هذه القصيدة هي ردٌّ على قصيدة " دمعةٌ على خدِّ بغداد "
للشاعر محمد العاني التي أرسلها لي.
[gasida= font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,darkred" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
***
رُغمَ الجِراحِ وآلامِ المُعاناةِ = بغدادُ يا وَلدي أغلى انتِماءاتي
مرَّتْ عُصورٌ, وذا التّاريخُ يذكرُها = والمجدُ تكتُبهُ بغدادُ آياتِ
وَلو يَطولُ ظلامُ اللَّيلِِ تَنفضُهُ = والصُّبحُ ترسمُهُ رُغمَ العَذاباتِ
بغدادُ يا وَلَدي مازِلتُ أذكُرُها = تلكَ الحَبيبةُ لَو هاجتْ خَيالاتي
إنْ سالَ دمعُكِ يا بغدادُ , وا أَسَفي = أنتِ العَظيمةُ يا شَمسَ الحَضاراتِ
اليومَ - بغدادُ - جُرحي كادَ يقتُلني = والجُرحُ يَرفضُ أحضانَ الضِّماداتِ
أَيُّ الجِراحِ أراهُ اليومَ مُلتئِماً = وكلُّ جُرحٍٍ يُداوى بالجِراحاتِ
تُسقي الجِراحُ جراحاً غيرَها بِدمٍ = إذْ نحنُ نُبدلُ مأساةً بِمأساةِ
***
بغدادُ , هلْ عادَ "هولاكو" يُحاربُنا ؟ = أمِ الشَّياطينُ في أرضِ الرِّسالاتِ ؟
مَاذا نقولُ إذا "المَنصورُ" يسألُنا ؟ = صارتْ مَدينةَ أشباحِ الضَّلالاتِ
"هرونُ " في قَبرهِ يَبكي حَبيبتَهُ = تلكَ الّتي زفَّها مَجدَ انتِصاراتِ
كمْ مرَّةٍ يقتلُ "المأمونُ" إخوتَهُ ؟ = وهلْ نَعودُ لتاريخِ الخياناتِ ؟
سَلْ "شهرَيارَ "إذا عادتْ طبائعُهُ = وعادَ يَذبحُ ظُلماً في الرِّواياتِ
كمْ "شهرَزادَ " بِخيطِ الفَجرِ يخنقُها ؟ = في ألفِ ليلةِ عُرسٍ واحْتِفالاتِ
سَلْ " كَربلاءَ "أما فاضَتْ بنَهرِ دَمٍ = لمْ ترتوِ الأرضُ منْ "رأسِ الإماماتِ "
***
جفَّتْ دُموعُكَ , هذا بعضُ مَأساتي = والبَعضُ يُدركُ بَعضاً مِنْ مُعاناتي
فالرَّحلُ إنْ ضاعَ يوماً , إنَّهُ وَطني = هذا الَّذي ضاعَ في عَصرِ المَهاناتِ
منْ أيِّ مَزبلةٍ قدْ جاءَ ساستُنا = بالدِّينِ فرَّقَنا جَهلُ العِماماتِ
ما هَمَّهمْ زَرعوا الأحقادَ في بَلَدي = والحربُ جاءتْ بأنواعِ الشِّقاقاتِ
كنّا العراقَ وكلُّ الكونِ يعرفُنا = واليومَ يُغرقُنا بَحرُ النِّزاعاتِ
والبيتُ مُزِّقَ أشلاءً بِساكِنهِ = فالدينُ أمسى صَريعاً بالوَلاءاتِ
والنَّخلُ يَهتزُّ لا سعفٌ يعانقُهُ = ولا يُساقطُ تَمراً باهتِزازاتِ
***
ما للفُراتِ أراهُ اليومَ مُكتئباً ؟ = ما عادَ يَحكي لأبنائي الحِكاياتِ
عانقتُهُ وَأَنا طِفلٌ شُغفتُ بهِ = واليومَ يُبعدُني هَولُ المَسافاتِ
ما للفُراتِ وبَحرُ الدَمِّ يُغرقُهُ ؟ = يَرمي لدِجلةَ آلافَ الجِنازاتِ
وذاكَ دجلةُ يبكي للفُراتِ بِلا = دَمعٍ فَقدْ فاضَ منْ نَزفِ الجِراحاتِ
تلكَ اللَّيالي " أبو نَوّاسَ " يذكُرُها = فَكمْ تَسامرَ إخوانُ الدِّراساتِ
واليومَ صارتْ مَقاهيهِ مُحرَّمةً = والوَصلُ يمنَعهُ صوتُ انْفِجاراتِ
***
ما عدتُ أكتبُها, أسماءَ منْ رَحلوا = فالكلُّ مَوتى , فَما نَفعُ الكِتاباتِ
حتّى المَقابرُ تَشكو اليومَ عُزلتَها = صارتْ مقابرَنا كلُّ المَساحاتِ
إنْ ضاقَتِ الأرضُ بالأمواتِ وامتَلأت = فالرّافدانِ هُما ركبُ النَّواحاتِ
ما للمَساجدِ تبكي منْ يُفارقُها ؟ = لمْ يبقَ فيها سِوى ظلِّ المَناراتِ
قالوا بأنَّ ظِلالَ المَوتِ تَقطنُها = والمَوتُ يُزرَعُ حتّى في النِّفاياتِ
نُمسي بجرحٍ إذا ما الحظُّ حالفَنا = والليلُ يَخنقُ آلاماً بآهاتِ
تَبكي الطُّفولةُ عُمراً قبلَ مَولدِها = كأنَّها وئِدتْ قبلَ المَخاضاتِ
آهٍ , و ما عادَتِ الأنفاسُ تلفظُها = أصبَحتِ يا آهِ في نَبضِ الحَشاشاتِ
هذا الجَحيمُ , متى الفردوسُ نَعرفهُ ؟ = أمِ الجحيمُ مَصيرٌ في الخياراتِ ؟
***
إنَّ العَقيدةَ فينا اليومَ راسِخةٌ = ديناً هَدانا بهِ ربُّ السَّمواتِ
يا ربِّ أرسلْ عَليهمْ ما وَعدتَ بهِ = طَيراً أبابيلَ تَرمي بالحِجاراتِ
وانصُرْ رِجالاً , فوعدُ الحَقِّ نَصرُهمُ = فَالماجِداتُ نَسجنَ النَّصرَ راياتِ
" اللهُ أكبَرُ " إنْ ما زلتِ رايتَنا = باللهِ نُقسِمُ آتٍ نَصرُنا آتي
هذا امتِحانٌ لَنا واللهُ ينصرُنا = رغمَ المَجازِرِ ما اهتَزَّتْ قََناعاتي
ما نَحنُ إلاّ رِجالٌ وعدَهمْ صَدَقوا = فامسحْ دُموعَكَ لَو حانتْ نِهاياتي
بَغدادُ يا وَلدي أغلى انتِماءاتي = بَغدادُ يا وَلدي أغلى حَبيباتي
***
[/gasida]



رد مع اقتباس

