عندما بدأ الحنين يراودنى للشعر فى الصغر ..
شدتنى القصائد الغزلية والعاطفية .. بقديمها وحديثها ..,
ووجدتنى أنهل من بحر شوقي .. ورومانسية ناجى .. وبراعة الأخطل الصغير .. وجرأة نزار ..
ثم لهثت خلف يزيد بن معاوية .. وقيس ليلى .. والعباس بن الأحنف ..
ثم .. وماذا بعد ثم .. يا رفاق ..
مع تفتحى للوعى السياسي ..
وجدتنى أنسي القديم والجديد .. بل الدنيا كلها وأنا أتأمل زمرة من الشعراء أقسموا ألأ يكتبوا بالأقلام .. بل بالألغام .. لا يسطرون الشعر على الأوراق .. بل على الآفاق ..
بمعنى أكثر وضوحا .. يكتبون لهيبا .. وينزفون شعرا .. ووتنتحر الكلمات والصور على قوافيهم ..
هؤلاء الأفذاذ .. شعراء الشهادة كما أسميهم ..
من وهبوا عقولهم وقلوبهم وعروقهم ودماءهم لأوطانهم ..
كتبوا بصدق .. فلقوا جزاء صدقهم من دعاة الكذب ومحترفيه ..
كتبوا للحرية .. فدفعوا الثمن من حريتهم وأمنهم وحياتهم غاليا من أعداء الحق والحرية ..
هؤلاء الذين كتبوا فأنطقوا الحجر بالبكاء المر تأثرا ..
وبقيت قلوبنا الغليظة .. لا تبكى ولا تتأثر ..
هؤلاء .. وأين نحن من هؤلاء ؟!
أين نحن من .. مظفر النواب .. ومن أحمد مطر .. ومن كمال عبد الحليم .. ومن هاشم الرفاعي
ومن محمود درويش .. ومن نجيب سرور
أين مظفر منا اليوم ,,
ذلك القائل ..
القدس عروس عروبتكم ..
فلما أدخلتم كل زناة الليل الى حجرتها ..
ووقفتم خلف الباب ..
تستمعون لصرخات بكارتها ..
وهتفتم .. فيها .. أن تسكت صونا للعرض
أولاد " ........... "
أوتسكت مغتصبه ؟!!!!
أين كمال عبد الحليم ..
ذلك القائل ..
أتشنقون زمام الشعب قادته ؟!! ×× وتجعلون من الاعدام .. قانونا
أتعدلون .. فيأتى عدلكم عجبا ×× من فاته الحبل .. يقضي العمر مسجونا
أين هاشم الرفاعى ..
ذلك القائل
أبتاه .. ان طلع الصباح على الدنى ×× وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه .×× يوما جديدا .. مشرق الألوان
وسمعت أنغام التفاؤل كرة ×× تجرى على فم بائع الألبان
وأتى يدق كما تعود بابنا ×× سيدق باب السجن .. جلادان
وأكون بعد هنية متأرجحا ×× فى الحبل مشدودا الى العيدان
أين الشاعر القنبلة .. أحمد مطر .. ذلك الممطر باللهب أحرفا وقصيدا ..
ذلك القائل ..
سبعون طعنة هنا .. موصوله النزف ..
تغتال خوف الموت فى الخوف ..
سميتها قصائدى ..
وسمها يا قارئي .. حتفي
وسمنى منتحرا بخنجر الحرف
لأننى كتبت فى زمن الزيف
والعيش بالمزمار والدف ..
كشفت صدرى دفترا ..
وفوقه كتبت هذا الشعر .. بالسيف ..
الله الله يا من جئت فى غير زمنك ..
ويقول ..
فى مقلب القمامة
رأيت جثة لها ملامح الأعراب ..
تجمعت حولها النسور والذئاب ..
وفوقها علامة ..
تقول هذه جيفة ..
كانت تسمى سابقا .. كرامه ..
ويقول ..
قرأت فى القرءان ..
" تبت يدا أبي لهب "
فأعلنت وسائل الاذعان " أن السكوت من ذهب "
أحببت فقري .. لم أزل أتلو ..
" وتب .. ما أغنى عنه ماله وما كسب "
فصودرت حنجرتى بجرم قلة الأدب
وصودر القرءان ..
لأنه حرضنى على الشغب
فرحم الله من مات منهم فى سبيلنا ونحن نيام ..
وعفا عن من سالت دماؤه تعذيبا ونهشا من كلاب الـ................
وغفر لنا ولكم لسانا عبد الصمت من خوفه ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته