أحدث المشاركات

رواية قنابل الثقوب السوداء .. مسلسلة. التالي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» إن تسألي عن مصرَ حواءِ القرى - أحمد شوقي» بقلم آمال المصري » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» سألوني: لمَ لم أرثِ أبى ؟» بقلم هشام النجار » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» غار النصر في غزة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: غلام الله بن صالح »»»»» أمات العربُ؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: غلام الله بن صالح »»»»» مختارات في حب اليمن» بقلم محمد نعمان الحكيمي » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» برق الخاطر ... قسم جديد لأعضاء واحة الخير» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الثعبان الأقرع يداهمني في المنام بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» بعض الحزن موت وبعضه ميلاد.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: غسان يعودُ إلى يافا

  1. #1
    الصورة الرمزية رفعت زيتون شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    الدولة : القدس
    المشاركات : 2,334
    المواضيع : 136
    الردود : 2334
    المعدل اليومي : 0.41

    افتراضي غسان يعودُ إلى يافا

    .

    غسان يعودُ إلى يافا
    -----------------

    (أبطال القصيدة غسان ورفيقته رفيقة .. ومستوطنة سكنت بيته)

    أنا والحديقةُ والمقاعدُ

    كلّنا كنّا على هذي التّلالِ

    وكوخُ جدّي،

    يا رفيقةُ تذكرينَ،

    معًا نغنّي للمساءْ..

    وعلى طريقتنا كأطفالٍ

    نطيرُ معَ السّنونو

    كلّما ضحكَ الفضاءْ

    تلكَ التي تأتي إلينا

    في الصّباحِ تزورنا

    أينَ السّنونو لمْ تغدْ!!؟

    - لا لم تعدْ،

    واسْوَدَّ بعدَ غيابها

    وجهُ الصّباحْ

    - والكوخُ أذكرُ كمْ بكى

    يومَ الرّحيلِ، وقدْ بكينا كلّنا

    - لا زلتُ أذكرُ وجهَ أمّكَ

    - وجهَ أمّي!!

    كمْ أحنُّ لوجهِ أمّي كمْ أحنُّ لخبزِ أمّي

    والمساءِ على يديها

    والصّباحِ وحضنِ أمّي

    لوْ أعودُ لدفئها

    - غسّانُ ما بكَ يا رفيقَ الحلم

    - والبئرُ العتيقةُ

    فوقَها طوقٌ حديديٌّ

    وحبلٌ كانَ يعزفُ كلّما

    ظمئتْ عصافيرُ الحديقةْ- واله أذكرُ

    - أذكرُ الأيامَ والأحداثَ والأشياءَ

    والشّايَ المُعطّرَ في الشّتاءْ

    ولستُ أنسى إذْ تهاوى

    بعضُ سورِ البيتِ،

    تذكرُ أمْ نسيتَ؟

    - وكيفَ أنسى

    إذْ نقشتُ اسمي معَ اسمكِ

    فوقَ غصنٍ قدْ تدلّى فوقنا

    - ويحَ الغصونِ إذِ افترقنا يومها

    - وشجيرةُ التّينِ التي

    كانتْ تظلّلُ حبّنا

    كانتْ هناكَ بجانبِ السّور القديمِ

    - هناكَ كانَ ربيعنا

    - هيّا اصعدي

    فوقَ السّفينةِ كيْ نجوبَ الذّكرياتِ

    إليكِ يافا قادمونَ، إليكِ يافا

    - غسّانُ مهلكَ واستمعْ

    للبحرِ كيْ يُنبيكَ بعضًا

    منْ حكاياتِ الغيابْ

    - قلتُ اصعدي

    يكفي مكوثًا تحتَ أضراسِ الغيابْ..

    - أقولُ مهلًا لوْ تعي...

    - أشتمُّ رائحةَ القواربِ

    تحتَ أنفي، والدّكاكينِ القريبةِ

    منْ هديرِ البحرِ

    - يا غسّانُ لا..

    - أشتمُّ فيكِ حديقتي

    والمقعدَ الخشبيَّ قربَ البئرِ

    يجمعنا معا

    وأرى خلالَ عيونِ وجهكِ

    كلَّ يافا، شطَّ يافا،

    بحرها، وهضابها، والرّملَ،

    والصّدفَ المبعثرَ والصّخورَ

    أرى الكنيسة تشتكي

    والجامعَ المهجورَ يبكي قصّتي

    وأراكِ أنتِ رفيقتي

    - غسّانُ مهلَكَ

    فالخريفُ أطاحَ بالأوراقِ

    واحترقَ الشّجرْ

    والرّملُ لمْ يصمدْ أمامَ الموجِ

    - لا..

    سيري بنا فالشّوقُ عالي الموجِ

    هيّا أسرعي

    فأنا أشمُّ روائحَ الطّابونِ تعبقُ

    كمْ أحنُّ لكلِّ ما في مخِّ رأسي

    منْ صوَرْ

    - أخشى عليكَ

    منَ اغترابٍ مرّتينِ

    فكلُّ شيءٍ قدْ تغيّر

    مثلَ وجهي

    - لا عليكِ

    - قدْ اقتربنا

    - أينَ نحنُ!؟

    - لقدْ وصلنا

    - أينَ!؟

    أين!!؟

    - ألمْ أقلْ منْ قبلُ

    إنَّ البحرَ بدّلَ ثوبَهُ

    والكوخَ غيّرَ لونَه

    - والسّقفَ أصبحَ

    أحمرَ اللونِ انظري!

    - ماذا دهاكَ..

    سقطّتَ؟

    - لا وقعَ الفؤادُ على الرّصيفِ

    - تعالَ نرجعُ للغيابِ

    - السّورُ.. أينَ السّور؟

    أينَ حجارةُ العشقِ القديمِ

    - كفاكَ

    - أينَ دفاتري، والبئرُ،

    والطّابونُ، منْ قتلَ الشّجيرة؟

    آآآآآهِ ما هذا الصّدى!؟

    - يكفي رفيقي فلنعدْ

    - منْ أنتما قالتْ

    بصوتٍ أعجميٍّ

    منْ بلادِ الرّوسِ تصرخُ

    خلفَ نافذتي القديمةِ

    لمْ يكنْ ذاكَ الزّجاجَ

    ولا السّتائرَ

    - منْ هناكَ تُعيدُ توجيهَ السّؤالِ

    رأيتها شقراءَ في العشرينِ

    لمْ تفهمْ حديثَ البرتقالِ

    ولا غناءَ التّينِ للعصفورِ

    قلتُ لها:

    - أنا ساكنُ الكوخِ القديمِ

    هنا تركتُ دفاتري

    وهنا لعبتُ معَ الطّيورِ

    ومقعدي كان...

    - انصرفْ

    - ماذا!!؟

    - أقولُ لكَ انصرفْ..

    قلتُ اسمعي همْسَ المكانِ

    فقدْ تذكّرَ خطوتي

    أنا صاحبُ السّور العتيقِ

    - صهٍ..

    أجابتْ.. يا إلهي كيفَ ذا؟

    هي لمْ ترَ القلبَ الممزّقَ

    في يديَّ ولمْ تعي الهمسَ الذي

    جعلَ المآقي تستبيحُ سيولها

    هي لم تشاهدْ طيفَ أمّي

    حينَ مرّتْ منْ أمامي ههنا..

    لمْ تسمعِ الأغصانَ والاوراقَ

    حينَ جئنا كيف غنّتْ

    - قمْ بنا غسّانُ

    واحفظْ ماءَ دمعكَ

    لا يليقُ بكَ السّقوطُ

    ولا انفتاحُ الدّمعِ فيكَ

    على الحقيقةِ..

    هلْ فهمتَ الآنَ أوجاعَ الحقيقة؟

    قمْ بنا فالبحرُ أرحمُ بالمسافرِ

    منْ خفافيشِ الظّلامْ

    - ألا تزالا ههنا؟

    الصّوتُ عادَ مجدَدًا

    كالرّعدِ حتّى لا أنامَ على

    سريرِ تعلّقي بالحلمِ..

    لو تدرينَ يا شقراءُ

    معنى أنْ أمزّقَ مرّتينِ

    وأنْ أصابَ بطلقتينِ

    ولا أموتَ ولا أعيشَ

    - كفى.. كفى.. هيا ارحلا

    - قلتُ اهدئي

    ودعي الأحبّة تستريحُ

    على المقاعدِ لوْ لبعضِ الوقتِ

    حتّى تستردَّ الرّوحُ روحي

    - منْ تكونُ، ومنْ رفيقتكَ العجوزُ؟

    - ألمْ أقلْ!

    أنا صاحبُ السّورِ الذي

    يومًا تهدّمَ بعضُهُ،

    والبئرِ والطّابونِ..

    - في أي البلادِ ولدّتَ

    يا هذا الغريبْ.؟

    - أنا!!؟

    - نعمْ.. قالتْ

    فقلتُ لها اخسئي

    أنا ابنُ هذا البحرِ

    قبلَ ولادةِ الريّحِ الغريبةِ

    إنَّ هذي الأرضَ أمّي..

    - أنتَ منْ!؟

    قالتْ وغابتْ في ابتسامٍ ماكرٍ

    - أنا إنْ دخلتُ الدّارَ

    ضمّتني النّوافذُ والحوائطُ

    والمساميرُ التي علّقتُ ثوبي فوقها

    هيَ خلفَ هذا البابِ منْ

    جهةِ اليمينِ

    وفي الممرِّ بلاطةٌ مكسورةٌ

    - غسّانُ يكفي

    - ليسَ يكفي يا رفيقةُ

    إنَّ لي في داخلِ الحجراتِ ظلّي،

    صرختي لمّا وُلدّتُ،

    ليَ الحصيرةُ والسّراجُ

    وصوتُ أمّي كلَّ صبحٍ

    كمْ أحنُّ لصوتِ أمّي..

    والسّنونو...

    فاسمعي!!!

    صوتَ السّنونو..

    صوتَ أمّي..!!

    تسمعينْ!!؟

    - أجلْ ولكنْ فلنغادرْ

    - لا وربّي لنْ أغادرَ

    لنْ أفارقَ صوتَ أمّي

    لنْ أبيعَ البحر يومًا

    لنْ أغادرَ مرّتينْ..

    أنا لنْ أغادرَ مرّتينْ

    ------------
    بقلم : رفعت زيتون
    القدس \ يافا
    26 \ 2\ 2013
    ..
    [/CENTER]
    [/RIGHT]
    [/COLOR][/SIZE]

  2. #2
    الصورة الرمزية فاتن دراوشة مشرفة عامة
    شاعرة

    تاريخ التسجيل : Jul 2009
    الدولة : palestine
    المشاركات : 8,906
    المواضيع : 92
    الردود : 8906
    المعدل اليومي : 1.67

    افتراضي

    الله الله

    يالروعة ما خطّت يُمناك يا صديقي

    سيعود غسّان وكلّ المبعدين عن ديارهم

    ليعود النّرجس يبتهل ويضحك فوق شفاه جبالنا

    وليعود للسّنابل الشّموخ والبهاء

    سيعود أحباب الوطن لوطن ينعم بشمس الحريّة

    قصيدة رفلت بعمق المعنى

    حملت هموم المبعدين عن الوطن

    ونسجت لهم عودة بحجم الثّلج الذي تراكم على ثرى قلوبهم المرتجفة من رياح المنفى

    دام يراعك متألّقا يا صديقي

    مودّتي

    فاتن

  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    شعر وشاعرية وجمال فكرة حملتها الحروف مشهدا إنسانيا معذبا للمبعدين الملوعين بهجير الحنين والاغتراب وخذلان الواقع

    قصيدة ببهاء وإباء حرفك الذي نعرف
    وددت لو أقوم بتثبيتها
    لكني لن أفعل ما ألوم فيه غيري، فأثبّت نصا لغرّيد لا يحط في فننا إلا لتعليق نصوصه على أغصانه
    حتى وإن كان ذلك الطائر رفعت زيتون أقرب اخوتي لنفسي

    أطربت لحنا وشجنا لا فض فوك

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.11

    افتراضي

    قصيدة جميلة , مرهفة , أبية
    تحياتي لقلمك

  5. #5
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.86

    افتراضي

    أنا والحديقةُ والمقاعدُ
    كلّنا كنّا على هذي التّلالِ
    وكوخُ جدّي،
    يا رفيقةُ تذكرينَ،
    معًا نغنّي للمساءْ.
    وعلى طريقتنا كأطفالٍ
    نطيرُ معَ السّنونو
    كلّما ضحكَ الفضاءْ
    تلكَ التي تأتي إلينا
    في الصّباحِ تزورنا

    الحديقة، المقاعد، الهضاب، السّنونو والإنسان المستمتع بهذا الجمال والاستقرار كلّ ذلك استحضر أمام عينيه عندما رأى رفيقته وبدأ بقراءة الماضي على مسامعها... الاسترجاع يوحي بأنّ الحياة مستقرّة وهادئة، لكنّ هناك تغييرا قد طرأ على هذه الأجواء

    أينَ السّنونو لمْ تعدْ!!؟
    - لا لم تعدْ،
    واسْوَدَّ بعدَ غيابها
    وجهُ الصّباحْ
    - والكوخُ أذكرُ كمْ بكى
    يومَ الرّحيلِ، وقدْ بكينا كلّنا
    - لا زلتُ أذكرُ وجهَ أمّكَ

    السّنونو لم تعد ... غادر الفرح المكان ولم يعد ... ذاك هو التّهجير الذي سوّد وجه الصّباح ... وتبدأ مرحلة الذّكرى باسترجاع حياة الوطن والحنين إليه في استعراض وذكر لمعالم الحياة الفلسطينيّة أثناء مسيرة الرّجوع المحكي عنها على متن السّفينة(سفينة العودة)؛ بدءا من يوم الرّحيل ... ذكر البيت(الكوخ)، الإنسان ، البئر، العصافير، الأشجار (التّين)، الحديقة والمقاعد، البحر،الأصداف، المسجد، الكنيسة ... جمعت الصّور بين الإنسان والكائن الحيّ والجماد، ورسمت صورة البلدة الفلسطينيّة التي لم تنسَ، من جديد أثناء خطابه رفيقته...

    والكوخُ أذكرُ كمْ بكى
    يومَ الرّحيلِ، وقدْ بكينا كلّنا
    - لا زلتُ أذكرُ وجهَ أمّكَ
    -----------------------
    -----------------------
    وأرى خلالَ عيونِ وجهكِ
    كلَّ يافا، شطَّ يافا،
    بحرها، وهضابها، والرّملَ،
    والصّدفَ المبعثرَ والصّخورَ
    أرى الكنيسة تشتكي
    والجامعَ المهجورَ يبكي قصّتي
    وأراكِ أنتِ رفيقتي
    ___________________________
    يسترسل غسّان في السّرد عن ماضي يافا، يافا التي يراها في عينيّ رفيقته؛ جامعا الذّكرى في العينين كأنّهما كاميرا تحتفظان بالشّريط... وتأخذه المشاهد إلى ذكر التّفاصيل هذه، فتنبّهه رفيقته بأنّ المعالم قد تغيّرت، هذا إشارة إلى أنّ رفيقته هي التي أخبرته عن الوطن لأنّها من الدّاخل. وتبدأ كلامها :
    غسّانُ مهلَكَ
    فالخريفُ أطاحَ بالأوراقِ
    واحترقَ الشّجرْ
    والرّملُ لمْ يصمدْ أمامَ الموجِ
    -----------------------
    الخريف هو فصل التّعرية واصفرار الطّبيعة وشحوبها في إشارة منها إلى التّغيير السّلبيّ الذي طرأ على الوطن، حيث لم يبق من ربيعه المخزون في ذاكرته شيءٌ، حتّى الرّمال لم تصمد في وجه الأموج؛ إشارة منها إلى موج تدمير المعالم.
    تذكّره رفيقته أثناء حديثه وعرض صوره القديمة، بالتّغيير لخوفها عليه من الصّدمة حين يراه على أرض الواقع، فيعيش الاغتراب مرّتين.

    - أخشى عليكَ
    منَ اغترابٍ مرّتينِ
    فكلُّ شيءٍ قدْ تغيّر
    مثلَ وجهي
    - لا عليكِ
    - قدْ اقتربنا
    - أينَ نحنُ!؟
    - لقدْ وصلنا
    - أينَ!؟
    أين!!؟
    - ألمْ أقلْ منْ قبلُ
    إنَّ البحرَ بدّلَ ثوبَهُ
    والكوخَ غيّرَ لونَه
    - ماذا دهاكَ..
    سقطّتَ؟
    - لا وقعَ الفؤادُ على الرّصيفِ
    - تعالَ نرجعُ للغيابِ
    __________________________________
    خوفها دعاها لتطلب منه العودة من حيث أتيا ، للغياب... لكّنه يصرّ، ويسأل عن السّور ؟!

    السّورُ.. أينَ السّور؟
    أينَ حجارةُ العشقِ القديمِ
    - كفاكَ
    - أينَ دفاتري، والبئرُ،
    والطّابونُ، منْ قتلَ الشّجيرة؟
    آآآآآهِ ما هذا الصّدى!؟
    - يكفي رفيقي فلنعدْ
    ____________________________________
    بعد ذلك، تبدأ مرحلة الصّراع الحقيقيّ والمواجهة، حين جاءت المستوطنة وسمعت ما يدور من حديث:
    _______________________________________

    - منْ أنتما قالتْ
    بصوتٍ أعجميٍّ
    منْ بلادِ الرّوسِ تصرخُ
    خلفَ نافذتي القديمةِ
    لمْ يكنْ ذاكَ الزّجاجَ
    ولا السّتائرَ
    ---------------
    ---------------
    قلتُ لها:
    - أنا ساكنُ الكوخِ القديمِ
    هنا تركتُ دفاتري
    وهنا لعبتُ معَ الطّيورِ
    ومقعدي كان...
    - انصرفْ
    - ماذا!!؟
    - أقولُ لكَ انصرفْ..
    قلتُ اسمعي همْسَ المكانِ
    فقدْ تذكّرَ خطوتي
    أنا صاحبُ السّور العتيقِ
    - صهٍ..

    أجابتْ.. يا إلهي كيفَ ذا؟
    _____
    هم الأغراب وهي صاحبة المكان ... الحوار بين الشّقراء روسيّة الأصل وبينهما أعادنا إلى يافا القديمة،إلى حياته الخاصّة: دفاتره ومكان لعبه، ومقعده. وبيّن حزنه على يافا الحديثة، وابتعادها عمّا كانت عليه... لكن ما يهمّه لا يهمّها، وتنكر وجوده أصلا.
    ما يراه ويشعر به لا تراه هي. وهنا أشارة لسياسة التّغييب وأنكار الآخر، وإلّا لا يمكن العيش مع طيف من طردوا وحلّوا مكانهم.

    هي لمْ ترَ القلبَ الممزّقَ
    في يديَّ ولمْ تع الهمسَ الذي
    جعلَ المآقي تستبيحُ سيولها
    هي لم تشاهدْ طيفَ أمّي
    حينَ مرّتْ منْ أمامي ههنا..لمْ تسمعِ الأغصانَ والاوراقَ
    حينَ جئنا كيف غنّتْ

    وتأتي بعد ذلك الدّعوة للمغادرة والعودة للبحر (التّيه ) مع حفظ الدّموع على ما رأياه من خفافيش الظّلام

    قمْ بنا غسّانُ
    واحفظْ ماءَ دمعكَ
    لا يليقُ بكَ السّقوطُ
    ولا انفتاحُ الدّمعِ فيكَ
    على الحقيقةِ..
    هلْ فهمتَ الآنَ أوجاعَ الحقيقة؟
    قمْ بنا فالبحرُ أرحمُ بالمسافرِ
    منْ خفافيشِ الظّلامْ

    ويعود صوت المستوطنة الشّقراء من جديد، ويدور الجدل ثانية لإثبات هويّة الوطن بذكر السّور والبئر والطّابون. ولا يجدي ذلك شيئا ويكنّى بالغريب ... هو الغريب وهي المواطنة!

    - ألا تزالا ههنا؟
    الصّوتُ عادَ مجدَدًا
    كالرّعدِ حتّى لا أنامَ على
    سريرِ تعلّقي بالحلمِ..
    لو تدرينَ يا شقراءُ
    معنى أنْ أمزّقَ مرّتينِ
    وأنْ أصابَ بطلقتينِ
    ولا أموتَ ولا أعيشَ
    - كفى.. كفى.. هيا ارحلا
    - قلتُ اهدئي
    ودعي الأحبّة تستريحُ
    على المقاعدِ لوْ لبعضِ الوقتِ
    حتّى تستردَّ الرّوحُ روحي
    - منْ تكونُ، ومنْ رفيقتكَ العجوزُ؟
    - ألمْ أقلْ!
    أنا صاحبُ السّورِ الذي
    يومًا تهدّمَ بعضُهُ،
    والبئرِ والطّابونِ..
    - في أي البلادِ ولدْتَ
    يا هذا الغريبْ.؟
    - أنا!!؟
    - نعمْ.. قالتْ
    ____
    وتثور ثائرته عقب وصفه بالغريب وتأتي الأبيات بلغة متحديّة ومصممّة على البقاء، فهو ابن البحر ولن يبيعه، ولا يزال يذكر تفاصيل البيت حتّى المسامير خلف الباب! مع خاتمة تهتف برفض المغادرة وتؤكّد عليه مرّتين ...
    فقلتُ لها اخسئي
    أنا ابنُ هذا البحرِ
    قبلَ ولادةِ الريّحِ الغريبةِ
    إنَّ هذي الأرضَ أمّي..
    - أنتَ منْ!؟
    قالتْ وغابتْ في ابتسامٍ ماكرٍ
    - أنا إنْ دخلتُ الدّارَ
    ضمّتني النّوافذُ والحوائطُ
    والمساميرُ التي علّقتُ ثوبي فوقها
    هيَ خلفَ هذا البابِ منْ
    جهةِ اليمينِ
    وفي الممرِّ بلاطةٌ مكسورةٌ
    - غسّانُ يكفي
    - ليسَ يكفي يا رفيقةُ
    إنَّ لي في داخلِ الحجراتِ ظلّي،
    صرختي لمّا وُلدّتُ،
    ليَ الحصيرةُ والسّراجُ
    وصوتُ أمّي كلَّ صبحٍ
    كمْ أحنُّ لصوتِ أمّي..
    والسّنونو...
    فاسمعي!!!
    صوتَ السّنونو..
    صوتَ أمّي..!!
    تسمعينْ!!؟
    - أجلْ ولكنْ فلنغادرْ
    - لا وربّي لنْ أغادرَ
    لنْ أفارقَ صوتَ أمّي
    لنْ أبيعَ البحر يومًا
    لنْ أغادرَ مرّتينْ.
    أنا لنْ أغادرَ مرّتينْ
    ______
    قصيدة قصصيّة رائعة من عنوانها الذي يشكّل تناصا مع رواية غسّان كنفاني : عائد إلى حيفا ... ولكن هنا كانت الرّوعة باستعراض رحلة العودة بأسلوب جميل
    بوركت أخي الشّاعر رفعت
    تقديري وتحيّتي

  6. #6

  7. #7
    الصورة الرمزية محسن شاهين المناور شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : سوريا ديرالزور
    العمر : 71
    المشاركات : 4,232
    المواضيع : 86
    الردود : 4232
    المعدل اليومي : 0.73

    افتراضي

    أخي الحبيب رفعت :
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كنت معك بهذه الرحلة حاملا همي وأحزاني
    وعزائي الوحيد وجودك معي . . .
    كانت ملحمة رائعة ياصاحبي
    محسن شاهين المناور

  8. #8

  9. #9
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.29

    افتراضي

    هذه أقرب لمسرحية شعرية من فصل واحد ولكنها تلخص تاريخ أمة!

    أحسنت الشعر والشعور فلا فض فوك!

    تقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Feb 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.73

    افتراضي

    لو ان كل الأحلام تموت
    فلن يموت حلم العودة ولن يموت صاحب الدار لو مر الف عام
    سوف يبقى المحتل يعلم في قرارته انه غريب وحتل
    ويبقى الخوف بين اضالعه ينهش وجهه وقلبه وذاكرته
    مودتي ايها الصديق

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. برقيات إلى يافا
    بواسطة محمد عبد المجيد الصاوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 25-01-2017, 01:04 AM
  2. مئذنة عكا غسان
    بواسطة مرمر القاسم في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 15-07-2012, 02:14 PM
  3. لوحات بريشة الشهيد غسان كنفاني
    بواسطة مهند صلاحات في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 13-02-2007, 12:16 AM
  4. غسّان
    بواسطة عدنان كنفاني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-05-2005, 11:08 AM