ذاكرةُ الدم !
إمتزجَ بكاؤها بضحكاتهم .. في أوّلِ شهقةٍ اختزنتْ ذاكرةَ الأرض !
هنا ..
الفلّ والياسمينُ تراقصا .. وصوتُ التكبير والتشهد يخترقُ الفرح ..
تناغيها .. تغنّيها .. بهمسٍ خفيّ تهدهدها ..
...
أربع نواعير تفتل بالهوا الغربي
أربع نواعير ما تغسل صدا قلبي
لطلع برأس العلو وصيح يا ربي
أنا المسكين وين اليدلني على دربي
...
تتعثر خطواتها .. تتمايل .. تسقط .. تلتقطها يدٌ حانية ، وسطَ هتافاتِ الجميع ..
ترقبها من النافذة وهي تصعد حافلة المدرسة ..
قطرات عرقهما تستحيلُ حياةً تنبض فيها .. يحوطونها .. يفدونها بالمُهج ..
تسرّ إلى أمها سراً وهي ترتجف .. تنفرجُ أسارير الأم بابتسامةٍ وتبتهج ..
تقبّلها مُطمْئنةً ..
ـ عالمٌ جديدٌ ستدخلينه بُنيتي !
هناك .. يغضّ الطرفَ كلما رآها .. بينما ينظرها خفقاتُ قلبهِ المتشوّف لضوئها القمري !
وهي كما هي .. غزالةٌ شاردةٌ .. خلاصةُ الكونِ والحياة .. تستشرفُ المستقبل بحاضرٍ ملؤهُ الأمل والأحلام ..
وهنا ..
الروائح تختلط .. الهيلُ والقهوةُ والياسمينُ والدم ..
نافورةُ الحياة تسكت ..
ممددةٌ ووجنتيها وردةٌ ربيعية .. ولا تزالُ صورتها الملائكية تشعّ وتنبض ..
رفعَ بصرهُ لينظرها .. اغرورقك عيناه بالدموعِ والشوقِ .. اعتصرتهُ نوبة ألمٍ ، فولىّ هارباً ولم يعقب ..
بكى الجميع .. وابتسمت ..
رفعا يديهما المعبّقة بدمها يشمّانه .. ينصتان إليه وهو يحدثهما !
اللونُ لونُ الدم ، والريحُ ريحُ المسك ..
هنا ..
أبتْ إلا أن تمضيَ في دربِ الخالدين ..



رد مع اقتباس