جـادك الشعـرُ بأسمـى لُغـةِ نَفَحـاتٍ ضوّعـت ملحمـتـي
نضَّدَت من زهرِ بوحـي باقـةً و رَوَت مـن بَتَـلاتٍ شَفـتـي
حين لف الشعرَ نـوءٌ عاصـفٌ سَمَقَت فوقَ الـذرى مفردتـي
و انتَقَـت بحـراً خليليـاً و لـم تُصـغِ للتفعيـلـةِ المُحـدثـةِ
بـلآلٍ رصّـعـت سُلَّمـهـا لِعُكـاظٍ .. لا إلـى العصـرنـةِ
أخذتنـي في رُبـى عِزَّتِـهـا !،فَرَدَت فـي أُفقِهـا أجنحتـي !
عانَقَت وحيـاً وشعّـت منطِقـاً و زَهَـت نـوراً علـى محبرتـي
وَسِعَت ..! لكن تُراهـا تحتـوي رحـلـةَ التِـيهِ بقفـرِ الغـربةِ
حسَكَ الآلامِ ، أقـداحَ الأسـى مـهمـهَ اليـأسِ و بؤسَ الرحلةِ
نَزَفَت روحـي فهـل أُسمعُكـم إن تغافلتـم ضجيجَ النـشـرةِ
كيف واللـيلُ يسـجّي هِمّتـي و يواريـها بكهـفِ الوحـشةِ
و بياني قاصـرُ الشعرِ وقـد مُـدّتِ الأيـدي لِوأدِ الوثبـةِ
تلكَ أوطانـي.. وتلكـم أمّتـي كلُّها تشكـو قيـودَ العُسـرةِ
رَزَحَت تحـتَ احتـلالٍ غاشـمٍ فمتـى يُمطـرُ غيـثُ النُصـرةِ
ومتى ينـعمُ بالعـيـدِ مدى في ثيـابِ البـؤسِ والمسـغبةِ ؟!
جئـتُ لا أعـلـمُ إلاّ أنـنـي عربـيٌ مسلـمٌ فـي نخـوتـي
أكـرمُ النـاسِ وأسمـى أمّــةٍ تتبـعُ الحـقَ ونهـجَ القـدوةِ
سادةُ الدهرِ ..و آسـادُ الحِمـى أشرقـوا هديـاً بأسمـى حِقبـةِ
حقبةٌ حَنَّـت لهـا كـلُ الدنـى لشمـوسِ الأُمّــةِ المشـرقـةِ
علّنـي والليـلُ قفْـرٌ موحـشٌ أُشعـلُ النـارَ وأبنـي خيمتـي
علّنـي والمـوجُ طـامٍ أرتضي مرفـأً يهـدي بهـا بوصلتـي
و أرى مـن لُجتـي شاطئَـهـا و أمـدُّ العـزمَ فـي أشرعتـي
أصطفـي مـن دنِّهـا ترياقهـا و أَبُـثُ الـروحَ في تجربتـي !
أُمّــةٌ كبَّلَـهـا أبـنـاؤهـا بقيـودٍ مـن أُتـونِ النكسـةِ
أسمعَت صوتاً وفاضـت أنّـةً : (صدئَ السيفُ وشُجت جبهتي !)
أأرى العالـمَ كوخـاً فـارهـاً وأنا يـا ويحكـم فـي عزلتـي
أفـلا يكفيكـمُ مـا حُـزتُـهُ مهبطَ الوحـيِ و أُولـى قِبلـةِ
أنسيتـم فـي دُجـى غفلتِكـم معلـمَ النـورِ فنـارَ القـريـةِ
ومضيتـم مثلمـا شِـيءَ لكـم فـي متاهـاتٍ إلـى العولـمـةِ
أصبحَ الإخـوانُ أسـرى فُرقـةٍ أسقَطَت - أوّاهُ – تاجَ الوحـدةِ
مزّقَت روحـاً وسنّـت مخلبـاً و سَقَت نابَ الـردى أوردتـي
أبصرَ الأعمـى عـداءَ الإخـوةِ وبكى النـاسُ شتـاتَ الأسـرةِ
أأرى فيكـم حكيمـاً راشـداً يئـدُ الكُـرهَ و غـولَ الفُرقـةِ
بصناديـدٍ سَمـوا فـي غــزةِ و بأفـذاذِ النُهـى فـي الضفـةِ
ولقـد آن لكـم فاستمـعـوا لنشيـجٍ ضـجَّ فـي حنجرتـي
و لقـد آن لكـم فاتّـحـدوا و اخرُجوا من غيهـبِ الزوبعـةِ
آن أن تبنـوا جميعـاً دولــةً لا كما شِـيءَ لهـا مـن دولـةِ
لا كمـا رامَ لـهـا أعـداؤنـا لا كمـا خُطـطَ للشـرذمـةِ
خلقوا إفكـاً وصاغـوا حُجـةً مَهَدُوا الدربَ إلـى الشرنقـةِ
شّخِصوا الداءَ و هُبّـوا سـادةً آن أن ندفـنَ ذكـرى النكبـةِ
لا ظفِرنـا بـسـلامٍ عــادلٍ لا ولن نَسلَـمَ شـرَّ الهجمـةِ !
ما عدمنا رشدَ أربـابِ الحِجـى و لَكَـم سـارَ كأسنـى شُعلـةِ
و علـى الحـقِ ستبقـى منهـمُ أمـةٌ منصـورةٌ فــي عِــزةِ
فمتى يصـدحُ فـي مسجدهـا وبأقصاهـا صـدى التكبيـرةِ
و متـى نُحيـي بهـا سالِفَهـا بنـداءِ الحـقِ فــي المئـذنـةِ
ومتـى ننهـلُ عذبـاً سلسـلاً من فراتٍ ساغَ أو مـن دجلـةِ؟
إخـوةٌ نبقـى - وإن شَتَتـنـا نافـخُ الكِيـرِ - بنهـجِ المِلـةِ
يـردُ الأغـرابُ فـي كوثرِنـا بادّعـاءاتٍ لنهـبِ الـثـروةِ
ككـلابٍ ولغـوا فـي أرضنـا كل حيـنٍ نتّقـي مـن جبهـةِ
مثلمـا صـدَّقَ قبـلاً مُرجِـفٌ مـن أكاذيـبٍ و مـن محرقـةِ
لَفَّقُـوا بالـزورِ زعمـاً باطـلاً و استسغنا سُـمَّ تلـكَ الفِريـةِ
و تسابقنـا لِنُلـقـي عُـنـوةً بأياديـنـا إلــى التهلُـكـةِ
حرثوا الأرضَ وأخفـوا مأربـاً و تنازعنـا صـدى الأُكذوبـةِ
نهبُـوا التِبـرَ و بِتنـا نـوّمـاً و تمسكنـا بـعـضِ التُـربـةِ
و جَـرَت مـن تحتِهـم أنهارُنـا و حبونـا يـابـسَ الأرغـفـةِ
يا لِقمحِ الذاتِ .. لا الصيفُ أتى و غَـدَت في رحلـِهم سُنـبلتي
و انحنَـت يـا ويحكـم نخلُتنـا أفـلا نأسـى لتلـكَ الجنّـةِ؟!
ذلَّ هولاكـو علـى أسوارهِـا وانثنـى تيمـورُ دونَ الرغـبـةِ
فمتـى ننهـضُ مـن غفوتِنـا آن أن نكسـرَ رِبـقَ الغفـلـةِ
لا نرى يا قـومُ طَحنـاً و لَقـد ضَجَّـتِ الأسمـاعُ بالجعجعـةِ
حسبُنا نرجـو سلامـاً بائسـاً فلقـد طـالَ زمـانُ الـذِلَّـةِ
قلتُ ما قلـتُ وقـد أسمعتُكـم فأجيبـوا .. تِلكـمُ أسئلتـي !!
و دَعونِي من سـلامٍ و مُنـى !! قـد تولّـى زمـنُ الأخيلـةِ !!




