لَيْسَ قَسْوَةً أَنْ أُغْلِقَ البَابَ،
وَلَا جَفَاءً أَنْ أَلُوذَ بِصَمْتِي الطَّوِيلِ،
وَلَكِنَّ القَلْبَ الَّذِي ذَاقَ مَرَارَةَ الخَيْبَةِ،
تَعَلَّمَ أَلَّا يَسْكُبَ حَنَانَهُ فِي إِنَاءٍ مَثْقُوبٍ،
وَأَنَّ العَطَاءَ إِذَا أُلْقِيَ فِي صَحْرَاءٍ قَاحِلَةٍ،
يَعُودُ عَلَى صَاحِبِهِ رَمَادًا يَلْسَعُ كَفَّيْهِ.
كَمْ مرّة حَاوَلْتُ أَنْ أُرَمِّمَ النَّدَى فِي وجْه الرِّيحِ،
أَنْ أُقْنِعَ الجُرْحَ بِأَنَّ لَهُ جَنَاحَيْنِ..
وَلَكِنَّ الأَلَمَ كَانَ أَسْبَقَ إِلَى البَوْحِ.
قُلْتُ لَهُ ذَاتَ وُجُوعٍ:
مَا زَالَ فِي العُمْرِ فُسْحَةٌ تُصْلِحُ مَا كَسَرَتْهُ يَدَاكَ.
فَضَحِكَ ضَحِكَةَ مَنْ لَا يَرَى فِي الانْكِسَارِ إِلَّا فُرْجَةً عَابِرَةً.
اليَوْمَ، لَا أُغْلِقُ البَابَ عَلَى الحَنِينِ،
بَلْ عَلَى الضَّجِيجِ الَّذِي أَنْهَكَنِي.
أَطْوِي مَاضِيَّ بِهُدُوءٍ يُشْبِهُ حِكْمَةَ المَسَانِ،
وَأَتْرُكُ مَا تَبَقَّى مِنْ وُجُوعِي لِلزَّمَنِ،
فَهُوَ وَحْدَهُ القَادِرُ عَلَى تَهْذِيبِ الذَّاكِرَةِ.
مَا عُدْتُ أُنَادِي الصَّخْرَ بِاسْمِ الحَبِيبِ،
وَلَا أُعَاتِبُ الغِيَابَ عَلَى انْكِسَارِ الضَّوْءِ.
لَا أَكْرَهُهُ،
وَلَكِنَّ قَلْبِي الَّذِي كَانَ يَرْفْرِفُ لَهُ بِالدُّعَاءِ،
صَارَ يُتْمْتِمُ بِالشُّكْرِ لِأَنَّهُ ابْتَعَدَ.
وَسَأَقِفُ يَوْمًا أَمَامَ قَدَرِي مُطْمَئِنَّةً،
أَقُولُ: لَقَدْ تَعِبْتُ مِنَ الطُّهْرِ فِي مَوَاضِعِ الدَّنَسِ،
وَمِنَ الحُلْمِ فِي عُيُونٍ لَا تَعْرِفُ الأَمَانَ.
وَمَا طَلَبْتُ مِنَ الحَيَاةِ إِلَّا أَنْ تُعِيدَ إِلَيَّ سَكِينَتِي،
وَتَتْرُكَنِي أُكْمِلُ مَا تَبَقَّى مِنَ العُمْرِ،
خَفِيفَةً... كَمَا تَلِيقُ بِالنَّاجِينَ.




رد مع اقتباس

