~ تجليات حضرات الأسماء الإلهية ~
ِ
ما لا يعلمه أكثر الناس عن الوجود هو أن لله تعالى أسماء. كل اسم يعبر عن صفة من صفاته.
ولكل اسم (حضرة). والحضرة هنا معناها باختصار: دائرة فعل وتأثير الصفة.
ولكل حضرة (تجلي). والتجلّي هنا معناه باختصار: ظهور فعل وتأثير الصفة.
_
فالزلزال مثلا له أسباب ظاهرية تتعلق بجيولوجيا الأرض والعوامل الفيزيائية والكيميائية.
هذا هو سببه الظاهر. ولكنه في الحقيقة واحد من التجليات. والتي هي كما قلنا: معناها ظهورات.
فتجلى الشيءُ يعني ببساطة: ظَهَرَ واتضحَ أثره.
إذن فالزلزال هو تجل من تجليات حضرة اسم الله (الجبار) و (القوي).
_
أما حنو الناقة على طفلها فسببه الظاهر هو الغريزة المودعة فيها. وأما سببها الحقيقي الباطن فهو أن الله تجلّى عليها باسمه (الحنّان) و (الودود). فاقتبست الناقة من اسم الله، فظهر أثر ذلك الاسم فيها.
_
هنالك صفات لا يدرك تجليها إلا الإنسان. وهذه مزية للإنسان على سائر الخلق، وهو أنه مظهرٌ أكمل لتجليات حضرات الأسماء الإلهية. ومن أمثلة ذلك، ليس حصرا:
عندما يخطيء الإنسان ثم يتوب، فإنه يتوب في الحقيقة لأن الله قد تجلى عليه باسمه (التواب).
وهذا التجلي، للإنسان منه النصيب الأكبر. فالملائكة مثلا لا تخطيء. ولذلك لا تعرف تجلي صفة التواب. ومن هنا كان الإنسان أكثر معرفة من الملائكة. ولذلك أمر الله تعالى الملائكة أن تسجد لأدم. فالله تعالى قد علم آدم (الأسماء) كلها.
_
ومن هنا تعلم أن الوجود لا يخرج شيء منه عن أن يكون مظهرا لتجليات اسم من أسمائه تعالى.
وهكذا يتفسر لك الوجود كله. وهذا مفتاح لك لكي تفهم كل شيء في الوجود.
وهو مفتاح اختص الله به هذه الأمة الإسلامية. ولا تدركه فلسفات الغرب ولا الشرق.
ِ
ولك من الآن فصاعدا أن تفتح أسماء الله الحسنى ال 99 وتتأمل فيها ... ثم تنظر في الوجود، فتركّب كل شيء تراه في الوجود تحت الاسم الذي تراه مناسبا له ومتعلقا به.
عندما تتمرس على ذلك .. ستنفتح لك آفاق غريبة، وتتفتق لك عن أسرار عجيبة.
ِ
إذن: فهذا منظور مختلف للوجود، سترى من خلاله الكون بصورة جديدة، وستتعلم منه الكثير من الأسرار، وقد تصل من خلاله يوما ما إلى مرحلة لا تنظر فيها إلى شيء إلا وترى فيه تجليات الله مباشرة، مما يعني أنك أصبحت من العارفين بالله.
ِ
فافهم .... تغنم.


_________________________

بقلم الأستاذ : يسار إبراهيم الحباشنة - حفظه الله تعالى -
تاريخ : 24 / 09 / 2016.