|
سكبت بشعرك فيض الشعور |
ونبض القلوب ، وخفق الصدور |
وقمت تسلسله نغْمة |
تكاد تحرك من في القبور |
وأطلقتها دعوة حيــــة |
يجاوبها كل حي الضمير |
ويصغي لها كل حر كريم |
به الشعر يرتاد أفْق النسور |
سداها الوفاء لفن القريض |
ولحمتها الحرص دون غرور |
( جمال ) وأنت الحبيب القريب |
وأنت الأديب اللبيب الخبير |
دعوت ؛ فلبيك ياشاعرا |
يذوِّب في الود أزكى العطور |
ويهدي إلى رفقة الشعر نصحا |
تألق مثل السراج المنير |
وهل يمزج النصح بالود إلا |
وفاء المحب وصدق العشير؟ |
وهاأنت ذا يطلق الشعر منكَ |
رجاء الوفي ، وحرص النذير |
فماذا عسى أن تسوق القوافي |
إذا يمَّمَتك تحث المسير؟ |
سنفتح للشعر آفـــــــــــاقه |
ونحجب عنه الظلام المغير |
فما الشعر إلا نسيم الحياةِ |
وضوء النجوم ، ونور البدور |
وأفق الشموس ، ودفق النفوسِ |
وعين الضرير ، وعقل البصير |
وفوح السلام ، ونوح الحمام ِ |
ولوح الغمام ، وبوح الغدير |
وعصف الرياح ، ونزف الجراحِِ |
وصقل السلاح ، وصد الشرور |
وسحر الجمال ، وسر الجلالِ |
ومرقى الكمال ، ومرأى السرور |
نعود إليه ؛ فنستاف منه |
شذى الحق إن راوغتنا العطور |
ونبصر - إن نره - الشمس تنضو |
عن الكون ثوب رياء وزور |
كأن الحقيقة طي ُّ الشعاعِ |
إذا أسفرت فهْي صبح نضير |
فزلزل به يا( جمال ) العتاةَ |
وأًحْكِم على البغي آلاف نِير |
وأيقظ به من قد استسلمت |
عقولهمُ للمنام الوثير |
وأحرق به عجمة الحس فينا |
وفكرا تبناه كل حقير |
وبدِّد ضجيج الحداثة ؛ فهْيَ |
كساح العقول ، وفقر الغرور |
وإن ضخموها ، فليست سوى |
مكاء وتصدية ونفور |
فياصاحِ لييك ؛ إنا جنود |
وكل مع الشعر ليث هصور |
إلى ( الضاد) ينتسب الأوفياءُ |
بطول الفروع وعمق الجذور |
أليست لسان الكتاب الكريم |
وفخر بنيها بكل العصور؟ |
كفاها من الفخر وحي السماءِ |
لخير رسول بخير سفير |
وكيف يعيش البيان طليقا |
إذا الشعر لاقى قيود الأسير؟ |
ألا فلتهبوا حماة القريض |
ولبوا النداء الصدوق الجسور |
وردُّوا عن الشعر ظلم الدعاوى |
وردوا إلى الشعر حكم الأمير |
فما عابنا أننا أمـــــــــة |
تفاخر بالشعر عبر الدهور |
وتسقي الصغير أفاويقه |
ولا زال يشرب منها الكبير |
إذا هجر العرب الشعر يوما |
فقد فجَّروا في الحياة السعير |