أحدث المشاركات

نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» برق الخاطر ... قسم جديد لأعضاء واحة الخير» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الثعبان الأقرع يداهمني في المنام بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» بعض الحزن موت وبعضه ميلاد.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الغاية لا تبرر الوسيلة» بقلم جلال دشيشة » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» أمات العربُ؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» غار النصر في غزة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رواية قنابل الثقوب السوداء .. مسلسلة. التالي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الموشحات الكشكية 1'2'3» بقلم محمد محمد أبو كشك » آخر مشاركة: محمد محمد أبو كشك »»»»» في شارع واحد» بقلم عبدالحليم الطيطي » آخر مشاركة: عبدالحليم الطيطي »»»»»

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تنوع الضروب

  1. #1
    الصورة الرمزية عبدالستارالنعيمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2015
    الدولة : بلد الرشيد
    المشاركات : 2,833
    المواضيع : 151
    الردود : 2833
    المعدل اليومي : 0.90

    افتراضي تنوع الضروب

    زعم نقّاد العصر الحديث أن الشعر القديم مبعث ملل كبير للمتلقي لما فيه من رتابة وجمود ‘إضافة إلى تكبيل أدوات الشاعر والحيلولة دون إتاحة المجال للتعبير عما في نفسه أو تدوير قاموسه اللفظي ؛ لذلك سنخوض في غمار الشعر العربي ضمن البحور الخليلية لنثبت بطلان زعم النقاد المهووسون بتشييع الشعر الحر والقصيدة النثرية ورجاحة كفة الشعر العمودي لما فيه من أصالة في اللفظ والإيقاع الموسيقي 0
    كذلك زعمهم أن القصيدة العربية مفككة الأوصال ولا يربطها رابط وأن البيت هو وحدة القصيدة وليس بين أبياتها وأجزائها وحدة عضوية0 ولقد شاعت هذه المقولات منذ بداية العصر الحديث ، وأصبحت من المسلّمات التي يتناقلها النقاد خلفا عن سلف وما زالت سائدة في الكتب الجامعية والمدرسية.
    إننا نجد البيت المفرد في كتب النحو والعروض بيتا واحدا كشواهد نحوية أو عروضية ؛ لأن المؤلف لا يهمه إلا كلمة واحدة من هذا البيت ، ولذلك يرويه مفردا ،في حين أن مفهوم البيت لا يتم إلا بقراءة سابقة ولاحقة.
    وقد أصدر النقّاد حكمهم بناء على قراءة ناقصة لنماذج قليلة من الشعر الجاهلي مع عدم استشعار الروح الفنية التي تسود في القصيدة الواحدة ، ويمكن القول إن الذين أصدروا هذه الأحكام كانوا غرباء عن الحياة العربية ، شرقيين أو غربيين ولم يتقمصوا شخصية الشاعر وهم يقرؤون قصيدته ولم يعيشوا طبيعيا بين أجواء الصحراء المترامية الأطراف ساعة واحدة ليتذوقوا طعم الشعر وألوانه لذلك نقول : إنّ قراءة نماذج قليلة من قصائد الشعر الجاهلي ، لا تؤدي إلى إصدار حكم عام .. لأن كثيرا من النماذج الجاهلية ، جاءها التفكك المزعوم من الرواية ، فربما قدم الرواة ما حقه التأخير ، وربما أنقص بعضهم أبياتا ، وزاد بعضهم أبياتا أخرى. وكيف يقولون إن البيت وحدة القصيدة ـ يعني أنه يفهم وحده ـ ونحن نجد آلاف النماذج من الأبيات التي لا تفهم إلا في سياق ما بعدها ، وما قبلها. فاقرأ قول امرئ القيس ::: ---

    (وليل كموج البحر أرخى سدولهُ ---عليَّ بأنواع الهمـــــوم ليبتلي) وصف دقيق لحاله أثناء عتمة الليل ؛ولكن ما هو رد فعله !
    (فَقُلْتُ لَهُ لمّـــا تَمَطّـــــى بصلبه --- وأردَف أعجـــازاً وناءَ بكلْكلِ) من يقرأ هذا البيت دون البيت الأول ! هل يفهم شيئا ! وبعد ؛ماذا قال لليل ؟
    ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي --- بصُبْحٍ وما الإصْباحَ مِنك بأمثَلِ
    فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجــــــومهُ --- بكل معـــــار الفتل شدت بيذبلِ
    كأن الثريا علِّقت في مصامها ---- بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَنـدَلِ

    نلاحظ أجزاء المقطوعة متراكبة بشكل لا يمكن تفكيكه الى أجزاء البيت الواحد ؛ فكل هذه الأبيات متعانقة تأخذ برقاب بعضها البعض ؛ لأنها تؤدي معاني متسلسلة ، وكل بيت يمثل حلقة في القصيدة ؛فإن من أركان القصيدة العربية : أن تكون مترابطة الأجزاء ، ويأتي هذا الترابط : من وحدة القصيدة الموسيقية ، باختيار لذيذ الوزن. وتأتي الوحدة أيضا من أنّ كلّ بيت ، يسلمك إلى ما بعده لارتباطه به معنى ونظما.

    ونقتبس بعض ما كتبه ابن قتيبة في مقدمة كتابه «الشعر والشعراء» مما له دلالة على التحام أجزاء النظم في القصيدة العربية ، حيث يقول : «وتتبيّن التكلّف في الشعر بأن ترى البيت فيه مقرونا بغير جاره ،ومضموما إلى غير لفقه ، ولذلك قال عمر بن لجأ ـ شاعر أموي ـ لبعض الشعراء : أنا أشعر منك ، قال : وبم ذلك؟ فقال : لأني أقول البيت وأخاه ، ولأنك تقول البيت وابن عمه. وقال عبد الله بن سالم لرؤبة بن العجاج : مت يا أبا الجحاف إذا شئت! قال رؤبة : وكيف ذلك؟ قال : رأيت ابنك عقبة ينشد شعرا له أعجبني ـ يريد أنه وجد من يرثه ويخلّد ذكره ـ قال رؤبة : نعم ، ولكن ليس لشعره قران» يريد أنه لا يقارن البيت بشبهه».

    * ونفهم من مجموع الأقوال أن بعض الأبيات قد تؤدي معنى مستقلا ، ولكن هذا لا يجعله منفكا عما قبله وعمّا بعده ، بل يكون البيت في القصيدة بمنزلة الكلمة في البيت ، والكلمة في البيت تؤدي معنى لغويا وهي منفردة ، ولكنها لبنة في بناء البيت ، لا يتمّ إلا بها. وتكون القصيدة كلها كالبيت منظومة في سلك واحد ، كما تنتظم الكلمات في البيت ‘ فلا تلتفتنّ إلى ما قال النقاد ، فهم مقلدون لأول من قال ، وأول من قال جاهل بالشعر العربي فقد كان شرقيا أو غربيا 0
    وينحصر زمن شعراء الشواهد بين العصر الجاهلي ، ونهاية العصر الأموي وإذا وجدنا بيتا لشاعر عباسي ، قالوا : إنه للتمثيل وليس للاستشهاد. وأنا أرى أنهم حجروا فضيّقوا، وكان أمامهم سعة للاختيار من العصر العباسي ، مع صحّة ربّما تضاهي أو تفوق صحة بعض ما استشهدوا به من العصر الذي حددوه ، وفي هذا المقام نقول إنهم قسموا الشعراء إلى أربع طبقات : ثلاثة منها يستشهد بشعرهم وهم : الجاهليون ، والمخضرمون ، وشعراء العصر الأموي. والطبقة الرابعة وهم المولّدون أو المحدثون ، ولا يستشهد بشعرهم. وفي مجال الشعر الجاهلي يأخذون كلّ شعر منسوب إلى شاعر جاهلي. وليس عندهم سند متصل موثوق بأن كلّ الشعر الجاهلي منسوب إلى أصحابه. ونذكر على سبيل المثال : شعر امرىء القيس : فقد وصل إلينا من شعره الذي نسب إليه زهاء ألف بيت منسجمة في مئة قطعة ، بين طويلة وقصيرة ، نجدها في ديوانه ولكن ابن رشيق يقول : «لا يصحّ له إلا نيّف وعشرون شعرا بين طويل وقطعة».

    أما الإيقاع فهو ألزم شروط الشعر العربي وعليه يقام صرح العروض المنبثق من البحور الشعرية التي بنى عليها الشعراء العرب كل أشعارهم وما كان في غيرها فما عدوه شعرا وتتوافر أشكال مخصوصة للتنوع الايقاعي في بعض أعاريض اوزان الشعر العربي لكنها تتصف بالأحوال ذاتها التي ترافق حدوث التنوع في تفعيلات الحشو ، إلا ان ما تقدمه وظيفيا من أثر فاعل في تحديد صورة الوزن المنتقى في إطار القصيدة ، فضلا عن رفدها له مرونة ايقاعية تسهم في استقطاب هيئات اللفظ على اختلافها في وصف المعنى ، يكاد يكون أوضح أثرأ وأكثر تخصصا مما نلحظه في إطار التغييرات الواقعة في نطاق الحشو ومع هذا فإن الأثر المذكور لا يرقى الى ما يتحكم به فعل التنوع في نطاق ( الضرب ) سواء أكان ذلك مشخصا في تحديد صورة ايقاع الوزن وطبائعه الموسيقية أم فيما يورثه من تلاحم فني بين متون الإيقاع والدلالة إذا وضعنا في الحسبان أن المفارقة الايقاعية بين مفهومي الضرب والعروض قائمة، سواء أكان ذلك مرتبطا بموقع ، أم مؤشرا من خلال ارتباط الضرب بحالات مثلى للتناسب والانسجام من خلال التصاق موقع الضرب التصاقا تاما بالإيقاع الصوتي الموحد في القافية فضلا عن اتصاله بالمدى الايقاعي الذي يحكم نوع القافية، إذ ان تحديد نوع القافية من حيث عدد الحركات المحصورة بين ساكنيها كما يصفه العروضيون والمهتمون بدراسة علم القافية بالمتواتر أو المترادف وغيره يقتضي أن يتصل كم المتحركات المحصورة بترتيب المتحركات والسواكن المتصلة بإيقاع الأوزان0ومن هنا يكون تحديد أيقاع الضرب ونوعه مسؤولا عن تحديد نوع القافية وبالعكس‘ لذا كانت الصلة بين ما يحدث في الضرب من تغييرات مقترنا كليا بإيقاع القافية ودلالتها ولأهمية الدلالة في القافية من تحديد صورة المعنى في البيت وتوجيهه‘ فقد ارتبط ارتباطا فاعلا بالمستوى المذكور وهو ما يوضح سبب تقصينا بالدراسة لمظاهر التنوع الإيقاعي تحديدا في موقع الضرب.

    وكان الاختيار دقيقا من الخليل بن أحمد الفراهيدي لتسميته التي شخصت بدلالتها اللغوية لتكون وصفأ ايقاعيا دقيقا لموقعه البنائي في القصيدة ، من دون أن ينتدب لوصف الموقع المذكور تسميات أخرى أو أن يخصص دلالة مصطلح الضرب ليصف بها موقعا آخر غيره ، إذ إن استقراء وصف اللغوين كما تحيل إليه الدلالة المعجمية للمصطلح المذكور يحيل الى دلالة التمثل والتوحد والانسجام كما يشير الى ذلك قول ابن منظور (وضربَ الدرهمَ ضربا طبعه) إذ أن طبع الدرهم يقتضي أن يشاكل مثيله في المقدار والشكل مشاكلة لا تستدعي التنافر ولا التهافت ، فضلأ عن أن تماثل الشئ يقتضي تشابهه تشابهأ متسقا منسجما ، ومن هنا استوحى الخليل استخدام المصطلح المذكور لنعت موقعه في تشكيل وزن البحر بهذه التسمية لكونه قد لحظ مسايرة ضروب الأبيات في القصيدة الواحدة كلها لما ورد عليه شكل ضرب البيت الأول سواء أكان صحيحآ أم اعتراه نوع مخصوص من أنواع التغييرات زحافا وعلة 0



    يتبع (تنوع الضروب في البحر الطويل)---

  2. #2
    الصورة الرمزية عبدالستارالنعيمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2015
    الدولة : بلد الرشيد
    المشاركات : 2,833
    المواضيع : 151
    الردود : 2833
    المعدل اليومي : 0.90

    افتراضي

    تنوع الضروب في البحور الخليلية


    نحاول في هذا الفصل أن نلقي الضوء على البحور التي وردت فيها ضروب مختلفة ومتنوعة بحسب ما جاءنا من شعر الأقدمين وفق التسلسل أدناه :::


    في البحر الطويل
    في البحر البسيط
    في البحر المديد
    في البحر الوافر
    في البحر الكامل
    في بحر الهزج
    في بحر الرجز
    في البحر الرمل
    في البحر السريع
    في البحر المنسرح
    في البحر الخفيف
    البحر المضارع
    في الحر المجتث
    في البحر المقتضب
    في البحر المتقارب
    في البحر المتدارك


























    تنوع الضروب في البحر الطويل ::::---

    يتقدم أبو الحسن العروضي منهجيا في وصف البحور ايقاعيا، حينما يعمد الى استقراء ما تستقطبه البحور بشكل عام من تغييرات متنوعة والضرب بصفة مخصوصة ،لكنه لا يشير الى مصطلح التنوع أو الى أثره في نطاق القصيدة الواحدة ، إذ يكتفي وصفه في ذلك بتقصي مزايا التنوع في ايقاع البحور بشكل عام ، فوصفه لبحر شعري كالطويل الذي يتصف ايقاعه بالتنوع من خلال اشتماله على صور متعددة ، لم يتضمن الاشارة الى أن ضروب هذا البحر تستقل كل صورة منها عن الأخرى في بناء القصائد ، أو ان يحتمل التنوع المذكور توافره في إطار القصيدة الواحدة من عدمه ، كما يظهر ذلك قوله (وله عروض واحدة وثلاثة اضرب وهو على ثمانية أجزاء .. والضرب هو اخر البيت وهو مفاعيلن فهذا ضربها الأول ، والضرب الثاني مفاعلن ذهب خامسه، والضرب الثالث فعولن وهو محذوف)0
    ويقول الزجاج ( ويقع في الطويل في بناء شعره الحذف والحذف ان تحذف حرفين الأول منهما متحرك والثاني ساكن ، فبني اخر البيت في الطويلعلى الحذف لأن تقطيع اخر البيت فعولن ، الأصل فيه مفاعيلن تذهب لن فصار محذوفأ فبقي مفاعي فنقل في التقطيع إلى فعولن) ٠
    كما يتحدث في وصفه للبحر الطويل بقوله (فجميع ما يقع في الطويل من أسماء العلل ما أسميه لك القبض، و الكف ، والثلم ، والثرم ، والصحيح ، والسالم ، والموفور ، والمخزوم ، والمحذوف ، و المعتل ، والاعتماد وقد بينا جميع ذلك) إذ توضح مقولته أعلاه مصداق تصورنا للوصف الشمولي الذي تبنته رؤيته لإيقاع البحور ومنها الطويل ، إذ لم يراع في الوصف المذكور خصوصية التنويع الذي تحدثه التغييرات في نطاق الضرب ، وإنما تضمنت توضيحا شاملأ لما يقع في بناء الوزن المذكور سواء أكان ذلك مختصا بضربه كالقبض والحذف أم كان مختصا بحشوه كالخرم والثرم والثلم ، أم بعروضه كالقبض ، وقد قادته هذه الشمولية في الوصف الايقاعي الى نعت كل اشكال التغييرات في أجزاء البيت كافة بمصطلح العلل إذا وضعنا في الحسبان أن أكثرها -وهذا ما لا يجهله الزجاج قطعا -من الزحاف كالقبض والكف ، بل مما يصنف ابتداء من الزحاف كالخرم والثلم ، إشارة منه الى تقبل ايقاع هذا البحر لطبائع ايقاعية عدة تهب الناظم فيه حرية التصرف في ايقاعه بما يستجيب مع مقدرته وطريقته في النظم لذا عدّ ذلك اعنلالأ في ايقاع البحر من دون إن يكون عيبا لكونه يجري على سنن العرب واستخداماتهم خصوصا انه قد تعصب للاستخدام المذكور تعصبا واضحا كما اتضح ذلك في صدر كتابه إذ يقول (اعلم إن ما وافق وزن أشعار العرب فهو شعر وما خالفه فليس الشعر وان قام ذلك وزنا من الأوزان في نفوس اقوام(والذي يدل على صحة كلامنا في عدم جهل الزجاج باقتران العلل تحديدأ ولزومها بموقع الضرب والعروض فضلا عن تبنيه لما أولنا به ذلك افتتاح حديثه عن ايقاع البحر الطويل بعنوان (هذا باب الزحف في الطويل) ما يعطي تصورأ دقيقأ عن تفريقه بين مصطلحي الزحف والعلة ٠
    ومن علماء العروض من اهتم بالتصنيف والتأليف في هذا العلم كابن عبد ربه الأندلسي ٠ فيما صنفه من جهد عروضي أودعه في كتاب( العقد الفريد ) سنجد أن المعيار الوصفي الذي لمسناه في روءية الزجاج يتقارب كثيرأ مع تأسيس رؤيته لهذا العلم وطريقته المنهجية في التاليف فيه ، إلا إن ما يفرقه عن سابقه انه قد كان أدق رؤية في توصيف الطبائع الايقاعية الخاصة باوزان الشعر العربي، إذ اقترب في بعض المواضع من الاشارة الى مظهر التنوع الايقاعي على الرغم من عدم نعته له بهذه التسمية ، فضلا عن عدم التفصيل بدقة فيما قد يتصل ببعض الخواص التي يشتمل عليها التنوع في بعض البحور وتأتي دقة الوصف لدى الدارس المذكور من خلال امعانه فيما تتقبله بحور الشعر من تغييرات في نطاق ضروب القصيدة الواحدة ، إذ يبدو من خلال استقراء آرائه في ذلك انه يصف النمط الايقاعي لكل وزن من الأوزان مع تفرعاته بناء على هيأة تفعيلةالضرب السالمة الصحيحة ، ثم يجيز فيها التغييرات قياسا الى ما توافر في أشعار المتقدمين من العرب ‘وإن كانت هذه الرؤية مقتصرة على وصفه البحور التي يلحق ضروبها مظهر التنوع ، لأنه حينما يتحدث عن بقية البحور التي لا تتصف بالمظهر المذكور، يجعل ما التزم من تغيير بفعل العلل في تفعيلة الضرب أصلا ايقاعيا يوازي استخدام تفعيلة الضرب الأصيلة، كما يبرز ذلك في وصفه ايقاعيا للبحر الطويل ( الطويل مثمن له عروض واحد مقبوض وثلاثة ضروب ، ضرب سالم وضرب مقبوض ، وضرب محذوف معتمد) فقد جعل من الضرب المقبوض والمحذوف نمطين ايقاعيين مستقلين عن بعضهما وعن صورة الضرب السالم اعتمادأ لالتزام كل منهما في كل تفعيلات الضرب في القصيدة الواحدة ٠





    تنوع الضروب في البحر الطويل :::---


    تغيير التفاعيل

    التنوع في نطاق البحر :::---



    آ- الضرب السالم الصحيح :(مفاعيلن)
    والصحيح ما صح من الضروب
    والسالم ما سلم من الزحاف


    قال امرؤ القيس ::

    فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة --- كفاني ولم أطلب قليلا من المالِ
    ولكنـّما أسعى لمجــد مؤثـّل --- وقد يدرك المجـد المؤثل أمثـالـي

    فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة --- كفاني ولم أطلب قليلا من المالِ
    \\0\0 \\0 \0\0 \\0\0 \\0\\0 --- \\0\0 \\0\0\0 \\0\0 \\0\0\0
    فعولن مفاعيلن فعولن مفاععلن --- فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن (صحيح سالم)



    ولكنما أسعى لمجــــــــد مؤثـّل --- وقد يدرك المجـد المؤثل أمثـالـي
    \\0\0 \\0 \0\0 \\0\0 \\0\\0 --- \\0\0 \\0\0\0 \\0\ \\0\0\0
    فعولن مفاعيلن فعولن مفاععلن ---فعولن مفاعيلن فعول مفاعيلن (صحيح سالم)




    ب – الضرب المقبوض :::

    والقبض هو حذف الحرف الخامس من مفاعيلن لتصبح مفاعلن



    كقول (امرؤ القيس):::

    ألا ربّ يوْمٍ لك منْهنّ صالح --- ولا سيّما يوْمٌ بدارةِ جُلْجل ِ


    ألا ربّ يوْمٍ لك منْهنّ صالح --- ولا سيّما يوْمٌ بدارةِ جُلْجل ِ
    \\0\0 \\0\0\ \\0\0 \\0\\0 --- \\0\0 \\0\0\0 \\0\ \\0\\0
    فَعُوْلُنْ مَفاعيلُ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِلُنْ --- فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعولُ مَفَاْعِلُنْ (مقبوض)

    ويوم عقرتُ للعذارى مطيتي --- فيا عَجَباً من كورِها المُتَحَمَّلِ
    \\0\ \\0\\0 \\0\0 \\0\\0 --- \\0\ \\0\0\0 \\0\ \\0\\0
    فعولن مفاعلن فعولن مفاعلن – فعول مفاعلين فعول مفاعلن (مقبوض)



    ج – الضرب المحذوف :::

    والحذف هو إسقاط سبب خفيف (لن) من آخر التفعيلة (مفاعيلن) فتصبح مفاعي وتقرأ (فعولن)
    كقول الشاعر :::

    طهمان بن عمرو الكلابي ::

    وكم دون سلمى من مهامه بضها --- صحيح بمدحي أمــــه وفليق
    ومن ناشط ذبّ الريـــــــاد كأنه --- إذا راح من برد الكناس فنيق


    وكم دون سلمى من مهامه بضها --- صحيح بمدحي أمــــه وفليقُ
    \\0\0\ \0\0\ 0 \\0\ \\0\\0 ---- \\0\0 \\0\0\0 \\0\ \\0\0

    فَعُوْلُنْ مَفاعيلُ فَعُوْلُ مَفَاْعِلُنْ --- فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعولُ فعولن (محذوف)


    ومن ناشط ذبّ الريـــــاد كأنه --- إذا راح من برد الكناس فنيق
    \\0\0\ \0\0\ 0 \\0\ \\0\\0 ---- \\0\0 \\0\0\0 \\0\ \\0\0

    فَعُوْلُنْ مَفاعيلُ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِلُنْ --- فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعولُ فعولن (محذوف)



    وقول بكر الجرهمـي :: :---

    أَلا لَيتَ شِعري هَــل أَبيتَنَّ لَيلَةً --- وَأَهلي مَعي بِالمَأزِمَينِ حُلولُ
    وَهَل أَبصِرَنَّ العيسَ تَنفُخُ في البُرى--- لَها في مِنى بِالمُحرِمينَ ذَميلُ


    أَلا لَيتَ شِعري هَــل أَبيتَنَّ لَيلَةً --- وَأَهلي مَعي بِالمَأزِمَينِ حُلولُ
    \\0\0\ \0\0\ 0 \\0\ 0\\0\\0 ---- \\0\0 \\0\0\0 \\0\ \\0\0

    فَعُوْلُنْ مَفاعيلُن فَعُوْلُنْ مَفَاْعِلُنْ --- فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعولُ فعولن (محذوف)




    وَهَل أَبصِرَنَّ العيسَ تَنفُخُ في البُرى--- لَها في مِنى بِالمُحرِمينَ ذَميلُ
    \\0\ 0\ \0\0\ 0 \\0\ \\0\\0 ---- \\0\0 \\0\0\0 \\0\ \\0\0

    فَعُوْلُنْ مَفاعيلُن فَعُوْلُ مَفَاْعِلُنْ --- فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعولُ فعولن (محذوف)


    ***********************


















    التنوع في نطاق القصيدة :::---

    جاء التغيير الإيقاعي (التنوع الإيقاعي ) من العوامل التالية :::---


    1- تغيير التفاعيل في الضرب
    2- السناد في الضرب : التأسيس – الردف – الحذو – التوجيه – الإشباع
    3- الإقــواء في الضرب
    4- الإصراف في الضرب
    5- الإكفاء في الضرب
    6- الإجازة في الضرب




    1- تغيير التفاعيل في الضرب :::--

    التنوع بين مفاعلن ومفاعيلن :::---

    كقول المرقش الأكبر :::---

    تركتُ بها ليلا طويــــــلاً ومنزلاً --- وموقـــد نار لم ترمــهُ القوابسُ (مفاعلن)
    وتُسمعُ تزقاءٌ من البوم حولنا –- كما ضُربتْ بعد الهدوء النواقيسُ (مفاعيلن)



    تركتُ بها ليلا طويــــــلاً ومنزلاً --- وموقـــد نار لم ترمــهُ القوابسُ
    \\0\ \\0 \0\0 \\0\0 \\0\\0 --- \\0\ \\0 \0\0 \\0\0 \\0\\0
    فعول مفاعيلن فعولن مفاعلن --- فعول مفاعيلن فعولن مفاعلن

    وتُسمعُ تزقاءٌ من البوم حولنا –- كما ضُربتْ بعد الهدوء النواقيسُ
    \\0\ \\0 \0\0 \\0\0 \\0\\0 --- \\0\ \\0 \0\0 \\0\0 \\0\0\0
    فعول مفاعيلن فعولن مفاعلن --- فعول مفاعيلن فعولن مفاعيلن

    ************************************************** *********


    السناد (الإختلاف) في ضرب البحر الطويل::

    آ - (التأسيس) :::---هو الألف قبل الروي بحرف دخيل ‘ مثل كلمة نادم (تأسيس ا – دخيل د – روي م ) فسناد التأسيس هو ترك هذه الألف في بيت دون غيره أو العكس ‘وقد سمي بذلك لأنه تقدم على أحرف القافية فأشبه أسّ البناء
    لكن هناك من يقول ؛ يكون التأسيس ضمن كلمة واحدة وهذا غلط لأن القافية لا يجب أن تكون في كلمة واحدة والتأسيس يخص القافية دون غيرها ‘المهم في التأسيس أن يأتي ضمن نطاق تعريف القافية ( بين ساكنين وحرف متحرك قبل الساكن الأول ) مثل فاعلن \0\\0فألف التأسيس هو ألف فا
    كما في قصيدة الحصين بن الحمام :::---

    وهاربة البقعاء أصبح جمعها --- أمام جموع الناس جمعا عرمرما
    بمعترك ضنك ٍ به قِصد النقـا --- صبرنا له قـــد بــلّ أفراسنا دما (تأسيس)
    وقلت لهم يا آل ذبيان ما لكم --- تفاقـدتـم ُ لا تقــدمـــون مقــدّما


    وقول جميل بن معمر :::---

    وإلاّ اعترتني عبرةٌ بعــــــــد فترة ٍ --- وإلا تداعى الحبّ مني تداعيا
    فلا تسمعوا قولا لهم إن تظاهـروا --- عليّ بلـــــوم ٍ أنت سدّيته ليـا (تأسيس)
    فما زادنـــي الواشون الا صبابة --- ولا زادني الناهـون الا تماديا


    وقول الأحـوص :::---

    عراقيـــة شطتْ وأصبح نفعهـــا --- رجــــــاءً وظنّا بالمغيب مرجـّمــأ
    أحبّ دنــــــــــوّ الدار منها وقد أبى --- بها صدعُ شعب ِ الدار أن يتلاءما (تأسيس)
    بكاها وما يدري سوى الظن ما بكى--- أحيـّا يُرجـّى أم تــــرابا وأعظما

    وفي (يتلاءما) متفاعلن \\\0\\0 القافية هي فاعلن \0\\0 والتأسيس هو الألف من لا وحرف الدخيل هو الهمزة المتحركة والروي هو الميم وحركة مجراه هي الفتحة تحولت إلى حرف الخروج الألف


    ب - (سناد الرِدف) :::--- الرِدف معنى ً ؛ردفه : ركب خلفه. ردفه : تبعه.
    واصطلاحا هو حرفُ لِين ومدٌ يقع قبل الرويّ متصلاً به ‘ كالواو في نجوم والياء في تميم
    والبيت المردوف أن تأتي القافية بحرف الردف دون الأبيات الأخرى والغير مردوف عكس ذلك ::: ---

    من أمثلة ذلك قول مزاحم العقيلي :::

    وإلفان ريعا بالفــــــراق فمنهما ... مجدٌ ومقصور له القيد راسفُ
    ومن ير جدوى مثل ما قد رأيتها ... تشقه وتجهده إليها التكاليفُ(سناد الردف)

    فللباكر الغادي مع القوم سائق ... عنيف وللتالي مع القيد واقفُ



    وإلفان ريعا بالفـــــراق فمنهما ... مجدٌ ومقصور له القيد راسف
    \\0\ 0\\0\0\0\\0\ \\0\\0 --- \\0\0 \\0\0\0 \\0\0\\0\\ 0
    فعولن مفاعيلن فعول مفاعلن --- فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن

    ومن ير جدوى مثل ما قد رأيتها ... تشقه وتجهده إليها التكاليف
    \\0\ \\0\0\0\\0\ 0 \\0\\0 --- \\0\0 \\0\0\0 \\0\0\\0\0\ 0
    فعول مفاعيلن فعولن مفاعلن --- فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن






    السناد في الضرب
    ج - الحذو :::--- معنى : حذا حذوهُ : سار على مثاله
    واصطلاحا : حركة الحرف الذي يسبق حرف الرِدف الساكن ككسرة الجيم من ( رجِيم) والفتحة ملازمة لما قبل الألف والكسرة لما قبل الياء والضمة لما قبل الواو

    يقول كثير عزة :: : ---

    وفي صدرها صبّ إذا ما تدافعتْ --- وفي شعب ما بين المنكبين سُنـُودُ
    وتحت قتـود الرحل عنسٌ حريزةٌ --- عـــلاة ٌ يباريها سواهــــــمُ قـَودُ (الحذو)
    تراها إذا ما الركبُ أصبح ناهـلا --- ورجـّي وِردُ المـــاء وهو بعِيـــــدُ

    نلاحظ عدم وجود أي اختلاف إيقاعي في الأحوال الثلاثة إلا ما اتخذه النقاد ذريعة للنقد لمجرد تغيير بسيط في حركات الأحرف بالرغم من عدم اعتماد الوزن العربي في الشعر على (نبر) الكلمة وما يلحق بالحروف ضمن الكلمة الواحدة من قوة ولين أثناء الأداء الإيقاعي ؛حيث تلك الصفات لغوية صرفة تعتمد على لون ونوع اللغة المعنية بها0


    السناد في الضرب
    د – الإشباع :: : --- معنى : أَشْبَعَ الكَلامَ :- : أَحْكَمَهُ، فَخَّمَهُ
    واصطلاحا : حركة الحرف الذي بين ألف التأسيس وحرف الروي ككسرة الراء في عارِم ‘ ويجب أن تكون حركة الإشباع متشابهة مهما كان حرف الدخيل
    قال النابغة الذبياني :: : ---

    حلفتُ فلم أتركْ لنفسك ريبة ً--- وهل يأتمنْ ذو أمّةٍ وهو طائِعُ
    بمصطحباتٍ من لصاقٍ وتبرةٍ --- برزن إلالا ســيْرهُـنَّ التدافُـُعُ ( الإشباع )

    وقول الحطيئة :: :---

    فهذي التي تأتي على كل منهج ٍ --- تبوع أم القفواءُ خلف الدوابِرِ
    متى جئتمُ إنـّا رأينا شخوصكم ---ضئالاً فمــا إن بيننا من تناكُرِ (الإشباع )
    وأنتم أولى جئتم مع البقل والدّبا --- فطار وهذا شخصكم غيرُ طائرِ





    السناد في الضرب
    هـ - التوجيه :: : --- معنى : وجَّه الشّيءَ أو الشَّخصَ جعله يأخذ اتّجاهًا معيّنًا
    واصطلاحا : حركةُ الحرف قبل الرويّ المقيَّد كفتحة الحاء في سحَرْ

    كما قال الحطيئة :::---
    ترى اللؤم منهم قي رقاب ٍ كأنها --- رقابُ ضباع ٍ فوق آذانها الغـَفـَـرْ
    إذا طلعتْ أولى المغيرة قـوّمــوا --- كما قوّمتْ نيبٌ مُخـزّمة ٌ زُجـُـــرْ (سناد التوجيه)
    أرَى قَوْمَنا لا يَغْفِــرُونَ ذُنُوبَنــَا --- و نحن إذا ما أَذْنَبُـــــوا لَهُمُ غُفُرْ




    3- الإقـــواء في الضرب :: : --- الإقواء معنى : أقوى الحبل : جعل بعضه أغلظ من بعضه الآخر.
    واصطلاحا : اختلاف حركة الرَّويّ من حركة ثقيلة كالكسرة إلى حركة أخرى تشبهها في الثِّقل كالضّمّة

    نفرد هنا تنوعا آخر ضمن القصيدة وهو (الإقواء) على أن الشاعر الجاهلي كان على دراية تامة بهذا التنوع المحدود ضمن القصيدة ليعطي فرصة أكبر للتعبير ضمن قاموسه اللغوي
    ويعـد النابغة الذبياني – الذي كان يقيـّم قصائد الشعراء - من أكثر شعراء عصره استعمالا لهذا التنوع الذي اعتبره النقاد فيما بعد عيبا من عيوب القافية ؛ والملاحظ في الإقــواء أنه قد جاء ضمن القصيدة الواحدة تغييرا بين حركة الضمة والكسرة مما ينبه المتلقي بأن الشاعر اتخذ هذا التغيير للتنبيه على تغيير بعض المعنى فيما يبغيه
    ويزعم الرواةُ "أنَّ النابغة قال بيتا بضمِّ كلمة الأسود، ولكن المعقول أن يكون كسرها، لينسجمَ الرويُّ في الأبيات"، ويكون بذلك قد أخطأ في قواعِد اللغة؛ بسببِ انشغاله بموسيقا الشِّعر، وأنغام القوافي".

    وهذا القول مِن جانب الراوي يمثل اتهامًا خطيرًا لفحْل من فُحول العربية الأولى بالجهْل بقواعد اللُّغة، التي هُم أساسها، وكانتْ تجري على ألسنتِهم مجرَى الدم في الجسد، وما احتاج العلماء إلى تقعيدِ اللغة إلا بعدَ الفتوحات، ودخول الأعاجِم في الإسلام، أما أن يقَع رجل مِثل النابغة في ذلك الوقت المبكِّر مِثل هذه الوقعة، فهو ما لا يُمكن أن أصدِّقه:: : ---

    كقول امرئ القيس :: : ---

    فلمَّا دخَلْناه أضفنا ظهورَنا --- إلى كلِّ حاريٍّ جديدٍ مُشَطَّبِ
    فظلَّ لنا يــــومٌ لذيذ ونَعمة --- فقُلْ في مقيـلٍ نحسُه متغيِّبُ (إقواء)
    كأنَّ عيونَ الوحش حول خبائِنا --- وأرْحُلنا الجَزْعُ الذي لم يُثقَّبِ


    ويقول الشاعر جميل بن معمر ::: ---
    ألم تسأل الربع القـواء فينطق ِ --- وهل تُخبرنْـك اليوم بيداءُ سملَقُ
    بمختلفٍ الأرواح بين سويقةٍ --- وأحدبَ كادتْ بعد عهدكَ تَخلَـق ِ (إقـواء)
    وقفتُ بها حتى تجلّتْ عمايتي --- وملّ الوقوفَ العنتريسُ المنـوّقُ







    4- الإصراف في الضرب :: : --- معنى : أصرف الرّجل الشّراب:
    جعله صِرْفًا لا يمازجه شيءٌ

    الإصراف اصطلاحا : هو تغيير حركة المجرى فتح وضم ‘ أو فتح و كسر ‘أي اختلاف حركة الرويّ من فتحٍ إلى ضمٍّ أو إلى كسرٍ


    كقول الشاعر (ذكره المفضل الضبي): من البحر البسيط :: :---

    أطعمتُ جابان حتى اشتدَّ مَغْرِضُهُ --- وكـاد يَنْقَدُّ لولا أنَّه طَاْفَ
    فَقُلْ لجابانَ يتركنا لطِيَّتِهِ --- نومُ الضُّحَى بعدَ نومِ اللَّيلِ إسْرَافُ (إصراف)






    5- الإكفــاء في الضرب :::---


    الإكفاء في اللغة بمعنى القلب أوالمخالفة , فالمُكفأ المخالف به من جهة العادة
    اما اصطلاحاً فهو أختلاف حروف الروي في القصيدة , بأن يؤتى بحرفين متجانسين في المخرج , لا في اللفظ كـ (شارخ وشارح ) :::---

    كقول امرئ القيس :: : ---

    تراءتْ لنا يوما بسفح عُنيزة ٍ --- وقــد حـان منّا رحلة ٌ فقُلوصُ
    بأسود ملتفِ الغـــــدائر واردٍ --- وذي اُشُر ٍ تشوفـهُ وتشوصُ
    منابتهُ مثلُ السدوسِ ولونُـهُ --- كشوك السيال وهوعذب يفيض (إكفاء)

    وكقول كثير عزّة :::---

    أخو حيّة عطشى بأرضٍ طميـّةٍ --- تحلل غشيا بعـــد غشي سليمها
    إذا شحطتْ يوما بعـزّةَ دارهـــا --- عن الحيّ صفقا فاستمرّ مريرها (إكفاء)
    فإن يمس قد شطّتْ بعـزّة دارها --- ولم يستقم والعهد منا زعيمهــا




    6- الإجــازة في الضرب ::: ---
    الإجازة : هو إكفاء لكن الحرفين غير متجانسين في المخرج وسمي بذلك لتجاوزه الحدود المرسومة وتعديها
    كقول العجير السلولي :::---


    خليليَّ سِيرا واتركا الرحلَ إنني ---بِمَهْلَكَةٍ والعــــاقباتُ تَدُوْرُ (الروي حرف الراء)
    فبيناه يشري رحلَهُ قال قائلٌ ---لِمَنْ جملٌ رِخْوُ الملاطِ نَجِيْبُ؟ (الروي حرف الباء)
    والحرفان مختلفان ومتباعدان في المخرج



    ************************************************** **


    يتبع (تنوع الضروب في البحر البسيط)
    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالستارالنعيمي ; 04-04-2020 الساعة 09:15 AM

  3. #3
    الصورة الرمزية عبدالستارالنعيمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2015
    الدولة : بلد الرشيد
    المشاركات : 2,833
    المواضيع : 151
    الردود : 2833
    المعدل اليومي : 0.90

    افتراضي

    تنوع الضروب في البحر البسيط


    البحر البسيط أيضا تفعيلاته مختلفة كالبحر الطويل (مستفعلن سباعية ‘ وفاعلن خماسية) وما يميز البسيط عن الطويل هو استعمال مجزوئه ؛فنلاحظ تعدد التنوع في ضروبه ما بين فاعلن ومستفعلن نظرا لاختلافهما إيقاعيا وكمّيا وهذا ما يعنينا ويدلنا على وجود رصيد كاف من أشعار الأقدمين وهم في هذا الصدد من التنويع وأهم الأنواع كالآتي :: : ---

    آ-- التنوع في البحر ذاته (البسيط)
    ب – التنوع ضمن القصيدة (البسيط)



    آ-- التنوع في البحر ذاته (البسيط)

    جاء التنوع من خلال البحر كالآتي :: :---

    1- البسيط التام ::
    2- البسيط المجزوء::





    1- البسيط التام :: :---


    وللبسيط التام ثلاثة أضرب وهي:: :--

    فاعلن \0\\0 ( سالم )
    فعلن \\\0 (مخبون)
    فعـْلن \0\0 (مقطوع)


    آ- الضرب السالم (فاعلن ) :: : --

    نقل الشنتريني "قول أخي علقمة بن عبده :: :---

    إنّ أخي خالداً ليسَ أخا واحدِ --- واللهِ ما خالدٌ بالناقصِ الفاسدِ (سالم)
    \0\\\0 \0\\0 \0\\\0 \0\\0--- \0\0\\0 \0\\0 \0\0\\0 \0\\0
    مسْتَعِلُنْ فَاْعِلُنْ مُسْتَعِلُنْ فَاْعِلُنْ * مُسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ (سالم)

    وآخر :: :---
    يا ربّ ذي سؤددٍ قلنا لهُ مرّةً --- إن المساعي لِمن يبغي بناء العلا
    \0\0\\0 \0\\0 \0\0\\0 \0\\0--- \0\0\\0 \0\\0 \0\0\\0 \0\\0
    مسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ * مُسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ


    ب _ الضرب المخبون (فعلن) أما ما جاءنا من هذا النوع فكثير في شعر الأولين ولا يكاد شاعر ركب بحور الشعر العربي إلا وبنى شعره على هذا الضرب كقول زهير بن أبي سلمى :: ----

    كأنها من قطا الأجبابِ، حانَ لها --- وردٌ، وأفـــردَ عنها أختها الشبكُ (الضرب مخبون)
    جُونِيّة ٌ كحَصَاة ِ القَسْمِ مَرْتَعُها --- بالسيِّ ما تنبتُ القفعاءُ، والحسكُ
    حتّى إذا ما هوتْ كفُّ الغلامِ لها --- طارتْ، وفي كفهِ من ريشها بتكُ




    كأنها مـن قطا الأجبابِ، حانَ لها --- وردٌ، وأفـــردَ عنها أختها الشبكُ
    \\0\\0 \0\\0 \0\0\\0 \\\0 --- \0\0\\0 \\\0 \0\0\\ 0 \ \\0
    متفعلن فاعلن مستفعلن فعلن --- مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن




    ج –الضرب المقطوع (فعـْلن) أيضا أيضا أكثر ما عثرنا عليه من هذا النوع في الشعر العربي القديم ‘كقول امرئ القيس :: :----

    الخير ما طلعت شمسٌ وما غربت ... مطـّلبٌ بنواصي الخيــل معصوب (الضرب مقطوع)
    قد أشهد الغارة الشّعواء تحملني ... جـرداء معروقة اللّحيين سرحوب
    كأنّها حين فاض المـاء واختلفت ... صقعاء لاح لها بالسّرحـــة الذّيب


    الخير ما طلعت شمسٌ وما غربت ... مطلّبٌ بنواصي الخيــل معصوب
    \0\0\\0 \\\0 \0\ 0\\0 \\\0 --- \\0\\0 \\\0 \0\0\\0 \ 0\0
    مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن --- متفعلن فعلن مستفعلن فعـْلن


    وقول النمر بن تولب ::

    شطّتْ بجمــــرة دارٌ بعــد إلمــام ِ --- نأيٌ وطول بعَاد بعد إقـــوام ِ (الضرب مقطوع)
    حَلّتْ بتيماء في قوم إذا اجتمعوا--في الصبح نادى مناديهم بأشْأم ِ


    شطّتْ بجمــــرة دارٌ بعــد إلمــام ِ --- نأيٌ وطـــــول بعَاد بعد إقـــوام ِ
    \0\0\\0 \\\0 \0\0\\ 0\0\0 --- \0\0\\0 \\\0 \0\0\\ 0\0\0
    مستفعلن فعلن مستفعلن فعـْلن --- مستفعلن فعلن مستفعلن فعـْلن


    حَلّتْ بتيماء في قوم إذا اجتمعوا--في الصبح نادى مناديهم بأشْأم ِ
    \0\0\\0 \0\\0 \0\0\\0\\\0--- \0\0\\0 \0\\0 \0\0\\0 \0\0
    مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن--- مستفعلن فاعلن مستفعلن فعـْلن



    أما ضمن نطاق البحر في
    2- مجزوء البسيط فقد جاء الضرب على صور مختلفة كما يلي :: : ---


    (مستفعلن) جاء على لسان الشاعر الجاهلي الأسود بن يعفر النهشلي حيث يقول :: :



    ماذا وقوفي على رسمٍ عفا ---- مُخلَولق دارسٍ مُستَعجم (صحيح سالم)
    \0\0\\0 \0\\0 \0\0\\0 --- \0\0\\0 \0\\0 \0\0\\0
    مستفعلن فاعلن مستفعلن ---- مستفعلن فاعلن مستفعلن


    (مستفعلان) أيضا في قول الأسود بن يعفر النهشلي :: : --

    إنا ذممنا على ما خَيَّلت --- سعد بن زيد وعمرو من تميم
    وضَبةُ المُشتري العار بنا -- وذاك عَــــمُّ بنا غير رحيم



    إنا ذممنا على ما خَيَّلت --- سعد بن زيد وعمرو من تميم (مذال)
    \0\0\\0 \0\\0 \0\0\\0--- \0\0\\0 \0\\0 \0\0\\00
    مستفعلن فاعلن مستفعلن ---- مستفعلن فاعلن مستفعلان





    (فعولن ) من قول الأعشى :: : ---


    أَلَم تَرَوا إِرَماً وَعادا --- أَودى بِها اللَيلُ وَالنَهارُ(مخبون مقطوع)
    بادوا فَلَمّا أَن تَآدَوا --- قَفّى عَلى إِثرِهِم قُدارُ
    وَقَبلَهُم غالَتِ المَنايا ---طَسماً وَلَم يُنجِها الحِذارُ


    أَلَم تَرَوا إِرَماً وَعادا --- أَودى بِها اللَيلُ وَالنَهارُ
    \\0 \\0\\\0\\0\0 --- \0\0\\0 \0\\0 \\0\0
    متفعلن فعلن فعولن --- مستفعلن فاعلن فعولن


    **************



    ب - التنوع في نطاق القصيدة (البسيط)

    جاء التغيير الإيقاعي (التنوع الإيقاعي ) ضمن القصيدة من العوامل التالية :: :---


    1- تغيير التفاعيل في الضرب
    2- السناد في الضرب : التأسيس – الردف – الحذو – التوجيه – الإشباع
    3- الإقــواء في الضرب
    4- الإصراف في الضرب
    5- الإكفاء في الضرب
    6- الإجازة في الضرب





    - تغيير التفاعيل :: :---


    تنوع الضروب ضمن القصيدة في البحر البسيط جاء في مجزوئه وكان التغيير في (مستفعلان – مستعلان) و (مستفعل – فعولن) حيث لم يُجمع بين (مستفعلن) ونوع آخر لأنها تنتهي بوتد ‘والوتد يدخله تغيير (العلة) ويلزم الشاعر في هذا التغيير ‘ولكن التغيير يكون في قصيدة أخرى ضمن نطاق العلة الملزمة حيث تأتي (مستفعل)بدلا من (مستفعلن) ‘ أو استعمال علل الزيادة (مستفعلان) بدلا من (مستفعلن) ويمكن استعمال زحاف الخبن في (مستفعل - فعولن ) والطي في (مستفعلان - مستعلان)


    كقول المرقش الأصغر :: :---

    لابنة عجلان بالجوّ رسومْ --- لم يتعفَينَ والعهـــــــد قديم ْ (مطوي مذال)
    أضحتْ قفاراً وقد كان بها --- في سالف الدهر أرباب الهجومْ ( مذال)


    لابنة عجلان بالجوّ رسومْ --- لم يتعفَينَ والعهـــــــد قديم ْ
    \0\\\0 \0\\0\ 0\\\00 --- \0\\\ 0\0\\0 \0\\\00
    مستعلن فاعلن مستعلان --- مستعلن فاعلن مستعلان


    أضحتْ قفاراً وقد كان بها ---في سالف الدهر أرباب الهجومْ
    \0\0\\0 \0\\0\ 0\\\0 --- \0\0\\ 0\0\\0 \0\0\\00
    مستعلن فاعلن مستعلان --- مستعلن فاعلن مستفعلان

    وقول عبيد بن الأبرص :: :---

    لا يعِظ الناسُ مَن لا يعظ الـ --- دهرُ ولا ينفعُ التلبيبُ (مقطوع)
    لا ينفــعُ اللبُّ عــــن تعلّمٍ ---- إلاّ السجيّاتُ والقلوبُ ( مخبون مقطوع)


    لا يعِظ الناسُ مَن لا يعظ ال --- دهرُ ولا ينفعُ التلبيبُ
    \0\\\0 \0\\0 \0\ \\0 --- \0\\ \0 \0\\0 \0\0\0
    مستعلن فاعلن مستعلن ---- مستعلن فاعلن مستفعل

    و القطع: هو حذف آخر الوتد المجموع و إسكان ما قبله(مستفعلن إلى مستفعلْ ) وعند الخبن الى ( فعولن)

    لا ينفــعُ اللبُّ عــــن تعلّمٍ ---- إلاّ السجيّاتُ والقلوبُ \0\0\\0 \0\\0 \\0 \\0 --- \0\0\ \0 \0\\0 \\0\0
    مستفعلن فاعلن مستعلن ---- مستعلن فاعلن فعولن






    2- السناد في الضرب : التأسيس – الردف – الحذو – التوجيه – الإشباع




    آ - السناد في الضرب : التأسيس :: :

    والتأسيس هو الألف قبل الروي بحرف دخيل ‘ مثال :: كلمة نادم (تأسيس ا – دخيل د – روي م ) فسناد التأسيس هو ترك هذه الألف في بيت دون غيره أو العكس ‘وقد سمي بذلك لأنه تقدم على أحرف القافية فأشبه أسّ البناء

    كقول المتنبي ::

    إِذا حَلَلتَ مَكانًا بَعـــــدَ صاحِبِهِ --- جَعَلتَ فيهِ عَلى ما قَبلَهُ تيها
    لا يُنكَرُ العَقلُ مِن دارٍ تَكونُ بِها --- فَإِنَّ ريحَكَ روحٌ في مَغانيها (تأسيس)
    أَتَمَّ سَعـــــدَكَ مَــن لَقّــــاكَ أَوَّلَهُ --- وَلا استَرَدَّ حَياةً مِنكَ مُعطيها

    (مغانيها) فالألف حرف تأسيس والنون الدخيل والياء حرف الروي والهاء حرف الوصل والألف الثانية الخروج



    ب - السناد في الضرب : الردف


    ج - السناد في الضرب : الحذو

    معنى : حذا حذوهُ : سار على مثاله
    واصطلاحا : حركة الحرف الذي يسبق حرف الرِدف الساكن كفتحة الجيم من ( لجَين) والفتحة ملازمة لما قبل الألف والكسرة لما قبل الياء والضمة لما قبل الواو

    قال حارثة بنَ بَدْر ::

    أبا المُغِيــــرة والدنيا مُفجِّعة ... وإنّ من غرَّت الدُّنيا لَمَغْرُورُ
    قد كان عِنْدك لَلْمَعْروف مَعْرفةٌ ... وكان عِنْدك للنَّكْـرَاء تَنْكير
    لو خَلَّدَ الخيرُ والإسلامُ ذا قَدَم ... إذًا لَخَلِّــدَك الإسلامُ والخَير (سناد الحذو)




    د - السناد في الضرب : التوجيه

    هـ -السناد في الضرب : الإشباع



    الإقــواء في الضرب


    نفرد هنا تنوعا آخر ضمن القصيدة وهو (الإقواء) على أن الشاعر الجاهلي كان على دراية تامة بهذا التنوع المحدود ضمن القصيدة ليعطي فرصة أكبر للتعبير ضمن قاموسه اللغوي
    ويعـد النابغة الذبياني – الذي كان يقيـّم قصائد الشعراء - من أكثر شعراء عصره استعمالا لهذا التنوع الذي اعتبره النقاد فيما بعد عيبا من عيوب القافية ؛ والملاحظ في الإقــواء أنه قد جاء ضمن القصيدة الواحدة تغييرا بين حركة الضمة والكسرة مما ينبه المتلقي بأن الشاعر اتخذ هذا التغيير للتنبيه على تغيير بعض المعنى فيما يبغيه
    ويزعم الرواةُ "أنَّ النابغة قال بيتا بضمِّ كلمة الأسوَد، ولكن المعقول أن يكون كسرها، لينسجمَ الرويُّ في الأبيات"، ويكون بذلك قد أخطأ في قواعِد اللغة؛ بسببِ انشغاله بموسيقا الشِّعر، وأنغام القوافي".
    وهذا القول مِن جانب الراوي يمثل اتهامًا خطيرًا لفحْل من فُحول العربية الأولى بالجهْل بقواعد اللُّغة، التي هُم أساسها، وكانتْ تجري على ألسنتِهم مجرَى الدم في الجسد، وما احتاج العلماء إلى تقعيدِ اللغة إلا بعدَ الفتوحات، ودخول الأعاجِم في الإسلام، أما أن يقَع رجل مِثل النابغة في ذلك الوقت المبكِّر مِثل هذه الوقعة، فهو ما لا يُمكن تصديقه!
    و الشعراء الفطاحل جلّهم أقووا عند القافية في قصائدهم وسأذكرهم هنا للوقوف على صحة ما رأيناه في الشعر العربي ‘ لكن الذين نقلوا لنا أشعارهم بالتحقيق والترجمة ؛قاموا بتعديل أكثر ما جاء من الإقواء في أشعارهم توخيا للصق صفة العيب في القافية بالشعراء وربما حرصا منهم على إخراج القصائد دون عيوب تذكر وإليك الشعراء الذين جاءت قصائدهم بالإقواء ::
    امرؤالقيس – النابغة الذبياني – عمرو بن كلثوم – الأعشى – الحارث بن حلزة - جران العود – النمر بن تولب – سلامة بن جندل – الأخطل – الحطيئة - ذوالرمة – الطرماح – الرحال النميري – الراعي النميري --- وغيرهم كثير

    وهذه القصيدة تؤكد قولنا في اتخاذ الإقواء تنوعا في الإيقاع وتوسعة في مجال استعمال اللغة‘ونلاحظ فيها تكرار الإقواء على مدار القصيدة ::
    قال الرحال بن مجدوح النميري، يهجو امرأته ::
    أقولُ لأصحابي الـــــرّواحَ فقرِّبوا ... جُماليَّةً وجنــــاءَ توزعُ بالنَّقـر ِ
    وقـــــــرَّبنَ ذيَّــــالاً كأنَّ سراتهُ ... سراةَ نقـا العـــزَّافِ لبّدهُ القطرُ
    فقلنَ أرحْ لا تحبسِ القومَ إنَّهمْ ..ثَووا أشهراً قد طال ما قد ثوى السَّفرُ
    فقامتْ بئيساً بعد ما طالَ نزرها ... كأنَّ بها فتـــراً وليسَ بها فتــــرُ
    قطيعٌ إذا قامتْ قطوفٌ إذا مشتْ ... خطاها وإن لم تألُ أدنى منَ الشّبر ِ
    إذا نهضت مــن بيتها كانَ عقبةً ... لها غــولُ ما بين الرّواقين والسترِ ِ
    فلا باركَ الرحمنُ في عودِ أهلها ... عشيَّةَ زفُّـــــوها ولا فيــكِ من بـكر ِ
    ولا باركَ الرحمنُ في الرَّقمِ فوقهُ ...ولا بارك الرحمن في القطفِ الحمرِ ِ
    ولا فـــــي حديثٍ بينهـــــنَّ كأنَّهُ ... نئيمُ الوصايا حيــن غيَّبها الخــــدرُ
    ولا جـلـــوةٍ منها يحلِّينني بهـــا ... ألا ليتني غيِّبتُ قبلكِ فــــي القبـــرِ ِ
    ولا في سقاطِ المسكِ تحتَ ثيابها ... ولا في القوارير الممسكةِ الخضرِ ِ
    ********************

    وفي قول النابغة الذبياني إقواء من (البحر البسيط) :: :---
    إني لأخشَى عليكمْ أن يكونَ لكُمْ،--- من أجلِ بَغضائِهِمْ، يوْمٌ كأيّامِ
    تَبدو كَواكِبُهُ، والشّمسُ طالعة ٌ،--- لا النورُ نورٌ ولا الإظلامُ إظلامُ (إقواء)
    أو تَزْجُرُوا مُكْفَهِراً لا كِفاءَ له،--- كاللّيْـــلِ يخلِطُ أصراماً بأصْرامِ

    وقول سلامة بن جندل ::
    أودى الشباب الذي مجدٌ عواقبُه – فيه نلَذّ ولا لــــــــــــذّات للشيبِ
    يومانِ يــــــــومُ مُقاماتٍ وأتديةٍ --- ويومُ سير ٍ إلى الأعداء تأويب
    كأنهُ يـرفِـئـيّ ٌ نام عن غنم ٍ --- مستنفرٌ في سواد الليل مذؤوبُ (إقواء)





    الإصراف في الضرب

    الإصرافُ معنى : أصرف الرّجل الشّراب: جعله صِرْفًا لا يمازجه شيءٌ
    الإصراف اصطلاحا : هو تغيير حركة المجرى فتح وضم ‘ أو فتح و كسر اختلاف حركة الرويّ من فتحٍ إلى ضمٍّ أو إلى كسرٍ

    كقول النابغة ::---

    قُبّ البطون طواها القومُ فاندمجتْ --- قضّينَ باللوذ مما حمّـلتْ وطَـرا
    يوما حليمة كانا مـــــــن قديمهمُ --- وعينُ باغ فكان الأمرُ ما ائتمروا (إصراف)
    يا قوم إنّ ابن هند غيــــر تارككم --- فلا تكونـــــوا لأدنى وقعةٍ جَزَرا



    وقوله أيضا :: :

    وهَبَّتِ الرِّيحُ مِنْ تِلقاءِ ذي أُرُلٍ --- تُزْجِي مَعَ اللّيلِ مِن صُرَّادِها صِرَمَا

    صُهْبَ الظِّلالِ أتَيْنَ التِّينَ عن عُرُضٍ --- يُزْجِينُ غَيْمًا قليلاً مَاؤُهُ شَبِمُ (إصراف)

    يُنْبِئْكِ ذو عِرْضِهِمْ عني وعالِمُهُمْ --- وليسَ جَاهِلُ شَيءٍ مِثْلَ مَن عَلِمَا



    5- الإكفاء في الضرب


    6- الإجازة في الضرب


  4. #4
    الصورة الرمزية عبدالستارالنعيمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2015
    الدولة : بلد الرشيد
    المشاركات : 2,833
    المواضيع : 151
    الردود : 2833
    المعدل اليومي : 0.90

    افتراضي

    تنوع الضروب في البحر المديد
    البحر المديد تفعيلاته مختلفة (فاعلاتن سباعية ‘ (فاعلن خماسية) ويتكون من :: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن ‘وهذا هو التام والمجزوء – كما أرى- هو (فاعلاتن فاعلن ) والمجزوء هو ما حذفت تفعيلته الأخيرة (الضرب والعروض )

    آ-- التنوع في البحر ذاته ( المديد)
    ب – التنوع ضمن القصيدة (المديد )



    آ-- جاء تنوع الضرب ضمن البحر المديد التام كمايلي :: :---

    1– (فاعلاتن ) كقول الشنفرى ::

    ظَاعِنٌ بالحَزمِ حَتّى إِذا ما --- حَلَّ حَلَّ الحَزمُ حَيث يَحُلُّ
    غَيثُ مُزنٍ غامِرٌ حيثُ يُجدِي --- وَإِذا يَسطُو فَلَيثٌ أَبَلُّ
    مُسبِلٌ في الحَيِّ أَحوى رِفَلٌّ --- وإِذا يَعـدُو فَسِمعٌ أَزَلُّ


    مُسبِلٌ في الحَيِّ أَحوى رِفَلٌّ --- وإِذا يَعـدُو فَسِمعٌ أَزَلُّ
    \0\\0\0 \0\\0 \0\\0\0 --- \\\0\0 \0\\0 \0\\0\0
    فاعـلاتن فاعـلن فاعـلاتن --- فعـلاتن فاعـلن فاعـلاتن


    2– (فاعلن)
    كقول حسان بن ثابت ::

    قَد تَعَفّـى بَعــــدَنا عاذِبُ --- ما بِهِ بـــادٍ وَلا قـارِبُ (محذوف)
    غَيَّـرَتهُ الريحُ تَسفي بِهِ --- وَهَزيمٌ رَعــدُهُ واصِبُ
    وَلَقَـــــد كانَت تَكونُ بِهِ --- طَفلَةٌ مَمكــورَةٌ كاعِبُ

    والحذف في فاعلاتن : هو إسقاط سبب خفيف فتصبح فاعلا وتنقل الى فاعلن

    قَد تَعَفّـى بَعــــدَنا عاذِبُ --- ما بِهِ بـــادٍ وَلا قـارِبُ
    \0\\0\0 \0\\0 \0\\0 --- \0\\0\0 \0\\0\0\\0
    فاعلاتن فاعلن فاعلن --- فاعلاتن فاعلن فاعلن


    3 - (فعلن)
    كقول ابن جوين الطائي ::

    هاج رسمٌ دارس طرَبا --- فطــــويلا ظلتَ مكتئبا (محذوف مخبون)
    أن رأَيتَ الدارَ موحِشَةً --- بِلغــــــاطٍ كَم لَها رَجَبا
    دارَ هِندٍ بالسِتارِ وَقَد --- رَثَّ حَبلُ العهد فانقَضَبا

    هاج رسمٌ دارس طرَبا --- فطويلا ظلتَ مكتئبا
    \0\\0\0 \0\\0 \\\0 --- \\\0\0 \0\\0\\\0
    فاعلاتن فاعلن فعلن --- فعلاتن فاعلن فعلن

    والخبن في فاعلن هو حذف الثاني الساكن فتصبح فعلن



    4 – (فعـْلن)
    كقول عدي بن زيد ::

    يا لِرَهطي أَو قِدوا نارا--- إِنَّ مَن تَهوَونَ قَد حارا (محذوف مقطوع)
    رُبَّ نــــــارٍ بِتُّ أَرمِقُها --- تَقضَمُ الهِندِيَّ وَالغـارا
    عِندَها خِلٌّ يُثَـــــــوِّرُها --- عاقِدٌ في الجيدِ تِقصارا

    والقطع في فاعلا : هو حذف ساكن الوتد المجموع واسكان ما قبله

    عِندَها خِلٌّ يُثَـــــــوِّرُها --- عاقِدٌ في الجيدِ تِقصارا
    \0\\0\0 \0\\ 0\\\0 --- \0\\0\0 \0\\0\0\0
    فاعلاتن فاعلن فعلن --- فاعلاتن فاعلن فعـْلن


    5 – فاعلان كقول نصيب بن رباح ::

    لا يغُرَّنَّ امْرءاً عيْشهُ * كلُّ عيْشٍ صائرٌ لِلْزَّوالْ (مقصور)

    والقصر في فاعلاتن : هو إسقاط ساكن السبب الخفيف وإسكان متحركه

    لا يغُرَّنَّ امْـــرءاً عيْشهُ --- كلُّ عيْشٍ صائرٌ لِلْزَّوالْ
    \0\\0\0 \0\\0 \0\\0 --- \0\\0\0 \0\\0 \0\\00
    فَاْعِلَاتُنْ فَاْعِلُنْ فَاْعِلُنْ --- فَاْعِلَاتُنْ فَاْعِلُنْ فاعِلانْ



    وجاء تنوع الضرب ضمن البحر المديد المجزوء كمايلي ::

    كقول جميل صدقي الزهاوي ::

    أيها اللون الذي --- غرني ما أنصلكْ (فاعلن)
    أيها الليل الذي --- جنني ما أطـولك
    أيها الصبح الذي--- سرّني ما أجملك
    أيها الطيف الذي --زارني من أرسلك

    أيها اللون الذي --- غرني ما أنصلكْ
    \0\\0\0 \0\\0 --- \0\\0\0 \0\\0
    فاعلاتن فاعلن --- فاعلاتن فاعلن


    ب - التنوع في نطاق القصيدة (المديد)

    جاء التغيير الإيقاعي (التنوع الإيقاعي ) ضمن القصيدة من العوامل التالية :: :-


    1- تغيير التفاعيل في الضرب
    2- السناد في الضرب : التأسيس – الردف – الحذو – التوجيه – الإشباع
    3- الإقــواء في الضرب
    4- الإصراف في الضرب
    5- الإكفاء في الضرب
    6- الإجازة في الضرب





    1 - تغيير التفاعيل
    التنوع بين (فعلن و فعو)

    كقول ابن دنينير ::

    يقصد الأبطال يهلكهم --- من عداه والقفا قصدُ (فعلن)
    لا يخلى من مضاربه --- يلب في الروع أمجدُ (فعو)
    بيد ليست تماثلها --- في جميع المكرمات يدُ


    يقصد الأبطال يهلكهم --- من عداه والقفا قصدُ
    \0\\0\0\0\\0 \\\0 --- \0\\0\0 \0\\0 \\\0
    فاعلاتن فاعلن فعلن --- فاعلاتن فاعلن فعلن

    لا يخلى من مضاربهِ --- يلب في الــروع أمجـدُ
    \0\\0\0\0\\0 \\\0--- \\\0\0 \0\\0 \\0
    فاعلاتن فاعلن فعلن --- فعلاتن فاعلن فلن (مخبون مشعث)

    والتشعيث : هو حذف أول أو ثاني وتد المجموع من فاعلن فتصبح فالن أو فاعن


    (التنوع بين فعلان و فعلن)

    كقول الأمير الصنعاني ::

    ليت شعري هل همو علموا --- أن نار الوجد تضطرمُ (فعلن)
    ودمــــوع العيــن تنسجــم ُ --- وفــــؤاد الصبّ يلتهبُ
    ليت شعري والحديث شجونْ--هل إذا طال البعاد يهونْ(فعلان)
    ما بقلبي منكـــم ويكــــــونْ ---هجركم فيه هو السبب (فعلن)


    ليت شعري هل همو علموا --- أن نار الوجد تضطرمُ
    \0\\0\0 \0\\0 \\\0 --- \0\\0\0 \0\\0 \\\0
    فاعلاتن فاعلن فعلن --- فاعلاتن فاعلن فعلن


    ليت شعري والحديث شجونْ--هل إذا طال البعاد يهونْ
    \0\\0\0 \0\\0 \\\00 --- \0\\0\0 \0\\0 \\\00
    فاعلاتن فاعلن فعلان --- فاعلاتن فاعلن فعلان





    التنوع بين (فعِلن و فعـْلن)

    كقول الشريف الرضى ::

    سَوفَ يَغشى أَرضَكُم أَسَدٌ --- يَفرِسُ الأَيّامَ وَالدُوَلا(فعلن)
    لا يَنـــــامُ السَيفُ في يَدِهِ --- وَيُرى في بابِلٍ رَجِلا
    إِنَّما الـدُنيـا لِمُقتَـــــــــدِرٍ --- أَيـنَ أَلقى قَـولَهُ فَعـْلا(فعـْلن)


    سَوفَ يَغشى أَرضَكُم أَسَدٌ --- يَفرِسُ الأَيّامَ وَالدُوَلا
    \0\\0\0 \0\\0 \\\0 --- \0\\0\0 \0\\0 \\\0
    فاعلاتن فاعلن فعلن --- فاعلاتن فاعلن فعلن

    إِنَّما الـدُنيـا لِمُقتَـــــــــدِرٍ --- أَيـنَ أَلقى قَـولَهُ فَعـْلا
    \0\\0\0 \0\\0 \\\0 --- \0\\0\0 \0\\0 \0\0
    فاعلاتن فاعلن فعلن --- فاعلاتن فاعلن فعـْلن








    2- السناد في الضرب : التأسيس – الردف – الحذو – التوجيه – الإشباع




    آ - السناد في الضرب : التأسيس
    والتأسيس هو الألف قبل الروي بحرف دخيل ‘ مثال :: كلمة نادم (تأسيس ا – دخيل د – روي م ) فسناد التأسيس هو ترك هذه الألف في بيت دون غيره أو العكس ‘وقد سمي بذلك لأنه تقدم على أحرف القافية فأشبه أسّ البناء
    كقول اليزيد ::

    مَن مُجيري مِن هَــوى قَمَــرٍ --- قَـد مَـلا ناراً حُشاشَتِيَه (سناد التأسيس)
    فَهــوَ حَجّي وَهـوَ مُعتَمَري --- وَهوَ فَرضي وَهوَ سُنَّتِيَه
    وَهوَ ديني وَهوَ آخِــــــرَتي --- وَهَو ناري وَهــوَ جَنَّتِيَه

    في (حشاشتيَه) حرف التأسيس هو الألف والدخيل هو الشين والروي هو التاء



    ب - السناد في الضرب : ( الردف)
    الرِدف معنى ً ؛ردفه : ركب خلفه. ردفه : تبعه.
    واصطلاحا هو حرفُ لِين ومدٌ يقع قبل الرويّ متصلاً به ‘ كالواو في نجوم والياء في تميم
    والبيت المردوف أن تأتي القافية بحرف الردف دون الأبيات الأخرى والغير مردوف عكس ذلك ----

    كقول ابن المعتز ::

    ما قَليلٌ مِنكَ لي بِقَليلِ --- يا مُنى نَفسي وَغايَـةَ سُؤلي
    سَل بِحَقِّ اللَهِ عَينَكِ عَنّي --- هَل أَحَسَّت في الوَرى بِقَتيلِ (سناد الردف)
    أَنتَ أَفسَدتَ الحَياةَ بِهَجرٍ --- وَمَمـــاتي بِحِسابٍ طَــــويلِ (= = )





    ج - السناد في الضرب : الحذو

    معنى : حذا حذوهُ : سار على مثاله
    واصطلاحا : حركة الحرف الذي يسبق حرف الرِدف الساكن كفتحة الجيم من ( لجَين) والفتحة ملازمة لما قبل الألف والكسرة لما قبل الياء والضمة لما قبل الواو

    كقول ابن المعتز ::

    أَسَرَ القَلبَ فَأَمسى لَدَيـــهِ --- فَهـوَ يَشكـوهُ وَيَشكو إِلَيهِ (سناد الحذو)
    خُلِعَ الحُسنُ عَلى وَجنَتَيهِ --- وَرُقـى هاروتَ في مُقلَتَيهِ (سناد الحذو)
    لَيسَ لي صَبرٌ وَلا أَدَّعيهِ --- يُشهِـدُ الدَمـعُ دَماً سائِليهِ



    وقول أبن الأبار البلنسي ::

    حَلَّقَتْ مُحْتَـــلَّةً بِهِــمُ --- شَرَّ تَحـليقٍ وتَحْـلِيلِ
    وَسَلتْ بَحْرَ المَجازِ بِما--طَرِبَتْ كالنِّيب للسَيلِ (سناد الحذو)
    عَزمُها والرّوم بالعُدْوَى-- بَيْنَ تَجديدٍ وتَجدِيلِ



    د - السناد في الضرب : التوجيه



    هـ -السناد في الضرب ( الإشباع)
    معنى : أَشْبَعَ الكَلامَ :- : أَحْكَمَهُ، فَخَّمَهُ
    واصطلاحا : حركة الحرف الذي بين ألف التأسيس وحرف الروي ككسرة الراء في عارِم ‘ ويجب أن تكون حركة الإشباع متشابهة مهما كان حرف الدخيل





    3- الإقــواء في الضرب
    الإقواء معنى : أقوى الحبل : جعل بعضه أغلظ من بعضه الآخر.
    واصطلاحا : اختلاف حركة الرَّويّ من حركة ثقيلة كالكسرة إلى حركة أخرى تشبهها في الثِّقل كالضّمّة
    نفرد هنا تنوعا آخر ضمن القصيدة وهو (الإقواء) على أن الشاعر الجاهلي كان على دراية تامة بهذا التنوع المحدود ضمن القصيدة ليعطي فرصة أكبر للتعبير ضمن قاموسه اللغوي
    ويعـد النابغة الذبياني – الذي كان يقيـّم قصائد الشعراء - من أكثر شعراء عصره استعمالا لهذا التنوع الذي اعتبره النقاد فيما بعد عيبا من عيوب القافية ؛ والملاحظ في الإقــواء أنه قد جاء ضمن القصيدة الواحدة تغييرا بين حركة الضمة والكسرة مما ينبه المتلقي بأن الشاعر اتخذ هذا التغيير للتنبيه على تغيير بعض المعنى فيما يبغيه
    ويزعم الرواةُ "أنَّ النابغة قال بيتا بضمِّ كلمة الأسوَد، ولكن المعقول أن يكون كسرها، لينسجمَ الرويُّ في الأبيات"، ويكون بذلك قد أخطأ في قواعِد اللغة؛ بسببِ انشغاله بموسيقا الشِّعر، وأنغام القوافي".
    وهذا القول مِن جانب الراوي يمثل اتهامًا خطيرًا لفحْل من فُحول العربية الأولى بالجهْل بقواعد اللُّغة، التي هُم أساسها، وكانتْ تجري على ألسنتِهم مجرَى الدم في الجسد، وما احتاج العلماء إلى تقعيدِ اللغة إلا بعدَ الفتوحات، ودخول الأعاجِم في الإسلام، أما أن يقَع رجل مِثل النابغة في ذلك الوقت المبكِّر مِثل هذه الوقعة، فهو ما لا يُمكن تصديقه!
    و الشعراء الفطاحل جلّهم أقووا عند القافية في قصائدهم وسأذكرهم هنا للوقوف على صحة ما رأيناه في الشعر العربي ‘ لكن الذين نقلوا لنا أشعارهم بالتحقيق والترجمة ؛قاموا بتعديل أكثر ما جاء من الإقواء في أشعارهم توخيا للصق صفة العيب في القافية بالشعراء وربما حرصا منهم على إخراج القصائد دون عيوب تذكر وإليك الشعراء الذين جاءت قصائدهم بالإقواء ::
    امرؤالقيس – النابغة الذبياني – عمرو بن كلثوم – الأعشى – الحارث بن حلزة - جران العود – النمر بن تولب – سلامة بن جندل – الأخطل – الحطيئة - ذوالرمة – الطرماح – الرحال النميري – الراعي النميري --- وغيرهم كثير

    وهذه القصيدة تؤكد قولنا في اتخاذ الإقواء تنوعا في الإيقاع وتوسعة في مجال استعمال اللغة‘ونلاحظ فيها تكرار الإقواء على مدار القصيدة ::
    قال الرحال بن مجدوح النميري، يهجو امرأته ::
    أقولُ لأصحابي الـــــرّواحَ فقرِّبوا ... جُماليَّةً وجنــــاءَ توزعُ بالنَّقـر ِ
    وقـــــــرَّبنَ ذيَّــــالاً كأنَّ سراتهُ ... سراةَ نقـا العـــزَّافِ لبّدهُ القطرُ
    فقلنَ أرحْ لا تحبسِ القومَ إنَّهمْ ..ثَووا أشهراً قد طال ما قد ثوى السَّفرُ
    فقامتْ بئيساً بعد ما طالَ نزرها ... كأنَّ بها فتـــراً وليسَ بها فتــــرُ
    قطيعٌ إذا قامتْ قطوفٌ إذا مشتْ ... خطاها وإن لم تألُ أدنى منَ الشّبر ِ
    إذا نهضت مــن بيتها كانَ عقبةً ... لها غــولُ ما بين الرّواقين والسترِ ِ
    فلا باركَ الرحمنُ في عودِ أهلها ... عشيَّةَ زفُّـــــوها ولا فيــكِ من بـكر ِ
    ولا باركَ الرحمنُ في الرَّقمِ فوقهُ ...ولا بارك الرحمن في القطفِ الحمرِ ِ
    ولا فـــــي حديثٍ بينهـــــنَّ كأنَّهُ ... نئيمُ الوصايا حيــن غيَّبها الخــــدرُ
    ولا جـلـــوةٍ منها يحلِّينني بهـــا ... ألا ليتني غيِّبتُ قبلكِ فــــي القبـــرِ ِ
    ولا في سقاطِ المسكِ تحتَ ثيابها ... ولا في القوارير الممسكةِ الخضرِ ِ
    ********************

    الإقواء في البحر المديد جاء على لسان الشاعر العباسي (الأحنف العكبري) ::

    اسمعوا منّي ولا حرجُ --- إنّني أعمى وبي عرجُ
    ومريضُ الجسم من سقمٍ --- وبه قـد تتلف المهجُ
    فــأراني فــيّ قــد نزلَتْ --- بكمـال ٍ آيـة ُ الحـرجِ ِ (إقواء)

    كذلك في قول ابن المعتز ::


    أَنكَرَت هِنـــــدٌ مَشيبي وَوَلَّت --- بِدُمــــــوعٍ في الرِداءِ تَحومُ
    فَاِعذُري يا هِندُ شَيبي بِهَمّي -- إِنَّ شَيبَ الرَأسِ نورُ الهُموم ِ ( إقواء )





    4- الإصراف في الضرب

    الإصرافُ معنى : أصرف الرّجل الشّراب: جعله صِرْفًا لا يمازجه شيءٌ
    واصطلاحا : هو تغيير حركة المجرى فتح وضم ‘ أو فتح و كسر ؛ اختلاف حركة الرويّ من فتحٍ إلى ضمٍّ أو إلى كسرٍ


    كقول البوصيري ::

    وغَدَونا بينَ وَجدٍ وفقـدٍ -- يَعْظُمُ البُشْرَى به وَالمصابُ (إصراف)
    وَتَبَارَأْنَا مـــن النَّصْبِ وَالرَّفْــضِ وَأَوْجَبْنَا لكـــلٍّ جَنــابا
    إنَّ قوماً رَضِيَ اللَّهُ عنهم -- ما لنا نُلقَى عليهـم غِضَابا




    5- الإكفاء في الضرب
    الإكفاء في اللغة بمعنى القلب أوالمخالفة , فالمُكفأ المخالف به من جهة العادة
    اما اصطلاحاً فهو أختلاف حروف الروي في القصيدة , بأن يؤتى بحرفين متجانسين في المخرج , لا في اللفظ كـ (شارخ وشارح ) ---



    6- الإجازة في الضرب

    الإجازة : هو إكفاء لكن الحرفين غير متجانسين في المخرج وسمي بذلك لتجاوزه الحدود المرسومة وتعديها

    كقول ابن زهر الحفيد ::

    يا غَــــــزالاً راعَهُ شَرَك --- هَل لِقَلبي عَنكَ متّرَك
    في سنانِ الغنجِ أو حورِ-- ما جَناهُ الكحلُ وَالكحلُ (إجازة)