حال عبور أبواب آذار تبدأ الزهور في التفتح فرحا بقدوم الشهر ، تتولد الأحلام و تتخمر الأفكار و تعطي ثمار حرية الأمل، شهر كما عاهدنا قدومه يودع خشونة التفكير و الثياب، يزهر ليمدنا بروح افتقدناها منذ دهور و يبث بذواتنا روح الشباب و الربيع رغم كهولتنا الجسدية و الفكرية و تجاعيد السنون التي تملئ وجوهنا، في زاوية من زوايا بساتينه نستلقي في استرخاء تام نستظل بأفكارنا تحت أشجار الأمل المسبوق بالحلم، الحلم بالعدالة في الأشياء المحيطة بنا، نحلم بغد جميل نترجى بزوغ أشعة شموسنا.
نبحر في سفينة الزمن ما بين أشجار السنديان و أشجار الصنوبر نبحث عن شجرة المانوريا و عن حدائق الياسمين العاطرة مخلفين خلفنا الكانونين الأول و الثاني و شهر شباط نحمل بين كفي أيدينا نحمل على كف حلم و على الكف أخر غصن للأمل و نلقي من على وجوهنا قناع البيادق الحقيرة و من على أجسادنا لباس عرائس القراقوز اللعينة و ندع لهم وطن ذو اللونين الأبيض و الأسود و الطيور تمهد للثورة ثورة الخروج من أقفاص التعنت، تعنت فصل دام دهرا مرددة شعار كان و لبد " أرحل، نريد تغيير الألوان ألوان الورود نريد إعادة تغيير حركة الشفتين حين تبتسم و تأخذ الكلمات مكانها في الكتب و المصاحف و تشرق الشمس من الشرق كما تعودنا غروبها في الغرب ".
شهر يفتح لنا أبواب صدق و كذب شهر نيسان حيث تلتقي عبر أيامه كل الفصول و لا نعرف من منهما من هو الفصل الأصدق حيث نعلم أنا أول أيامه يبدأ بكذبة اسمونها كذبة أو لعبة نيسان، أم يلاعبنا لعبة الشيطان الأخرس يصم أذنيه و يغلق عيناه لكي لا يسمع و لا يرى أفاق أحلامنا إلا كابوس يزعج السمع و يشوش النظرات، لم لا ينتبه إلا ضجيج زقزقة العصافير و لا نتساءل لم تصر البلابل على التغريد داخل أقفاصها و هي سجينة،
لا السنونو لوحدها تصنع الربيع، لا الربيع يميز بين ألوان الزهور، لا الزهور و لا ملكة النحل تفرق خليتها إلى طوائف و عروش و تستعبد ذا عن ذاك بداخل مملكتها.
لتتحلى بصائرنا بقليل من الصدق مع ضمائرنا لبعض الوقت و تتحاور أنفسنا مع بعضها دون نفاق في السؤال و لا كذب في الجواب و لا نكن كالصخر الذي يذوب كالملح في ماء كل بحر فا تمسي كل أعمالنا و أفعالنا تشبه أرض سبخة تتغذى منها الجرذان و الثعابين.