الحكمة من البلاء وما يشرع عند وقوعه
البلاء سنة من سنن الله الكونية القدرية, يقول جل جلاله (( ولنبلونَكم بشئ مِن الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين )) .
والبلاء من الله للمؤمن والكافر, فهو للمؤمن عقوبة تخفف عقوبته في الآخرة, أو تكفير لسيئاته أو رفعة لدرجاته أو اختبار لإيمانه ولصبره , أما الكافر فهو عقوبة لكفره وعصيانه .
ومرد ذلك إلى تقدير الله , فقد يبتلي طوائف وغيرهم أسوأ منهم , وقد يبتلي المؤمنين ويمهل الكافرين , فلا نقيس ذلك بعقولنا , بل الأمر لحكمة الله البالغة التي قد تخفى علينا .
أما السبب الأساس للبلاء فهو ذنوب العباد وعصيانهم وكفرهم , ويدل على ذلك الخبر الصادق من الله ورسوله , كقوله تعالى (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )) , وقوله صلى الله عليه وسلم (( ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي , هم أكثر و أعز ممن يعمل بها , ثم لا يغيرونه , إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب )) ابن ماجه وصححه الألباني
ولابتلاء المؤمنين والصالحين حكم وفوائد منها :
ــ أنه دليل الإيمان , فقد سئل رسول الله صلى الله علية وسلم : أي الناس أشد البلاء ؟ قال : (( الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس , يبتلي الرجل على حسب دينه , فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه , وإن كان في دينه رقة خفف عنه ))
ــ أنه علامة محبة الله للعبد , قال صلى الله علية وسلم : (( وأن الله إذا أحب قوما ابتلاهم )) رواه أحمد والترمذي .
ــ أنه من علامات إرادة الله بعبده الخير , قال صلى الله علية وسلم : (( إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا , وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة )) الترمذي .
ــ أنه كفارة للذنوب وإن قل , قال صلى الله عليه وسلم : (( ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها )) متفق علية .
والبلاء يكون : بالخير كزيادة المال , وبالشر كالمرض , قال سبحانه وتعالى (( ونبلوكم بالشر والخير فتنة )) .
و اذا وقع البلاء بتقدير الله فإن المشروع للمسلم :
1- الصبر: وعدم التسخط والشكوى , وقول الدعاء المشروع (( إنا لله وإنا إليه راجعون , اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها )) .
2- الرضا بالقضاء : وأن الله لا يقدر إلا لحكمة وخير , والأدلة السابقة تؤكد ذلك .
3- الشكر : وهو أعلى الدرجات ودليل تمام التسليم لله , ولا يحمد في المكروه إلا الله .
و أعلم أن ما سبق علامة على عظم إيمانك بالقدر خيره وشره , وان ما أصابك لم يكن ليخطئك , وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك , ودليل على الإيمان بحكمة الله البالغة .
4- كما يشرع للمسلم دفع والبلاء والسعي في ذلك ـــ إن كان مما يدفع ــــ ومن وسائل ذلك :
ـــ التوبة إلى الله , فإن الرجوع إلى الله يرفع البلاء مثلما تجلبه المعاصي .
ـــ الدعاء والتضرع لله برفع البلاء , وان يوقن بالإجابة ولا يستعجل .
ـــ قراءة الأوراد والأدعية الخاصة , وأذكار الصباح والمساء , فإنها توقف البلاء أو تخففه .
____________________________________________
هذا الكلام مقتبس من كتاب (( الحصن الواقي )) لفضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد السدحان .
صفحة 16 و 17 .
فائق احترامي وتقديري
محب الواحة .... عاشق الأندلس