الرسالة

// الرسالة // ؛

في غـار الخيبـة . .
على سفوح أحد جبالك الموغلة في الوعورة
يا مسافرة في الصمت والسَمْتِ والفتنة الغامضة
هناك اعتكتفتُ أقاسي ألمَها صفعات الخذلان
وكنتُ أمضي على عجل
وفق مواقيت العجز الرابضة
جئتكِ ساعيا بين يديكِ لفسحة لقاء
وحملتُ في قوافل صبري جُلَّ أشواقي
وفي أحداقي أرَق الليالي
والقلب يسافر بين ما كان وما سيكون
فوق أرجوحة تعزف لحن اللهفة والحنين
يمضي إليكِ
مُسلّحاً بأمل هارب من غفلة السنين

هناك ..
إلى أبواب عينيكِ
يَمَّمتُ أسفاري نحو رحاب جلالكِ العتيق
وكانت تمضي بي خيول اضطرابات القلب
كأنها تعدو بين رحيق وحريق
ملؤها صهيل الشوق ووَعْثاء السفر الطويل

والقلب في عُرفِ الشجن
يُزحمه ضجيج الصدى لطبول العشق
وإلى أمصاركِ البعيدة
كانت وِجهَةُ فؤادي الذي أضناه الزمن

وما إنْ حطّت عتد عتباتكِ أسفاري
جئتُكِ العائذَ بكِ
وعلى تلكم الأبواب
الشاهدة على كل صنوف المحن
أناخ ذلك العائذ مطاياه
فعلى جنبات حوضكِ
الذي لا زال يداري بقايا من بقاياه
هَمَمْتُ أغسلُ ما سفح الوَصَب من دمائي
وأرتق ما قطّعت سكاكين الافلاس من شراييني

وعلى تلك الأبواب .. كان الصدود
ولحظ عينيك اضطرم فيه الهجير
والغياب كان لكِ عنوان
وكنتُ انا المحروم أبدَ الدهر
وعن أبواب جنانكِ كنتُ الطريد المطرود

وفي تلك المعابد
أخذني الوهن إلى غيبوبة من ألم
كفاقدِ ضَنـَاه
بعدما تجرع فَـقد أمه وأباه
بات يتيماً أبْـتر
ولا عِزوةَ لي بعد عينيكِ لأشدّ بها صُلبي
بينما كنتِ ترفلين بالغياب
كمهدّي أسرف في لعبة التخفّي
وموجوعا عُدتُ أدراجي
والقلب يبكي دموع الدهرِ
وثوانيه تعداد الزمنِ ..

وفي غسق الدجى من غار اعتكافي
كان مهبط وحيكِ الهادي البشيرِ
جئتِ ملاكَ رحمةٍ
وإنْ اختلفت لديكِ الأسباب
وهناك ..
ألقيتِ على قلبي البيان والجواب
استقرأتنيهِ ثلاثاً
وحين سألتكِ عمّن تكوني
بغمزةٍ ولدت من رحم الأصالة
قلتِ: أما هذا فليؤجلْ
فعدتُ في رعبٍ مُدَثّراً مُزمّلْ
وكانت الرسالة . .

بوح حلق في السماء بدرر صاغها قلم يعزف لحن اللهفة والحنين
يملؤه صهيل الشوق وفؤاد أضناه الزمن
نبض الحرف بقوة ، وفاح شذى الكلمات بشاعرية محلقة
تستهويني عذوية كلملتك التي يزيدها صدق المشاعر ألقا.
لا حرمك الله البهاء.