أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 14

الموضوع: طـــ حجِّي ـــارق

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 113
    المواضيع : 7
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي طـــ حجِّي ـــارق

    ][color=#FA0309]بدون اطالة .. اسمحوا لى أن أقدم لكم كاتب أحبه ..

    طـارق حجِّـي

    معيد/مدرس
    مساعد/مدرس بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإدارية بجامعة فاس المغربية (8 سنوات – حتى 1979) .
    خبير إتفاقيات بترول دولية بشركة شل العالمية للبترول (1979/1988) .
    رئيس شركات شل العالمية للبترول بمصر (1988/1996) .
    مستشار رئيس شل العالمية للشرق الأوسط (1996/1998) .
    رئيس مجلس الأمناء و المدير التنفيذى للمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط (1/1/2005)
    عضو إتحاد كتاب مصر ومؤلف 14 كتاب باللغة العربية وعدد من الكتب بالإنجليزية والفرنسية عن المشكلات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتعليمية والإدارية لمصر .
    أُختير كعضوٍ بمجالس إدارات ومجالس أمناء أكثر من ثلاثين جمعية وكلية وجامعة ومؤسسة من بينها عضويته بلجنة العلوم الإدارية بالمجلس الأعلى للثقافة ومجلس أمناء الجمعية العربية للإدارة (نائب الرئيس) ومجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ومجلس أمناء جامعة العلوم الحديثة والآداب (MSA) ومجلس إدارة الجمعية المصرية للتنمية الثقافية والإجتماعية ومجلس إدارة جمعية النهضة بالتعليم ومجلس كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة … وغيرها .
    دُعى كمحاضرٍ بعددٍ كبيرٍ من الجامعات ومراكز البحوث الأمريكية مثل جامعة oxford و جامعة لندن وجامعة Princeton وجامعة Columbia وجامعة California Berkeley ومعظم كبريات مراكز بحوث الشرق الأوسط الأمريكية .
    أحدث مؤلفاته كتاب (Culture, Civilization & Humanity) صدر في يونيه 2003 عن دار نشر Frank Cass البريطانية/الأمريكية "400 صفحة بالإنجليزية" (لندن/بورتلاند).


    [

  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 113
    المواضيع : 7
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اسمحوا لى أيضا ان اقدم مقتطفات من بعض مقالاته :

    فى العقل المصرى

    * مقدمة أولـى
    * مقدمة ثانيـة (لماذا أكتب؟)
    الفصل الأول : قيــم التقـدم
    * توطئة .
    أ. ملاحظات جوهرية حول موضوع قيم التقدم .
    ب. أهم قيم التقدم .
    ج. قيم التقدم : المنبع والهوية .
    د. قيم التقدم والخصوصيات الثقافية .
    هـ. قيم التقدم وبناء مجتمع قوي .
    الفصل الثاني : من عيوب تفكيرنا المعاصر .
    * هذا الفصل .
    1. تقلص السماحة في تفكيرنا المعاصر .
    2. المغالاة في مدح الذات .
    3. ثقافة الكلام الكبير .
    4. هامش الموضوعية المتآكل .
    5. الآخرون : معنا .. أم ضدنا ؟
    6. نحن .. وآراؤنا .
    7. الإقامة في الماضي .
    8. ضيق الصدر بالنقد .
    9. الإعتقاد المطلق في نظرية المؤامرة .
    10. التيه الثقافي .
    11. ثقافة الموظفين .
    12. تمجيد الفرد .
    13. محليون للنخاع .
    * خاتمة .
    * لحن ختامي من جبران خليل جبران .
    الفصل الثالث : الثقافة " أولاً " .. و " أخيراً " .
    1. مشروع ثقافي لمصر المستقبل .
    2. التعليم وصناعة المستقبل .
    3. حوار .. حول إصلاح التعليم .
    4. تعليم عصري .. أو الطوفان .
    5. الثقافة .. أولاً وأخيراً .
    6. خواطر رحلة أمريكية .
    7. الولايات المتحدة .. ومستقبل العالم .
    8. البشرية .. وأمريكا .. ومسيرة التمدن .
    9. تعليق على ما حدث .
    10. "تطرف إسلام" .. أم "تطرف بشر" ؟
    11. الشرق والغرب : الفهم المفقود .
    12. نحن والغرب والأحكام الخاطئة .
    13. نظرات في سلبية الشعوب .
    14. حديث عن "الكاريزما" .
    15. نظرات في المسألة القبطية .
    16. ملف التعصب .. أم ملف الأقباط ؟
    17. أين تلامذة "أحمد لطفي السيد"؟
    18. أين هي الليبرالية اليوم في مصر؟
    19. هل للإبداع والفكر "جنسية" ؟
    20. ضرورة الفهم الثقافي للسياسات العالمية .
    21. هوامش ثقافية على موضوع العولمة .
    22. حواراتنا .. بين الحضارة والفاشية .
    23. هل فهم هذا مستحيل ؟
    24. التطرف : بين "الفكر" و"الظروف" .
    25. هويتنا .. بين البقاء والزوال .
    26. الثقافة الإدارية المنشودة .
    27.التقدم التكنولوجي بين "الإمكانيات" و"الإدارة".
    28. ما العمل ؟
    29. حاجتنا لثقافة حوار عصرية .
    30. دروس عن العظماء لأبناء مصر .
    31. المستقبل : ننتظره .. أم نصنعه ؟
    32. ثقافة "الحلول الوسط" .
    33. مشتكون .. ومشخصون .. ومعالجون .
    34. ثقافة "الأفكار النمطية" .
    35. لنفرض أنها مؤامرة .
    36. التقدم بين "الثبات" و"التغيير" .
    37. غلطتان في حق المصريين .
    38. حول التغيير المنشود في مصر .
    39. الإختيار الصعب: إسلام البداوة أم إسلام مصر ؟
    40. تحية لقرار "المرأة قاضية" .
    41. الإدارة : بين "الموهبة" و"العلم" .
    42. نحن .. والواقع من حولنا .
    43. مؤسسات الديمقراطية أهم من الديمقراطية .
    44. إستنساخ السادات ومانديلا .
    * خاتمة لازمة .

  3. #3
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 113
    المواضيع : 7
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    الفصل الثاني : من عيوب تفكيرنا المعاصر .

    هـذا الفصل

    كتبتُ "من عيوب تفكيرنا المعاصر" في فترة (خلال سنتي 1997 و1998) لم يكن انشغالي الفكري الأكبر خلالها بمشكلاتنا وسبل علاجها… وإنما بالتساؤل الكبير التالي:
    ما هي عيـوبنا الحضـارية والثقافيـة التي سمحت للأمـورِ بأن تصـل لما وصلت إليه؟ وكنتُ هنا كمن يرفض المنطق القائل "بأننا متخلفون لأننا مستعمرين لفتراتٍ طويلةٍ"… ولا يفتأ يرد على ذلك بقولِه: "ولماذا كنا مستعمرين؟.. ولماذا كان البعض مُستعمِراً (بكسر الميم الثانية) والبعض مُستعمَراً (بفتح الميم الثانية)".
    وكانت نتيجةُ الانشغال بهذه "المعضلة الفكرية" قائمةً بالعديد "من عيوب تفكيرنا المعاصر"، وهي العيوب التي أصبحت –من فرطِ ذيوعها-تُشكل الجانب السلبي من عقلِنا (المصري والعربي على السواءِ). إلاَّ أن معرفتي بما يمكن وما لا يمكن لمناهجِنا التفكيريةِ قبوله جعلتني "أختصر" قائمة العيوب الحضارية والثقافية التي تشوب تفكيرَ قطاعاتٍ واسعةٍ من أبناءِ وبناتِ مجتمعِنا (بما في ذلك أعداد كبيرة من المتعلمين تعليماً عالياً إلى أبعد الحدود).

    فليست الغاية هي "النقد للنقد" أو بالأحرى "النقد للنقض"، وإنما الهدفُ أن أثير عند البعضِ من أبناءِ وبناتِ مجتمعنا التفكير في هذه المنطقة "شبه المحرمة" فمن هذا التفكيرِ ينبعُ العلاجُ القمينُ بالبرءِ من هذه العللِ*.

    * لمراجعة تواريخ النشر التفصيلية لأقسام هذا الفصل بجريدة الأهرام يُرجع لموقع الجريدة على شبكة الإنترنت وأرشيف الأهرام .

  4. #4
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 113
    المواضيع : 7
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    (1)
    تقلص السماحة في تفكيرنا المعاصر
    "لكم دينكم ولي دين"
    { قرآن كريم.. }

    الإنسانُ - بطبيعتهِ - قابل لأن يَكون ضَيق الصدر ورافضاً (وفى أحيانٍ غير قليلة: "معادياً") لمن يَختلفون عنه اختلافات كبيرة. ومن صور الاختلاف التباين في الدينِ والعرقِ والمعتقداتِ والعاداتِ والمقدساتِ والاختلافات الحضارية والثقافة بشتى صورِها. وعبر التاريخ، كانت هذه الاختلافاتُ (مع اختلاف المصالح) بمثابةِ الوقود الذي أَشعل - مراراً - الحروب والصراعات العديدة التي حشد بها تاريخُ الإنسانِ على الأرضِ.

    ومن المؤكد، أَن تاريخ الإنسانية قد شَهد تحَولات إيجابية في نموِ ظاهرة قبول الإنسان لكونِ هذهِ الاختلافات من الأمورِ الطبيعيةِ والملازمة لحياةِ البشر على الأرض. بمعنى أَن الإنسان أَصبح عبر القرون أقل رفضاً وغضباً منْ تِلك الاختلافات وأَكثر قبولاً للتعايش معها. ومع تطور الحياة المدنية، نما شعور بأَن لوم الآخرين لمجردِ كونهم مُختلفين ، هو مَوقف غير إِنساني وقد يَبلغ حد أَن يَكون هَمجياً.

    ومما لا شَك فيه، أَن الحضارة الإسلامية كانت أَفضل من الحضاراتِ القديمة الأخرى في اتسامِها بدرجةِ تَسامح عالية مع "الآخرين". والدَليل القاطع الذي نشير إليه دائماً، هو الفارق بين "المسلمين" و"المسيحيين" خلال العصور الوسطى. فبينما عاش "المسيحيون" و"اليهود" حَياة طيبة في ظلِ الدولةِ الإسلامية (من العباسيةِ حتى العثمانية) فإن المسلمين قد تَعرضوا في أسبانيا -بعد خروج العرب- لاضطهاد وتَعذيب بربري فظ. أَما اليهود فقد عاشوا في "حاراتِ اليهودِ" وكأنهم "أمراض خبيثة" يَخشى المجُتمع على نفسه مما بها من أوبئة فَتاكة.

    ومن المُهم للغاية أن نُبرز أَن الدولة العثمانية التي عاش يهود ومسيحيو فلسطين وسوريا ولبنان والعراق ومِصرَ تحت رأيتها كان من الميسور لها عملياً أَن تَفعل -على الأقل - مَثلما فعلُه المسيحيون بالمسلمين في الأندلسِ عندما أَفل نجم الدولة الإسلامية في هذا القطرِ.

    أَما إِذا عدنا للعصرِ الحديثِ، فإِن التَسامح بمعنى قبول أَن الآخرين مُختلفون في أشياءٍ عديدةٍ منها الدين والعرق والعادات والمقدسات والتقاليد، كان ولا يزال ظاهرة ثقافية في المقامِ الأولِ. فكلما تَشبع المجُتمع بالتعليم والثقافةِ، كلما كان أَبناؤه أََكثر تَسامحاً مع الآخرين وأَكثر قبولاً لفكرةِ أَن الاختلاف بين الناس أَمرٌ طبيعي ويجب أَن نَعيش معه في هدوءٍ وسكينةٍ.

    ورغـم يَقيني أَن الحَضـارة التي تُعـرف الآن بالحضارةِ الغـربيـة إتسمت تاريخيـاً بالتـعصبِ العرقـي، إِلاَّ أَن الواقع يُحتم علينا أَن نَعتـرف أَن الازدهـار الثقـافــي في العالمِ الغــربي قـد حــوّل أبناء هـذه المجتمعات لدرجةٍ أفضـل من التَسامح. ويكفي أَن نُلاحظ التَحول الكبير الذي تم خلال نصف القرن الأخير في الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية. فإسرائيل لم تَعُد تجد اليوم في أَوروبا من التفهمِ والتأييدِ والمساندةِ ما كانت تجَده عندما تَكونت (في سنةِ 1948) لأن الثقافة والوعي جَعلا مُعظم الأوروبيين يرون شرعية الحق الفلسطيني ويرون إسرائيل وهى تكيل في العديد من الأمور بمكيالين، ولولا الوعي والثقافة لظلت الشعوب الأوروبية سادرة في غيها الذي كانت عليه منذ قرابة نصف القرن. ولكن هذا القول لا يَنطبق على الولايات المتحدة لاعتبارات لا تخفى عن أَحد وأَهمها أَن مُستوى مَعرفة المواطن الأمريكي بالعالمِ الخارجي هو مُستوى ضَحل بشكلٍ لا يكاد عقل الإنسان أَن يَتَصَوره - ناهيك عن كونِ الإنسانِ الأمريكي بَعيداً للغايةِ عن أَن يوصف بأنه إِنسان مُثقف.

    ولكننا عندمـا نَعود لمنطقتـنا مـن العالـمِ، فإننـا لا نمَلك إِلاَّ أَن نَعترف بحقيقةٍ بالغـة الخطورة، وهى أَن درجة تَسامحنا قد أَخذت في التقلصِ والضمورِ خلال العقود الأخيرة بشكلٍ مُذهل. فمنُذ قرابة نصف القرن، كان المُناخ الثقافي العام لدينا مَشحوناً بعددٍ من القيمِ الإنسانية المُستقرة في وجداننا بوجه عام وفى وجدان الطبقة التي تمثل قيادة المجتمع فكرياً وثقافياً بوجه خاص، وكان من هذه القيم أَن الإختلاف سنةٌ من سُننِ الحياة ومعلم من معالمِ التَواجد الإنساني على الأرض. وكان هذا الجو الثقافي يَجعلنا أَبعد ما نكون عن "الصيغةِ الفكريةِ" التي نمَت خلال السنوات الأخيرة والتي تُقَسم الناس إلى "نحن" و"هم" وفى نفسِ الوقتِ تجَعل "نحن" في "رصيفِ الصوابِ" أَما "هم" ففي "رصيفِ الخطأِ". وهى صيغة أقل ما يُقال عنها إنها تَتَسم بالسماتِ التالية:
    أَنها صيغةٌ "غير إنسانية" و"عدوانية" وتُشكل حالة تَضاد فكرى وثقافي كاملة مع حقائق العصر العلمية والثقافية.
    أَنها صيغةٌ "غير سلمية"، بمعنى أن مسايرتها حياتياً أمرٌ لا يؤدي لاشتراكنا في حياةٍ سلمية على الأرض مع الآخرين، إِذ أَنها صيغة تَقود إِلى "المواجهةِ" و"التضادِ" و"الصدامِ" مع الآخرين.
    أَنها صيغةٌ تُخالف روح السلام والإنسانية العميقة الواردة في أصولِنا الحضاريةِ الدينيةِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ على السواءِ.
    كنا إذن - منذ قرابة خمسين سنة - نعيش في ظلِ مناخٍ ثقافيٍ يَسمح لمبدأ التسامح أَن يَحكم روحنا العامة. إِلاَّ أَن واقعنا قد شهد - في سنواتٍ لاحقة - أَشكالاً من الفشل، جعلت هذا المُناخ الثقافي العام يتزلزل. ففي صباحِ الخامس من يونيه 1967 تجَسد الفشل الكامل لتيار سياسي بُرمته. وخلال السنوات التالية، ظهرت معالم الفشل العام في إِدارة حياتنا الاقتصادية. وتبع ذلك، تَشققات كُبرى في واقعنا الإجتماعي. ولما تجَسَدت تلك الأشكال المُختلفة للفشلِ، صار من حق البعض أن يَظُن أَنه صاحب "طرح" أَفضل. وعندما سَمحت الظروف العامة لأصحاب هذا الطرح بأَن يروجوا لطرحِهم الفكري (المُجافى تماماً لروحِ العصر والتمدن والعلم) ظهر بوضوح أن هذا الطرح لا يحمل ذرة من التسامح الفكري، بل أنه التَجسيد الأوضح أَمام عيوننا لصيغة "نحن" و"هم" بكل ما تَعنيه من مُغالاة وتَشَدد.

    ومن المهم للغاية أن نبدأ عملية التصحيح الثقافي لهذا العيب الخطير والذي أصبح يشوب تفكيرنا المعاصر بالوقوف على حقيقة وكنه المشكلة: فنحن -اليوم- أقل تسامحاً وأكثر تعصباً لمعتقداتنا عن الحد الذي كان يجب أن يكون أقصى مدى نصل إليه في هذا الصدد. ويجب أَن نُدرك أَن عدم تَعاملنا - بموضوعية وعلمية - مع هذا العيب من عيوب تفكير معظمنا سوف يؤدي لاتساع الهوة بيننا وبين العالم (لاسيما العالم السائر على طريق التقدم).

    كذلك يجب أَن نَرى العلاقة الوثيقة بين هذا العيب من تفكيرنا (تَقلص التَسامح) وبين عيب آخر شاع وذاع في طرائقِ تفكيرنا وهو الإيمان الغريب بنظريةِ المؤامرة. فاجتماع العيبين سيؤدي بنا لعزلةٍ هائلةٍ عن العالمِ الخارجي وبالذات الأجزاء ذات القيمة والأهمية الاقتصادية والثقافية والاستراتيچية من هذا العالم الخارجي.

    ورغم أَننا أَصحاب حق تاريخي لا يدحض في عددٍ من المعضلاتِ السياسية الكُبرى في واقعِنا، إلاَّ أَن اتسـام تَفكير معظمنا بهذين العيبين (الإيمان المُطلق بنظريةِ المؤامرةِ وتَقَلص التَسامح) جعل خطوط التفاهم والحوار بيننا وبين القوى المؤثرة في العالمِ الخارجي إما مقطوعة أو شبه مَقطوعة. كذلك فإِن اجتماع العيبين أَعطى أَعداءنا التاريخيين (في قضايا ليسوا هم أصحاب الحق الأقوى فيها) مكانة أَفضل في عينِ القوى المؤثرة في العالمِ الخارجي.

    ومن المُؤكد أَن تَقَلص التَسامح هو عيب لا يشوب تَفكيرنا -فقط- في تعاملاتنا مع الغير أي مع العالم الخارجي، بل أَنه عيب يؤثر فى مواقفِنا الداخلية، بمعنى أَننا في حواراتِنا الداخلية أصبحنا محكومين بهذا العيب الكبير بشكلٍ مهول بل أن الآراء المُختلفة داخل كل جبهة أصبحت تتناحر بروحٍ لا تُعبر عن شئ مثل تعبيرها عنْ تَقَلصِ التَسامح.

    ومما لا شك فيه أَن "مؤسسات التعليم" ثم "وسائل الإعلام" ثم "سائر الجهات الثقافة" هي المنابر ذات القدرة على التعامل العلمـي والموضوعي مـع هـذا العيب الفتــاك من عيـوبِ تفكير السـواد الأعظـم فـي واقعِنـا. وللأسف الشديد أَن إِحـراز نجاح وتقدم كبيرين في هذا المجال هو أمرٌ بالغ الصعوبة، إِذ أَن آثار وثمار برنامج إصلاحي فعّال في هذا المجال (من خلال المنابر المذكورة) لا يمكن أن تُلمس قبل بضع سنين، فكل الإصلاحات التي تَتم منْ خلالِ مؤسسات التعليم والإعلام والثقافة هي من قبيل الاستثمار طويل الأجل، وإن كان استثماراً مضمون النتيجة ومُجدياً وفعالاً على المدى البعيد، ولا يتوفر أي بديل يغنينا عنه.

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 113
    المواضيع : 7
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    (2)
    المغالاة في مدح الـذات

    ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
    وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

    ومن البلية عذل من لا يرعـوى
    عن جهله وخطاب من لا فهــم.


    "المتنبـي.."


    يتطرقُ هذا الفصل لعيبٍ آخر من عيوب العقل العربي والتي شاعت في مناهجِ تفكير معظمنا، وهو (مغالاتنا في مدحِ الذاتِ) ومـا يتصـل به من قيمٍ اجتماعيةٍ شاعت وذاعت في واقعِنا. فنظـرةٌ متأنيـة لمـا يذاع في النـاس من مـواد إعلاميـة مكتوبـة أو مقـروءة تظهــر بوضـوحٍ أن وسـائلَ إعلامِنــا المختلفة (المرئية والمسموعة والمقروءة) أَصبحت لا تخلو –بصفةٍ يومية- من مدحِ الذاتِ وإطراءِ إنجازاتنا ومزايانا. وعلى المستوى الفردي، فإننا نمارس نفس الشيء بصفةٍ شبه دائمة. وإذا قارنا وسائل إعلامنا الحالية بصحفنا ومجلاتنا منذ نصفِ قرنٍ لاكتشفنا أَن هذه الصفةَ لم تكن متفشيةً في الماضي كما هي متفشية اليوم. كذلك إذا قارنا هذه الصفة الشائعة عندنا بالأوضاع المماثلة عالمياً، ولا سيما في الدولِ المتقدمة؛ وجدنا أنفسنا -أيضاً- منفردين بهذا "الكم الهائل" من مدحِ الذاتِ بصفةٍ دائمةٍ.

    وقد قمت شخصيـاً بمراجعـةِ مئـات الصحف والمجلات المصرية التي صدرت طيلة الأربعينيـات؛ فاتضح لي بجلاءٍ تامٍ أننا لم نكن نعرف تلك الصفة منذ قرابة خمسين سنة ولكنها بدأت- على استحياء- منذ نحو ربع القرن ثم استفحلت واستشرت خلال السنوات العشرين الأخيرة، مع ملاحظة أَن معدلَ ازديادِها في سني العقدِ الأخير كان الأكبر والأشد ظهوراً بشكلٍ تصعب عدم رؤيته.

    واليوم، فلا تكاد جريدة أو مجلة تخلو من موضوعٍ أو مواضيعٍ تتضمن إطراءَ الذاتِ والإشادة بتميزنا وتفوقنا وإنجازاتنا. وكثيراً ما تكون عباراتُ إطراءِ الذات منسوبةً لمصدرٍ خارجي، وهو ما يؤكد اعتقادنا بأن المصدرَ الخارجي يُضفي "مزيداً من القيمة" على عباراتِ الإطراءِ المذكورة.

    ورغم أَن الكثيرَ مما يُنشر في هذا المجال يبدو بوضوحٍ أَنه يثيرُ من التعجبِ أَضعافَ ما يحدثه من مصداقيةٍ، إلا أَن "الظاهرة" تبقى ماثلةً أمامنا وهى أَننا نفعل (في هذا المجال) ما لا يفعله (الآخرون)...وأَننا بحاجةٍ ماسةٍ لهذا الإطراءِ للذات، لأنه يُعالج عندنا (شيئاً ما).

    فما معنى أن صحفَنا لا تكاد تخلو- كل يوم- من صيغةٍ تماثل أو تقترب من واحدةٍ من هذه الصيغ:
    المجتمعُ الدولي يشيدُ بتجربةِ الإصلاحِ الاقتصادي في مصرَ.
    البنك الدولي يبرز إنجازاتِ التجربةِ المصريةِ في التنميةِ الاقتصادية.
    جامعة (......) تقول: الاقتصاد المصري قوى ويقف على أرضيةٍ قويةٍ.
    مركز (......) للدراسات الاقتصادية يقول: الاقتصاد المصري لا يمكن أن يتعرض لهزةٍ مثل هزة النمور الآسيوية.
    اليونسكو يقرر تكرار تجربة مصرَ في ....... على مستوى العالم.
    ما معنى ذلك؟ … ولماذا لا نقرأ مثل هذه "الصيغ" في أية صحيفة من صحف فرنسا وألمانيا وإنجلترا واليابان والولايات المتحدة؟

    وما معنى التكرار شبه اليومي؟

    المعنى الحقيقي بالغ السلبية، وهو أننا (رغم معرفتنا بأننا لا نزال في معظم المجالاتِ على أولِ الطريق) نحتاج لخلقِ عالمٍ خاصٍ من اختراعنا "نرتاحُ فيه" وهذا النمط من السلوك هو (العكس) و(النقيض) و(الضد) لسلوكٍ آخرٍ إيجابيٍّ وبناءٍ وينبئ بأننا سنخرج حتماً من أتون مشاكلنا العديدة العويصة. النمطُ الإيجابي والبناء من السلوك يحتمُ علينا أن نعترف لأنفسنا و(بوضوحٍ تامٍ) بأن واقعنا عامرٌ بالمشاكلِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، وأننا (للأسف الشديد) دولةٌ من دول العالم الثالث (وما كان ينبغي لنا أن نكون) وأن أوضاعَنا ترجعُ كلُها للطريقةِ التي أديرت بها حياتنا العامة خلال أكثر من قرنٍ من الزمان (منذ وفاة محمد على في سنة 1849 وحتى الآن).

    إن التخلي عن تلك الصيغ والتي نعلم جميعاً أنها خاويةٌ من الجوهرِ والمعنى والتزود بشجاعةِ الاعترافِ بالواقعِ، هو نقطة البداية الفعلية لتقدمٍ حقيقيٍّ على كافةِ المستوياتِ.

    ومن المؤكد أن إنجازَ هذه المهمةِ (مهمة إيقاف طوفان مدح الذات وشحذ الهمم لتكون قادرة على فعل النقيض) لا يمكن أن يتم (على المستوى البعيد) إلا عن طريق غرز قيم إيجابية مختلفة عن طريق برامج التعليم، أما على المدى القصير فإن إنجاز هذه المهمة يبقى "مستحيلاً" ما لم تبدأ هذه العملية من رأس الهرم لا من سفحه. كذلك فإن للاتجاه الذي أدعو إليه تداعيات لا يمكن تجنبها: فعندما نعترف بسوءِ الأحوالِ .... فإننا نكون على حافةِ السؤالِ الخطير: ولماذا وصلنا لذلك؟ … ولا جواب إلاِّ لأن بعض القيادات التي تولت أمورنا العامة في منتصف القرن الماضي لم تحسن الأداء. وأن علينا في نفسِ الوقتِ أن ندرك أن "حسن الأداء" لا يحدث الآن في عالمنا عن طريق تبنى أيدولوجيات معينة، ولكنه يحدث كنتيجةِ توفرِ "كادرٍ تنفيذي" على رأس المجتمع يقتفي أثرَ التجاربِ الناجحة منشغلاً بهذه المهمة "البرجماتية” عن أَيةِ إضاعة للوقتِ في جدلٍ أيدولوچي عقيم لا يزيدنا إلاِّ إمعاناً في التأخرِ.

    وأعتقد أن "المغالاةَ في مدحِ الذات" ترتبطُ ارتباطاً وثيقاً بمجموعةٍ أخرى من "القيم السلبية" التي شاعت في حياتنا لأسبابٍ عديدة (قد يكون يوم 5 يونيه 1967 من أقواها تأثيراً). وأهم هذه القيم هي:
    انفصال (الأقوال) عن (الأفعال) وتحولنا (بدرجة ما) إلى "واقع خطابي" أكثر من أن نكون "واقعاً عملياً". وهى ظاهرة تعم المنطقة التي ننتمي إليها بشكلٍ بالغ الظهور والقوة. وترجع هذه الظاهرةُ لتواريخٍ بعيدةٍ وعواملٍ ثقافيةٍ ضاربة في عمقِ هذه التواريخ. فنحن -بلا شك- من أكثر شعوب العالم تغنياً (بالألفاظ) بتاريخنا وأمجادنا الماضية وميزاتنا عن الآخرين. وإذا قارنا مجتمعاتنا (من هذه الزاوية) بمجتمع كالمجتمع الياباني وجدنا اليابانيين على أعلى درجاتِ الفخرِ بوطنهم دون أن يتخذ هذا الفخرُ شكلَ "كبريات الألفاظ" و "القصائد" و"الأغاني" و"الشعارات".
    ارتكاز الأحكام العامة عند كثيرين على منطق (الحب) أو (الكراهية) وهو ما يقود إلى شيوع الشخصانية (Subjectivity) عوضاً عن "الموضوعية" (Objectivity) ثم يؤدى -أخيراً- إلى انطلاق الأحكام والآراء والمعتقدات من زوايا شخصيةٍ بحتةٍ.
    ولاشك أن هاتين النقطتين الأخيرتين بحاجة ماسة لمزيد من الإيضاح وهو ما ستعنى به الجزئية التالية من هذا الفصل .

  6. #6
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 113
    المواضيع : 7
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    (3)
    ثقافـة الكـلام الكبيـر


    مقتلُنا يكمن في لساننا
    فكم دفعنا غالياً ضريبةَ الكلامْ. "نزار قباني..."

    إذا خسرنا الحربَ - لا غرابةْ
    لأننا ندخلها بكلِ ما يملكه الشرقيٌ من مواهب الخطابةْ.

    إبالعنتريات التي ما قتلت ذبابةْ
    لأننا ندخلها بمنطق الطبلةِ والربابةْ "نزار قباني..."


    في الستينيات كنا نتحدث عن قوتنا واصفين إياها بأكبر قوة في الشرق الأوسط... ثم جـاء صبـاح الخامـس من يونيه 1967 ليفتـح عيوننا على حقيقة أن ذلك لم يكن إلا مجرد "كلام كبير". وخلال نفـس السنوات كنـا نتكلـم عـن عـدونا التاريخي بصفـتـه "عصـابات يهـودية"… ثـم جـاءت الأحـداث لتـثـبـت أن هــذا العـدو كان شيئـاً أخطــر بكثيـر مـن "مجـرد عصـابات" … كان كلامُنـا مـرة أخـرى مجرد "كلام كبير". وعندما وصفنـا رئيـس وزراء بريطانيـا بأنه (خـرع) وهو لفـظ عامـي مصـري يعنـي أنه ليس رجلاً بالمعنى الكامل… وعندما اقترحنـا على الولايات المتحدة الأمريكية أن تشرب من البحرين (الأحمـر والأبيـض)… وعندما تحدثنا عن الصاروخ القاهـر وشقيقـه الظافـر... لم يكن ذلك فـي الحقيقـة إلا مجرد "كـلام كبيـر". وعندما نستمـع الآن للأغانـي الوطنيـة التي أُنتجت في الستينيـات (ورغم إعترافنـا بجودة العمـل الفني وروعـة الحلـم الوطنـي والقـومي) فإننا نجـد عشـرات الأمثلة على كلام لم يكن إلا مجرد "كـلام كبيـر". وعندما نترك الستينات ونمر على السبعينيـات والثمانينيـات والتسعينيــات نجد أن "داء الكلام الكبير" ظل ملازماً لنا بشكل لا يخفى على أحد؛ بل أنه وصل الآن إلى معظم مناطق حياتنا العامة، وأصبح الذين يتكلمون بلغةٍ غير لغته "ثلة من أشباه الغرباء" الذين يعزفون لحناً غريباً يصدمُ الآذان.

    فنحن عندما نتحدث عن تاريخـنا، لا نستعمل لغة العلم والموضوعيـة وإنمـا نغـرق فـي زخم من الكلام الكبير. وعندما نتحدث عن واقعنا المعاصر، نحشر مرة أخرى "قوافل الكلام الكبير". وحتى عندما نفوز في مباراة لكرة القدم، ينهمر "الكلام الكبير"؛ فرغم معرفتنا بأن مستوانا في هذه اللعبة الرياضية يقع ما بين “المتوسط" و"المتواضع" (على المستوى العالمي) فإننا لا نتردد ولا نتأخر عن استعمال أوصاف مثل (الفراعنة يهزمون….).. ونكون هنا متسقين مع "تبار الكلام الكبير" الذي عم واستفحل في تفكيرنا خلال نصف القرن الأخير.

    وإذا تأملنا الصفحات الأولى بصحفنا ومجلاتنا وجدنا "جيوشاً عارمة من الكلام الكبير"... فكل لقاء هو "لقاء قمة"… وكل قرار هو "قرار تاريخي"..

    ومن الواجب أن نقول إننا لا نفتعل ذلك افتعالاً، لأنه أصبح جزءاً من نسيج تفكيرنا، بمعنى أننا نكتب ونتكلم بهذه الكيفية (كيفيـة الكـلام الكبيـر) لا مـن (باب التملق) وليس من باب (النفـاق) ولا من باب (الكـذب المقصـود) وإنمـا نكتب ونتـكلم هكـذا من باب الاتســاق مـع "عيـب كبـيــر" استـقــر في ثقافتنا وعقولنا وأصبح من الطبيعي والمنطقي أن يجد طريقه لخارج رؤوسنا عن طريق أَلسنتنا.

    ورغم أن البعض (وربما القلة) يلاحظون هذا العيب الخطير من عيوب التفكير، إلا أن معظمهم عندما يتصدرون للحديث يقعون في المحظور وينساقون مع تيار "الكلام الكبر"، وهو ما يثبت أن هذه السمة قد أضحت متفشية إلى أبعد الحدود وأن "الهواء الثقافي" لنا أصبح متشبعاً بهذه الخصلة إلى أبعد حدود التشبع.

    ولعل ضرب الأمثلة يكون أيضاً مفيداً هنا: بعد حادثة الأقصر المفجعة في خريف عام (1997) أَذاع التلفزيون المصري تغطية لماراثون الجري (العدو) حول أهرام الجيزة، وقامت الكاميرا بمقابلة نحو عشر أشخاص مختلفين.. كرروا نفس الكلام وبنفس الصيغ وقال كل منهم (وكأنه يكرر حديثاً محفوظاً): "أن مصر هي بلد الأمن والأمان.. وأن العالم كله يعرف ذلك… وأن الإرهاب لا يقع على أرض مصر فقط وإنما في كل مكان بالعالم… وأن الدنيا كلها تتطلع لزيارة آثارنا التي لا مثيل لها في العالم".

    وكان مصدر دهشتي تصوري أن تطابق الكلام بهذه الكيفية يكاد يكون مستحيلاً بين عشرة أشخاص مختلفين… ولكنها سطوة "الجو الثقافي العام" المشبع إلى أقصى حد بخصلة "الكلام الكبير".

    وقد كانت السنوات العشرين التي قضيتها فى واحدة من أكبر المؤسسات الصناعية العالمية فرصة هائلة لكي أكتشف أننا في هذا المضمار أصبحنا (وأكرر: أصبحنا) مختلفين عن معظم شعوب العالم بشرقه وغربه.

    فأبناء الحضارة الغربية (بما في ذلك أمريكا الشمالية) تواصل نموهم الثقافي في اتجاه مختلف يقوم على اعتبار "الكلام الكبير" انعكساً مؤكداً لعدم المعرفة. فالمعرفة الإنسانية معقدة ومركبة ولا تسمح بالغرق في "الكلام الكبير"، بل تأخذنا إلى لغة متوسطة تحاول -قدر الطاقة- أن تعكس حقائق العلم والثقافة.

    أما أبناء الحضارة أو الحضارات الأسيوية (مثل اليابان وغيرها) فإن التحفظ كان ولا يزال من سمات هذه الحضارة بشكل واضح، وهو ما يمنع أيضاً استفحال ظاهرة الكلام الكبير.

    أما شعوب العالم العربي، فإنها تشترك معنا -بدرجة أو بأخرى- لكون الثقافة العربية قد اتسمت في مراحل عديدة بسمة "الكلام الكبير". فالشعر العربي عامر بقصائد المدح والهجاء التي تطفح بالكلام الكبير الذي لا يعكس بالضرورة حقائق الواقع والأشياء. بل أن ثقافتنا اعترفت بأن معظم هذا "الكلام الكبير" مجرد "كلام" ولا أساس له من الواقع، عندما نحتنا المقولة المشهورة (أعذب الشعر: أكذبه).

    وكان النص القرآني (كالعادة) رائعاً في وصفه الشعراء (في هذه البيئة) عندما وصفهم بأنهم في كل واد يهيمون (وأنهم يقولون ما لا يفعلون).

    وكاتب هذه السطور يرى أن من أوجب واجبات من يهمه تصويب مسار العقـل المصـري أن يقـوم بإيقاظ هذا العقل وينهره بشدة أمام ظاهرة اتسامه بعلة الكلام الكبير وحقيقة أنها ظاهرة منبتة الصلة بالواقع وحقائق الأشياء. وأن يُظهر الآثار الهدّامة لهذه الظاهرة التي جعلت البعض يصنفنا (بخبث وأغراض) بأننا حضارة كلامية أو حضارة حنجرية أو (مع التطور العلمي) حضارة ميكروفونية…

    ومن المهم للغاية أن نفتح عيون أبناء وبنات هذا الوطن (من خلال برامج التعليم) على حقيقة هذا العيب وما يجره علينا من عواقب وخيمة؛ إذ يجعلنا من جهة مثار تعجب العالم… ويجعلنا من جهة أخرى "سجناء عالم خرافي من صنعنا ولا أساس له في الواقع".. كما أنه يجعلنا “سجناء الماضي" حيث نصف ماضينا بزخم من الكلام الكبير ثم نهاجر إليه. ولا شك أن "علة الكلام الكبير” تتصل بعلل فكرية أخرى مثل: عدم الموضوعية.. والهجرة للماضي… والمغالاة في مدح الذات… وضيق الصدر بالنقد. بل أنني لا أبالغ إذ أقول أن "علة الكلام الكبير" تقيم جسوراً للتواصل بين هذه العلل الأخرى.

    كذلك، فإنه من الضروري أن نناقش الصلة بين هذه العلة الفكرية (علة الكلام الكبير) وضيق الهامش الديموقراطي. ففي ظل مناخ ثقافي عام يتسم بداء الكلام الكبير يكون من الصعب تطوير الهامش الديموقراطي كما يكون من السهل نجاح فرق سياسية تملك من "الخطاب الغوغائي" (الديماجوجي) أضعاف ما تملك من "الخطاب الموضوعي". فالذي يقول لنا أن مشروعه الفكري هو "الحل" إنما يقدم لنا وجبة أخرى ساخنة من وجبات "الكلام الكبير"، فمعضلات الواقع الاقتصادية والاجتماعية أكثر تعقيداً من أن يكون علاجها بشعار عام يستمد جذوره من تربة الكلام الكبير كهذا الشعار.

    وما أكثر ما رددت لنفسي وأنا أسمع جولات الحوار العام تتلاطم أمواجها بفعل "الكلام الكبير" ما أكثر ما رددت لنفسي أبياتاً من شعر نزار قباني يقول فيها (بعبقرية):


    لقد لبسنا قشرة الحضارة
    والروح جاهليةْ.

  7. #7
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 113
    المواضيع : 7
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    [الاعتقاد المطلق في"نظرية المؤامرة"


    أَسيرُ على نهجٍ يرى الناسُ غيرَه.
    لكل امرئٍ فيما يحاولُ مذهبُ.

    "أحمد شوقي . ."

    لكلِ إِنسانٍ منشغلٍ بأمورِ الفكرِ ولاسيما ما يتصل بالعلومِ الاجتماعيةِ وحركةِ وفكرِ المجُتمعاتِ مسائل تكون محلَ اهتمامِه وانشغالِه أكثر من غيرِها. ومن المسائل التي لم تغادر تفكيري منذ سنواتٍ شيوع الاعتقاد في عالمِنا العربي وواقعِنا المصري "بنظريةِ المؤامرة". فمن المؤكد أَن هُناك الكَثيرين -بالملايين- في واقعِنا الذين لا يساورهم شكٌ في صحةِ المقولاتِ التالية:
    أَن وقائعَ ماضينا القريب وحاضرنا جاءت وفقاً لمخططاتٍ وضعتها قوى كبرى وأن الواقعَ كان في معظمهِ ترجَمة عملية لهذهِ المخُططات.
    أَن هذه القوى التي صاغت تِلك المخُططات والتي سار على دَربِها ماضينا وحاضِرنا هي في الأغلبِ القوى العالمية العُظمى وبالتحديدِ بريطانيا وفرنسا في الماضي والولايات المتحدة (وابنتها إسرائيل) في الأمسِ القريبِ والحاضرِ.
    أَن مُخططاتِ هذه القوى موضوعة بشكلٍ تفصيلي وأن الأطرافَ الأقل نصيباً من القوةِ (ونحن من بينها) لم تَكن تملك (ولا تمتلك الآن) إلا أن تَنصاع لتيارِ تِلك المخُططاتِ.
    أَننا -بناءً على ما سبق- غيرُ مسئولين مسئوليةً كبيرةً "عما حدث" . . . وبنفسِ الدرجة "عما يحدث" . . . ويضيف البعضُ "عما سَوف يحدث". وتلك نَتيجة مَنطقية -في رأى واعتقاد الكثيرين لتلك "المنظومة الفكرية".
    وعندما يضاف "العامل الإسرائيلي" لتلك "النَظرة" تَكون الصورةُ بالغةَ "الحرارةِ" و"الإثارةِ". وإِذا انتقلنا من "العمومياتِ" "للجزئيات" كان من الطبيعي أَن يردد البعضُ -حَسب تلك "النظرة"- أَن أَكبرَ وقائعِ تاريخِنا الحديثِ ما هي إلاَّ نَتائج المخُططاتِ التي وضعتها القوى العظمى... فحرب 1956 وانفصال سوريا عن مِصرَ في سنة 1961… وحرب اليمن من سنة 1962 وكارثة 5 يونيه 1967 وعدم استكمال عملية العبور العظيمة لقناة السويس في أكتوبر 1973 حتى نحرر –عسكرياً- سيناء كلها… وزيارة الرئيس السادات للقدسِ في نوفمبر 1977 وتوقيع اتفاقية "كامب ديفيد" بين مِصرَ وإسرائيل وسقوط الاتحاد السوفيتى وانهيار "هيكل الاشتراكية" في كلِ مكان ... وانفراد الولايات المتحدة بدورِ القوى العظمى وأشياء أخرى كثيرة مثل "النظام العالمي الجديد" و"اتفاقيات الجات" وخلافه... كل ذلك ليس إلاَّ نتائج مباشرة وترجمات عملية لتلك المخُططاتِ التي يعتقد كثيرون منا أَنها وُضعَتْ من طرفِ القوى العظمى ليسير التاريخُ وفق مفرداتِها.

    ومن الجدير بالاهتمامِ والتحليلِ أن الأطرافَ أو المجموعاتِ التالية تشترك في هذا المفهومِ بدرجاتٍ مُختلفةٍ:
    فكل من يمكن أن يندرجوا تحت مسمى "الإسلاميين" يؤمنون إيماناً صخرياً واضحاً كضوءِ الشمس بصحةِ هذهِ المقولات والتي من مجموعِها تكتمل "نظريةُ المؤامرة"… وينضوي تحت هذه الرايةِ الإخوانُ المسلمون وغيرهم كالجماعةِ الإسلامية وتنظيم الجهاد والحركات السلفية بل والمعتدلون للغاية من أصحابِ "الطرح الإسلامي" ويوجعني أن أصف فرقة هي مجرد "مجموعة سياسية لا غير" بمصطلح "الإسلامية" لأن ذلك يعني أَن "غيرهم" يجب أن يصنف ضمن "غير الإسلاميين" أو"ضد الإسلاميين"؛ وهو أمر خاطئ تماماً – ولكن ضرورات استعمالِ الشائعِ والذائعِ من "المصطلحاتِ" قد تملي على المرءِ أن يستعمل تسميةً هو أول المعترضين على صوابِ ومعقوليةِ استعمالِها وإذا كان لابد أن نختار أكبر المؤمنين “بنظرية المؤامرة”، فلابد أن نسلم للإسلاميين بهذه الرتبةِ.
    أما كل من كانوا - بشكلٍ أو بآخر تحت اللواء الاشتراكي، من ماركسيين إلى اشتراكيين ومروراً بعشراتِ تصنيفاتِ الفرعيةِ للتوجهاتِ اليسارية أو الاشتراكية بما في ذلك الاتجاه الناصري -فإنهم يؤمنون بنظريةِ المؤامرةِ ولكن بدرجةٍ أقل من "التصخر" إن جاز لنا نحت هذا التعبير. فهم إن كانوا يؤمنون بالنظريةِ ككلٍ وبالتالي بالمقولاتِ التي أوردتها في مستهل هذا المقال ؛ إلاّ أن إيمانهم هذا غير مشوبٍ بما يمكن تسميته بالروحِ الجهاديةِ أو الحربيةِ أو "الضد –صليبية" التي تشوب موقف الإسلاميين في هذا الصدد. ولاشك أن الاختلافَ في "صخريةِ" الاعتقاد هنا و”نارية “ اليقين و”التِهابية" الموقف إنما ترجعُ للروحِ الثيوقراطية (الدينية) للحركاتِ المسماةِ بالإسلاميةِ وفى نفسِ الوقتِ للروحِ الأكثر علمية وتقدماً وعصرية للأفكار الاشتراكية (وإن ثبت أنها كانت كلها خاطئةً وعاجزةً عن تحقيقِ أهدافِها وشعاراتِها).
    وثالثاً (وأخيراً) فإن السوادَ الأعظم من "المواطنين العاديين" في واقعِنا العربي والمصري والذين لا ينتمون للفريقِ الإسلامي (سياسياً) أو الفريق الاشتراكي (عقائدياً)، فإن معظمَهم يميلُ ميلاً واضحاً لتبني "نظرية المؤامرة والتسليم –بالتالي- بصوابِ وصحةِ "المقولاتِ" المنبثقةِ عن الإيمانِ بهذه النظريةِ.
    ولكن من الضروري للغايةِ أن نذكر أن أسبابَ إيمانِ كل مجموعةٍ من هذه المجموعاتِ الثلاث الكبرى بنظريةِ المؤامرةِ إنما ينبعُ من مصادرٍ مختلفةٍ:
    فالمجموعةُ الإسلامية (بمختلفِ فرقِها) ترى أَن تاريخَ منطقتنا هو تاريخُ الصراعِ بين (الإسلام) و(المسيحية واليهودية)... وأَن الحروبَ الصليبية لا تزال مستمرةً ولكن من خلالِ أشكالٍ مختلفةٍ. وتعطي هذه المجموعةُ للبعدِ اليهودي أهميةً كبرى، فهي تعزو له جل أسباب مشاكلنِا وكوارثِنا.
    أما المجموعةُ الاشتراكية (بالمعنى الواسعِ) فإنها ترى الأمرَ من خلالِ تصورِها المعروفِ للصراعِ بين القوى التي تسميها بالقوةِ الإمبرياليةِ والجانب الآخر والذي يضم الشعوب المقهورة والمستغَلة (بفتح الغين).
    وأما مجموعةُ المواطنين العاديين، فإنها كوّنَت ميلها هذا للإيمانِ بنظريةِ المؤامرةِ كأثرٍ حتميٍّ إما لسطوةِ اللون الاشتراكي أو لسطوةِ اللون الإسلامي على مواقع غيرِ قليلةٍ من عالمِ الإعلام في واقعنا ومن كثرةِ تكرارِ المقولاتِ المنبثقةِ عن نظريةِ المؤامرةِ والتي غَدت وكأَنها من المُسَلماتِ. وفى المجتمعاتِ التي لا تتسم بمستوى عالٍ من التعليم والثقافة، فإن دورَ الإعلام (بما في ذلك منبر المسجد) قد يصل إلى حدِ (غسل العقول) و(تشكيل الوجدان)… ويكفي أن نذكر أن أولَ اسمٍ لوزارة الإعلام في بعض البلدان كان "وزارة الإرشاد" وهو اعتراف صريح وواضح بالرسالةِ الأساسيةِ وهي "الإرشاد" أي "التوجيه".
    والحقيقةِ، أن هذه "المنابع" لإيمان كل مجموعةٍ من المجموعاتِ الثلاث بنظريةِ المؤامرةِ هي "منابعٌ وهميةٌ" ولا سند لها من الواقعِ والتاريخِ والمنطقِ ... فشعوبُ منطقتنا من العالمِ كانت سَوف تلقى نفسَ المسَارِِ التاريخي بما فى ذلك استعمار الغرب لها حتى لو كانت منطقتنا من العالم "مسيحيةً" تماماً. فالغرب لم يُستعمرَ منطقتنا لأننا مسلمون، ولكن لأننا من جهةٍ كنا متخلفين وفى وضعٍ يسمح بأن نُستعمر ... ومن جهةٍ ثانيةٍ فإن دافعَ الغرب لاستعمارنا كان دافعاً تحركه عواملٌ "إقتصاديةٌ" في المقَامِ الأولِ و"حضاريةٌ" في المقامِ الثاني. والعواملُ الحضارية أوسع وأرحب من العواملِ الدينيةِ. وهناك الكثير الذي يمكن أن يقال لدحضِ هذه الوجهة الساذجة من النظرِ، ولكننا نعتقد أن كثرةَ ووضوحَ القرائنِ تغنى عن الاسترسالِ والإسهابِ :فمن الجلي للغايةِ أن منطقتنا كانت سوف تُستعمرَ حتى لو كانت شعوبُها كلُها مسيحيةً. ومن الغريب، أَن الذين يتبنون هذه الوجهة من النظرِ يغيبُ عنهم أن علاقةَ شعوبِ المنطقةِ بالدولةِ العثمانيةِ كانت أدنى ما تكون لعلاقةِ الضعيف ِالمستعمَر (بفتح الميم الثانية). بالقوى المستعمِر (بكسر الميم الثانية) رغم أن الطرفين مسلما ن (!!!). فقد كانت شعوب منطقتنا خلال القرن الثامن عشر مرتعاً للتأخرِ والتخلف والرجعيةِ رغم أننا كنا (مسلمين) يحتلهم (مسلمون)، بمعنى أن الغربَ (المسيحي) كان لا يزال بعيداً عنا... كذلك فقد كنا عندما ولدت الحركةُ الصهيونية المعاصرة على يد النمساوي المعروف تيودور هرتزل في أواخرِ القرنِ التاسع عشر قد قطعنا شوطاً بعيداً فى التخلفِ لأكثرِ من ستةِ قرونٍ لم يكن اليهودُ فيها قادرين على تحريكِ أيّ حدثٍ تاريخيٍّ.

    أما منطقُ المجموعةِ الاشتراكيةِ ففيه الكثيرُ من الصوابِ، دون أن يكون صواباً خالصاً. فمن المؤكد أن "الدافعَ الاقتصادي" هو العاملُ الأول الذي "ساقَ" الغرب في علاقتهِ التاريخية بنا خلال القرنين الأخيرين. إلاَّ أن الأمرَ -كما سنوضح بعد قليلٍ - كان في إطارٍِ آخرٍ مُختلف تماماً عن إطارِ "المؤامرة".

    وأما منطقُ المواطنين العاديين، فإنه وإن كان متهافتاً ولا يصمد أمام التحليلِ والتفنيدِ الدقيقين، إلا أنه مفهومٌ. فمن الطبيعي أن كثرةَ ترديدِ مقولاتٍ معينةٍ على مسامعِ شعوبٍ نصفها من الأميين والنصف الآخر أصحاب نصيبٍ متواضعٍ للغايةِ من التعليمِ والثقافةِ والوعي من شأنِه أن يخلق انطباعاً بصوابِ مقولاتٍ لا تَستند إلا على "التوهمِ" و"الديماجوجية".

    وجوهرُ القضيةِ في اعتقادي أن معظم من تناول "نظرية المؤامرة" لا يعرف إلاّ أقل القليل عن طبيعةِ وحقائقِ وآلياتِ الاقتصادِ الرأسمالي أو الاقتصاد الذي يسمى باقتصادِ السوق أو الاقتصاد الحر؛ فجوهر الاقتصاد الرأسمالي هو "المنافسة". وفكرةُ المَنافسة تعني –فيما تعني- أشياءً عديدةً إيجابيةً وصحيةً، ولكنها تعني أيضاً أشياءً سلبيةً وغير صحيةٍ. ولكن نظراً لأن كلَ البدائلِ الفكريةِ (للرأسمالية أو لاقتصاد السوق) قد باءت بفشلٍ ذريعٍ وأحدثت من الدمارِ والخرابِ لمجتمعاتها ما أحالها لمتحفِ الأفكارِ المنقرضة، فإن الواقعَ يحتمُ علينا ونحن نمعن النظر في حقائق وطبائع الاقتصادِ الحرِ ألاَّ يدفعنا الانفعالُ وجموحُه للعودةِ بأي شكلٍ لدوائرِ الأفكارِ الاشتراكية، فقد أحدثت هذه الأفكارُ من الأضرارِ والخسائرِ ما لا يسمح بإعطائها أيةَ فرصةٍ أُخرى. والواقع (لا الفلسفة) يؤكد أن كلَ ما هو اشتراكي (في الفكرِ والتطبيقِ) مآله إما لمتحفِ الأفكار وإما للانقراض التام بفعل ما يسببه من إخفاقٍ وفشلٍ وخسارةٍ. فإذا عدنا للمنافسةِ بوصفها العمود الفقري للاقتصاد الرأسمالي، كان علينا أن نعى أن "المنافسةَ" ليست فقط تلك "الفكرة الجميلة" التي تعنى فوائداً للأفراد، حيثُ تؤدى المنافسة لعملية تجويد مستمرة في نوعية ومستوى البضائع والخدمات وحيثُ تؤدى في أحيانٍ كثيرةٍ لخفضِ السعرِ أو التكلفة، وإنما هي – أيضا- صراعٌ شرسٌ بين المنتجين بعضهم البعض: صراع يتجسد في أشكالٍ عدةٍ.... كالطرد من السوقِ (إن أمكن) أو تهميش دور الآخرين والاستئثار بأكبر حصصٍ من السوقِ أو الأسواقِ. وهذه الطبيعة أو هذا المعلم من معالمِ النظامِ الاقتصادي الغربي هو الذي يفرزُ ما يبدو للأكثريةِ في دول العالم غير العريقِ في الصناعةِ والخدمات الرأسمالية المتقدمة وكأنه "مؤامرةٌ محبوكةٌ".

    وهذا الجانب من جوانبِ "عنصر المنافسة" هو ما أود أَن أُسلط مزيداً من الضوءِ عليه، لأننا إذا لم نفهمه جيداً وبوضوحٍ تامٍ ونقبل فكرةَ حتميته ونوّلد استراتيچيتنا للتعاملِ معه كحقيقةٍ لا تقبل التجاهل من حقائقِ الحياةِ المعاصرةِ، فلن نبلغ أيَّ شيءٍ مما نريد. وأعني هنا أن المنافسة التي هي من أهم أسس الحياةِ الاقتصاديةِ القائمةِ على ديناميكيات اقتصادِ السوق هي التي كانت خلال القرونِ الثلاثةِ الأخيرةِ سببَ كلِ المنازعاتِ الداخليةِ في أوروبا بل وسبب الحروبِ التي كانت الحربان العظميان (حرب 1914/1918 وحرب 1939/1945) من أهم صورِها. ولكن أوروبا التي تطاحنت وتشاحنت طويلاً تطاحناً وتشاحناً داخليين وصلت خلال العقودِ الثلاثةِ الأخيرةِ ليقينٍ بأن فوائدَ عدمِ التشاحن الأوروبي الداخلي أعظمُ من فوائدِ استمرارِ هذا التشاحن الذي لا سبب له إلا "المنافسة". وبذلك خرجت المنافسةُ (في درجاتها الأعلى) من ملعبها الأوروبي لملاعبٍ أُخرى خارج القارةِ الأوروبية، وإن بقت الساحةُ الأوروبية زاخرةً بأشكالٍ وألوانٍ شتى من المنافسةِ ولكن التي يحكمها قانونُ التعايشِ معاً وقانون الإتفاق على عددٍ من الحدودِ الدنيا.

    وحتى تزداد الفكرةُ وضوحاً، فإنني أَودُ إبراز حقيقةٍ بسيطةٍ للغايةِ إلاَّ أَنها لا تحظى بالوضوحِ أمام الكثيرين، وهى أن النظامَ الاقتصادي القائم على المنافسةِ يحتم أن تكون مصالحُ المنتجِ أو البائعِ الاستراتيجية أن يظل "بائعاً" وأن يبقى "المشتري" لأطولِ مدةِ أو دائماً "مشترياً"؛ وألاَّ يحدث –هنا- تبادل في المواقع. هذا المفهوم البسيط هو جوهر جانب المنافسة الذي يراه الكثيرون في عالمِنا كمؤامرةٍ محبوكةٍ- والحقيقة أنه يشبه المؤامرة لحدٍ ما، إلاَّ أنه يختلف عنها تماماً في الدوافع وقوانين الحركة. وهذا "القانون” من قوانين حركة "الاقتصاد الحر" والمنافسة إنما هو قانون يعمل “داخل" المجتمعات الصناعية المتقدمة، وبالتالي فإن "عمله" خارجها أمرٌ حتميٌ ومُنتظر ولا مَحيص عنه.

    والمعنى هنا أن النظام الاقتصادي السائد في الدولِ الأكثر تقدماً صناعياً (والآن: تكنولوچياً وخدمياً) يقوم على صراعات لا يمكن تجنبها وقودها المنافسة وتتمثل في محاولاتٍ لا تنتهي للاستئثار بالأسواقِ أو بأكبرِ حصص ممكنة من الأسواق، وأن ذلك يعني أن "السمك الكبير" لا يتوقف عن محاولة "أكل السمك الصغير" وأن ذلك التفاعل وجوانبه السلبية (الشرسة) يعمل في داخل المجتمع الواحد وخارجه (وعندئذٍ يكون أكثر شراسة)، وأن مفردات علوم وممارسات الإدارة العصرية تتضمن العديد من المفاهيم التي تخدم في المقام الأول "المنافسة" بجوانبها المختلفة (الإيجابية والسلبية) ورغم أنني لا أريد أن أدخل بالقارئِ في دقائقِ علومِ الإدارة الحديثة، إلا أن السياق واكتمال التحليل في هذا المقالِ يحتمان أن أذكر أن المفاهيم الكبرى التالية من مفاهيم علوم الإدارة الحديثة: إدارة الجودة Quality Management تقنيات التسويق على مستوى العولمة Global Marketing سرية البيانات Data Confidentiality والزخم الهائل من نظم المحافظة على الصحةِ المهنيةِ Occupational Health والاعتبارات البيئية Environmental Considerations وعشرات غيرها من مفردات علوم وممارسات الإدا رة العصرية إنما تهدف - في أولوية عالية من أهدافها - إلى أن يكون أصحابها من "السمك الكبير" القادر عن طريق هذه المفاهيم وتطبيقها تطبيقاً ناجحاً إما لأكل السمك الصغير وإما لزيادة حجمه صغراً... ويمكن الآن أن نُضيف لقانون "إن السمك الكبير يأكل السمك الصغير" قانوناً جديداً يسير في موازاة هذا القانون وهو قانون "إن السمك الكفء السريع يأكل السمك الأقل كفاءة وسرعة"… وقد ظهرت خلال السنوات العشرين الأخيرة في عالم المؤسسات الصناعية والخدمية والتكنولوجية والتجارية الكبرى على مستوى العالم الأدلة القاطعة على مولد وتعاظم شأن هذا القانون الجديد. ومن المهم للغاية هنا أَن نمُيز بين "ما نحب أن نراه" وما لا وسيلة أمامنا "لكي لا نراه" إلا غش أنفسنا. فهذه القوانين موجودة وسائدة ولم يعد هناك أمل بعد نفوق (وفاة) الاشتراكية أن تستبدل بقوانين تضمن النجاح والوفرة وتتجنب هذه المثالب (عند الذين يرونها كعيوبٍ).

    ومن غيرِ الممكنِ أن نتجنب هنا التصريح بأن المثقفين أوسعَ ثقافة عالمية لن يكون بوسعِهم أن يروا بوضوحٍ هذه الحقائق والقوانين وجوانب هذه القوانين المختلفة إذا كانت ثقافتَهم تعنى معرفةً شاملةً بكلِ العلومِ والمعارفِ الإنسانيةِ والاجتماعيةِ دون علوم العصرِ الحديثِ في مجالاتِ الإدارةِ والتسويقِ والمواردِ البشريةِ وما انبثق عن هذه المسميات الكبرى من عشراتِ المجالاتِ الجديدةِ المتخصصةِ. فالإنسانُ الذي يعرف كلَ ثمارِ الثقافةِ والمعرفةِ الإنسانيةِ من "سقراط" إلى "براتراند رسل" ومروراً بآلافِ الأسماءِ ومناطق المعرفةِ الإنسانية الاجتماعيةِ والسياسيةِ والاقتصاديةِ والأدبيةِ والفلسفيةِ يظل عاجزاً عن رؤيةِ هذه الحقائق وقوانين الحركة وجوانبها المختلفة إذا كانت جعبتهُ الثقافية لم تتسع لتشمل علومَ العصرِ في مجالاتِ الإدارةِ والتسويقِ والموارد البشريةِ- ويكون الإنسانُ عندئذٍ مثل عالم فيزياء أمضى نصف قرنِ في دراسةِ الفيزياء منذُ فجرِ تاريخِ هذا العلمِ خلال نصف القرنِ الأخير، فإنه عندئذ يكون ملماً بمعظمِ تاريخ هذا العلم إلا أن ما لديه يكون مثل متحفٍ للماضي دون أن يصلح بأي شكلٍ للحاضرِ - وللأسف الشديد، فإن عدداً غيرَ قليلٍ من م ثقفي العالم الثالث يندرجون ضمن هذا الفريق الذي يعلم أصحابُه الكثيرَ دون أن يمتد علمُهم ليغطي المناطق الحديثة والتي بدونها يكونون شخصياتٍ متحفيةٍ لا تقدر بأيةِ حال على فهمِ قوانين الحركة المُعاصرة وجوانبها المخُتلفة - بل أن هؤلاء لا يكتفون بذلك وإنما يستمرون في حوارات طويلة لا يستعملون فيها إلا مفردات ومفاهيم تعيد تأكيد حقيقة أنهم يواصلون العيش في الماضي وإنهم بنفسِ الدرجةِ غيرُ قادرين على فهمِ ما يحدث" بل أن هذه المفردات والمفاهيم تصبح أداة إعاقةِ للمجتمعِ عن ركوبِ وسيلة المواصلات الوحيدة القادرةِ على الوصولِ للأهدافِ المرجوةِ، وأعنى الاشتراك في اللعبةِ حسب قواعِدها القائمة لا حسب القواعد المُثلى التي لا وجود لها إلا في خيالِ أصحابِها.

    وإذا وصلنا بالتحليلِ لهذهِ النقطةِ المتقدمة، كان من المحتم علينا أن نُلقى بعض الضوء على "الظاهرةِ اليابانيةِ" لما تتصل به من أوثقِ الصلاتِ بهذا التحليل. ففي محاضرةٍ ألقاها كاتبُ هذهِ السطور في طوكيو في ديسمبر 1996(بمعهد الشرق الأوسط المنبثق عن وزارة الخارجية اليابانية) قال إن اليابان قد لعبت في حياتهِ الفكرية واحداً من أخطرِ الأدوارِ، إذ أنها كانت أكبر دليلٍ أمامه على أن نظريةَ المؤامرةِ إما أنها "متوهمةٌ" وإما حقيقية، ولكنها ليست بالقيمةِ التي يعتقد الكثيرون أنها تتسم بها. فإذا كانت هناكَ "مؤامراتٌ" فلاشك أن أقصى ما يمكن أن تصل إليه المؤامرةُ هو ما حدث لليابان في سنةِ 1945، إذ تكون أبشع وأفظع المؤامرات قد بلغت ذروتها القصوى بإلقاءِ قنبلتين ذريتين على اليابانِ. فالمؤامرة إذا وجِدت فإن هدفها يكون هو "الإضرار بالطرفِ الذي حيكت المؤامرة ضده"، ولاشك أن ضرب اليابان بقنبلتين ذريتين لا يجسد الرغبة في الإضرارِ فقط بل يُجسد قمة تِلك الرغبة.

    ومعنى هذا الكلام أننا لو افترضنا وجود مؤامرة ثم افترضنا أن هذه المؤامرة ستبلغ الحد الأقصى وهو محاولة إنزال أكبر الأضرار بالطرفِ الذي تقصده المؤامرة فإن تحقيق الغاية المرجوة من طرفِ الجهةِ المتآمرة لا يمكن حدوثه إلا إذا كان الطرفُ الآخر (الذي توجه المؤامرة ضده) قابلاً ومستعداً لأن ينكسر. فاليابان التي ضُربت بالقنبلتين الذريتين هي اليوم المنافس الاقتصادي الأول للقوى التي كانت تبدو في سنة 1945 وكأنها قد قضت قضاءً مبرماً على اليابان.

    يبقى بعد ذلك أهم ما يجب أن يقال عن نظريةِ المؤامرةِ إذ أن الإيمانَ بها بالكيفيةِ المتفشيةِ إنما يعتبرُ - بلا أدنى شك عندي - نقضاً كاملاً لأسسِ لا يجب أن نفرط فيها:
    فمن جهةٍ أولى، فإن الإيمانَ بنظريةِ المؤامرةِ بالشكلِ الذائعِ حالياً يعني أن "إرادة الفعل" بقدرِ ما توجد بشكلٍ مطلقٍ عند المتآمِر (بكسر الميم الثانية) فأنها تكون مُنعدمةً عند المتآمَر عليه (بفتح الميم الثانية). وهو وضع يلصق صفات الكفاءةِ والقدرةِ والعزمِ والإرادةِ ومُكنة الإحداث بالطرفِ "المتآمِر" (بكسر الميم الثانية) وفي نفسِ الوقتِ يجرد الطرف المتآمَر عليه (بفتح الميم الثانية) وهو جانبنا نحن من كل تلك الصفات، فيكون "الفاعل" هو "المتآمِر" (بكسر الميم الثانية) أما المتآمَر عليه (بفتح الميم الثانية) فيكون "المفعول به" دائماً والجهة التي تسّير وكأنها جمادٌ أعجم.
    ومن جهةٍ ثانية، فإن الإيمانَ بنظريةِ المؤامرةِ بهذهِ الكيفيةِ ينفي عنا (أي عن المتآمر عليهم) صفة الوطنية ويسبغُها أَسباغاً كاملاً على الجهةِ (أو الجهاتِ) المتآمرة وبنفس الدرجة.
    ومن جهةٍ ثالثة، فإن هذا الاعتقاد يجعل من المتآمِر كياناً أُسطورياً في مخيلةِ المتآمَر عليه.
    ومن جهةٍ رابعة، فإن هذا الإيمان يحتم ترسيخ الواقع ويفرض السلبية والانهزامية ويعارض كرامة الاعتقاد بأن "الإنسان يصنع واقعه ومستقبله" وأن الأممَ تملك بنفسِ القدرِ أن تصنع واقعها ومُستقبلها.
    ويبقى كل ما كتبته عن نظريةِ المؤامرةِ ناقصاً (ومخالفاً لتصوري) إذا فهم القارئ أنني أُروج لهذين المفهومين:
    أَن "المؤامرة" هي "الصراع"، وبالتالي فإنني أنفى وجود "صراع دائم" بدوام مسيرة التاريخ الإنساني.
    أو أَنني أنفي وجود "مؤامرات" عبر مسار التاريخ الإنساني.
    فالواقع أنني أؤمن إيماناً قوياً بأَن التاريخ الإنساني هو سلسلة من الصراعاتِ، كما أَنني أؤمن بنفس القدر أَن واقعنا العالمي المعاصر هو مسرح لصراعات مريرة وكبيرة. ولكنني أؤمن أَن "الصراع" مفهوم مختلف عن معنى المؤامرة.

    فالصراع يعني العمل الدؤوب من جانب (أَو من جوانب معينة) بهدف استمرار تفوقها أَو حتى توسيع دوائر هذا التفوق وما يصاحبه من مزايا وامتيازات ولكن الصراع يعني أَن هناك "لعبةً لها في كلِ زمن قواعد" وأَن على من يريد لنفسِه مكانة بارزة فوق الأرض أَن "يخوض الصراع" بأدواتٍ وقواعدٍ تضمن أَطيب النتائج. وهنا فإن المثال الياباني يَبرز مرةً أخرى كأحد أقوى الأدلة على هذا التشخيص. ومن بديهيات الأمور أَن "الصراع" هو لعبة مفتوحة (نسبياً) عن المؤامرة، كما أَن قدر الغموض الذي يكتنف "لعبة الصراع" (بل والكثير من المعالم التي تشبه معالم "السحر" و"الشعوذة") هو غموض أقل (نسبياً) مما يكتنف "لعبة الصراع". كذلك، فإن تصوير الأمر على أَنه "لعبة الصراع" وليس "مؤامرة عامة محبوكة" تحكم مسار التاريخ، يحفز أصحاب الإرادة والكرامة والهمم على أَن يدخلوا اللعبة بنية إحراز نتيجة طيبة، وهو وضع يختلف عن "الروح العامة" التي أفرزها الإيمان المترامي بنظرية المؤامرة العامة، وهى روح تميل إلى جانب الشكوى والبكاء والاستسلام والرضى بالنتائج (الوخيمة) سلفاً وليس التحدي والانخراط فى لعبة الصراع (رغم ضراوتها) بنية بلوغ نتائج كريمة وعظيمة كالتي حققها اليابانيو ن الذين خاضوا خلال نصف القرن الأخير واحدة من أشرس لعبات الصراع على مستوى التاريخ الإنساني. كذلك فإنني لم أقصد على الإطلاق أَن أقول إن التاريخ خال من المؤامرات. فمن الميسور لأي قارئ واسع الإطلاع على التاريخ أن يرصد العديد من "المؤامرات" المحددة، ولكنى أقول إن التاريخ ، وإن عرفَ مؤامرات عديدة، فإنه ليس "مؤامرة عامة" وإنما هو صراع دؤوب لا يهدأ ولا مجال فيه للكرامة والظفر لمن دخله مهزوم الروح والوجدان مبلل الخدود بدموع البكاء والشكوى.

    وأخيراً، فإنني أجد من اللازم هنا أن أُبرز جانباً هاماً من كوارث الإيمان المستسلم بنظرية المؤامرة العامة وهو الجانب الذي يتعلق بالحكام غير الديمقراطيين (مثل بعض حكام العالم الثالث ).

    فالحاكم غير الديموقراطي يساهم بأفكاره وأقواله وأجهزة إعلامه في ترسيخ الإيمان بالنظرية العامة للمؤامرة، لأنه بذلك يكون قادراً على إخفاء خطاياه وأخطائه وراء الادعاء المستمر بأن "كل هذا الحجم من الفشل والمشاكل والمعاناة" إنما يرجع لعناصر خارجية (على رأسِها "المؤامرة العامة") وليس للسبب الأكبر والحقيقي وهو غياب الديمقراطية ووجود حكام على شاكلته (ليسوا هم في معظم الأحوال من أكثر أبناء المجتمع كفاءة وقدرات ورؤية ونزاهة وثقافة).

    أما كاتب هذه السطور، فإنه يؤمن أَن "الصراع العالمي" شرس ومضني وبالغ الصعوبة ولكن الأمم تكون أكثر قدرة على خوضه بنجاح وكرامة إذا كانت مستعدة ومهيأة له، وهى لا تكون كذلك إلاَّ إذا كانت تُقاد قيادة فعَّالة وناجحة وذات رؤية صائبة وعن طريق كوادر تتسم بأعلى درجات الكفاءة والقدرة والنزاهة والثقافة (وأكرر: والثقافة لأنه لا "رؤية" في اعتقادي لمن لا ثقافة له).

    وخلاصةُ وجهة نظري هنا، أن دعاةَ نظريةِ المؤامرةِ يتحدثون كوطنيين يحبون أوطانهم واعتقادي الراسخ أنهم وإن كانوا بلا شكٍ وطنيين يشغلهم همّ الوطن العام، إلا أَنهم بالطريقةِ التي يؤمنون بها بنظريةِ المؤامرة العامة وبتداعيات وآثار هذا الإيمان المطلق فإنهم يكونون انهزاميين و"دعاة استسلام وخنوع وخضوع" قبل أن يكونوا "وطنيين" يبكون على الحظِ العاثرِ الذي جعلهم في موضعِ الطرفِ "المتآمَر عليه".

  8. #8
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 113
    المواضيع : 7
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    أكتفى بهذا القدر .. رغم أن الكتاب قيم .. و كاتبه و كأنه يعيش معنا هنا فى هذا المنتدى .. و كأنة شاهد محاورين لا يملكون سوى رمى محاورهم بالخيانة و العمالة .. و محاورين لخصوا احداث الدنيا و المنطقة على طرف واحد فقط .. و كلام كبير و مبالغة فى مدح الذات و العيش فى الماضى ..

    فأرجو ان يراجع كل واحد نفسة .. فالحقيقة المصاب جلل .. و حديث الكثيرين منا لا يرقى لمستوى الحدث .. و هو مجرد اضاعة وقت و تجنيد مستمر فى ثقافة الحقد و الكراهية و تبرير و تجميل للإرهاب ..

    و لمن اراد الإستزادة العودة للموقع الأصلى ..

    تحياتى ..

  9. #9
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 37
    المواضيع : 11
    الردود : 37
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    شكرا مولانا العزيز على فتح موضوع طارق حاجي ..أتمني من مثقفي مصر زيادة الإهتمام بهذا الرجل ودفعه لتوالي أحد المناصب الهامة في أي تطور إصلاحي بالبلد ..ربما محاولة دعمه من كافة الهيئات الثقافية لتوالي طارق حاجي وزارة مثل وزارة الإعلام .. ربما هذا يكون أفضل موقع لرجل مثل هذا .. كما يمكن أيضا التفكير فيه كمرشح ضد مبارك في أي إنتخابات نزيه قريبة ..

    للأسف فبيننا ناس كثيرون عظماء .. قادرون على بناء هذه البلد ..ولكن تقاعسنا كمواطنين في دعمهم وأختيارهم قادة للمجتمع المدني يجعلهم بلا فائدة على مستوي الوطن والبلد .

    يجب أن لا ننتظر صعود نجم طارق الحجي بل يجب علينا دفع هذا النجم ليظهر في سماء .. وحتى إذا كان الإعلام الحكومي يحاول إخفائه لصالح واحد مثل جمال مبارك .. فلماذا لا نحاول من خلال النقابات والنوادي إظهار نجم طارق حاجي

    لقد قراءت لهذا الرجل .. وأري أن لديه أستعداد كامن حقيقي لنقل مصر وشعبها لخطوة حضارية متقدمة .

    وأحمد الله أنه منذ بداية ظهور شبكة الإنترانيت في العالم العربي في نهاية 99 .. وبداية تعارف المصريين على بعضهم البعض ..تبين أننا لسنا حقا في الحضيض .. لازال بيننا عقول واعية يمكنها رؤية أعماق تلافيف عقلنا الثقافي .. وتشخص المرض والعلاج .

    وهنا أيضا .. يسعدني أن أذكر أسمان تعرفت علي فكرهم من خلال المنتديات .. وأري وجود طاقة كامنة لديهم قادرة على فعل شئ إيجابي بمصر .. هما الأخ الدكتور عمرو إسماعيل والذي أثق كثيرا في قدرته على تحليل الأمور وإستنطقها والأخ العزيز مولانا فري فرير ..وكلهما يحملان هموم مصر بشكل حقيقي .. وليس لديأي مانع أن أساعد أي من هذه الأسماء الثلاثة لو فكر أي منهم الإنتقال من الإصلاح باكلام إلي الإصلاح بالعمل .. فأنا أتمني أن يتقدم الدكتور عمرو وطارق حاجي للإنتخابات المصرية القادمة .. وأن نقوم نحنكأبناء مصر بالخارج بمساندتهم خلالتلك الفترة لضمان نجاحهم .

    وسلام

  10. #10
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 113
    المواضيع : 7
    الردود : 113
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    شكرا لتعليق الكريم يا عزيزنا الغالى ..

    أظن أن طارق حجى .. مصرى - مغربى .. و بذا يكون مزدوج الحنسية .. هو شخصيى رائعة بلا شك .. و ياريت يحاول ان يفيد البلد أكثر ..

    أما عن المخلصين .. فلو اخلصت بلادنا لكان العزيز ايجبت8 أحد أعمدة الحكم فى مصر .. و احنا لسة فيها ... اخلاصك ووطنيتك و نزاهتك و علمك فوق كل هذا .. كلها مؤشرات فى صالح مصر ..

    و هذا لا يعنى انى لست موافقا على استاذنا الرائع عمرو اسماعيل .. بالعكس .. اضم صوتى لصوتك .. ياريت .. ياريت .. الدكتور عمرو اسماعيل يرشح نفسة لرئاسة الجمهورية .. أو يشكل حزب .. نحن ندفع كل الجهود التى ترشح أى بلد عربى للخروج من عنق الزجاجة .. و من هذه الدوامة القاتلة من الفشل الذريع ..

    و لا يفوتنى أن اشكرك على ما تفضلتم به على شخصى الضعيف ..

    تحياتى

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة