أحدث المشاركات

قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: المعركة

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 912
    المواضيع : 184
    الردود : 912
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي المعركة

    المعركة
    كان وجه الأب حزينا منكسرا. كيف له أن يفقد السند الذي طالما حلم بعد مجيئه بكرا، لاسيما وقد أفلت من الأبوين عداد الإنجاب، الى أربع أخريات ،من البنات . لقد ازداد الأمر حرجا ،وصار الرجل في حاجة ملحة، إلى من يسد معه حاجات أسرته الكبيرة.وهو الحارس الليلي ، الذي لا يكاد يكفيه راتبه الضئيل لأسابيع قليلة.
    &&&&
    كان وجه الوطن بشوشا فرحا. معتزا بأبنائه الذين قهروا وحش الهزيمه ،بعد سبع عجاف ،واقتحموا حاجز الخوف والنار والرمال،ولقنوا العدو درسا في عدة ساعات حاسمة، ما زالت الدنيا تتحدث عن أخباره لأسابيع. هم شباب الوطن، وهم الساعد والسند، يخوضون الآن معركتهم الشريفة على خطوط النار والدماء.
    &&&
    خرج الناس للشوارع ، يحتضن بعضهم بعضا، وقد ألقت الشمس على وجوههم ألقا وبهجة، على غير عادتها في ذلك الشتاء الدافئ.
    . كانت العيون مزدهرة بالأمل وفخر الانتصار.وأناشيد العزة تملأ الآفاق، وبيارق المجد ترفرف فوق ساريه المبنى الرسمي الذي احتشد في داخله خلق عظيم،
    من كل أنحاء البلاد. تلبيه لنداء الوطن، للالتحاق بالمقاومه الشعبيه. فحين اقتحم الجنود الحواجز شرقا للأرض المحتلة، تسلل بعض الأنذال الى البلاد غربا؛ فكان لابد من المقاومه، كي لا يخنق الانتصار الوليد.
    &&&
    و كانت الفتى ابن التاسعة عشر، مثله كمثل غيره من شباب الوطن.الذين تربوا على حكايات المجد ، وأناشيد الوفاء. اولئك الذين غرست بهم جينات أ حب الأرض جيلا فجيلا، قد أقبل طواعيه لينخرط في صفوف المقاومه.تاركا مصنعه الذي عين فيه منذ أشهر عشر، كمساعد مهندس ،بعد أن حصل على مؤهله المتوسط. فوجد فيه أبوه السند والدعم، لإطعام وكساء أخواته الصغيرات. إذ لم يكن الأب قادرا على اكمال تعليم ابنه في اتجاه الجامعه.
    ففرض عليه ذلك النوع من التعليم، وكذلك سعى له في وظيفة بالمصنع الكبير الذي يحرسه.
    &&&
    . لم يتمالك الوالد نفسه ، ولم يستطع اخفاء انزعاجه ،وغضبه. إذ تملكته المفاجأة ،حين أبلغه صديق ولده بأن الأخير هناك، بين شباب كثر، يسجل اسمه في كشوف الذاهبين الى خط النار. هرول الرجل الخمسيني المريض، نحو المبنى الرسمي. ودلف إلى حيث تسجل الأسماء في كشوف المقاومه. ساعيا لأن يعود بابنه سالما، راجيا المسئولين بعدم قبوله حيث أنه في الأصل معاف نهائيا
    من التجنيد، وذلك لضعف في حدة الإبصار. لكن الضابط المسؤول أقنعه بأن ابنه قد وصل سن الرشد ليتخذ ما يراه من قرارات، ولا سبيل أمامه سوى القبول بما اختار.
    &&&
    انزوى الفتي في ركن من القاعة المزدحمة حزينا مقهورا، وهو يشاهد أباه يسلك ذلك السلوك أمام الجميع! كان قلبه يعصره الأسى. كيف لأبيه أن يتصرف هكذا ! في لحظة يتمنى كل أب أن ينال ابنه شرف المقاومة. يالصدمته في أبيه الذي طالما رباه على حب الوطن.
    توارى الفتى، دون أن يراه أحد، أو يعلم أنه ابن ذلك الخمسيني الذي كان يجادل عنه الضابط المسئول، وتسلل دون أن يلحظه أبوه، نحو عربات الجيش التي انتظرت بالخارج ،لنقل المتطوعين. وحمد الله أن قد تم تسجيل اسمه في الكشوف الأولى.
    $$$$
    حملته العربة مع زملاء له كثيرين، لكنه حمل معه غصة في حلقه لا يعلم سببها.
    وتحركوا في انتظام تحت جنح الظلام في شاحنات مطفأة الأضواء، وكان الشباب يتهامسون بأناشيد حماسية وأغان في حب الوطن.
    &&&&
    نسي الفتى تلك الواقعة، مع انخراطه في التدريبات العسكرية ، ودروس استخدام الأسلحة المخصصة للمقاومة الشعبية، والتعرف على أساليب القتال، وفنون الاشتباك.
    ولقد رأي فيه الضابط الشاب حماسا ،وذكاء ،وتحملا للحياة العسكرية الصارمة، غير المعتادة لدى المدنييبن، فلم يلحظ عنه تكاسلا ، أو تذمرا، أو ضيقا من تدريب أو طعام خشن ؛فجعله على رأس مجموعة. تتكون من:
    راشد, وموافي .. آر بي جي
    وهدان ,وصابر ... صندوق مولوتوف.
    وصار الفتى قائدا للمجموعة ..حاملا مدفع الكلاشنكوف.
    مرت أيام التدريب الرائعة سريعا.
    وعاش الفتى فيها بأعلى درجات الروح المعنوية. وهو يحتضن مدفعه ،وكأنه يحتضن عروسا جميلة، منتظرا ساعة توزيعهم على نقاط الاشتباك المحتمل ؛هناك على حدود البساتين الكثيفة للفاكهة ، حيث يختبيء المتسللون.
    "في طابور صباح ذلك اليوم، أعلن المسئول منحهم فترة راحة ليوم كامل ,وأن في إمكانهم كتابة رسائل لأهليهم وذويهم ، وستقوم الجهات المختصة بتوصيلها إليهم ، وفق عناوينهم المدونة.وأن على كل واحد منهم تسليم رسالته هذا المساء" .
    هرع ومجموعته إلى المدينة ، وقد اشتروا ما يحتاجون من سجائر ، وأوراق وأقلام.
    جلس تحت شجرة في ساحة المعسكر الكبير، مدبجا رسالته إلى أبيه:
    "أبي الغالي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أعتذر لكم عن كل ما تقدم مني. فسامحني. وأسألك الدعاء لي، وبلغ سلامي لأمي الغالية وأخواتي الحبيبات . وانهى رسالته ب :
    “ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا,بل أحياء عند ربهم يرزقون."
    $$$
    بعد تسليمه لرسالته ،شعر براحة كبيرة, وأن حجرا ضخما قد انزاح عن صدره.
    حين حلت لحظة التوزيع والإلحاق بالجبهة، اصطفت المجموعات في طابور عسكري منتظم، وكان فتانا ذو التاسعة عشر في أوج غبطته، وقمة سعادته.
    على طاولة جلس المسئول مستقبلا فردا فردا ، يسأله عن بطاقة هويته،يقرأها، يدون معلوماتها ، ويسلمه سوارا نحاسيا،
    يحمل اسمه وعنوانه ،يجب أن يضعها كل فدائي حول رسغه. وبعد التفتيش على سلاحه،يأمره بالتحرك نحو الشاحنات العسكرية.
    حين وصل فتانا ليأخذ سواره النحاسي، لم يجد بطاقة هويته في أي من جيوبه، لقد اختفت فجأة. ارتبك صاحبنا ،وتنحى عن الطابور مفسحا المجال لغيره، ريثما يعثر على هويته بين ملابسه ،فتش جيوبه عن حافظة نقوده وأوراقه، لكن دون جدوى.
    بنهاية اليوم ،صدر قرارباستبعاد عدد من الأفراد لأسباب صحية،أو لفقدان أوراقهم الثبوتية؛ فلن يسمح بالتحاق من ليس لديه أوراقه الثبوتية لأسباب أمنية. وتقرر إعادة ترحيلهم إلى ذويهم في عدة محافظات صباح اليوم التالي.
    كان حزن فتانا رهيبا ، وظل طوال الليل مستيقظا ، منتحبا، ودموعه تنهمر منه ، وقد اختنق حلقه بصوت مكتوم.أشرق يوم جديد ، عاش فيه فتانا أسوأ لحظات عمره التي لم يكن يتوقعها. سلم سلاحه وذخيرته، وتسلم خطابا رسميا لمقر عمله في المصنع الكبير ، باحتساب فترة تغيبه ،أيام عمل رسمية مدفوعة الأجر.
    &&&
    استقبلته أمه، مهللة، بأحضانها ودموعها،
    قبل يد أبيه طريح الفراش ،وبلل كفيه بدموعه.
    والتفت أخواته كالأفراخ الصغيرة، حول أخيهن ،ورحن يعانقنه بكل الفرح.
    في صباح اليوم التالي ،
    اطمأن إلى أن الصغيرات قد التم شملهن حول طبلية الإفطار، قبيل ذهابهم إلى مدارسهن؛ شملهن بنظرة غامرة بالحب مشعة بالحنان؛ على حين كانت صافرة المصنع الكبير، تصدح في الأفق، مؤذنة ببداية وردية عمل في ذلك اليوم الجديد. فودع أمه وأبيه المريض، وقبل أخواته، مستهلا أول يوم من أيام معركته الحقيقية.
    حين عودته من عمله مساء ذلك اليوم، وجد أن رسالة تنتظره في مظروف مغلق ،وعليها ختم عسكري، مدون عليها، بخط يعرفه جيدا، اسم أبيه وعنوانه.

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَهُ في الجِهَادِ،
    فَقَالَ: أحَيٌّ والِدَاكَ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِما فَجَاهِدْ.
    أي فابذُلْ جَهْدَكَ في إرضائِهما وبِرِّهما، يُكتَبْ لكَ أجْرُ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالَى.
    فهل كانت الرسالة ذات الختم العسكري هى من الضابط المسؤول تحمل الهوية المفقودة
    والتي كانت سببا في ترحيله .. رأفه بوالده المريض..... أتمنى ذلك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 912
    المواضيع : 184
    الردود : 912
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    كانت الرسالة التي أرسلها لأبيه ،قبل رجوعه الذي لم يتأخر كثيرا، فتسلمها هو.
    هو القدر ، يقول له أن معركته الحقيقية هي مع ظروف أبيه القاسية . يقف إلى جانبه يدا بيد، ليحمل عنه شيئا من العناء.
    أ. نادية..
    تحياتي لألق وجودك.

  4. #4
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,444
    المواضيع : 234
    الردود : 3444
    المعدل اليومي : 2.18

    افتراضي

    ودع أمه وأبيه المريض، وقبل أخواته، مستهلا أول يوم من أيام معركته الحقيقية.

    نعم فمعركته الحقيقية هى في بر والده المريض والمحتاج لمساعدته
    فبر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله عز وجل:هكذا علمنا الرسول صل الله عليه وسلم.
    نص جاذب بلغة شيقة ، وعمل محكم البناء وهادف ـ تحية لك بحجم الإبداع.

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 912
    المواضيع : 184
    الردود : 912
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    أ. أسيل
    شكرا بتفاعلك الراقي.
    نعم، فير الوالدين مسبق على كل عمل.ورعابتهم خاصة في الكبر، ردا لشيء يسير من خيرهم وجميلهم، ولن نوفيهم حقهم.
    تحياتي لتواجد أشرف به.