لــون فاســد
أصوات نعرفها : مجموعة قصصية
أمسك باللوحة الخشبية ، أثقل بها الحامل المتصلب ، حتى استقرت بين يديه بإحتضان ، خيوط البداية تلتف بالموقف ... تتلبك والأخيلة ، تجتذب كل الوجوة أمامه ، أسند للفرشاة مهمة الإختيار ، انغمست في بقعة اللون ، استقرت بين الجزيئات ، لا تناسب مع الوجه المختار ، سبحت في بقعة اللون الأخرى ، تلاعبت بذيلها في القاع ، وقفزت نحو البقعة المستسلمة للإنصياع ، أفسد المزيج النقاء وغير من ملامح الألوان ومازال الإنصياع... .والإختيار لم يقرر بعد ملمح الوجة القادم ، تنحت الفرشاة عن المهمة وأسندت رأسها على الحافة المستديرة ، أشتعل عود الثقاب... مد فمه يقبل سيجاره الذي قبض عليه بشفتين متآكلتين ، نفث لحظاته في وجه اللوح الخشبي ،تجشأ بغثيان دون إخراج فمازال السطح فضاء ،تحسس كتل وجهه الهائلة ،اقتبس منها بعض الأفكار ،وانطلق للاوعي إلى فراغ حولي التصق بدعائم الإبداع ، تساوت كل الوجوة في وجه واحد ، لم يعد يرى غيره بعد أن أحكم الحصار ، كثيراً ما أراد الهروب لعالم الأشكال .. وهو هو بكتله الهائلة ، مد يده للفرشاة الباكية بقطرات اللون الساكب ، اعتذر لها ... بكى عليها ... شطرها نصفين ... ثم دهسها مع بقايا السيجار المحترق ، لطخ وجهه بمزيج الألوان الفاسدة ، تقدم نحو اللوح الخشبي وخرج علينا بلوحة لم نرها من قبل ....
تصفيق.............
محمد سامي البوهي
الكويت : 20/5/2005



رد مع اقتباس