هذيان

قرأتُ فنجانك المخنوق بين كفيكِ, فلم أرَ فيهِ سوى قُبلة من القدر, وموعد لفارسٍ آتٍ إليكِ ..أكملت الخطوط وصَّلت النقاط, وجدت صورة لم تكن لي.
عدتُ متعثرًا بذكرياتي الممزَّقة , وللخيبات في ذاكرتي قاموس دائم,أردت تجاوز الخيبات لأبدأ عنوَنَة ما تبقى من صفحات الحياة بالأمل..
أمسكتُ بقلمي, ورسمتُ شفتاكِ والفنجان, وسكبت من دمي قهوة,وطويت الرسالة,وأرسلتها إليكِ مع طيور الألم السوداء,
ورسمتُك ثانية كوعدٍ كاذب, كقصَّةِ حُلمٍ مات على عتبات اليأس... رسمتكِ في أبشع الصور كي أنساكِ, فلم...,. سأبرر موقفي لأوراقي الحبلى بالوجع , لتخبركِ بأنَّ لا أنثى سواكِ تملَّكت قلبي, فأهدتني مرَّ الشراب .

....عندما ترتدي السماء قميصها الأسود؛تتسلل الذِّكريات من كلِّ صوبٍ, وتطرق أبواب العقول.
أبقى وحيدًا ألملم ما تبقى منكِ.. لأجمع ذكرى هواكِ المبعثر..فما زلت أحلم, وما زلت أعلم بأنك قلبي, ومُرّكِ سُكَّر.
يطول التَّأمُّل أبقى سجينًا بسجنِ هواكِ , فأحلُم سرًّا..أناديكِ سرًا بصوتٍ حزين, أهذا لأنِّي جعلتكِ نبضي!..وأنِّي جعلتك في الحُبِّ قدري..!
وهلَّ الشِّتاء بثوبِ الجليد, وهلَّ الوعيد بجرحٍ أكيد..فيسطع منِّي شعاع أخير, وأعزف نايًا أغنِّيكِ فيه,أناديكِ فيه؛ وأعلم أنَّكِ لن تسمعيه.

مضحكٌ أمر الذاكرة..
تتسرب أيامنا من قارورة الحياة محاولين أن ننسى شيئا فلا نستطيع ذلك,وأحيانا نحاول جاهدين أن نتذكر موقف صغير.. وأيضا لا نستطيع.

هُناك أشخاص يسرون في أوردتنا..يمتطون سُفُن الشوق..ليتجوَّلوا في مدائن قلوبنا,وينثروا عبيرهم في كلِّ الزوايا..ليتركوا ذكراهم غافية على نمارقِ الأفئدة؛فقلوبنا لهم أوطان يعيشون فيها مخلَّدين.
وحينَ تستنشق الرئتين عبيرهم المنثور,تثور العقول, وتعطف رياح العاطفة لتلقينا على شواطئِ الحنين, فنراهم في كل الوجوه ؛ فنبتسم,ونحترق..ونبكي.

تأتِي إليَّ بشوقها كفَرَاشَةٍ تستلُّ من رحمِ المسافة لي نفق
وعلى بساطِ نسيمِ أنفاس السَّما تتراقصينَ كنبضِ قلبٍ إذ خفق
ها أنتِ يا أخت الجَّمال وأمّه..ومليكة التِّبرِ المعلَّقُ في الشفق
تتألَّمين وتسكبينَ الدمع قانٍ فوق هامات المآذنِ والغسق
لي من شجونك كلّ شيء بل أزيد من الجوى، نزفِ المشاعرِ، والأرق

ما زلتُ أذكر يا حبيبةُ يومَ أرهقنا النَّظر
يوم التقينا نجمة بين الغيوم بلا قمر
لاحت إلينا من بعيدٍ ترتجي منَّا السَّهر
ألا ندعها وحدها بين الهوائل والخطر
هل تذكرينَ حبيبتي تلك الأماكن والصور؟
تلكَ الأماكن ها هنا..بيني وبينكِ تُختصر
كان الهوا يروي لنا قصص الهوى تحت المطر
كُنَّا معا ..يا حلوتي.. لكنَّهُ جاء القدر

(إنِّي أحبُّكِ) قُلتها ألفا وما =ملَّ اللسان عذوبةً وغراما
سبعٌ وعامٌ ثمَّ عامٌ تاسعٌ=وأنا أردِّد نشوةً وهياما
فأدورُ في فلكِ المحبَّةِ تائها=وجنون عشقي يعزف الأنغاما

قدري أنا.. ألّا أحبَّ سواكِ
فالعين تسأل غيمها.. أيراكِ؟

النَّبض أضرمهُ الهوى وأثارهُ
والرمش يغفو هائمًا بلقاكِ

والقلب أحياهُ النَّوى وأماتهُ
أَهَوَاكِ سُقمًا والدَّوا شفتاكِ.؟!

ثوب الجليد مناسبٌ لأميرة ٍ
والزَّهرُ ثوبُكِ..مُذْ خُلِقْتُ أراكِ

يا أنتِ إنِّي في هواكِ معذَّبٌ
والشَّوق يُلقي خافقي بهلاكِ

أنَّا يُعذَّبَ مثل قلبي في الهوى
مُذ أن عرفتك واتَّخذتُ هواكِ

عشقتُ وشاحكِ الذَّهبيّ
مسدولًا
على كتفيكِ يا عمري,
ولون ثيابُكِ الخضراء
فوق السَّهلِ
والجبلِ..

وقُلتُ
بأنَّكِ الأحلى
وأنَّ البحر يعرفنا..
وأنَّكِ
شاطئ الأملِ..

تقاتلنا..,
وكانت نكسة أُخرى,
فسال الزَّيت مقهورًا
على أغصانِ فرقتنا..
تغرَّبنا..
وتاه التين في دمعي,
وصار القمح مصلوبا
على التلِّ..

لماذا نرتوي ألمًا؟
وقد كُنَّا
نُقيمُ العرسَ
مسرورينَ
في المحرابِ
والحاراتِ
كالأحبابِ والأهلِ ..

لم يبقَ لي منِّي إلَّاكِ