دراسة في أدب النص
عند الكاتب الكبير نزار ب. الزين
بقلم : جمال السائح*
سأحاول ان القي الضوء على صفات النزعة الكتابية لدى الاستاذ نزار الزين
من دون الاحالة الى احداث او خصوصيات نصوص لديه بعينها
.....
فدائما يحاول الكاتب الواثق من نفسه الى الحد البعيد ، السيد نزار ب.الزين ، ان يلقي بحدثه على سجيته من دون ان نفهم انه يقف وراءه بكل ما تحتمله قريحته و من دون ان نعي وبالتالي انه ما يفعل و لو فعل ما كان اهتدى ابطاله الى حيث سعوا ، و لو انه ما فعل فكيف كان لابطاله ان يتعالوا على نفس الحدث ؛ هل هي دقة التصوير
و سرعة النقلة في مشاهد الزين؟ ام انها ابتكارة الحركة و صوم الحوار عن يقينه حتى تفاجئنا صور النص بافتعالات تقوّم نفس مناخاته ؟!
ولكن ..
نرى ان مبدع النص وخالق الشخصية يتكاتف لديه السبك من اجل ان يسلط كل الضوء على خراج يقظته ، و من ثم يجبي ضريبته من الفعل الذي يطفح فوق سطح المتن ، و ذلك عبر ابداعه في انتقاء المكان والزمان .
والاستغراق في احتكار لحظات التصوير كي تعتمر مشاهده بما يمكن ان يؤدي بها الى خير تصوير ، و لو كان لكلماته أن تحفل بثقلها ، الذي له ان يمتد بعيدا لو قدر له الانبساط ، و لو كان لوعي التكثيف اللغوي في داخل النص ان يتزامن مع سرعة الحدث ..و بسرعة وصوله الى مشارف النهايات ؛
و لكأننا حين نصل اليها نشعر ان القصة لتكاد تبدأ الان ..
ولو .. ولو
فاننا كنا نقف من مسلّة الوحي في تقطيبة الجنبين ..لدى فرائص القبض ، مما تناله سلّة الاحداث في حكاياه ..كل موقف واخر حتى نتأكد من حسن اندهاشه ، لولع كان غذاه في داخل شخصياته لكنه لا يندهش لصبغة لم يكن يتجشم فيهاعناءاستيقاظها، حتى لا يكون على بينة منها، الا انه كان يحس بقدراته تتنامى كلما شعر ان شخصيات البطولة لديه تتنامى هي الاخرى ، لتصبح كوادر يمكنه الاتكاء عليها بعدئذ، و في السراء والضراء ، في وحي الايجابية و السلبية التي يمكن ان يتقمص سجلها كائن يطلق عليه شخص انار نزار له الدرب ، حتى ضلع بسيرته التي رسمها له ، و ترك وعي خياله يغذيه كي يندلق الروح لديه في وعاء يصبه في قوالب شخصية، ليطلق عليها فيما بعد شخوص تؤدي الحركة و تنطلق بالكلام في غالب نصوصه حتى لو لاذت بصمتها، و دافعت عن وحي فعلها بنزق من السكوت ، و تحامل على الجهل بنواة الحديث بهذه القدرة و المستطاع ؛ يتمكن نزار من الاحاطة بسجل حافل باهم الاحداث لشخوص قصصه ، وان كانت قصصه تستولي على حقبة طويلة من الزمان ، و تستأخذ القارئ بثكنة تكاد تتوقف عندها بين الفينة والاخرى، الا انها تطول حتى تبلغ ازماتها وعيا لا يكاد ينتهي عنده القارئ، حتى يشرع به الكاتب بالنهوض صوب وعي اخر يتزامن مع حلقة جديدة من تلك الازمات التي تكاد تخلف وراءها رمحا يقضي بنشوئها ثانية بعد ان استوقفها العد ، تحاول الارتماء خلف قضبان نسجها لها نص اخر كان له ان يليها ولو كان له ان لا يبحر في غير اتجاهها ليواصل مسيرتها المتدفقة في عرض الاحداث ؛غريبة هي الحكايا التي يسجلها يراع هذا الرجل المبدع لانها ما ان تتحرك بنا ناقلتها حتى نكاد نحس اننا نحن الذين بتنا نتحرك و نراقب احداث الحكاية من صلب احداقنا، و بالكلية نعايش زمنا مصورا يسجن وقائع مكثفة ..كما لو كنا نحيا الى جانب الحدث ، و من دون ان تطل علينا نفس شخصياته؛لكن نصير نتعايش بينها كما لو كنا نحن نفس تلكم الشخوص ؛ لا اغالي او ابالغ في تلك الموجزات او بعض المطولات التي يعتمدها نزار الزين يصور لنا حبكة زمنية لها ان تتصرم متى ما اراد لها هو ذلك، و نحن فيها كالمسرح فوق الجمهور يتربع فوق الحاظهم و يستشيط بوعيه النازف و صوت اشخاصه الهاتف حتى نذعن لوحيهم من دون ان يكون في القضيةاسترسال في الخنوع لمبدأ مسايرة الجمهور و المشاهد، لكنه اقصد الكاتب وفي النهاية يصرح و بشكل غير منظور انه هو الذي اختار الدمغة التي يدمغ حدثها بنهاية، و يضع من فوقها شريطه اللاصق ، لا شكا منه بقارئه لكنه يريد ان يقرر متى ما شاء قارئه ان يغير من نسيج عنكبوت حكايته فله ذلك ، لكن و للاسف نحاول واخرى من دون امل يجدي ؛ حاولت مرات ان اغير في حبكة حكاياته لكنها بالتالي وجدتها تخرج عن اطار ينم عن كاتبها بشكل تنفصل وبالكلية عن حكايا نزار الزين، و لا تعد تتصل بقنواته التي تحاكي وحيه المعتلج ، لكنه يسترسل كثيرا دون ان يلوح لنا بما سيفعله بل يتركنا نتكهن بما سيقدم عليه اشخاصه ؛ ابطال اعماله يعيشون قسريا في ظلال حكاياه ، لكن الواحد منا متى ما اراد التأكد من هذه ا لفرضية ، نجدنا نشرع بفتح ابواب اقفاصهم التي اوصدها عليهم ، الا اننا نحار بهم كيف لا يغادرون حكاياهم التي ارتآها لهم نفس نزار ؛ ليس هنا ما يشبه حكاية بيروت لدى الاديبة الكبيرة غادة السمان و قضية دكان بائع الحيوانات و اقفاصه؛ هي ليست حالة تطبع فريدة على جنسية من العمل او سنخية من التواصل الحياتي لديهم ، انما لهم وعي يتصل بوعيه لا يمكنهم ان يتحركوا بملء ارادتهم و لا يمكنهم معها ان يحركهم بملء ارادته ، هو وحده
فيه من الضمير الذي استقر فوق قرارة الموج ،
حتى عاهد ابطاله ان لا يخونهم و لا يخونوه ؛ هذا هو السبب كان هو والابطال شيئا واحد ، احينما يكتب و لو كنا نعيش ولمرات ومرات مرارة احداث حكاياته وكيف يقتضي منّا ان نحس بوجل الزخم الذي يسلطه على الشخوص او يسيّره بهم حتى النهاية المأساوية لا نجدها كذلك بالفعل لانه يغرز في اعماقنا صلات متينة بحالات من الرمز غير الواه وغير المتحذلق ، بسكينة الافصاح عن نفسه لانه لا يدلي برأيه، يطالبنا ان نصرح بما يكون من الرأي عندنا و من ثم يفاجئنا ان قلمه لا يشط الا حين تشط قدما بطله معه، فهو يتركه يتحرك بملء ارادته، لكنه يكبح جماحه احيانا، الا انه يتركه يتسلح بمختلف الاسلحة و التي لا تعمل الا اذا اشار هو اليها ؛ هنا بيت القصيد ، هي ليست تحريكات آلية و لكنها انفاس تتصاعد وتتهاجس وفقا لمطولات من البحث والستراتيجية غير المكشوفة لدى احد ، هو يكاد يحتفظ بسلسلة ترافقاتها التي لا تنطوي الا على سلسلة اخرى من تلك الفلسفيات الماردة، خلف اقفاص العلب الكلامية، و من التي تتناسج وراء كل تلك المسابح التي تغط فيها افكاره ، مرات يترك البطل يصنع حدثا معينا بفعل التمهيدات التي كان خلقها له و مرات يفاجئنا ان البطل يتمرد و يحاول الانفصال عن ارجوحة الحركة لدى الكاتب نفسه ؛ الا انه في النهاية يشير الينا و بشكل لا يقبل مع النهي ولا التناصل انه كان هو الذي اوحى الى بطله بمثل هذا الفعل .
انظروا
ومن دون ان يسجل قلمه ما شاء له ان يدركه ،
لكنه اوحى الى بطله من دون اخبار ولا اجبار ،
لكنه لما كان يتصل به بوعي فضي وذهبي طولي و عرضي ،استطاع ان يقدم مقترحه لدى البطل، و تمكن بالتالي من تلقينه سياسة المقاومة الحسية و النوعية ، و من ثم غير الحسية ، التي يغلق عليها ثم نتركه يرتج وراءها، لنظن ان العملية لا تقبل بعد اي تواصل ؛ لكنه بعدها يشرع بفتح الابواب ليرينا ما خلق فيستبدله بعد ان كان عوّدنا على تلك الحركات الاولى، لكننا نفاجأ انه يغير من سيماء البطل، و ينوع من تمطياته التي تقود به الى الكشف عن واقع اخر، ليس هو بالذي يمت بكل بال ، و آخر الى اللا شيئيات و لكننا نجد انفسنا بحرا يرتمي فوق سفنه ، من دون ان تغرق ، و بحرنا هو الذي اصبح يعوم من دون ان يكون بوسعه التقاط قارب ، او احتواء مركب ، لكن سفينة احداثه تصبح كموج حدث يطل على البحر الذي تركنا نستوحي انفسنا فيه؛ و من ثم نجد بحرنا يسابق سفينته حتى نصل قبله، لا لموهبتنا و لكن لايثاره الوطيد وحبه النبيل لمحنته ، و قفزة ابطاله ، و هدأتهم ، و كل سكناتهم و تحركاتهم، لان ذات بحرنا كان يمتطي ظهر سفينته ، و ما غدونا الا اشلاء من الموج يتناثر فوق اسطح سفينته، كي تنكسر سلطتها ، و تنتمي رقعتها الخاوية ، الا من بقايا الملح المذاب في وهج نفس الماء.
ساحاول ان اتمكن من بعض هذه النصوص
شكرا للكاتب العزيز نزار ب. الزين
----------------------
*جمال السائح
مغترب من أصل عراقي - الموصل
Almawed2003@yahoo.com
www.postgasidas.com/members/jamalalsaieh