الأخ الكريم / الحر
سلام الله عليك وبعد
ليس من أدبيات حزب أن يصادر حق أى تيار فى إبداء رأيه ونؤكد على أن الفيصل بين الجميع هو صندوق الانتخابات والاقتراع الحر المباشر والحقيقى دون تزوير ولو أتت الانتخابات بمواطن كائنا من كان مسلم أو مسيحى حزب عمل أو حزب شيوعى أو إخوان نحن أول من نبايعه شرطنا الأساسى هو انتخابات حقيقية وليس هذا الاستفتاء .
وإذا أردت برنامجنا فهذا هو
التى برنامج حزب العمل فى القرن الحادى والعشرين
الإيمان بالله قوام الفرد والاسرة والمجتمع .
يقوم المجتمع الإسلامى المتدين ودولته على تنشئة الفرد على مبدأ لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه ولا نستعين إلا به . إذا نشأ الفرد على هذا المبدأ فلن يخشى أى طاغية أو مستكبر ، وسيقترب إلى الله بالعمل الصالح إنتاجا وتراحما . وتعتبر الأسرة المتدينة عماد هذا كله ، والمسئول الأول عن تنشئة أفرادها .
§ وإذا كان البشر المؤمنون المتعلمون المجاهدون هم الأساس فى أية نهضة ، دبرها المستكبرون وفى مقدمتهم الصهاينة ، لقطعنا عن هذا المصدر الأول لقوتنا . لقد وضع الغرب مخططات شيطانية لتحديد النسل فى دول الجنوب كافة كأداة لاستمرار سيطرته على النظام الدولى وكان التركيز فى هذه المخططات على المنطقة الإسلامية ، وعلى المنطقة العربية بشكل خاص وعلى مصر بشكل أخص ، وتلعب الصهيونية فى كل هذا دورا بارزا .
الأعلام والثقافة.
§ كل أنشطة المجتمع والدولة ينبغى أن تتكامل فى مساندة الأسرة لتنشئة المواطن المؤمن المتدين وتوجه أجهزة الإعلام والثقافة لتبليغ هذه الدعوة .
§ أجهزة الإعلام المركزية ( الصحافة – الإذاعة – التلفزيون ) مطالبة بتزويد المواطنين بالمعلومات والأخبار الصادقة عما يحدث فى مصر وفى الأمة العربية – الإسلامية ، وفى العالم كله ، مع عرض للتحليلات المختلفة لهذه المعلومات والأحداث بطريقة موضوعية وبدون حجر على أى رأى .
§ وفى الثقافة ، يجب أن نحفز الإبداع فى الشعر والقصة والفنون التشكيلية ، وكذا الإبداع فى الموسيقى والمسرح والسينما والتلفزيون ، من أجل إشاعة الفضائل ، ومن أجل الحث على بناء المجتمع الجديد ، عبر الأساليب الرفيعة للتعبير الفنى .
§ وأداء هذه الرسالة الإعلامية والثقافية يكون على قالب اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان ، إذ يجب أن تكون أعمالنا ا لثقافية من أدوات التعليم والتدريب لإتقان اللغة العربية ( لغة القرآن التى شرفت بها الأمة ) نطقا وتعبيرا وخطا . ويجب تطوير لغتنا دوما لكى تستوعب كل جديد فى العلوم : العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية والاجتماعية .
التربية والتعليم فى المدارس والجامعات
§ ينبغى وضع خطة حكومية وشعبية لمحو الأمية ومحاصرة ينابيعها .. بحيث نمحو هذا العار بإذن الله قبل انقضاء العقد القادم .
§ والتعليم الأساسى يجب أن يكون إلزاميا مجانيا لجميع الأطفال والفتيان . ويجب أن نحقق التوازن فى الاهتمام بين التعليم العام والتعليم الفنى . ويجب أن يكون التعليم عملية متصلة متجددة ، وألا تغلق الجامعة فى وجه المؤهلين لتحصيل العلم فيها ولا يصدهم عن ذلك عجز قدراتهم المالية .
§ التنشئة على مكارم الأخلاق لا تتحقق بالدروس الدينية وحدها ، وإنما يجب أن تدعم بالمعلم " القدوة " فى علمه وقيمه وسلوكه ، وبالتنظيم المدرسى الذى يعتمد على الشورى . يجب أن تعود للمدرس هيبته ، ويجب من أجل ذلك أن يوفر للمعلم الدخل الذى يرفع عنه الحرج ، ويتناسب مع جلال مهمته .
§ ويلزم القضاء تدريجيا على الانشطار القائم بين المؤسسات التعليمية ، وبخاصة الانشطار الناشئ عن وجود قطاع ذى هوية أجنبية ، فى لسانها ويلوكها ومقرراتها ، وينطبق هذا على التعليم العالى وغيره من المراحل الأخرى ، ويجب الحرص على أن يكون اللغة العربية هى لغة التعليم الأساسية فى جميع المراحل وجميع التخصصات .
§ وتأكيدا للإيمان وصيانة للهوية ، لا بد من توجيه عناية فائقة لوضع المناهج الصحيحة والملائمة فى العلوم ذات الأثر فى بناء الشخصية : اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والفلسفة والتربية الوطنية الأمنية إضافة طبعا للدروس الدينية ، على أن يتولى مهمة تطوير المناهج علماء يطمأن إلى دينهم ووطنيتهم وعلمهم .
§ فى هذا الإطار يجب أن يعود الأزهر إلى دوره الطبيعى جامعة أولى للعلوم الإسلامية فى العالم بأسره . وينبغى إعادة تقييم ما أدخل عليه من تطور منذ الستينات ، ويشمل ذلك تعميق المناهج فى الكليات المتخصصة فى اللغة والعلوم الشرعية ، مع رفع مستوى الأبحاث والدراسات العليا فى هذه الكليات ، ويجب أن يكون النهوض بهذه المهمة من داخل الأزهر فى الأساس ، ويتطلب هذا إصلاحات مؤسسية يأتى فى مقدمتها أن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب .
ولا يتعارض ما تقدم مع وجوب الاستفادة من خبرة الدول التى سبقتنا فى تطوير نظم تعليمها فى المناهج والتجهيزات الملائمة حتى يكون خريجونا على مستوى أحدث التطورات العلمية والتكنولوجية المعاصرة .
الرياضة
§ الرياضة فرض دينى على كل قادر ، وهى حق للجميع ، وإن كان التركيز بطبيعة الحال على الأطفال والفتية والشباب .
ويجب أن نستهدف فى المنافسات الدولية أن يكون شبابنا فى الصدارة بإذن الله ، ويجب أن خطط علميا للوصول إلى ذلك بشرط ألا يصرفنا هذا عن أن المبدأ الأساسى هو مبدأ " الرياضة للجميع" .
الصحة
§ ينبغى أن تقوم سياستنا الصحية على مبدأ " الوقاية خير من العلاج " ، ويتطلب هذا رفع مستوى الثقافة الصحية لكل المواطنين ، واتخاذ الإجراءات العامة الكفيلة بمنع تلوث البيئة فى الجو والماء والطعام ، ويجب أن يعتنى بالنظافة .. هذه مهمة تبدأ فى البيت ، وتمتد إلى القريى والحى ، وإلى المنشأة الإدارية والمصنع والمدرسة فى تناغم محكم وغنى عن البيان أن الممارسة المنظمة للرياضة ( وفق نبدأ الرياضة للجميع ) تؤدى إلى تحسين المستوى الصحى العام ، وتقليل تعرض المواطنين للمرض .
§ يجب الإجهاز على محنة الامراض المتوطنة ، و الخدمة العلاجية ينبغى أن تنتشر فى كل انحاء البلاد بحيث يتوافر الحد الادنى منها للجميع ، وفق المستويات المتعارف عليها دوليا. و هذا الحد الاد نى يكون مجانا او بسعر مقدور عليه، وفق نظم ملائمة للتأمين الصحى للفئات الإجتماعية المختلفة.
§ و تشجيع صناعة الادوية الوطنية ضرورة صحية و أمنية و اقتصادية، و يجب فى هذا الشأن موالاة التطوير للأبحاث العلمية المرتبطة بهذه الصناعة ، مع التركيز على تصنيع مدخلا تها محليا.
و الإرتفاع بالمستوى الصحى العام ينبغى أن يمضى جنبا إلى جنب مع العناية بالتخصصات الطبية الدقيقة و المعقدة ، و بالمشاركة و المتابعة لما يستحدث فى وسائل التشخيص و العلاج.
التخطيط الإقليمي والسكان
§ يجب إعادة تخطيط عمليات التوسع العمرانى لتمتد افقيا خارج الوادى إلى جانب الامتداد الرأسى داخل المدن و القرى الحالية. و توفير الخدمات فى المدن و القرى و المجتمعات الجديدة و البنية التحتية ، يساعد على حل مشكلة المساكن.
§ والمجتمعات الجديدة يجب أن تنشأ خارج الارض الزراعية ، على أن تتوافرلها وسائل كسب الرزق و الخدمات بأنواعها كافة ، بدءا من مياه الشرب النقية إلى المسارح و دور الثقافة و غيرها.
§ و مع اهتمامنا بالتوسع العمرانى و الإنتاجى خارج الوادى التقليدى ، فإن هذا التوسع ينبغى ان يخضع للتخطيط و الدراسة العلمية و الإقتصادية ، و يجب أن يخضع لأولويات الاستراتيجية التنموية الشاملة ، على العكس ما هو جار الآن.
§ السياسة العامة تهدف الى ضمان حق كل مواطن فى بيت صحى يؤويه و بتكلفة يقدر عليها ، و تلعب الدولة دورا اساسيا فى تحقيق ذلك بالاستثمار المباشر او بدعم مستلزمات البناء.
§ و يجب أن يراعى فى المسكن قدر الإمكان قربه من موقع العمل ، بل قربه من الاباء و الامهات دعما لصلة الرحم.
§ و يراعى فى بناءالمساكن إستخدام المواد المحلية فى إطار تخطيط علمى للمدن يضمن الذوق و الجمال ، حتى لا يكون المنزل مجرد مكان للإيواء ، فهو قيمة جمالية ايضا ، ولذا يجب ان نهتم بتطوير فن العمارة الإسلامية. واذا كان التمايز فى المنازل مباحا ، فإن الحد من الترف والإسراف واجب.
§ من اجل توفير مواد البناء للوحدات السكنية المطلوبة و الضرورية ، لابد من الحد من تبديد المتاح منها فى إقامة شقق فاخرة معطلة فى المدن او على الشواطئ.
§ و حفزا للإستمرار فى هذا المجال ، ومن اجل تحقيق العدالة وصيانة الحقوق ، لابد من علاقة متوازنة بين الملاك و المستأجرين ، و هذه العلاقة المتوازنة لها اهمية قصوى فى المحافظة على الثروة العقارية و الحضارية القائمة.
البحث العلمى والتطور التكنولوجي
§ نحن مأمورون دينيا بأن نسهم فى الثورة العلمية و التكنولوجية فى عالمنا المعاصر. لابد من تعبئة الجهود وتطوير المؤسسات العامة عندنا فى هذا القطاع ، كى تعمل بطاقتها القصوى فى حدود اولوياتنا وإمكاناتنا ، فبدون التقدم المتسارع فى البحث العلمى و التطور التكنولوجى تتوقف تنميتا الشاملة المستقلة ، وتتهاوى قدراتنا الدفاعية العسكرية.
§ وإذا كانت العلوم الطبيعية ذات صفة عالمية ، فالتكنولوجيا ليست كذلك ، ولذا ينبغى ان نبدع منها ما يلائمنا ، ولا ينبغى ان ننبهر بكل ما يستخدم فى دول الشمال ، ولكن يجب ان ننتقى ما يلائمنا عند الإستيراد ، وهذه المهمة لا تترك للخبراء الاجانب والشركات الدولية ، ولكنها مسؤلية علمائنا وفنيينا المؤمنين الوطنين ، فى جامعاتنا ومراكزنا البحثية ، وفى مؤسساتنا الإنتاجية والإقتصادية.
§ و التكامل بين جهود الجامعات والمراكز التابعة للأكاديمية والوزارات ضرورى لتعظيم الإستفادة من الإمكانات المحدودة المتاحة. واهتمامنا بالنهضة العالمية يشمل البحث فى المجالات الإنسانية و الإجتماعية ، إلى جانب الإهتمام بالعلوم الطبيعية ، يستلزم هذا إجراء تطويرات جذرية فى الدور الحالى لجامعاتنابالذات تنشيطا لدورها البحثى ، وارتفاعا بمستوى الدراسات العليا.
§ ولا بد من إقامة مؤسسات بحثية عربية مشتركة , وكذلك شبكات عربية متخصصة للمعلومات ، حتى نتمكن من زيادة قدراتنا فى مواجهة المخططات الدولية التى تهدف إلى إحتقار التقدم.
و يلزم لتحقيق ما سبق مضاعفة إنفاقنا فى هذا القطاع الحاكم عدة مرات ، وبوسعنا ان نستفيد فى تطوير إمكاناتنا من قدرات العلماء المصريين و العرب و المسلمين العاملين فى الخارج.
إدارة الاقتصاد وتنميته
§ المنهج الإسلامى فى الاقتصاد يضمن حق الجميع فى الكسب الحلال ، من عمل عقولهم وأيديهم وتشغيل اموالهم.و محاربة البطالة واجبة لأنها تهدر إنسانية الناس ، وكذلك لأنها تحرم تقدم الإنتاج المادى و الخدمى من قوته الدافعة المتمثـلة فى البشر المكلفين بإعمار الارض.
§ يجب ان يطلق المنهج الإسلامى طاقات العاملين بعقولهم و ايديهم تنافسا لزيادة الإنتاج وإتقانه. وحفزهذا التدافع الطيب يخالف ما يدعون إليه الان باسم"اليات السوق المرسلة "التى تدعو إليها الهيئات الدولية والشركات عابرة الجنسيات.
§ إن تدافع الناس فى مجال الاقتصاد يشهد عندنا تفاعلا بين منتجين ومستهلكين تحكمهم جميعا تقوى الله ومصالح الأمة ، فالمنتجون يحركهم إلى جانب الربح حرص تعبدى على التفوق فى انتاج السلع التى يحتاج إليها المستهلكون فإنهم إلى جانب الرغبة فى إشباع حاجاتهم يفضلون منتجات اقتصادهم ، ويضحون من أجل نجاحه تقربا إلى الله .
§ على أن التجارة الحلال فى اقتصادنا لا تشمل التجارة فى المال ، وبالتالى فإن مؤسسات الوساطة المالية لا يجوز أن تقوم على الربا امتثالا لأمر الله ، وتحقيقا لتنمية مطردة مباركة . إن التحول إلى مؤسسات مالية غير ربوية ضرورة وإن تطلب دراسة وتدرجا .
§ ويجب أن نؤكد بشكل خاص ضرورة تنجنب الانحراف العالمى المتصاعد حاليا ، والذى حول التجارة مشروعة فى الأوراق المالية من تبادل لقيم فعلية إلى تجارة ومقامرة فى الأموال والنقود . " المال الساخن " ، وتلك هى ذروة الحرام . وثابت الآن أنه سبب أكيد للخراب فى دول العالم المختلفة .
§ ويجب أن تكون حرية التنافس والتزاحم فى إطار حماية الدولة للسوق المحلية وأسعارها من سيطرة الاقتصادات الأجنبية ، وتدميرها المشروعات الوطنية . والدولة تتدخل كذلك منعا لمضار الاحتكار ، ورعاية للفئات المستضعفة ، وضمانا للارتفاع المطرد فى مستوى المعيشة لجموع المواطنين مع تقدم التنمية والانتاجية . هذا والتنمية لا يمكن أن يقال إنها حققت أهدافها ما لم ترتبط بالقضاء على الفقر .
§ والدولة تتدخل أيضا لتوجيه الاقتصاد الوطنى نحو الأهداف التنموية الاستراتيجية التى يحددها حوار قومى عام ، ويحددها الفنيون والاقتصاديون ورجال الأعمال بمشاركة وإشراف سياسى من الدولة . وتشمل الأهداف الاستراتيجية زيادة الاستثمار فى أجزاء الوطن الأكثر تخلفا ، وإنهاء الفوارق الظالمة بين المستوى الحضارى الاقتصادى للمدينة ، ومستوى القرية .
§ والدولة تتدخل لتحقيق هذه الأهداف من خلال السياسات المالية والنتقدية أساسا التى تشجع المستثمرين والمنظمين وتوجههم إلى المجالات والمناطق الأولى بالاهتمام ، وتفعل الدولة ذلك من خلال القرارات الملزمة لهؤلاء عند الضرورة .. أو من خلال الاستثمار العام المباشر .
§ وإذا كان واجبا أن تقوم التنمية الاقتصادية فى الأساس وفى المستقبل على عاتق القطاع الخاص المتعاون مع توجيهات الدولة ، فإن هذا لا يعنى إهدار المشروعات العاملة الآن فى القطاع العام ، كما حدث فى الأعوام الماضية ، بل إن هذه المشروعات يجب دفعها وتحسين اقتصادياتها وانتاجياتها .. وبيع أى شركات للقطاع الخاص ، كلها أو بعضها ، يجب أن يتم دون تعجل ضار ، وبعد حسابات دقيقة للمصالح الوطنية الترتبة على هذا البيع ، وفى كل الأحوال يجب أن يكون ثمن البيع عادلا ، ويجب ألا تضار حقوق العاملين فى الشركات المباعة ، ويجب أن يكون المشترون مستثمرين مصريين أو عربا ، إلا فى حالات تتطلب الضرورة استثناءها .
§ وإذا كانت تنمية الأنشطة الاقتصادية مطلوبة فى القطاعات المختلفة ، فإن تركيزنا الأول ينبغى أن يوجه إلى النمو العينى فى الزراعة والصناعة ، وليس الى السياحة وما يشبهها من خدمات ، رغم أهمية الحرص على قطاع السياحة مع تقييده بأحكام الشرع وضوابطه .
§ إن الشرط الأو ل عندنا لقيام الاقتصاد الإسلامى هو استقلال الإرادة والسياسات ، ويستلزم هذا من الناحية الاقتصادية الاعتماد على موارد اقتصادية مستقرة ، على أرضنا وتحت سيطرتنا ، وكذلك الاعتماد على النفس فى إنتاج السلع الضرورية ، أو بمراعاة استيراد بعض الضرورات مقابل ما نصدره من إنتاجنا ، وليس مقابل الغرق فى الديون الناتجة عن العجز فى الميزان التجارى .
§ وفى كل الأحوال ينبغى على الدولة أن تستخدم كل إمكاناتها لدعم القدرة التصديرية ، وينبغى أن تتدخل كذلك لتنظيم الاستيراد ، وعليها من أجل ذلك أن تسعى مع كل الدول المستضعفة لتثبيت حقها فى التدخل ، فى مواجهة القواعد الظالمة لصندوق النقد الدولى ولمنظمة التجارة العالمية .
§ وتتطلب التنمية المستقلة كذلك أن تعتمد استثمارتنا على مدخراتنا العامة والخاصة ، وليس على القروض الأجنبية أو على الاستثمار الأجنى المباشر ( إلا فى حالات استثنائية ) ، فهذه المصادر الأجنبية للتمويل تكون فى العادة مشروطة بتنفيذ تعليمات وسياسات تقوض استقلالنا ومصالحنا الاستراتيجية ، ويدخل فى حكم المدخرات المحلية وزيادتها اجتذاب القدر الأكبر من أموال المصريين فى الخارج ، ولا بد من تشجيع أصحاب المدخرات العربية على استثمارها فى الاقتصاد المصرى وهذا الاعتماد على المدخرات المحلية وتعبئتها يتطلب سياسات مالية ونقدية مناسبة تخالف ما يدعو له صندوق النقد الدولى .
§ فى هذا الصدد ينبغى أن تتضافر كل السياسات من أجل رفع معدل الادخار إلى 30% من الناتج المحلى الإجمالى ، وبهدف رفع معدل النمو السنوى إلى 8% ، وهذا أمر ثابت إمكان تحقيقه .
§ والاستقلال الاقتصادى الديناميكى لا يحققه إغلاق الحدود ، ولكن يجب أن يتحقق فى إطار أقصى توسع ممكن فى العلاقات الدولية فى ظل الثورة التكنولوجية المعاصرة ، ومع ثورة النقل والمواصلات . ولكن تعوقنا فى هذه الدول المستكبرة التى تستخدم القوة فى فرض علاقات اقتصادية ظالمة مسنودة بالاتفاقات والهيئات الدولية ، وبشركاتها العملاقة عابرة الجنسية ، وهذا يؤكد أكثر من أى وقت مضى أهمية العلاقات المكثفة مع الدول العربية والإسلامية بشكل خاص ، والدول المستضعفة بشكل عام .
أ – الزراعة
§ لا بد تكثيف البحث ومواكبة الثورة البيوتكنولوجية التى تقود التقدم الزراعى العالمى فى المرحلة القادمة ، وتؤدى إلى نتائج مذهلة فى أنواع المحاصيل وفى أساليب الإنتاج ، وفى انتاجية عوامل الانتاج .
§ ويجب توجيه الإنتاج الزراعى الحالى من خلال دورات ملائمة ، ومن خلال الأسعار العادلة والحافزة ، من أجل تأمين المنتجات الغذائية الضرورية وتوفير مستلزمات الصناعة ( وبخاصة مستلزمات صناعة الغزل والنسيج من القطن ومستلزمات صناعة السكر من القصب ) ، ثم تصدير الفائض ، وفى كل ذلك لا بد من الاستفادة من التقدم فى البحث العلمى والتطور التكنولوجى .
§ يجب الحرص فى استخدام الموارد الطبيعية ، ويجب منع تجريف التربة ، أو استخدام الأرض الزراعية فى التوسع الحضرى ، ويجب مراعاة اقتصاديات استخدام المياه ، وذلك فى إطار من زيادة الإنتاجية . ويجب أن يظل قطاع الزراعة على الدوام فى أيد وطنية ، فى تمويله وإنتاجه وتسويقه .
§ ويجب مراعاة إطلاق الحوافز للاستصلاح والاستزراع ، والحرص على قيام علاقات متوازنة بين الملاك والمستأجرين ، فى الأراضى القديمة والمستصلحة ، ونظام المزارعة يحقق تلك الغايات . وكذلك يجب قيام ترتيبات وتشريعات تضمن عدم استغلال الوسطاء للمنتجين عند شرائهم مستلزمات الإنتاج ، أو عند تسويق محاصيلهم .
§ وعلى طريق الوحدة العربية ، يجب مراعاة أن تكون برامجنا للتنمية الزراعية على تنسيق وتكامل مع البرامج المقابلة لها فى البلاد العربية الأخرى ، وبخاصة السودان إذ أن هذا التنسيق يؤدى إلى انتاج أكبر واقتصاديات أفضل ، وتنعكس نتائج ذلك على زيادة التجارة بين البلاد العربية .
ب – الصناعة :
§ مع القيود الطبيعية المفروضة على إمكانات التوسع الزراعى ( كمية المياه المتاحة وكذا مساحة الأرض القابلة للاستصلاح ) ، فإن مستقبل التنمية فى مصر يعتمد على الصناعة التحويلية فى المقام الأول .
§ ولا بد من تكثيف البحث ومواكبة الثورة التكنزولوجية فى مجالات الصناعة المختلفة ، من أجل تحسين استخدامنا للقوى الانتاجية التى نملكها ، ولا بد من دعم الدولة لاقتحام الصناعة المصرية للمشروعات ذات التقنية العالية ( الهاى تيك ) .
§ ويجب تعميق عملية التصنيع ، بمعنى تصنيع الآلات ومستلزمات الإنتاج فلا يكتفى بالتجميع والتعبئة .
§ وفى أوضاعنا الحالية لا بد من الحرص على استخدام مستويات تكنولوجية مختلفة ، ولا يجوز إهدار المشروعات الصغيرة والمتوسطة كثيفة العمالة ، بل يجب أن نتوسع فيها ، ولا يتعارض هذا مع اقتحام مجال " الروبوت " و " الأوتومية " فى القطاعات التى نحددها .
§ والمهمة الأولى لللصناعة التحويلية تلبية المطالب الضرورية للشعب قدر الإمكان ، من غذاء وكساء ومواد للبناء وأدوية ، بالإضافة إلى مطالب الدفاع الوطنى ، ولا يتنافى هذا مع مراعاة المزايا النسبية للاقتصاد المصرى ، وفضيلة التخصص فى أفرع تمكننا من زيادة التصدير .
§ على طريق الوحدة العربية ، ينبغى أ،ن نحرص على التكامل والتنسيق مع الصناعات العربية ، وهذا التنسيق والتكامل بين الأدوار والتخصصات يؤدى فى الصناعة – شأنه فى الزراعة – إلى تحسين إنتاجية الجميع وزيادة حجم التبادل التجارى .
§ ولكى نحقق أعلى معدلات ممكنة من النمو الصناعى ، ينبغى تقديم الحوافز والضمانات لأصحاب المدخرات والمنظمين ، باعتبارهم رأس الحربة فى التنمية المنشودة ، ودون إخلال بمبدأ السيادة للاستثمار الفردى والملكية الفردية ، فإن على الدولة أن تبادر إلى الاستثمار المباشر فى أية مشروعات ضرورية يتردد القطاع الخاص فى القيام بها .
§ ولا بد من تشغيل مشروعاتنا القائمة حاليا فى كلا القطاعين العام والخاص بأعلى كفاءة كما ونوعا ، ويتطلب هذا تعديل السياسات الاقتصادية ، وتطوير الإدارة على المستوى الكلى لقطاع الصناعة ، وعلى مستوى كل مشروع على حده ، بحيث يشمل ذلك الرفع المستمر لمهارة الإدارة العليا والكوادر الوسيطة ومهارات العاملين فى خطوط الإنتاج ، مع مواصلة التطوير التكنولوجى .
ويدخل فى ذلك التوسع التدريجى إشراك القطاع الخاص فى ملكية الشركات العامة وإدارتها ، بشرط أن يكون سعر هذه الأصول منصفا وقائما على التنافس النزيه ، وبشرط أن تظل هذه الأصول فى أيد مصرية أو عربية ، ومراعاة عدم المساس بحقوق العمال الاقتصادية والاجتماعية .
أبوالمعالى