أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قراءة في مسرحية«المضحكة» لعلي الغريب

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي قراءة في مسرحية«المضحكة» لعلي الغريب

    قراءة في مسرحية«المضحكة» لعلي الغريب

    بقلم: أ.د. حسين علي محمد
    .............................

    (1)
    أصدر علي محمد الغريب قبل هذه المسرحية مسرحية «محروس طالع القمر»، ومجموعة من مسرحيات الفصل الواحد، بعنوان «حورية بني كنعان»( )، ومجموعة مسرحيات للفتيان ـ مع آخر ـ بعنوان «المسرح المدرسي».
    وتصور هذه المسرحية راهن إحدى القرى المصرية في عصر العولمة، حيث يعود «نديم» ابن عمدة «كفر أبو وزة» من بعثة في أمريكا، ومعه الأمريكي «مايكل وايزمان»، ويسعيان إلى إقامة مشروع جديد (للضحك!!) في مضيفة القرية (التي تُقام فيها المناسبات الاجتماعية المختلفة) ـ يجعل الناس يضحكون!
    ويقف بجانب المشروع أنيس وهو مدرس وشاعر في الأربعين، وهو يُخاطب أهل قريته بأسلوب بائس ألفناه في الإعلام العربي في فترة المد الاشتراكي (ومن العجيب أن الاشتراكيين السابقين صاروا هم المبشرين بالغزو الأمريكي وهيمنة ثقافته!!).
    يقول نديم:
    «يا أهالي كفر أبو وزة الكرام.. بشركم بشراكم.. الضحك فوق رقابكم.. أهلي وعشيرتي، أبناء الكفر الكرام.. ها هو الفرح قد جاء.. هاهي الراحة والنعيم يطلان علينا.. ستعود البسمة، وتجلجل الضحكة، وتشعشع القلوب بعدما أطبق عليها الهم والغم.. سنقول وداعاً للبؤس»(1).
    ومن ثم، فإن شخصيات "المضحكة" نبت طبيعي لهذه البيئة الزمانية والمكانية، وهم متأثرون بها حتى النخاع، ومع ذلك فهم يواصلون الحياة ويحلمون بالمستقبل، ويتطورون ويتعرضون للالتباس الذي تصنعه البيئة حيث اختلطت المفاهيم والرؤى، وازدهر المكر والخداع، ولكنهم في النهاية يستشعرون الخطر الذي يتهددهم ويحدق بهم.
    وعمدة «كفر أبو وزة» الحاج "عبد الراضي وهدان" يرفض الفكرة في البداية رفضاً قاطعاً، ففي نفسه شيء منها (2) كما يقول، ولكنه يتعرض لإغراءات تأخذ شكل الضغوط، حيثُ يلح عليه «وايزمان» بألفاظ مكررة فقدت معانيها من كثرة تكرارها:
    مايكل: اقطع التردد يا عمدة وانطلق إلى التاريخ.. سيخلدك التاريخ.. وسيذكر الناس يوماً أن أول من أدخل هذه النوع من العلاج إلى مصر كان أنت.. سيقولون كانت البداية من هنا.. من كفر أبو وزة.
    أنيس: استجب لهما يا عمدة.. ونحن من خلفك.. أنا من ناحيتي لن أتوانى عن مساندتك بقلمي ولساني.. لا تحرم أبناء كفرك من هذا الخير.
    نديم: كيف سيكون موقفك يا أبي عندما تنفذ الفكرة في قرى أخرى قبل كفرنا ويسبقونا ثم نأتي من بعدهم مقلدين.. وأنا الوحيد المتخصص في هذا المجال.
    مايكل: "سوري" عزيزي نديم.. أنت تعلم أن هدفي من إنشاء هذا النادي ليس ربحياً وإن واجهتنا عقبات هنا فنحن مضطرون لتنفيذه في مكان آخر.. أنا عندي ميزانية ومطالب برفع تقرير عنها في أقرب وقت.. كما أن ورائي أعداء يسعون لإحباطي وإثبات فشلي وأن منطقتكم غير مؤهلة لمثل هذه المشاريع التقدمية.
    أنيس: من قال هذا يا دكتور مايكل؟ .. نحن لدينا كفاءات على استعداد تام للنهوض بهذه المهمة وأكبر منها(3).
    وفي مقابل ذلك يتزعم (زارع) معارضة هذا المشروع الجديد (مشروع «المضحكة» )، ويقف معه إمام المسجد وخطيبه (الشيخ إمام)، و(مهدي) الطالب الذي يدرس الحقوق.
    وأمام الإلحاح والخداع تُفتتح «المضحكة» في المضيفة، ويرى «زارع» أحد مُقاومي المشروع أن العمدة قد ارتكب أكبر خطيئة في حق نفسه أولاً وفي حق الكفر ثانياً.. حينما كتب مذكرة بخط يده يطالب فيها الحكومة بتحويل المضيفة إلى مضحكة(4)..
    ويقول في حسرة وحزن:
    «إذا العمدة فعل هذا فماذا ننتظر من الخواجات؟ هل ننتظر منهم أن يبنوا لنا جوامع ويفتتحوا كتاتيب يا ناس؟!! (يبكي)» (5).
    ولكن المشروع يفشل في النهاية، ويقرر العمدة «إعادة المضيفة» وإغلاق «نادي الضحك».
    نديم: بابا قرر إعادة المضيفة وإغلاق نادي الضحك.
    مايكل: مستحيل.
    نديم: القرار في هذه الورقة.
    مايكل: أين الديموقراطية؟
    مهدي: (ساخراً) في أمريكا.
    مايكل: (متوتراً) أنتم ديكتاتوريون.. متوحشون!
    إمام: نحن ديمقراطيون جداً.. نعود عن آرائنا إذا اكتشفنا خطأها ولا نتحرج.
    مايكل: كيف تقررون مصادرة رأي أهل الكفر في إجماعهم على نادي الضحك؟!
    زارع: أهل الكفر لم يجمعوا على حاجتهم للمضحكة.
    مايكل: بل أجمعوا!
    إمام: هاهم أمامك.. اسألهم.
    مايكل: اسألهم أنت.
    إمام: (للناس المسترخين على المقاعد في حالة من الخدر والضحك الهادئ) يا أهل الكفر.. لو أنكم عرفتم أن الألفي دولار عن كل رأس في الكفر ما هي إلا أكذوبة كبيرة، وأن نادي الضحك ما هو إلا ألهية لصرفكم عن أشغالكم وقوت عيالكم؛ أتوافقون على استمراره؟
    الجميع: (يشيرون بالنفي بأصابعهم في هدوء وهم يبتسمون)
    مايكل: يا أهل الكفر.. هل تفرطون في هذه اللحظات السعيدة من حياتكم بسهولة، كما يدعوكم هذا الرجل؟
    الجميع: (يشيرون بالنفي وهم يبتسمون أيضاً) (6).
    ويضطر (وايزمان) و(نديم) إلى مغادرة القرية والعودة إلى أمريكا بعد أن أخفقا في تحقيق المشروع.
    (2)
    تكاد تكون المُفارقة هي البنية الأساس لمسرحية «المضحكة» لعلي محمد الغريب، في الأحداث والشخصيات والصراع جميعاً.
    فإذا انطلقنا من الأحداث ـ وهي البنيات الصغيرة المكونة لبناء المسرحية ـ فإننا نرى المفارقة مبثوثة في كل حدث، فـ«خضرة» الفلاحة هي التي تعلمت في محو الأمية وأصبحت تقرأ الصحيفة، بينما الرجال مازالوا يُعانون من شبح الأمية الجاثم بكلكله فوق صدور الريف المصري.
    والدولة التي من المفترض أن تترك الفلاحين وشأنهم يزرعون المحاصيل التي يُحبون زراعتها ويقدرون على تسويقها ويجنون من ورائها الأموال التي تُساعدهم على مواصلة مسيرة الحياة .. هذه الدولة هي التي تطلب منهم زراعة «لب التسالي» .. وتنهاهم عن زراعة القطن!:
    «سويسي: يعني أنت تخالف قرارات الوزارة وتمتنع عن أداء الحق العام؟
    زارع: أنا لم أمتنع.. أنا أطالب بحقي.
    سويسي: حقك في زراعة "لب التسالي" بدلاً من القطن.. المحصول القومي للبلد؟
    زارع: عجبت منكم.. الوزارة هي التي تدفعنا إلى زراعة اللب والشمام، لتمتلئ دورنا باللب، فنتسلى ونبصق في وجوه بعضنا كالقرود. والوزارة هي التي منعتنا عن زراعة القطن، وهي التي تحاسبنا لأننا لا نزرعه!.. الوزارة تريد خسارتنا مرتين!» (7).
    والقرية التي ترسل أبناءها للخارج للحصول على الدرجات العلمية التي تدفع بقريتهم وبلدهم للأمام تراهم عائدين لافتتاح مشاريع وهمية، لا تدفع بنا خطوة واحدة للأمام( )، بل يأتي المبعوث مصحوباً بدجال هو « مايكل» الذي يحاول إقناع القرية بافتتاح دار للضحك:
    «مايكل : ... نحن في جامعة "جورج تاون" تبنينا مشروع إسعاد العالم الثالث والشعوب العربية الصديقة تحديداً.. فكرنا في أهم ما يمكن أن نقدمه لهذه الشعوب لتقترب من المجتمع الأمريكي، فكان أن تبنينا فكرة دمج الثقافات وتوحيد الهموم والتكامل بين الحضارات، حتى نصبح قرية واحدة لا فرق فيها بين عربي وعربي أو عربي وآسيوي.
    وأمريكا قررت رعاية كل هذه المشاريع التي تساعدكم وتسعدكم.. فقررنا إنشاء ناد للضحك عندكم هنا في كفر أبو وزة لعلاج المكتئبين والمرضى النفسيين بالضحك»(8).
    وسويسي أفندي ـ صراف الجمعية الزراعية لا تهمه أمور الزراعة وأحوال الفلاحين بقدر ما تهمه المحافظة على أنف تمثال مُلقى في مدخل الجمعية:
    خضرة: (تعدل خمارها وترفع نظرها من الجريدة وتنظر إلى مغاوري دون أن تتكلم، ثم تنادي ابنها ليجلس جنبها) تعال هنا يا شعبان لا تبتعد عني.. اقعد هنا (ابنها يتقافز ويلهو، وأثناء مروه من جنب تمثال الرئيس عبد الناصر يلفت انتباهه أنف التمثال المدلاة فينزعها ويلهو بها وهو متوجه إلى أمه)
    الفلاحون: (يتصايحون) مناخير الرئيس.. مناخير الرئيس.
    سويسي: (ينتفض ملتفتاً إلى التمثال فيجده بدون أنف) أين ذهبت؟ من أخذها؟
    الفلاحون: (يشيرون إلى الطفل) هذا الولد.. مع هذا الولد.
    سويسي: (يجري باتجاه الطفل) نهارك أسود يا ابن خضرة.. هات مناخير الرئيس يا ولد. (الولد يجري ويلقي بنفسه في حضن أمه خائفاً) النهار بان من أوله.. ليس عندنا شغل إلا أنت وأمك هذا اليوم.
    خضرة: مالك يا سويسي أفندي؟
    سويسي: مالك يا سويسي أفندي؟!.. أنت نائمة؟ (يشير باتجاه التمثال) ابنك أخذ مناخير الرئيس!
    خضرة: (ببرود) رأيته.
    سويسي: (يقلدها) رأيته.. ولماذا لم تكسري رقبته في الحال.
    خضرة: الولد لم يرتكب جريمة
    سويسي: إنها جريمة شنيعة.. أنف الرئيس.
    خضرة: من غير شعارات فارغة يا سويسي أفندي (تأخذ الأنف من يد الصغير) خذ مناخير الرئيس.. اشبع بها.
    سويسي: هكذا.. ببساطة؟!
    خضرة: يعني أقطع لك مناخير الولد حتى تستريح؟!
    سويسي: لست من يطلب الراحة يا ست خضرة، إنما الوزارة هي من ستطلب حقها.. إصلاح مناخير التمثال.
    خضرة: إصلاح مناخير التمثال؟ التمثال مناخيره كانت واقفة على فتلة.. لماذا لم تصلحه الوزارة من قبل؟
    سويسي: هل تعلمين الوزارة شغلها؟ ابنك من نزع أنف الرئيس ومن أتلف شيئاً فعليه إصلاحه.
    خضرة: التمثال كله تالف من زمان.. اعملوا خيراً وارموه في الترعة لتغسل عليه النسوان المواعين (تضحك ويضحك الفلاحون)
    سويسي: أنت تسخرين من رمز الإصلاح الزراعي في البلد.. انتبهي لنفسك يا خضرة.
    خضرة: الإصلاح والزراعة شبعوا سخرية منك ومن أمثالك يا سويسي أفندي.. تكلم يا مغاوري.. لماذا سكت الآن؟
    مغاوري: الشهادة لله يا سويسي أفندي مناخير التمثال كانت ستسقط وحدها.. حتى لو لم يلمسها الولد ابن زارع.
    سويسي: مادام هو من أسقطها فعلى ولي أمره إصلاحها.
    خضرة: وأنا مستعدة أرجعها أحسن مما كانت.
    مغاوري: وبعدها نقول يا دار ما دخلك شر.
    سويسي: أنت من ستصلحينها.. بأي صفة؟!
    خضرة: بصفتي ولية أمر من أتلفها.
    سويسي: (متهكماً) وكيف ستصحينها يا باشمهندسة خضرة
    خضرة: حاجة بسيطة.. يوم الجمعة سأحضر طشت طين من الترعة.. أصلح به مناخير التمثال وحاجبه وكل ما يلزم.
    (الفلاحون يضحكون)»(9).
    (2)
    ولقد بُنيت الشخصيات على مفارقة تتضح معالمها كلما أوغلت في النص؛ فشخصية «زارع» التي هي من أنضج الشخصيات في الرواية تنبني على مُفارقة أنه فلاح غير متعلم، ولكنه منتمٍ لمصر، ويقف في وجه محاولات التغريب التي يريد مايكل وتابعه نديم تحويلها إلى «مضحكة»، وكان من المفترض أن يقف هذا الموقف «أنيس» الشاعر المدرس! ولكن الشاعر الحداثي مشى في الزفة! وبشَّر بالمضحكة!
    وشخصية «خضرة» "التي تبدو الأحداث، وكأنها ترشحها لتكون عنصر معارضة لمشروع "المضحكة" بحكم ثقافتها ووعيها، تقف في صف المشروع، أو تسعى بالنأي بزوجها عن معارضته بحجة البعد عن "وجع الدماغ"! مما يترتب عليه أن تقع في مشكل عويص مع زوجها حيث يصر على تطليقها لأنها ذهبت بحسن نية إلى عمها (العمدة) الذي كان يتدرب في "المضحكة"، لتستنجد به من أجل إطلاق سراح (زارع) المقبوض عليه في الشرطة، لمعارضته المشروع، ولكن (زارع) يظن أنها ذهبت لتنضم إلى المشروع ورضيت أن يراقصها رجل أجنبي!!" ( ).
    وهذا حوار بين زارع ومهدي وإمام حول زوجة الأول «خضرة» التي أغضبها، وصمم على طلاقها:
    زارع: لا حاجة لي فيها.
    إمام: هل يمكن أن نعرف الأسباب؟
    زارع: من غير أسباب.
    مهدي: هذا الكلام غير مقبول.
    زارع: أنا حر يا أستاذ مهدي.. لا أريدها.. لم أعد أرغب في رؤيتها!
    إمام: هكذا؟
    زارع: نعم.
    إمام: استعذ بالله من الشيطان ولا تعاند نفسك.
    زارع: أنا لا أعاند نفسي.. أنا أعرف أن هذا أصلح شيء لي ولها أيضاً.
    خضرة: والله إنه الموت بالنسبة لي.
    زارع: اذهبي إلى حال سبيلك ولا تقفي أمامي هكذا.
    مهدي: خضرة لن تمشي من هنا يا زارع.
    زارع: يعني بالقوة؟
    مهدي: لا شيء بالقوة، ولكننا نريد تبريراً مقنعاً لقرارك هذا.
    زارع: لا تبرير لدي.. هذا حقي الشرعي.
    خضرة: أنا لا استغنى عنك يا أبا شعبان.
    زارع: وأنا لم أعد أرغب في رؤيتك.
    خضرة: لم تعد ترغب في رؤيتي؟
    زارع: نعم.. وسأترك لك الكفر ليخلو لك الجو.. بل سأترك المحافظة كلها.
    إمام: لا.. الأمر أكبر من مسألة ذهاب خضرة إلى المضحكة.
    زارع: هذا أمر يخصني يا شيخ إمام ولا دخل لأحد فيه.
    إمام: يخصك نعم. لكن لا تنس أن قرارك هذا يترتب عليه مستقبل شخصين.. ابنك وامرأتك، فإن كنت مازلت باقياً على ما بيننا من ود وجوار فاكشف لنا عما في نفسك، وإن اتبعت هواك فأذن لنا بالانصراف.
    زارع: (يطرق ولا يتكلم)
    إمام: تكلم يا زارع.. هات ما عندك من أسباب لطلاق امرأتك وهجر الكفر والمحافظة كلها.
    زارع: (يشير إلى العمدة) هذا الرجل وابنه هما السبب.
    العمدة: أنا يا زارع؟
    زارع: نعم أنت.
    إمام: وما ذنب امرأتك وابنك؟
    زارع: ذنبهما أن هذا الرجل (يقصد العمدة) عم هذه المرأة. (10).
    والشاعر ـ الذي من المفترض أن يكون أكثر من الفلاحين وعياً ـ يتردى في وهدة السقوط، وهو يُبشِّر بدور «المضحكة» في إسعاد الناس، ومعالجة مشاكلهم النفسية. ويُغني شعراً بائساً على هذه الشاكلة:
    «الضحك في المعامل
    يدغدغ الأنامل
    والبُرُ في التنور
    قد صار "بيتي فور"
    والبرص في الشقوق
    يطالب بالحقوق
    يا أمريكا شكراً»(11).
    أما الصراع الذي يدور في فلكه النص فهو المفارقة بين ما نُريده نحن من تقدم وتنمية حقيقية وما يُراد لنا من قبل المعسكر المُعادي الذي يريد لنا أن نظل "محلك سر"، وأن ننشغل بسفاسف الأمور وهامشياتها.
    ***
    في نهاية المسرحية يتصالح (زارع) و (خضرة)، وتنكشف ألاعيب (وايز مان) والمخدوع (نديم) ابن العمدة، وتظهر الحقائق التي جهد الفلاح (زارع) و خطيب المسجد (إمام) والطالب (مهدي) في الدفاع عنها، ويعدل العمدة عن تأييد المشروع ويتبعه الناس، وتعود المضيفة لأبناء القرية.
    ولا يجد مايكل ونديم مفراً من العودة خائبين إلى أمريكا يتبعهما (أنيس) الشاعر البائس:
    «مايكل: يا عمدة أنا كنت أؤمل فيك أن تكون كرئيس الوزراء الأمريكي.. ولو أنك استجبت لي وأتممت البرنامج ستكون مثله وربما تفوقت عليه.
    العمدة: لا أريد أن أكون كرئيس الوزراء، ولا حتى وزير الحربية.. أريد أن أكون نفسي.. عبد الراضي وهدان عمدة كفر أبو وزة.
    نديم-:-(حزيناً) بابا.. أنا مصدوم.
    العمدة-:-ونحن كذلك مصدومون!
    نديم-:-هل تحرجني أمام صديقي وأستاذي؟
    العمدة-:-أفضل من إحراجك أمام أهلك.
    نديم-:-(غاضباً) هؤلاء ليسوا أهلي.
    العمدة-:-وأنت لست ابنهم!
    نديم-:-(مستعطفاً) بابا..
    العمدة-:-خذ صديقك وأوصله إلى المطار ثم اشكره؛ وعد إلينا في أمان الله يا ابني.
    نديم-:-لا لن أعود إلى كفر يطارد العلماء!
    إمام-:-أتظننا نكره النجاح لك ولزميلك.
    نديم-:-هذا ما سعيتم إليه، وقد نجحتم يا للأسف!
    إمام-:-إذا كان نجاحك وصديقك يقوم على إفساد حياتنا ومصالحنا فهو ليس نجاحاً حقيقياً!
    مايكل-:-(ضائقاً) دكتر نديم.. أنا لا أستطيع البقاء في هذا الجو المتخلف.. يجب أن أعود إلى أمريكا في أقرب وقت يتاح.. هل تأتي معي؟
    نديم-:-لا خيار أمامي غير الرحيل معك، بعدما تحطمت أحلامي هنا.. هيا يا دكتر (يهمان بالخروج)
    أنيس-:-(يقوم من مقعده وهو يترنح) خذاني معكما.. لا صبر لي على المقام هنا»(12).
    ***
    وهكذا أبرزت المُفارقة التصويرية ـ في هذه المسرحية السياسية التي تشتبك مع الواقع ـ قدرةَ القرية على الفهم، والمُقاومة، والرفض لمشروعات الهيمنة الأمريكية، التي تجيء تحت شعارات التحديث والتغيير الثقافي.
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
    الهوامش:
    (1) علي محمد الغريب: المضحكة، سلسلة «أصوات مُعاصرة»، العدد (121)، هبة النيل العربية للنشر والتوزيع، يناير 2004م، ص51.
    (2) المسرحية، ص46.
    (3) المسرحية، ص46.
    (4) انظر: المسرحية، ص111.
    (5) المسرحية، ص111.
    (6) المسرحية، ص119، 120.
    (7) المسرحية، ص29، 30.
    (8) المسرحية، ص29، 30، وانظر قصة «القادم» في: مجدي محمود جعفر: أم دغش، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 2003م، ص ص31-26.
    (9) المسرحية، ص42.
    (10) المسرحية، ص ص22-24.
    (11) مقدمة د. حلمي القاعود للمسرحية، ص11.
    (12) المسرحية، ص 109، 110.
    .................................................. ..........
    *نشرت اليوم في صحيفة "المساء الأسبوعية" المصرية.

  2. #2

  3. #3

المواضيع المتشابهه

  1. سراب العولمة : قراءة في مسرحية ملحمة السراب
    بواسطة د.مصطفى عطية جمعة في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 02-05-2020, 03:20 PM
  2. قراءة نقديّة في مسرحيّة: (المَلِك هو المَلِك - لونّوس)
    بواسطة كاملة بدارنه في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-07-2011, 08:14 PM
  3. قراءة في مسرحية«ماذا قالت اليمامة؟» لعلي منصور
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-08-2006, 06:56 PM
  4. قراءة في مسرحية «الغائب والبركان» لمحمد سعد بيومي
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 20-05-2006, 07:15 PM
  5. لعلي أحد يجيبني من الأخوة رواد الواحة الثقافية لمن هذه الأبيات ؟
    بواسطة خليل انشاصي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-04-2006, 05:22 PM