|
أَرسَلْتُ رُوحِي بِمَا يَجرِي بِهِ قَلَمِي |
تَحُومُ يا مِصرُ فَوْقَ النِّيلِ و الهَرَمِ |
تُعانِقُ الرَّملَ في "سَيْناءَ" ، تَلثُمُهُ |
و تَحضِنُ النَّخلَ رمزَ الطُّهرِ و الشَّمَمِ |
و تَعزِفُ اللَّحنَ في "بلطيمَ"،تَسمَعُهُ |
"طابا" ،فَتَغرَقُ "شَرمُ الشَّيْخِ" في النَّغَمِ |
لَمَّا تَرَكتُ رُبوعَ الأهلِ في وَطَنِي |
تَخَاصَمَ الجَفنُ و الرُّؤيا ، فَلَم يَنَمِ |
كَأَنَّما في نُجُومِ اللَّيلِ قَد رُبِطَتْ |
أهدَابُهُ بِحِبالِ الشَّوْقِ و الأَلَمِ |
مِصرُ التي سَكَنَتْ فِي خَافِقِي أَبَداً |
مهما تَغَرَّبَ جِسمِي أَو نَأَت قَدَمِي |
أعودُ للأمسِ في أفياءِ جَنَّتِها |
فأنهَلُ الحُبَّ مِن سَلسالِها الشَّبِمِ |
و أَسمَعُ الهَمسَ ، هَمسَ النِّيلِ مُنتَشِياً |
بَينَ الخُزامَى مَعَ الإِصبَاحِ و الغَسَمِ |
و النخلُ يرقصُ في زهوٍ و في طَرَبٍ |
رَقصَ الخُيولِ على ترنيمَةِ النَّغَمِ |
و التُّوتُ يَحكِي إِلَى الجُمَّيْزِ قِصَّتَهُ |
إن باتَ يَشكُو مِنَ الأحزانِ و السَّقَمِ |
و البحرُ صافٍ و قاعُ البَحرِ في أَلَقٍ |
و الفُلكُ تَجرِي بِأَشواقٍ على نَهَمِ |
يا أيُّها البحرُ هل أبصَرتَ قريَتَنا |
في بَرِّ مِصرَ و قَد حَيَّتْكَ بالعَلَمِ |
كم سَافَرَت عبرَ عَيْنَيْكَ الجُمُوعُ ، فَلَم |
تَحفَل بِمَاخِرَةٍ تَكتَظُّ بالنَّسَمِ |
كم كُنتَ هَادِئَ طََبعٍ كانَ مُكتَسَباً |
من أُمَّةٍ دينُها في شَاهِقِ القِمَمِ |
دينٌ على العدلِ قد قامت دعائمهُ |
لولا رجالٌ على الإخلاصِ لم يقُمِ |
و أَشرَقَت شَمسُ إِيمانٍ و مَعرِفةٍ |
بالرِّفقِ و الحَزمِ و القِرطاسِ و القَلَمِ |
يا أيُّها الشِّعرُ لا تَهجُرْ مخيَّلتي |
قم فاسقني جَوْهَراً مِن صَادقِ الكلِمِ |
كي ما أدافعُ بالأشعارِ عَن وَطَنٍ |
طَالَت ثَرَاهُ يدُ الأحقادِ و النِّقَمِ |
أَرضَ الكِنَانِةِ يا فِردَوْسَ خالقنا |
عَينِي تَتُوقُ إلى اللُّقيا ، فَلَم تَنَمِ |
لا زِلتِ كالبَدرِ إِشراقاً بِذاكِرَتِي |
كَالدُّرِّ فِي عُنُقِ الأَيَّامِ مُنتَظِمِ |
تَصبُو إِليكِ قُلوبُ المُغرَمينَ ، كما |
تَصبُو إلى الجَنَّةِ العذراءِ في الحُلُمِ |
أنتِ العَرُوسُ و قَدْ زَفَّتكِ أَفئِدَةٌ |
للنيلِ يا مُهجَتِي فِي ثَوبِ محتشِمِ |
أنتِ العروسُ ، لكِ الأرواح نُمهِرُها |
كي ما ننالُ الرِّضا يا مَنبعَ الكَرَمِ |
حَزَّمتُ أَمتِعَتِي حتّى أَعُودَ إلى |
عَينَيكِ أَفدِيِهِمَا يا أُمَّنا بِدَمِي |
هل تقبلينَ فتىً قد عَقَّ والدةً |
فَجَاءَ يَسكُبُ دَمعَ الحُزنِ و النَّدَمِ ؟ |