|
سئمْتُ الصّمتَ منكم أيّها البشرُ |
و أتيتُ أُسمعُكمْ لَوْ قلتُمُ : حَجَرُ |
أو تذكرون ابن الخطّابِ في زمن |
ما خابَ لوْ نادى المظْلومُ : يا عُمَرُ |
أو تذكرون صلاحَ الدّين يوم أتى |
فتحرّرَ الأقصى و تحقّق القدرُ |
لكنَّ ذاك زمانٌ لم يدمْ أبداً |
فتساقطَ الأقصى في الأسْرِ يحتضِرُ |
هذا اليهوديّ الملعونُ مُذْ وطئتْ |
قدماه أقصانا والنّار تسْتعرُ |
ما انتابهم خوفٌ ، ما راعهم هلعٌ |
ما استذكروا عِبراً ، ما ردّهم حذَرُ |
هم يدّعون سلاماً ماله أسُسٌ |
يبدونه حيناً ، من بعدِه يذَروا |
مَنْ يقرأ القرآنَ فلنْ يصدّقهم |
و حقيقةُ الدّعوى تأتي بها السّورُ |
هم كالقرودِ غَدوْا من بعد ما مُسخوا |
أو قُلْ خنازيراً في التّيهِ قد حَدَروا |
لم يتركوا شيخاً ، لم يرحموا طفلاً |
لم يحفظوا عِرضاً ، لكنهم بطَروا |
هذا به شجٌّ ، هذا به نزفٌ |
هذا به طعنٌ ، هذا له كسروا |
مَنْ تلكَ يا وطني ؟ أمٌّ محطمةٌ ؟ |
أم ياتُرى ثكلى بالإبنِ قد غدروا |
تبكي على جُثثٍ لـمّـا تفارقهم |
لكنّ صوتَهمُ في النّفسِ مُدّكرُ |
هذا الصغيرُ على كفٍ ُتمدّده |
و بعينه دمعٌ قد كان ينْحدِرُ |
دمعٌ غدا في ذاكَ الجفْنِ مسجوناً |
من بعد ما ماتتْ في طرفهِ الصّورُ |
قد فارقته الرّوحُ ولم تفارقَه |
تلك الدّموعُ على الخدّينِ تنهَمرُ |
سألــَـته يا ولدي: ماذا اقترفتَ لكيْ |
يغتالَ أرضَك ذاك الباغِيُ الأشِرُ |
ويُحيلُ ضحكةَ طفلٍ لم يزلْ غِراً |
صرخاتَ آلامٍ في الكونِ تنتشرُ |
ويُحيلُ لـهْوَ بريءٍ طاهرٍ عبِقٍ |
هرباً إذا ما تلكَ الدّورُ تنفجرُ |
أوَ ذنْبكَ الأزليّ بأنهم علموا |
أنّا نَدينُ بإسلامٍ و نفتخرُ ؟ |
لكنهم جهِلوا أنّا إذا متنا |
شُهَداءُ للرّحمنِ ، و حظّهمْ سقرُ |
لا تأْس يا ولدي ، فالمسلمون رأوْا |
أحوالَ أقصانا ، و أتاهمُ الخبرُ |
سيظلّ يا ولدي حتى قدومَهم |
نِعْمَ الصّديقُ لنا المِقْلاعُ و الحجَرُ |
|
|