أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

الموضوع: الخبر

  1. #1
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي الخبر

    الخـــــــــبر
    ====
    دائما ما يجلس على ذات المقعد، ينتظر الباص. لا يعرف كم من الوقت يمر عليه، وهو يقبع عاقدا رجليه في ذات المكان كعادته. يسند حقيبته بجواره، ويقلب صفحات الجريدة التي يمسك بها بلا اهتمام. لا يعنيه ما يدور حوله من أحداث أو أخبار.
    حياته يدور فلكها بين العمل والبيت. لا علاقات. لا أصدقاء. لا أقارب. لا أحد يهتم به، ولا يهتم بأحد.
    أحيانا يجلس على المقهى المجاور لبيته، فيقعد منزويا في ركن بعيد، يرتشف كوب الشاي ببطء شديد وكأنما يود أن يظل بين يديه لساعات. لا يكلم أحدا، وإذا طلبه أحدهم لمشاركته اللعب يرفض.
    لم يتزوج، ولم يرغب في الزواج أصلا، وكأنما استهوته العزلة والوحدة.
    في المكتب لا يختلط بزملائه، وينكب على الأوراق من أول لحظة حتى نهاية العمل، ولا يجيب على من يسأله إلا بكلمات مختصرة.
    كثيرا ما كان يسمع تعليقاتهم عليه، وعلى ملابسه الغير مهندمة. على حياته، وتصرفاته. يسخرون منه، ويقذفونه بأبشع الكلمات، لكنه لا يهتم ولا يعبأ بما يقولون، وكأنهم غير موجودين، أو هو غير موجود بينهم. سخر أحدهم منه ذات مرة قائلا:
    - الحي الميت!
    فضحك كل من حوله، ولم تظهر عليه أي علامات تأثر أو حزن.
    الحياة بطولها وعرضها لا تعني له شيئا. هي مجرد حياة وجد نفسه فيها؛ فيعيشها بقدر ما يجعله موجودا فيها.
    قلب صفحات الجريدة، لفت انتباهه خبر وفاة مكتوب بالبنط العريض "وفاة إبراهيم ممتاز الكاتب الصحفي". شده الخبر. شعر بالقلق والخوف يتسللان إلى قلبه.
    تعجب من نفسه. لم؟! لم أعتد هذا الشعور من قبل. مئات الناس سمعت بخبر وفاتهم، وكثيرا ما رأيت جنازات، ولم ينازعني الخوف للحظة واحدة.
    ربما يكون شعورا مؤقتا على زميل دراسته في الثانوية العامة والجامعة.
    لكنه نفض الشعور عن جسده، وحاول أن يعود لطبيعته، غير أنه عاود مطالعة الخبر بقلق أكبر.
    وضع إصبعه على أرنبة أنفه، وحركها يمينا ويسارا. نظر في ساعته، وقال لأول مرة باستياء:
    - تأخر الباص.
    تهادى إليه شبحه يأتي من بعيد مخلفا وراءه عاصفة ترابية اختلطت بأشعة الشمس الصفراء التي تهبط رويدا رويدا خلف التلال، ساحبة خلفها أذيال نهار طويل، ويختفي ضوؤه تحت سطوة ليل بشع.
    هيأ نفسه، وحمل حقيبته.
    لم ينتظر حين وقف أمامه الباص. دفع جسده بسرعة داخله، تاركا خلفه جريدته على المقعد مفتوحة على خبرة وفاة زميل دراسته.
    25/06/2013
    لاتأسفن علي غدر الزمان لطالما
    رقصت علي جثث الأسد كلاب

  2. #2
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    الاستاذ حارس كامل
    نصّ قصصي جميل نقل الينا تلك الشخصية التي تأثرت بمادية الحياة وعجلتها لدرجة أنها أصبحت ماكينة تدور تروسها اذا اقتضت الضرورة وتتوقف بعد ذلك ..خالية من المشاعر ..
    شخصية بطل القصة غريبة ..منعزل عمن حوله ،شخص رتيب ،جامد المشاعر.
    "كفى بالموت واعظا" كانت كفيلة بأن تنبهه من غفلته ،لكن هل ستدوم تلك اليقظة؟ فقد التحق بالحافلة وترك الصحيفة مكانها.
    احييك اديبنا الفاضل وكل عام وأنتم بخير.
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  3. #3
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اﻷستاذ عبد السلام دغمش
    أشكر مرورك وكلماتك الطيبة
    تقديري ونحيتي

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,131
    المواضيع : 318
    الردود : 21131
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    خارج الزمان والمكان هو بطل قصتنا ـ الوقت لا يعني له شيئا
    ولا أخبار العالم وأحداثه. وحيد يعيش في عزلة عن الناس فلا
    صديق أو قريب أو زميل ، ولا حتى زوجة أو ولد.
    يهتز لأول مرة لخبر موت صديق .. ولكن طبيعته تغلب عليه
    فيعود ليعيش حياته التي هو فيها حي ميت.
    نموذج للإنسان السلبي رسمته حروفك ببراعة فشكرا لك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادية محمد الجابى مشاهدة المشاركة
    خارج الزمان والمكان هو بطل قصتنا ـ الوقت لا يعني له شيئا
    ولا أخبار العالم وأحداثه. وحيد يعيش في عزلة عن الناس فلا
    صديق أو قريب أو زميل ، ولا حتى زوجة أو ولد.
    يهتز لأول مرة لخبر موت صديق .. ولكن طبيعته تغلب عليه
    فيعود ليعيش حياته التي هو فيها حي ميت.
    نموذج للإنسان السلبي رسمته حروفك ببراعة فشكرا لك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    القديرة
    نادية محمد الجابي
    ممتن لحضورك الوارف وكلمات توجت قلبي بالسعادة
    تحيتي

  6. #6
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    تدور رحى الحياة ومعها يكون روتين اعتاده البطل وصار جزءا من شخصيته .. سلوكه .. انطباعاته
    لم يحركه إلا خبر وفاه زميل دراسته الذي استرعى انتباهه ولو للحظات ليأتي مركوب الحياة يأخذه مرة أخرى مخلفا وراءه الخبر
    بلغة شائقة وحبكة قوية وسرد ماتع كانت تلك الجميلة فشكرا لك أديبنا الفاضل
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    ما الذي أوصل البطل الى هذا الحد من اللاوجود
    او الاكتئاب والعزلة
    وكيف لخبر عابر أن يحدث هذا الاضطراب في فلكه
    ربما ما زال فيه بقايا حياة
    عازها التكثيف قليلا
    كل التقدير

  8. #8
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمال المصري مشاهدة المشاركة
    تدور رحى الحياة ومعها يكون روتين اعتاده البطل وصار جزءا من شخصيته .. سلوكه .. انطباعاته
    لم يحركه إلا خبر وفاه زميل دراسته الذي استرعى انتباهه ولو للحظات ليأتي مركوب الحياة يأخذه مرة أخرى مخلفا وراءه الخبر
    بلغة شائقة وحبكة قوية وسرد ماتع كانت تلك الجميلة فشكرا لك أديبنا الفاضل
    تحاياي
    القديرة المبدعة امال المصري
    اشكر روعة حضورك وبهاء كلماتك
    تحيتي

  9. #9
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خلود محمد جمعة مشاهدة المشاركة
    ما الذي أوصل البطل الى هذا الحد من اللاوجود
    او الاكتئاب والعزلة
    وكيف لخبر عابر أن يحدث هذا الاضطراب في فلكه
    ربما ما زال فيه بقايا حياة
    عازها التكثيف قليلا
    كل التقدير
    القديرة الفاضلة خلود
    في المرة القادمة سأفعل
    سررت بمرورك وملاحظتك
    تحيتي

  10. #10
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    يسحق طاحون الحياة الأرواحَ في صراعها المحموم مع المادة وفي سبيلها، فتستحيل آلات تزداد نسبة أتمتتها بزيادة انسياقها وراء إخضاع الشعور لمقتضيات ذلك الصراع

    فكرة تتفق وانحدار العلاقات الانسانية واهتراء أطرها في ظل سيطرة الانترنت والشكل العصري للـ"ميديا"
    وأسلوب في الحكي طيب عازه بعض تكثيف

    دمت بخير أيها الفاضل

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 19-06-2008, 07:48 PM
  2. أيّهـم يحمل الـوزر .. مَـنْ أصـدر الأمـر أم مَـنْ نقل الخبر .!
    بواسطة أبوبكر سليمان الزوي في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-08-2007, 08:08 PM
  3. المبتدا ..... و ..... الخبر
    بواسطة مأمون المغازي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-04-2007, 02:53 PM
  4. جريدة القبس وخبر عن محاضرة أديب الواحة/ محمد الحريري ...تابع الخبر من هنا
    بواسطة نورا القحطاني في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 06-02-2007, 11:27 AM
  5. الخبر والبشرى المباركة
    بواسطة نعيمه الهاشمي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-10-2004, 11:04 PM