خُيّرنا فاخترنا، فقدرك أن تنتهي كما شاء الله ، وقدرنا كما نستحق !
كل ياعزيزي واشبع ولا تهتم ... ستحاسب على ثمن أنفاسك وخيرات ربك التي يمنون عليك بها ..
كل قبل أن تؤكل، ولا تسأل ... ستعرف يوماً ما بأن حبهم ورعايتهم كانت لرغباتهم التي كنت واحداً منها، وأن هذا الكون معقد ..كتعقيدات دماغك العقيمة، وأنه لا عائد من الفهم غير فقدان النوم .

سمعت ممن يتنفسون الهواء الذي تتنفسه ، أنني إن لم أكن مثلك فسيأكلني من هو مثلك في غابة الذوات !.
إن لم أكن مثلك أيها الدنس الخبيث في فكرك وأثرك ، فسيأكلني من يتنعم بسلب حياة غيره ويهنأ بآلام فقدهم!.. ولعجزي عن الأمرين ..ولكونك بمشيئة الله كنت، كان السؤال يُغيّب لحظة الخشوع لتختنق في ظلمة الوجود، ويرحل بي عن عالمك الذي تفوح منه رائحة الموت إلى حيث لا يعرف أمثالك الوصول ولا تنال أنفاسك الخبيثة نصيباً فيه، وبعيداً عن لغات الذوات وعن كفر الدموع في متاهات الأسئلة ، ففي براح الفكر مأوى كل من ضاقت الدنيا بأرواحهم ، وهديٌ حين تتناثر الخطايا بالأفكار التائهة في بحثها عن عدالة الوجود حيث تتعمق النهايات بلا حدود .
في سماء الفكر..لا وجود للمثقلين بالأنا ، ولا تنال حواسهم من خيرها غير الصور وركام الكلام ، فهؤلاء القابعين في ذواتهم وحولها ، يدورون مثلك في دوامة كونهم ويهوون حيث لايعلمون، وبوجودهم تضيق حدود الأشياء وتتعمق تعقيدات الدنيا الأدنى، ويبقى التسامي في البعد عن عالم يحتويك والبحث عن الحق المغيب في ظلمة الوجود .
ما زال قلبي المثقل بالحياة يعيدني كلما ابتعدت عن المكان ..لأكون، وأسمع من يعوون بعقيدة الاستذءاب و(إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب) ويعييون قلبي بسنن الحيوانات وأشباههم من ذوي الفكر الدارويني و من الدنيويين الأدنى خلقاً وقيماً بعبادة الحرية وانتهاك الحدود ، وباستباحة الدماء والأرواح بجبروتٍ زائل..
إن كان هذا العالم للمستذئبين فالحمد لله على الزلازل والبراكين وغيرها من الكوارث الطبيعية والشكر لحكمته فيما نعلم وما لا نعلم ..

مرير ما قرأت هنا وغاضب
وحزين ما يطرح النص من فكرة وإن قولبها مبتعدا عنا نحو غابة الواقع الذي نعيش
يبقى واقعنا هو المحرك الرئيس لكل ما ترسم ريشة أو حرف من لوحات تستحق المشاهدة

أحسنت القول أيتها الرائعة

دمت بألق

مرير ما قرأت هنا وغاضب
وحزين ما يطرح النص من فكرة وإن قولبها مبتعدا عنا نحو غابة الواقع الذي نعيش
يبقى واقعنا هو المحرك الرئيس لكل ما ترسم ريشة أو حرف من لوحات تستحق المشاهدة

أحسنت القول أيتها الرائعة

دمت بألق

سعيدة بقراءتك .. كتبتها بعفوية الغابة ولم أنسقها بأسلوب الرسائل المتضمنة لاحترام المرسل إليه ، ولم أبدأها بسم الله الرحمن الرحيم لكونها في صندوق غابة مدنسة
جل تقديري لقلمك واثق الخطا،و الرائع هو مرورك الكريم.

عبدٌ بأنياب ، دنس الخلق والنفس كحال أوليائك . مارفعوا من قدرك وأعلوك إلا لكونك تفوقهم بدونيتك في هذه الدنيا، وما دللوك إلا لكونك ذليلهم الرخيص، فلا تظن مبلغ نباحك مهما بلغ أن يكون له في هذا الكون مكان، ومهما علا لن يغير من وضاعته ... لاحمد فيك إن كنت وفياً لأيدي لقمتك وباب نعمتك، ولا هيبة لك غير رهبة تلقي الأذى من وضيع . < هذه مرآتك ومرآة حكام العرب المستكلبين على شعوبهم ..إلا أنك تزيدهم وفاءاً بتبعيتك لأسيادك، ولا تتقنع بهيئة العاقل التي يتحلون بها، أما هم فيستكبرون"حدّ تصديق خيالهم" ويتوسدون المناصب ويستئسدون على قطعانهم، فما لهم من "العلم بجهلهم" مثلك، وما لك في التعالي على درج الألوهية بين بني جنسك مثلهم ،أنت كلب أسيادك وما تقليدهم لأسيادهم غيرانتفاخ الفراغ ..فهم عبيد الدنيا "الهاويين مهما علو "، ولهم من ظلمهم نصيب ، و لك ولكل يومه و حد ينتهي عنده ، و لليلكم آخر .

سيد الغابة ولا فخر بغابتك ، هل يرضيك القتل لحفظ بقائك ؟
كيف تشعر بآلام قتلاك وتهنأ بالدم المسفوك أم أنك لا تشعر؟..أم تشعر بسطوتك وتعمى عن غير نفسك و ما تهوى ؟.
طاب لك الابتسام للسذج وكشف الناب والإرهاب، و عزّك أنك الأقوى، وظننت أنك الأذكى بمعرفة "من أين تؤكل الكتف"! لأن حدود معرفتك بلغة الغاب، ولا تدري أن "الله أكبر"، وأن العمر ماضي، وأن الموت آتٍ منك أو إليك لا يبعده أعتى الجبابرة. لن تفقه أن هذا الكون نظامٌ حق، لا تفلت منه شاردة إلا وتجزى بما تسعى، وأنك لن تسمو عن أرضك التي ستبتلعك بعدما ما ابتلعت فيها وأفسدت، ولن يدرك رأسك المشغول في "أناك" بأن الكون ماضٍ في نظامه الموزون، يلقي على نفوس الغاب بالكوارث ،و على أرواح "ذوي الكتاب الموقوت" بالطمأنينة، وأن على الباغي تدور الدوائر ..

غرد، في قلبي سؤالك المعجز، غرد بما أجهل التعبير عنه ، و علّمهم..بأن رسائل الإحساس أسرع، وأن الصدق أفصح من كل اللغات وأن اللغة لباس له ..
و أن الروح تسمو و تسرح في ملكوت الله حين لا تؤذي و لا تحمل عظيم"الأنا" أو أهواء تهوي بها . و إن أسروك لا تصمت وأطلق صوتك الآسر غرد بأحلى عباداتك ، ولا تهن ولا تحزن ..جمال الصبر في الإبداع ،فما أحلى الرضا بـ"أمر الله" وتحليته، وما أحلاك بجود وجودك و بأنسك.
غرد بعلوٍ يبلغ رحمة الله، لعل تائهاً يسمعك و تحلق بأفكاره ليهتدي سبيلا في الظلام ..وإن أرادك الرحيل فاذكرني له، و أخبره أن قلبي كالخافق بين جناحيك أعياه دفق الدم ، في عالم دموي تهون فيه الدماء وتقدَّس الأشياء ، أخبره عن عالم الأوراق والمعادن و سائسي التجارة و القيم و رأسمالية الذين ما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ، وأخبره عن أقبيةٍ تشبه القبور غير أن من فيها يعذَّبون بأيدي أباليس البشر المؤلهين لمن يحيا بأمر الله ، وعن أحياء يموتون الميتة تلو الميتة في القبور البعثية بأرض الشام ، وأخبره أن الأرض قد هرمت وأطهر بقاعها نبعت بما يُعَزُّ به الكافرين بالله ، وأنها بسم الله تتبعهم !وبعض شيوخها حبلوا من الشيطان وانتفخت كروش العز تثقلهم عن الجهاد لنصر الحق ، أن قداسة القدس انتهكت وأن الغرب جمعوا نفاياتهم البشرية وألقوها في حضن فلسطين ليدنسوها باسم إسرائيل، وإن همّ الرحيل بك سلام عليك ..طاب مولدك ، وطاب لك خلع جثتك وهجر الدنيا و الأسى والظلم وما هو دون ..وطبت يوم نبعث مع جبابرة الكون وتكون القوة لله جميعاً .
إلى ذاك الحين ..غرد وآنس و استأنس بتغريدك .