هربا من ضغط المقدمات والإنشائية المتعبة للنصوص، أستأذنكم بالدخول المباشر في الموضوع، فمن هي هذه الصحيفة شارلي إيبدو

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
وجدت فرنسا نفسها في مواجهة جديدة مع جدال متعلق بالأديان وبحرية التعبير، بعد نشر تلك الرسوم المسيئة للرسول، خاصة وأنها جاءت في وقت يعيش فيه العالم الإسلامي صراعات ونشأة متتابعة لتيارات فكرية وأصولية مختلفة، وبعد نشر تلك الرسوم كانت الحكومة الفرنسية أعلنت حالة التأهب وأعلنت الاربعاء أن السفارات والقنصليات والمدارس الفرنسية ستغلق الجمعة في حوالى 20 بلدًا كإجراء "احترازي" اثر نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام في مجلة فرنسية، بينما يقول قال المسؤولون في المجلة التي تحتل مكانا في أقصى يسار السياسة الفرنسية. والتي عانت في الماضي مجموعة الانقسامات والخروج على التقاليد الايديولوجية، إنهم لا يقصدون إثارة المسلمين أو استفزازهم، ولا يتوقعون اعتراضات على مضمون السيرة ولا يرون مشكلة في إطلاع المسلمين عليها. وقال مدير تحرير المجلة وفنان رسومها ستيفان شاربونييه المعروف باسم (شارب) أن المجلة لم تقم بأكثر من إنتاج السيرة والتي هي تجميع لكتابات المسلمين في عصور سابقة على شكل صور في كتيب تتبع بدقة كتب السيرة المعروفة، وأن أسلوب الرسوم فيها ليس كاريكاتورياً ومضمونها يخلو من السخرية أو التهكم، مدعيا أن الهدف من نشرها كان التعريف بالسيرة مضيفا "لا أظن أنه سيكون بوسع أي عالم إسلامي أن يأخذ علينا شيئاً بشأن الجوهر"وعندما سئل عن معارضة الكثير من المسلمين على تصوير النبي، زعم أن ذلك أن ذلك لا يهدف إلى السخرية، وأن "لا مبرر لعدم قراءة هذا الكتيب كما تقرأ حكايات عن حياة يسوع في كتب التريبة الدينية المسيحية"، موضحا أن فكرة السيرة المصورة خطرت له في سنة 2006 بعد نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد في صحيفة يولاندس بوستنويجدر بالذكر هنا أن شارب هذا كان تعرض لتهديدات بالقتل، وقد استقال أحد رؤساء تحريرها منذ عامين - بعد بقائه في منصبة فترة طويلة - إثر جدل حول معاداة السامية، بسبب رسوم نشرتها الصحيفة.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
وتتميز مجلة (شارلي إيبدو) التي رأت النور العام 1970 بفظاظة وقسوة في تعبيرها، مستخدمة مزيجا من الرسوم وخفة الظل المحملة بالانفعال، قد بدأت مواجهات المجلة مع جماعات التشدد الإسلامي منذ إقدامها في شكل غير مسبوق على رسم رسومات مسيئة للرسول محمد عليه صلوات الله لعدة مرات وعلى فترات متلاحقة في الأعوام ما بين 2011 و2014 وهي جميعها أغضبت عواصم الغرب والعالم الإسلامي سواء بسواء. وكانت آخر المواجهات والتجارب السابقة للمجلة في الإساءة إلى الإسلام ورموزه، هو نشر المجلة الفرنسية الساخرة والمغمورة في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 رسماً جديداً مسيئاً للرسول في ملفها الخاص حول تنظيم في العراق وسوريا (داعش) تناولت عملية "النحر"، في سياق احتفال المسلمين فى كل بقاع الأرض بعيد الأضحى، بالإضافة لكاريكاتورا ساخر لزعيم (داعش) أبو بكر البغدادي.
وكانت كالمجلة توقفت عن الصدور عام 1981، بسبب تراجع شعبيتها، وحين أعيد إطلاقها عام 1992، كان العالم قد تغير بصورة كبيرة، بينما كان هناك قليلون من فريق عملها التاريخي، أما مديرها، فيليب فال فكان متخصصاً في كوميديا الموقف وذاع صيته بشكل كبير من خلال استعراضات كوميدية فردية أمام جمهور يساري في الثمانينات، وقد غيّر فال أسلوب الإصدار مقيلا من يعارضه حتى وصف بالمستبد، وأضحة موقف المجلة التحريري تحت قيادته مشوشاً، وفقدت حس السخرية أو النمط التحريري الساخر الذي يميزها، وفقدت بالتالي أمجادها المتعلقة به والتي اجتهد مديرها الجديد شاربونييه بمحاولة استعادته.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
وتعود أصول المجلة إلى مطبوعة ساخرة أخرى اسمها "هارا كيري" التي نجحت في صنع اسم كبير لها في الستينيات من القرن الماضي. وفي عام 1970 ظهرت مجلة "شارلي إبدو". ونوه التقرير بان الأخبار كانت آنذاك تدور حول خبرين أساسيين هما اندلاع حريق أدى إلى مصرع أكثر من 100 شخص في ملهى ليلي، ووفاة الرئيس السابق الجنرال شارل ديغول. في ذلك الإثناء صدرت مطبوعة "هارا كيري" تحمل عنوانا يسخر من وفاة الجنرال ديغول يقول "رقصة مأسوية في كولومبي - مقر اقامة ديغول - تسفر عن مقتل شخص واحد"، وأدى ذلك إلى حظر مطبوعة "هارا كيري". وآنذاك سارع محرروها بإصدار مجلة "شارلي إيبدو" الاسبوعية.
كما أنها تنتمي أصلا لما يسميه الببعض بالتقاليد "العريقة" في الصحافة الفرنسية الفضائحية، وهذه التقاليد تجمع بين اليسار الراديكالي، وقدر من الاساءة البالغة في التعبير يصل أحيانا إلى حد البذاءة، وهي فاعلة ومؤثرة منذ القرن الثامن عشر حين كانت الأسرة الملكية هدفا لتلك الصحافة وبتأثيرها قصصها - التي كثيرا ما صاحبتها الرسوم - صاغ مروجو الشائعات لغطا هائلا حول المغامرات الجنسية للأسرة المالكة وفساد البلاط في فرساي، وهوجمت الملكة الفرنسية ماري انطوانيت اثناء الفترة التي مهدت للثورة الفرنسية، وعنها جاء ما وصلنا من سخرية عن شخصيتها.


ويذكر أن أعداء هذه الصحيفة في فرنسا والعالم كثر لاستهدافها الدائم في موضيعها لشخصيات ومؤسسات نافذة مثيرة للجدل تمن سياسيين وشرطة ورجال مال وأعمال وأصحاب وإدارات بنوك ورجال دين،مستخدمة ذات السلاح وهو السخرية و لغة الاستهجان التي استخدمتها في انتقاد الانظمة القديمة، مما ألب عليها الكثيرين وأولهم اليمين الفرنسي والعنصري لوبان ، والمتشددين اليهود في فرنسا وخارجها، والمتدينين المسيحيين
على غلاف أحد أعدادها على سبيل المثال سخر رسام الصحيفة من الثالوث المقدس برسم "الأب والأبن" فى وضع جنسى شاذ و"الروح القدس" على شكل دمية بهذا المعنى
وفي أعداد مختلفة تكررت الإساءة للمسيح عيسى بن مريم والسيدة العذراء وللحوارين وشخوص التاريخ المسيحي
في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2011، نشرت المجلة الساخرة عدداً خاصاً سمت فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم رئيساً لتحريرها تحت عنوان "شريعة إيبدو"، الأمر الذي تسبب بموجة غضب عارمة بين المسلمين حول العالم وتسبب بإحراق جانب من مكاتب المجلة.
وفي أيلول (سبتمبر) 2012 أقدمت مجلة (شارلي إيبدو) على نشر رسوم مسيئة للرسول، وهي أيضاً اثارت موجة من الاحتجاج في العالم الإسلامي والعواصم الغربية، خاصة وأن النشر جاء بعد أسبوع على أعمال عنف في بلدان عربية وإسلامية عدة احتجاجًا على بث مقاطع من فيلم مسيء للاسلام أنتج في الولايات المتحدة، وجوبه نشر الرسومات العام 2012 بجملة انتقادات غربية، لعل أبرزها انتقاد البيت الأبيض الذي تساءل حينذاك عن الحكمة من وراء قيام مجلة شارلي ايبدو كاريكاتورية للنبي محمد، مع تشديده على أن أي عمل لا يمكن أن يبرر العنف.


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي