كأبهى عروس ..
تنتظر.. من يمسك بيدها ,, ويزفها لعريسها..
تنتظر أمام المرآة..وكأنها تبحث عن من يروي حكايا حزينة..في هذه الليلة..
تذكرتْ كم مرة رأت هاتين الكحيلتين بلا بريق..تذرفان الدمع
على من رحل ... بدون ان يودع..!
حاولت أن تنتشي بــ (( لعينيك بريق خاص كعسل صُبَّ لتوه من خلية النحل))
تذكرت.. أن ذات المرآة,,, حاورت عينيها .
هل توافق أخيرا ,,وتهرب إلى زوج ينسيها
عذابات السنين ,, ومرارة الفراق..
اختارت الهروب بالزواج.. ..لتنسى..
بدءً كانت عروسنا.. كأي طفلة تهوى اللعب والحلوى
تقاسمت ذلك مع أبناء عمتها حيث يفصل بين البيتين جدار واحد..
في عمر الثامنة.. طفلة بريئة.. تجري مع أخيها وأختها لذلك البيت
بلهفة الطفولة..
كان لعمتها شاب خلوق حديث عهدٍ بالتزام..في عمر الثامنة عشر..
ذات لعبة.. جرت باكية فواجهها صدفة..
احتضنها وأمسك بيديها حين غطت وجهها حنقا..
أخبرته أنهم طردوها من اللعبة وأنهم اقتسموا بيوتا ولم يبقى لها بيت..
قال لها باسما(( لاتهتمي.. سأبني لكـِ بيتاً ..أنتِ فيه الأميرة..))
ببراءة .. وذهول تلح أن يُنصب البيت الآن بجانب بيوتهم .. المغطاة بالوسائد,
والشراشف المسروقة من غرف البيت..
طلب منها أن تمهله الوقت...! لم يعجبها تسويفه..لأنها لم تدرك المغزى فركضت باكية,, لأمها..
لتعود من الغد.. ليجتمع .. الصغار على لعبة أخرى..
يرقبهم باسما.. ويصفق لها ... أحبها كأنثى جميلة .. مدللة..صغيرة بريئة..
بادلته الشعور شفوياً : حين نهرها ذات مرة بعد أن تاهت في السوق مع والدتها
... صرخ في وجهها: انتبهي لنفسك.. الصغار في الأماكن العامة.. يمسكون بأيدي الكبار
,, أطرقت تريد البكاء. فالدلال لايحتمل صفع أحد,,
أدرك.. ذلك فتجاوز عينيها
: أنا أحبك وأخاف عليك..
أنتِ تجبيني صح.
ببراءة ,,, وبدون أن تدرك,, أي شئ..أرسلت الطرف .. مبهماً..
راودها أخرى: قولي أحبك,,
ابتسمت وردتْ فقط ..لأنها تطيع الكبار: نعم أحبك
ثم تسللت من يديه
وراحت ترقص كفراشة تتغنى بهذه الكلمة التي عبرت عنها له
لأنها ترى فيه .. من يعطيها الحلوى كل مساء..
وتراه الظل الذي يحميها إن احرقتها شمس الاخرين..
لم تك تعي معنى الحب..كما وعيه هو..
ذات مساء... دعتهم ابنة عمتها لمفاجأة,, تسارع الصغار ..وكان ينتظرهم
مخبأ يديه خلف ظهره.. تقدم الجميع إليه ثم أظهر لهم سلاحف صغيرة بحجم كف المولود
صرخت خوفا من هذه المفاجأة وذهبت كالعادة لأبيها شاكية تلك القسوة..
عذبته بصوت بكائها الذي دام ساعات... دلف إليهم ودس بين يديها دمية جميلة..
ابتسمت راضية.. وكأن شيئا لم يكن.. تنهد مرتاحا ولوح بيده مودعا.. فودعته ممتنة..
بعد يومين فقط...
:
:
:
خــــــبر جلل.. ومصيبــة...
حادث أصابه أرداه رهين الموت..
تعذب الجميع لفراقه. .
كان في أول العشرين.. وهي في أول العاشرة...
. اسقطت بثقلها على عمتها.. وبكته بحرارة..
شكت إليها فقده.. لكنه فقد البراءة..
مرت أسابيع.. ولم يعد الصغار يجتمعون كسابق العهد.. المصيبة لاتزال تعبث بالقلوب..
زارتهم العمة.. وحين قابلها الصغار.. سحبت الصغيرة .. بيديها وضمتها بحرارة.. وبكت..
وأبكت الكبار .. أما الصغار ففي ذهول..
قالت: رحمك الله.. كم وعدتك.. أن تكون لك .. كم سألتني هل يعيق مابينكما من سنوات
فقلت لك عشراً لا بأس..أعدك يابني أنها لكـ...!
تاهت الصغيرة في تلك الكلمات..
بدأت تترجم المشاهد الشفوية بينهما إلى صور سريعة ...
تفهمتها كما أراد ...لكن بعد أن رحل..
غص حلقها واتسعت عيناها في ذهول ..ومازالت العمة.. تحكي الشبه الكبير بينهما..
وأنه يفتخر بذلك ..وبوسامته كرجل.. وجمالها كأنثى صغيرة
ستكبر.. ويكبر أمله في أ ن تكون..رهن قلبه...
تسارعت دقات قلبها.. ياألله.. رفقا بقلبي..
كم أحببتك ياهذا.. ولكني لك أفهمك ..كرجل..
كنت أراكـ المحامي عني.. تلاحقني باهتمامك..
لاتلعبي مع الصبية..
لاتخرجي للشارع..
لا تبكي.. بكائك.. يحزنني..
ودِّعِيـِني إن هممتِ الانصراف..
يااااااااه..مازالت.. هذه الصور تدور وتدور في باطن فكرها,,
كما ولو أنها .. بالأمس,,
سبع سنوات . . .هي الفاصل بين رحيله .. وزواجها,,
الصغيرة كبرت.. ولكن ,, بلا بريق.. تشبثت في أمل.. مضى ,,,
لمَ كشفتم لي ماستر عني.. !
هكذا تصرخ بينها وبين نفسها كل ليلة
لمَ تعذبوني بخياله .. كلما .. رأيتموني..
سئمت سكاكين ضميري تقتلني حين أتذكره
يقف عند باب المدرسة..
فيمسك بيدي.. فأبعدها عنه.. وأقول:
أين بابا.. لماذ أنت من يتولى اخراجنا من المدرسة
عذبني هذا الهوى...
خياله..كل ليلة.. قبل أن أنام يهتف:
كوني بخير..
ورنين وعده:
.. سأبني لك قصــراً لاتهتمي بهؤلاء ..
وحين يطبطب علي حزني:
أنتِ أميرة.. لاتبكي..
؛
؛
؛
صوته يرن في داخلها.. يعذبها..
أرادها له... كمزارع يراقب زهرته الصغيرة .. ويسقيها بعنايته
ويتحين أن تنضج ليقطفها له .. وله وحده..
مازالت عروسنا,, الجميلة... تتألم لبهتان فرحتها .. عبر
صورة عكستها المرآة.. ومازالت.. تحاكي ذاك الراحل..
حتى.. أمسكت والدتها.. بيدها.. وهمست:
هيا ياغالية.. آن الأوان .. أن ترفرف الفراشة..
وتطير لبستناها.. سمي الله واطلبي التوفيق..
هاهي العروس.. يغازلها العريس بكلمات قتلتها من جديد
أرادته لينسيها .. ولكنه .. بدأ حكاية الألم من جديد..
همسَ ذات صفاء: لم تتغيري ..كطفلة عرفتها..ببسمة براءة شفافة,,
وعينين براقتين .. كالشهد..
اتسعت عيناها في ذهول..
أدرك..ذلك..فاستطرد:
وكأني اراك قبل عشر سنوات.. لم تتغيري كثيرا..
كنت أراك مع صديق عمري(...) رحمه الله حين أزوره في بيته..
ربما هي صدفة,,, لكنها لذيذة,, أليس كذلك؟
مازالت تتسع دائرة صمتها.. وحزنها .. ويأسها ..أيضا...
لم تجب سؤاله.. بل... صرخت في داخلها,,
آآه ياراحل.. هربت منكـ ,, إليــكــ ....!
لن أكون الوحيدة في مشاهدة ذاك الماضي..بل سيكون معي
من سيسرد قصص قد تربطني أكثر بــ من رحل..
أدركتْ.. أنه قدرها.. مع حكايات طويلة للحزن
.. ومع خيالات الراحليـــن..!
حتى في أحلى ليالي العمر ..!