أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: فراشة ليست ككل الفراشات...

  1. #1
    أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2014
    المشاركات : 89
    المواضيع : 21
    الردود : 89
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي فراشة ليست ككل الفراشات...


    (( الى التي حملتها أفراس الظلام عبر متاهات الزمن الصارم.. هناك صوب السدم السرمدية البعيدة...فَلْتُجَلِّلْكِ، سيدتي، سكينة الأبد الكبير أبَدَ الآبدين...!!! ))

    كل فراشات الدنيا تمتلئ بقدر من الحيوية والرقة والجمال، إلا فراشته الغريبة الأطوار.. إنها تزيد على ذلك بكثير،لِمَا تمتلكه من مواصفات وشمائل عديدة : عزة نفس وصفاء ووداد وحضن وديع.
    أما شكلها الهندسي البديع، فقد أضفى عليها حسنا وبهاء قد لا يحدهما وصف: جسد رهيف جذاب وأجنحة دقيقة على هيئة مراوح يدوية صينية صُفْرِ تزينها دوائر ذات أحجام بين الصغير والكبير بلون السواد..
    على مقربة من الساقية، قالت له ذات صبيحة وصوتها الرخيم يمتزج بخرير المياه الدافقة في تناغم بديع :
    إعجابك بي يثير دهشتي بين هذه الآلاف من أسراب الفراشات..
    رد على الفور :
    سامحك الله.. ألم تدركي بعد أنك من طينة أخرى ؟
    صفقت بأجنحتها ابتهاجا وازداد المكان تألقا ثم انسلَّت بغُنج ودَلال محلقة بين الحقول الممتدة في كل الاتجاهات وعبر منحدرات الأودية والتلال..
    كلما هبت الشمس من مرقدها وقذفت بخيوطها النورانية لتملأ الأفق بهاء، أقبلت هي باسطة قرنيها الاستشعاريين متحسسة أجواء الصباح الجميل.. ترفرف بأجنحتها الصقيلة فوق المروج الخُضْر.. تتمايل أزهار الحقول وأفنان الشجر مستبشرة بقدومها.. تحطُّ ركابها بين وريْقات الورود المتفتحة.. تمتص الرحيق تلو الرحيق..
    من كثب ،كان يراقب تحركاتها بحذر تام.. يلاحقها بنظرات ظامئة متوجسا خيفة من أن تمتد اليها أيدٍ آثمة.. يدرأ عنها لدغات الزنابير وعضات الحشرات الضارية ويحول بينها وبين شباك الصبيان.. تداهمه أخيلة غير معهودة.. يُلفِى نفسه محشورا في عالم يدبّ فيه الفراش في كل شبر من أرجائه.. يحس كما لو أنه انسلخ عن آدميته لِيجثوَ على ركبتيه أمام الوجه الصَّبِيح كما الراهب في محارب العشق الرباني..
    كانت بالنسبة إليه أي شيء.. كل شيء...كل الحياة..
    كان دائم التفكير فيها.. يَشُدّه حبل الوصال إليها بإحكام بالغ.. حتى وإن لم تكن ماثلة أمام عينيه حقيقة، فقد كانت تقتحم عليه خلوته بلا سابق إشعار.. يجتاح طيفُها مخيلته بين حين وآخر.. تقف أمامه بخنوع باسمة القسمات.. تحاوره في تؤدة :
    - ألا ترى إلى هذه الحقول المزهرة الممتدة أمامك؟
    - بلى.. ما بها..؟
    - إنها قد تكون ذات بريق خادع..
    - كيف؟
    - إنها تخفي بين ثناياها فخاخا منصوبة لكل ذي نفس وروح..
    - لا خوف عليك يا عزيزتي.. أنا لها بالمرصاد..
    - لا تكن مندفعا.. وكفاك تفاؤلا زيادة على اللزوم..
    قالت ذلك ثم انطلقت مدبرة عبر متاهات المراعي النظرة والمزارع اليانعة..
    أما هو، وكدأْبه كل عام، فقد جمع كتبه وحمل أغراضه وكل مستلزمات السفر في اتجاه البلدة الطينية النائية لقضاء إجازته هناك لدى الأهل والأقارب..
    في تلك الأمسية من أمسيات الصيف الدافئة، كان يقبع وحيدا داخل غرفته بالمبنى الطيني.. على ضوء الشمعدان النحاسي، يغرق بين دفتي كتاب ملتهما صفحاته بنهم وهو مضطجع على سريره الخشبي.. قبس من ضياء القمر كان يتسرب عبر النافدة، ومنها كان يفوح عبير البساتين المجاورة..
    وفي لحظة من اللحظات، اندفعت عبر النافذة تطقطق بأجنحتها في خُيلاء.. تلف وتدور حول الشمعات المضيئة.. تعلو وتهبط.. تقترب وتبتعد.. تأملَّها مليا.. أدرك على الفور حقيقة ومغزى ما كانت ترمي اليه بالأمس القريب من أن للأشياء والذوات في كثير من الأحايين واجهة براقة قد تخفي وراءها كل الحقائق الساطعة.. انتابه إحساس بقلق ممض.. حاول صدّها بعيدا:
    - حاذري عزيزتي.. لا تفعلي.. أرجوك..!!
    - ......................
    لم ترضخ لإيماءاته وتوسّلاته وأعادت الكرة لمرات عديدة وهي تقوم بدورات حلزونية حول النور المتراقص.. أعيته الحيلة فأطفأ الأنوار لبعض الوقت ليعمد إلى إضاءتها من جديد، كل ذلك رغبة منه في أن تَنْأَى بعيدا عن هذا الشرك المقيت، ولكن بلا جدوى: لقد أصرت على التحدي لتواصل طوفانها العجيب في تناغم وإيقاع تامَّيْن مع ضوء الشمعات المتراقص.. تناهى إلى بؤرة شعوره أن هذا القبس النوراني الباهر قد احتواها جسدا وروحا وملك كل جزء من كيانها فأمست كما الأسيرة لا تستطيع منه انفكاكا.. لقد سَرَتْ جذوةُ اشتياق لا يُضَاهَى في أوصالها لتنحوَ بها بخطى متهورة نحو متاهات المجهول...
    بدا له المشهد كما لو أنه أداء لطقوس رقصة هستيرية تنقبض من وقعها الأنفاس وتنبهر من هولها الأبصار.. وفي خطوة غير محسوبة العواقب، تهاوت في ثوان لقمة سائغة بين أحشاء اللهب المُستــعر..
    ساد صمت رهيب في كل أرجاء المكان.. انتفض الليل والقمر والحيطان حسرات عليها من أثر الصدمة.. أما هو، فقد استبدت بكيانه رعدة قوية.. انطوى على نفسه مدحورا يبكي قدره المعتوه الذي أحال أمله الأخضر إلى هباء تذروه الرياح...

    ****************





  2. #2
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2015
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 249
    المواضيع : 13
    الردود : 249
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    نص جميل، راق لي كثيرا أسلوبه وحرفه، وأسرتني لغته، وتماهيت مع معانيه العميقة...
    دام الإبداع

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2014
    المشاركات : 89
    المواضيع : 21
    الردود : 89
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد العكيدي مشاهدة المشاركة
    نص جميل، راق لي كثيرا أسلوبه وحرفه، وأسرتني لغته، وتماهيت مع معانيه العميقة...
    دام الإبداع
    -------------------------
    تحياتي للاستاذ احمد العكيدي
    امتناني كبير على ما ابديته من ارتسامات رقيقة حول النص... [/

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    الفراشة .. ذلك الكائن الجميل ، خفيف الظل، المزهوة بألوانها ورقتها وقدرتها العجيبة
    على الرقص بجناحيها بهارمونية بديعة.
    هذه الفراشة قدرها ان تعشق الضوء، وتعانقه، وتطوف حوله إلى ان تختار الفناء
    والغرق في ألسنة النار على أن تعود إلى الظلام.
    وليس موت الفراشة في عسل الضوء موتا مجانيا ، ولكنه نوم فاتن
    وما النار سوى سريرالفراشة المأمول أو قبرها.
    بناء سردي مميز، وأداء جميل زانه تمكن من الفكرة
    بأسلوب جذاب عذب ورمزية جميلة
    بارع أنت وقلمك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2014
    المشاركات : 89
    المواضيع : 21
    الردود : 89
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    الفراشة .. ذلك الكائن الجميل ، خفيف الظل، المزهوة بألوانها ورقتها وقدرتها العجيبة
    على الرقص بجناحيها بهارمونية بديعة.
    هذه الفراشة قدرها ان تعشق الضوء، وتعانقه، وتطوف حوله إلى ان تختار الفناء
    والغرق في ألسنة النار على أن تعود إلى الظلام.
    وليس موت الفراشة في عسل الضوء موتا مجانيا ، ولكنه نوم فاتن
    وما النار سوى سريرالفراشة المأمول أو قبرها.
    بناء سردي مميز، وأداء جميل زانه تمكن من الفكرة
    بأسلوب جذاب عذب ورمزية جميلة
    بارع أنت وقلمك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    **********************

    تحية للاخت نادية على ارتساماتها القيمة