صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 20

الموضوع: لســــت وحدي ...

  1. #1
    الصورة الرمزية ناريمان الشريف
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : في بلاد ٍ الموت فيها معجون بالحياة
    العمر : 66
    المشاركات : 1,388
    المواضيع : 61
    الردود : 1388
    المعدل اليومي : 0.23
    من مواضيعي

      افتراضي لســــت وحدي ...

      لست وحدي
      ( الجزء الأول )



      تفاجئني الأضواء الخافتة , الهدوء
      سقط نظري للتو لحظة دخولي المنزل على الأريكة
      التي اعتادت أن تجلس عليها أمي ,
      لكنها ليست هناك, ماذا جرى ؟
      الستارة متهدلة , تتحرك كلما لفحها الزمهرير الآتي من الخارج
      وكأنها تشكو شيئا ما غير عادي حدث في هذا البيت الكئيب,..
      يتسلل إلي إحساس بالوحشة ,
      وأنا أسائل نفسي : ربما قتلها !
      أنظر بسرعة إلى أرضية الغرفة فلا أرى أثرا للدم
      أو ربما خنقها من غير آثار ,
      أصوات توقعاتي تنبح بداخلي , أصداء صراخي ترتد في حلقي,
      ووجهي باهت أريد أن اصرخ وفحيح صراخي يذكـّرني :
      انتبهي الصراخ ممنوع !!

      تنتابني حاجة للبكاء ما دام الصراخ مختوما بالشمع الأحمر ومحظورا وأنا احتاج إليه
      آآه .. إنه البكاء..
      لأول مرة أجد أنني أستطيع ممارسة شيء من غير اعتراض
      ولكنه محدود بالصمت من غير إزعاج .
      ألتفت إلى الأريكة فأرى زوج أمي يجلس عليها ..
      يعالج كتابا ما ولا يبدو عليه أي قلق او ما يشير إلى التوتر..
      تساءلت : هل ساءت حالة أمي ونقلت إلى المستشفى
      في غيابي أو قد تكون ماتت؟
      لا
      فلم تكن فترة غيابي كافية لهذا
      إنها المرة الوحيدة التي أغيب فيها كل هذا الوقت
      منذ أن اقعد الشلل الكلي أمي في الفراش
      ومع ذلك ..شيء ما قد حدث
      مع انه هادىء النفس مرتاح
      وهذا لا يعني انه لم يحدث شيء يقلق
      فاللامبالاة من طباعه القاتلة
      اذكر-قبل أعوام- يوم خرج الطبيب من غرفة أمي يخبره بشللها
      وكأنه تلقى نبأ مولدها , وأتذكر كيف انبعثت من ملامحه فرحة مكتومة حاول إخفاءها
      واستطعت ببراءتي أن ألمحها في عينيه
      فلقد تعودت تقطيبة جبينه فكان من السهل علي رغم صغر سني
      أن الـْحظ أي تغيير على ملامحه مهما كان بسيطا ,
      ومنذ ذلك اليوم ما انفكـّت دموعي تنساب على وجهي ,
      فهذا الشبح يزرعني في أرض البؤس ويجني ثمار بؤسي كل لحظة .
      لا أحب الحديث إلى هذا الرجل لكني مضطرة لسؤاله :
      أين أمي ؟ أين أمي؟
      ويجيبني , مانعا إياي دخول الغرفة ريثما يخرج الطبيب
      متأهبا للحظة ضعف أرتمي فيها بخضنه
      أجهش بالبكاء ليربت على ظهري :
      اطمئني لا تخافي لست وحدك..
      لكنني لا أمنحه هذه الفرصة ,
      فكتمت كل مشاعر ألم بداخلي
      حتى الاسئلة التي كان علي أن أسألها ,
      لا أريد أن أحصل على جوابها منه ,
      وقلت في نفسي سأنتظر الطبيب
      وأسمع منه تفاصيل حالتها..

      وبدأت أترقب لحظة خروجه ,
      ومن الشـقّ الذي يفصل الباب عن الجدار أحاول أن أسمع شيئا
      أو أرى شيئا
      ولكنني لا أفلح..!
      فجلست على كرسي بجانب باب الغرفة
      أفرك يدا بيد أبدد بهذا الاحتكاك غيظي وحيرتي
      فكم كنت بحاجة أن أقرض الباب بأسناني لأسمع شيئا ,
      انتظرت ...... ولم يعد بمقدوري الانتظار
      ولم يكن بوسعي اقتحام الغرفة
      ورؤية الإجابات عن أسئلتي بأم عيني ,
      كل ذلك لا أستطيعه حسب ادعاءات ذلك الشيء
      الذي يجلس أمامي ..
      كما كان يأمرني بعدم التدخل بأي أمر بدعوى إنه لا يخصّني
      فعندما كنت أراه يبطش وجه أمي بيده
      فأحاول الدفاع عنها فأصرخ في وجهه عله يرتد
      لكنه يمارس رجولة أنامله على خدي الصغير
      فأرتد للخلف عاجزة عن فعل أي شيء أو حتى عن قول شيء ,
      قلت في نفسي :
      إن كان ضربه لامي لا يخصني فلا شك أن موتها يعنيني
      وان كنت البارحة صغيرة
      فأنا اليوم كبرت وكبرت الجراحات بداخلي
      حتى الخوف ترعرع شبحه بداخلي من نظراته السخيفة
      المسلطة علي للالتزام بكل ما يأمرني به ,
      أما الآن فأ شعر بذرات الغضب تجتاح جمجمتي
      وتخترق أصداغي كرصاصة قاتلة ,
      ورغم هذا لا استطيع التفوه بحرف..

      تجملت بالصبر ريثما يخرج الطبيب وأنا أسـلـّي نفسي
      وقطرات المطر الجريئة تضرب النوافذ بقسوة
      وأحس أنها أفضل مني لأنها استطاعت أن تقول شيئا ,
      أو على الأقل يصدر عنها صوت..
      ربما صوت فرح أو تصفيق ألــم ..
      وهذا نحيبي يختلط بأنـّات حبات المطر..
      ربما شهقة الموت؟! ولكن أي موت؟!!!!!

      لقد رأيتها تموت مرة حزنا على أبي , ومرة تموت ندما على ارتباطها بهذا الذئب..
      رأيت شهقة الموت تخرج من جوفها في نهاية
      كل نقاش بينهما يتحول إلى صراع ,
      وآخر مرة شهدت موتها عندما رؤيتي أبكي ممزقة الثياب
      عندما هجم علي يراودني عن نفسي......
      أي موت؟؟؟
      فـللموت أشكال وأحجام وألوان في هذا البيت الكئيب..
      الآن اسمع شيئا كالأنين, مـرّ ا غريبا , لم اعتد على سماعه ,
      له رائحة كرائحة الحناء , له صوت أشبه بفحيح الأفاعي
      لم اعد أميز الأصوات ..
      فغمغمات الرعد تـنبعث في كل الارجاء..
      تدكّ أي هدوء يحاول ان يتسلل الى المكان ..
      كل الاصوات شبيهة ببعض ..
      طرطقة المطر وصلصلة الرعد وأنفاس الذئب المتصاعدة..
      وذلك الصفير المتسلل خفية من فتحات النوافذ المتكسر
      يبعث في عضلاتي جنونا هستيريا فأحس بيدي تكبر وتكبر
      .. تستـل سكـّينا من مكان ما ربما من بين جراحاتي
      ربما من عظامي
      وتضربه على رأسه ضربة تريحني من سماع أنفاسه ,
      لكنه لا يموت حي يرزق ،
      حيّ يقرأ حيّ يـُعذب ولا يتعذب حيـّة تسعى..
      طال انتظاري والأنين يشتد يتصاعد يصفع النقاش مع ذاتي
      فالتفت نحو الغرفة ..
      تأخر الطبيب !!
      الهواء يشهق بلا انقطاع والمطر يزداد شراسة
      ويزيد إحساسي بالبرد
      وأنا اقبع داخل فستان مبلل لم اجد وقتا لاستبداله
      والذئب المثقف لا زال يجلس على الأريكة
      وقد أشرف الليل على أن يُحكم قبضته على رقبة النهار
      ليخنق ما تبقى من ضوء ,
      يتقلب في المكان الذي طلبت أمي ذات يوم أن أنقلها عليها
      لأنها تحس بالراحة والصبر على البلاء
      وهي تراني أمام عينيها لتكون رقيبا على تصرفات هذا العجوز المتوحش
      لم أرغب يوما بإعلامها بملاحقته لي حتى لا يزداد بؤسها
      وحتى لا تزداد ألامها عفونة
      لقد عرفتْ ذلك بنفسها ذات يوم وقد رأته يطاردني
      وأنا أهرب من مكان لآخر
      رأته يلهث يتصبب عرقا ككلب مسعور
      والبصاق يسيل من فمه
      حزنا على فريسته التي ضاعت منه..
      وهذا المشهد المروع كان جرثومة مرضها المزمن
      نعم لقد كانت تكره سريرها الذي جمعها ذات يوم به
      الانين يعلو ويهبط يتراقص كمؤشر البوصلة
      كل شيء يعلو ويشتد
      وهو يزداد هدوءا يتصفح كتابا أعرج
      أحاول عن بعد أن أتمعن الصورة التي على الغلاف
      لم أرَ شيئا محددا يـبدو
      وكأنـّه شبح امرأة شبه عارية
      أزيع بنظري جانبا ومن خلال تلك الصورة
      أستقرئ عنوان الكتاب الذي يقرأ ,
      فترتسم أمام عيوني حروفا تـناسب الحالة فأترجم الصورة ,
      لا أقرأ ولا أعرف حتى أبسط الحروف
      نعم لقد كنت أحب المدرسة وأعشق منظر التلميذات
      وهن يحملن الحقائب ويلبسن الزي المدرسي الموحد ,
      كنت أقف على النافذة صباحا وأنا أرى الطالبات
      فأبكى ضعف حالي وقلة حيلتي ,
      أحب القراءة وتعلم الحروف لكن حيث تبقى كلمة لكن !!
      سدا أمام أي عمل جاد
      ويبقى هذا الوحش رمزا لتحطيم أي معنى للطموح ,
      فكم مزق كتاب القراءة الذي كنت استرق لحظات غيابه
      لأتصفـّح صوره
      وأحاول مطابقتها على الحروف لعلـّي أتعلم شيئا منه ,
      حتى العرائس اللواتي تلعب بهن الصغيرات لم يكن مصيرها
      سوى الركل والرفس
      كلما رآني ألهو بها مع انها من صنع يدي ولم يكلفه ذلك شيئا ,
      انه يكره أن يراني افعل شيئا يخصني ,
      فكل ما يحبه من تصرفاتي هو خدمتي المخلصة له ولأصدقائه ,
      وكل ما يحبه هو إفعام معدته بالطعام الذي أعدّه ,
      أصرخ في وجهه: اكرهك , اكرهك يا قاتل طفولتي ,
      يا .........
      لكنني لا استطيع فقد يسمعني ,
      الكلمات تتأرجح في حلقي وتقف كخنجر مشرشر
      إن أخرجته جرحني وان أبقيته آلمني ..
      يقلب صفحة أخرى من كتابه ,
      ينهمك في القراءة فأرى عينيه تتسلل من خلال صفحات كتابه
      وتتلمس ساقي يتأمل وجهي ويبتسم ,
      نظراته الحادة تثقب فستاني تمزقه لتصل إلى جسدي
      فأجفل
      وأتمعـّن الكتاب مرة أخرى لأقرأ شيئا ,
      نعم أستطيع ان اقرأ – كيف تصطاد النساء-
      لا بد أنه يدرب نفسه كيف يصطاد الفريسة
      ثم يرمي بها في واد الهلاك بداخله بعد ان يمتص دماءها,
      يواصل تقليب الصفحات وكأن ما يحدث لأمي لا يعنيه ,
      والمطر لا يتوقف والطبيب لا زال يفحص أمي..
      وهو لا زال يتقلب على الأريكة يتحسسها
      ويحسب احتمال استيعابها لامرأة أخرى
      يوهمها بحبه ثم يتزوجها ثم يقتلها بطريقته الخاصة..
      نعم فلقد علمت أمي بعد زواجها بفترة انه كان قد تزوج قبلها ثلاث مرات .
      بم أفكر ؟؟ أين أمي ؟
      هنا كانت تجلس قبل ساعة
      لا بد انك أنت السبب في حالتها التي آلت إليها في غيابي
      ليتـني لم اخرج .
      يراودني شعور غريب ..
      حقد أسود يزداد سوادا يضاف إلى حقد قديم يتورم
      فيحمر فيزرق فيسود
      كمثل الأورام التي في جسدي من كثرة الضرب ,
      لمن الدور يا ترى ؟
      لا بد انني الضحية القادمة يكون مصيري كمصير السابقات ,
      رفعت عيني أتأمل قذارته وأعضائي تشكو البرد
      فيبتسم لي بخبث
      وكأنه يتابع افكاري.. ويلتي !!
      هل يسمعني؟؟ يخرج سيجارته ويهم بإشعالها
      فيأمرني بفنجان من القهوة ,
      طبعا
      لا استطيع الرفض,
      ولم الرفض راضيت نفسي با لموافقة فقلت لنفسي:
      سألهيك ريثما يخرج الطبيب ,
      اخلع نفسي عن الكرسي وقد التصقت به ,
      وأسير إلى المطبخ عبر ممر كئيب حزين معتم كدهاليز السجون ,
      فتمر بخاطري ذكرى طازجة حدثت البارحة ,
      هنا امسك بيدي وضغط عليها قائلا:
      لا تقولي أنت مثل أبي أنا لست أبيك وعيناه جاحظتان
      تخرج من تجويفهما تقرضني وتعود إلى مكانها ,
      وأخيرا وصلت المطبخ, وكأنني قطعت رحلة صحراوية شاقة
      على ظهر سلحفاة تـتبختر,
      وكلي أتأرجح والدوار يأخذني ,
      وما تبقى مني يريد أن يهوي ساقطا,
      لم يبق في أحداقي دموع استعين بها على ضعفي
      أذيب بها طبقة من طبقات الألم المتراكم ,
      أسرع في استحضار القهوة
      خوفا من أن يخرج الطبيب في غيبتي
      فتفوتني كلمة عن حالة امي ,
      أرفع الابريق عن النار أتمالك نفسي ,
      أخشى السقوط خوفا من أن يقع مني شيء ينكسر
      فأعاقب على سقوطه ,
      حملت القهوة وعدت مسرعة اعبر الممر
      والقهوة تتراقص بين يدي وكأنها هي التي تحملني ,
      وبخطوات متثاقلة سرت نحوه وقدمت القهوة
      وتهالكت على الكرسي انتظر ,
      فالانتظار هو مهمتي يتخللها ذكريات مسمومة .
      في ديسمبر يداهم البرد كل شيء حتى إحساسي بالحياة
      ورغبتي في البقاء ,
      فالمح دفتر التقويم المعلق على المقابل
      يتدلى حزينا تتمزق صفحاته بسرعة البرق
      وإحساسي باقتراب نهايتي مثله تماما ,
      على كل ورقة تمزق وتطرح في سلة النفايات
      كنت اكتب عليها أكرهك ,
      على كل ورقة تقذف الى عالم الأموات
      كانت أمي تقول : طلقني أرجوك,
      الأنيـن داخل الغرفة يتهادى ,
      أنتظر وأنتظر وأعضائي ينفر منها الدفء ,
      ومع الانتظار اكره بلادته ورجولته المصطنعة
      برغم كبر سنه وانحناءة ظهره التي تعلن عن عجزه
      فتجاعيده المحفورة حول عينيه تنذر بمستقبل مرعب موحش ,
      كم اكره المستقبل كما اكره الماضي ,
      ماذا يمكن أن يحصل لو ماتت أمي ,
      ربما اكون زوجته احضر الفطور ويناديني
      يعوي سعالا كعادته من كثرة التدخين :
      يا غبية أيـن الماء الساخن ,كل شيء مطلوب مني
      فالماء الساخن ضروري لغسل وجهه وعينيه
      وتطهيرها من نظراته السافلة ,
      ثم احضر الطعام ليأكل واقتات أنا من علقم قسوته
      ثلاث وجبات يومية ,
      تماما كما الوجبات في البيوت الخالية من الثقوب
      وربما تزداد الوجبات مستقبلا
      وربما يكون لي طفلة ويلاحقها وأصاب بالشلل وأموت –

      هنا زمجرت بزعقة خرجت مني رغما عني
      وكأني اشهد الموت حقا
      فصحوت من غفلتي على توقف المطر ..

      توقف المطر وتهالك الزمهرير
      وكلّ الأنين بداخل الغرفة المغلقة
      وتحول فجأة إلى زفرة واحدة لا أكثر..
      أسرعت اندفع نحو الباب والطبيب يخرج
      وقد ترك الباب مفتوحا ,
      توجهت نحو السرير لأرى أمي جسدا مسجى مغطى
      بلا انين ,

      أدركت أن أمي قد انتهت

      انتهت !!
      أبـكي .. وأبـكي إذ لا وقت للبكاء ,
      أمي ماتت وعلي أن أفكر ,,,
      تقيدني فكرة الهروب قبل أن ينقض علي ويفـترسني ,
      ولكن 00 كيف سأغادر؟؟ والى أيـن؟
      والعالم كله رجل أكاد افقد النطق, ماذا افعل ؟؟
      لقد ماتت أمي لأتعذب
      وأبقى هنا وحدي وحدي!
      لا لست وحدي






      ( بقلمي )
      يتبع >>>>>>
      ناريمان الشريف

    • #2
      الصورة الرمزية كريمة سعيد
      أديبة
      تاريخ التسجيل : Nov 2009
      المشاركات : 1,436
      المواضيع : 34
      الردود : 1436
      المعدل اليومي : 0.25
      من مواضيعي

        افتراضي

        قصة تصور واقعا يتناسل كالطتعون ... ويغتال البسمة والأمل آلاف المرات في كل ثانية وفي مختلف الأماكن

        راقني هذا السرد الجميل فاستمري لأظل متابعة

        كل المودة والتقدير

      • #3
        الصورة الرمزية ناريمان الشريف
        أديبة
        تاريخ التسجيل : Mar 2009
        الدولة : في بلاد ٍ الموت فيها معجون بالحياة
        العمر : 66
        المشاركات : 1,388
        المواضيع : 61
        الردود : 1388
        المعدل اليومي : 0.23
        من مواضيعي

          افتراضي

          اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كريمة سعيد مشاهدة المشاركة
          قصة تصور واقعا يتناسل كالطتعون ... ويغتال البسمة والأمل آلاف المرات في كل ثانية وفي مختلف الأماكن
          راقني هذا السرد الجميل فاستمري لأظل متابعة
          كل المودة والتقدير
          غاليتي كريمة
          سلام عليك حيث أنت
          أشكر لك قراءتك .. وحضورك الذي أسعدني
          الجزء التالي قادم بإذن الله
          لن تطيلي الانتظار
          محبتي




          ..... ناريمان

        • #4
          الصورة الرمزية ناريمان الشريف
          أديبة
          تاريخ التسجيل : Mar 2009
          الدولة : في بلاد ٍ الموت فيها معجون بالحياة
          العمر : 66
          المشاركات : 1,388
          المواضيع : 61
          الردود : 1388
          المعدل اليومي : 0.23
          من مواضيعي

            افتراضي

            لست وحدي
            الجزء الثاني ( في وداع أمي )


            ماتت أمي .. ولم تغادر بعد
            راحت روحها .. لكن جسدها لا زال هنا
            الجو لا زال يبشر بمزيد من البرد الجاف
            الأشبه بتنهداتي الليلية الممزوجة بحرقة الوجع
            اقتربت من أمي ومددت نفسي في سريرها كما عودتني
            حتى التصقت بها أنشد شيئا من حنان لا زال يرقد في جسدها البارد ..
            عانقتها و بكيتها .. بكيت غربتي ..
            بكيت وحدتي
            بكيت حتى لم يعد في عيوني دموع أستعين بها على حزني
            فقد جفت عيوني
            فأغمضتها لاستدعاء مزيد من الدمع
            لكنني رحت في نوم عميق
            وأنا أقبع في غرفة ليس فيها سوى جسد بارد الأطراف
            شاخص العيون أحمق لا يعي ما أقول !
            وأنا وحزني .. كلنا في هذه الغرفة
            صحوت في عمق الليل أتفقد الجسد الهامد
            اقتربت من أمي وصرت أهمس لها علها تسمعني
            أمي حبيبتي .. أين تذهبين وتتركينني وحدي أين ؟
            أجيبيني .. يقولون : إن الميت لا يذهب سمعه بسرعة
            إذن لا بد أنها تسمع كلماتي ولكنها لا تجيب !!
            وصرت ألاعب جفنيها وأداعب شعرها الأبيض
            وأتحسس وجهها الذي غزته التجاعيد بلا رحمة
            رتبت نفسي قليلا ورحت كالمجنونة أبحث في محتوياتها
            علني أجد شيئا يربطني بها أكثر قبل أن تغادر
            كان الليل قد أوشك أن يغادرهو الآخر
            فأسرعت ألملم نفسي من جديد قبل أن يهرع الجمع لوداع أمي
            ارتديت ملابسي بسرعة
            وذهبت أستقبل خالتي الوحيدة
            إنها خالتي مديحة
            كم حدثتني أمي عنها ..
            ها هي تدخل بجسدها الممتلئ وتمشي على عجل
            وكأنها تتكئ على بعضها وهي تجهش بالبكاء
            وتضمني إلى صدرها
            فاسترجعت شيئا من دموع ضاعت مني في ليلة فائتة ..
            وكأنها اعتصرتني وأفرغت ما بي من دموع
            فبكيت من جديد
            وأحسست بضمتها لي دعوتي للإقامة معها
            مما أضفى على روحي شيئا من الراحة
            لأني وجدت إجابة على سؤالي
            أين أذهب ؟
            لم تطل إقامة أمي في البيت
            فها هي في نعشها تنقل إلى بيتها الجديد
            يا ليتها أخذتني معها
            وما هي إلا دقائق حتى امتلأ البيت
            والكل يأمرني بالكف عن البكاء
            فزممت الدمع والقلب يشتعل
            وقبل أن تغادر البيت وجدتني أصرخ وأصرخ
            أين تذهبين وتتركينني وحدي
            وهجمت على الجسد المسجى
            فمنعني النسوة من الاقتراب منها
            فأرخيت ما تبقى من أضلاعي المنهكة
            بين أحضان خالتي مديحة
            وطالت إقامتي بين يديها ..
            الآن لم يتبق شيء.. بل انتهى كل شيء
            راحت أمي جسداً وروحاً .. راحت إلى الأبد
            وانفـضّ الناس كل إلى حال سبيله كأن شيئاً لم يكن
            .............
            لملمت حاجياتي التافهة وكأني على سفر






            ....... يتبع
            مع تحياتي ... ناريمان الشريف

          • #5
            أديبة
            تاريخ التسجيل : Dec 2009
            المشاركات : 3,742
            المواضيع : 26
            الردود : 3742
            المعدل اليومي : 0.65
            من مواضيعي

              افتراضي

              ناريمان الشريف

              بربك قولي ان القصة محض خيال


            • #6
              الصورة الرمزية ناريمان الشريف
              أديبة
              تاريخ التسجيل : Mar 2009
              الدولة : في بلاد ٍ الموت فيها معجون بالحياة
              العمر : 66
              المشاركات : 1,388
              المواضيع : 61
              الردود : 1388
              المعدل اليومي : 0.23
              من مواضيعي

                افتراضي

                اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أماني عواد مشاهدة المشاركة
                ناريمان الشريف

                بربك قولي ان القصة محض خيال

                غاليتي أماني
                سلام الله عليك .. كم يسعدني تواجدك هنا لقراءة روايتي
                وللأسف الشديد .. الرواية من صميم الواقع
                أشكر لك هذه المشاعر الرقراقة
                محبتي




                ..... ناريمان

              • #7
                الصورة الرمزية ناريمان الشريف
                أديبة
                تاريخ التسجيل : Mar 2009
                الدولة : في بلاد ٍ الموت فيها معجون بالحياة
                العمر : 66
                المشاركات : 1,388
                المواضيع : 61
                الردود : 1388
                المعدل اليومي : 0.23
                من مواضيعي

                  افتراضي

                  لست وحدي (3)
                  خرجت وخالتي وقد استبد الظلام .. أجرجر نفسي خلفها
                  تمشي وأنا ألمحها من الخلف تتأرجح يمنة ويسرة
                  ولما وصلنا نهاية الشارع .. وقبل أن ننعطف الى الآخر
                  أزحت رأسي الى الخلف ثم توقفت ..
                  أتأمل بيتنا الذي عشت فيه عمرين.. أمزج فيهما المرارة بالفرح ..
                  تسمـّرت عيناي حيث النافذة المطلة على الشارع
                  علني أرى وجه أمي
                  فمن تلك النافذة كانت تناديني بصوتها سناء سناء
                  لا تتأخري ..
                  صحوت على صوت خالتي تناديني .. أسرعي
                  عدت أحمل كيسيَ المهترئ
                  والذي تطل من بعض ثقوبه حاجياتي
                  وكأنها أطـلـّت هي الأخرى لتودّعَ أمي
                  لحقت بها مسرعة أتعلـّق بأذيالها ..
                  فما أشبه صوتها بصوت الحنونة التي فارقتني
                  وضعتْ يدها على كتفي تضمني .. وواصلنا السير الى المنزل حتى وصلنا
                  ولا أدري ..
                  ما هذا الشعور الذي سيطر على أجزائي التي لا زالت تشكو بردها ..؟!
                  قد يكون شعوراً بفقد كل أمل بالعودة
                  أدركتُ عندها أنّ مرحلة جديدة من مراحل حياتي قد ابتدأت
                  وأنا أدوسُ بأقدامي أول بقعة على مدخل بيت خالتي
                  بيت كئيب .. لمحت تلابيب كآبته على سقفه الذي يميل الى السواد ..
                  حيث أعلنتْ أعشاشُ العنكبوت أن الفقر سابعهم .. نعم أذكر انهم كانوا ستة والفقر سابعهم
                  لم أجد في نفسي أي رغبة لمقاومة البرد الذي تغلغل في أطرافي
                  وأنا ألـجُ بيتاً أرضه مرداء موات
                  الصغار ينتشرون فيه كعصافير على شجرة بلا ورق
                  هذا يقلب كتابه المدرسي دونما انتباه
                  وذاك يلهو بكرسي خاله سيارة فارهة .. ويصنع بفمه أصواتَ شخيرها وكأنه يقودها في شارع مزدحم بالمارة
                  وذاك يتابع التلفاز ويحرك رأسه طرباً لما يـُحدثـُه الكرتون من موسيقى وحركات تأخذ عقل الكبار قبل الصغار
                  قلـّبت نظري هنا وهناك علني ألمح أحداً يلتفت إلي
                  أجلستني خالتي معلنة حضوري ..
                  فانتبه البعضُ هنيهات لا أكثر .. وعاد كلٌ الى ما كان يـُشغله ..
                  في حين ذهبتْ خالتي لتحضرَ العشاء
                  تسمّرت عيناي على الكتاب الذي يقلـّبه الصغير بلا اهتمام
                  فعدت للوراء أتذكر كتاباً ركله زوجُ أمي بقدمه ومـّزقـه بين يديه
                  وأنا أستحلفه بالله ألاّ يفعل
                  ولم يرقّ قلبـُه لتوسلاتي ومـزّقـه أشلاء
                  آآآآآآه ..
                  خرجت زفرة بطعم المر من حلقي
                  لم أستطع إخفاءَها
                  عدت أبتسم للكتاب متأملة بأني سأقرأه يوماً
                  وحمدت الله أن في هذا البيت شيئا أحبــّه ..
                  فكم أحب القراءة مع أنني لا أعرفها !!..
                  قلت في نفسي : سأتعلمها من أبناء خالتي الصغار
                  نعم .. لقد كانوا كثيرون .. لقد عرفت فيما بعد أنهم خمسة
                  أكبرهم أحمد .. فعمره يقارب عمري
                  أما سماح فهي الصبيـّة الوحيدة من بينهم
                  عادت خالتي بوجبة عشاء فاخرة .. تجمع على الطبــق الدائري
                  صحناً من الزيت ورفيقـهِ الزعتر .. وآخر..
                  وآخر فيه حبـّات زيتون نسيتُ لونها في غمرة عتم البيت بفعل الضوء الخافت
                  دعتني خالتي لتناول العشاء
                  ألتفت الى السفرة وقد عضني الجوع ..
                  وغابت قليلا ثم عادت بصحن من البيض المقلي ..
                  وما أن اشتم الصغار رائحة البيض حتى تلملموا حول المائدة
                  أكلت وجبتي بسرعة والأيادي تتقاطع في الصحون القليلة
                  لأني حسبت حساباً أن تفرغَ المائدة وأنا لا زلت جوعى
                  أكلتُ ما أكلت
                  وكأني في سباق محموم لصراع من أجل البقاء







                  ....... يتبع
                  مع تحياتي ... ناريمان الشريف

                • #8
                  الصورة الرمزية آمال المصري
                  عضو الإدارة العليا
                  أمينة سر الإدارة
                  أديبة

                  تاريخ التسجيل : Jul 2008
                  الدولة : Egypt
                  المشاركات : 23,993
                  المواضيع : 418
                  الردود : 23993
                  المعدل اليومي : 3.80
                  من مواضيعي

                    افتراضي

                    قرأت الأجزاء الثلاثة وماإن وصلت للصفحة الثانية حتى صدمني ردك على أماني أنها ليست من نسج الخيال بل واقعية فعاودت قراءتها مرة أخرى
                    بي شوق لمتابعة أحداثها المثيرة للشفقة من جانب الفتاة .. والمثيرة للتقذذ من جانب زوج الأم الذي لاأخاله إلا ذئب بشري بكل ماتعنيه الكلمة
                    في الانتظار
                    ومرحبا بك في ربوع الواحة
                    جل التقدير
                    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

                  • #9
                    شاعرة
                    تاريخ التسجيل : Jan 2010
                    الدولة : على أرض العروبة
                    المشاركات : 34,992
                    المواضيع : 293
                    الردود : 34992
                    المعدل اليومي : 6.07
                    من مواضيعي

                      افتراضي

                      حيث أننا ما نزال في البداية، وأن الرواية تحملفكرةكبيرا، وتصاغ بلغة جميلة وقدرة هائلة على الغوص فيس أعماق النفس واستجلاء حواراتها، فلعلنا نؤجلالخوض في تقديم رأي نقدي بمحتواها ، ونكتفي برجاء ...
                      ليتك تكتبينها بأسلوب الفقرة المترابطة وتتجنبين هذا التقطيع الذي يؤثر في جمالية النص

                      لغة أحب ان أتابعها

                      دمت بألق
                      تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

                    • #10
                      مشرفة عامة
                      أديبة

                      تاريخ التسجيل : Aug 2012
                      المشاركات : 22,924
                      المواضيع : 390
                      الردود : 22924
                      المعدل اليومي : 4.74
                      من مواضيعي

                        افتراضي

                        حدثني قلبي من السطورالأولى في القصة إن هذا السرد الرائع لتلك القصة المؤلمة
                        وذلك التصوير الدقيق والبليغ الذي جعلنا ننساب مع أحداث تلك القصة لا يمكن أن
                        يكون إلا من صميم واقع مر لحياة فتاة بائسة.
                        بلغة نابعة من إحساس عميق جعلتنا نلمس الصدق في كل كلمة ـ بالسرد والوصف
                        أدمجت الصورة بالقص فوصلت بصدق عجيب إلى حد الوجع.
                        أين بقية الرواية ؟؟؟ ليتك لا تتركينا هكذا معلقين.

                      صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

                      المواضيع المتشابهه

                      1. وحدي من يدري
                        بواسطة مرآة النفس في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
                        مشاركات: 26
                        آخر مشاركة: 12-06-2019, 11:19 AM
                      2. وحدي أقرع طبول الفرح و أبكي
                        بواسطة سعيد أبو نعسة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
                        مشاركات: 27
                        آخر مشاركة: 04-11-2015, 12:01 PM
                      3. تعبتُ من الغناء وحدي !
                        بواسطة حنان الاغا في المنتدى مُنتَدَى الرَّاحِلَةِ حَنَانِ الأَغَا
                        مشاركات: 29
                        آخر مشاركة: 16-04-2009, 08:14 PM
                      4. وحدي أنا والليل
                        بواسطة عطاف سالم في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
                        مشاركات: 21
                        آخر مشاركة: 04-08-2008, 10:27 AM
                      5. !..وَ سِـرتـُ وحديّ..!
                        بواسطة ثامر الجريش في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
                        مشاركات: 10
                        آخر مشاركة: 30-05-2007, 01:56 PM