أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قراءه في قصة الدكتور مصطفى عطيه جمعه\ الحنطه

  1. #1
    أديبة
    تاريخ التسجيل : May 2007
    المشاركات : 390
    المواضيع : 42
    الردود : 390
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي قراءه في قصة الدكتور مصطفى عطيه جمعه\ الحنطه

    الحنطه للدكتور مصطفى عطيه
    الأب بكار :
    حتى الحيات ، خرجت تتلظى و تلتمع جلودها المزركشة تحت نيران القرص المتعامد في
    السماء ، كأنه يتعقبنا .
    أيتها الأفاعي ، كفي عن اللهث ، فلن تنالي من جسـدي و لا جسـد زوجتي " برية "
    التي ضَمُر ثديها ، و رضيعنا معلق فيه ، و ابناي ، و ابنتي يجرون أقدامهم
    كأنها العصي . هل تطمعين - أيتها الأفعى - في الحنطة التي أحكمت ربطها على
    بطني ، و قد حفظت أعداد حبيباتها ؟
    تقعرت بطني ، لا يزال النفس يتردد ، فلا تتطلع عيونكم - أبنائي - إلى الحنطة
    و إن كان القلب يهُن لكن دقاته تُعالي صوت القذائف التي صَمّت إحداها أذنيّ .
    . . هناك في بقايا بلدتنا " بربرة " .
    تقوست ساقاي ، ليس بعد ، أمامنا ليالي حتى نصل إلى السلك الشائك للحدود .
    تتحسس أناملي الحنطة ، كأن ملمسها نغم . تلسعني عيونهم ، و بريق الروح يتسلل
    من شفاههم التي أخرست ضنًا بالرذاذ المتطاير مع الكلمات . لن أقرب حبيبة واحدة
    ، سأقاوم أيها الرضيع ، ألا تترك قطعة الجلد المعلقة في فيك . افتح عينيك حتى
    أشم الروح منها ، أو حرك أصابعك المتجمدة كالعقارب المتناثرة موتا حولنا .
    هل تشبع من سكونك . . ؟ لا . . . إنه يُذكّرني بسكون أبي في قبره تحت
    الأنقاض ، بينما النيران تتصاعد للنجوم .
    السكون في خلاياي . تقترب طاقة النور ، من قلبي . الآن . . . ربما الحنطة . .
    . تعزف الموت لي . . . . . و الحياة لكم .
    الأم برية :
    تصلبت الرمال أمام أظفارنا . أنترك عظامك تنبت الأشواك . الأرض هنا لن تجود
    بقبرك . أحكم ربط الحنطة حول بطني . رضيعي " فرح " فارقني مقتلعًا ثديي . ساكن
    بجوار من ألقى بذرته في رحمي التصق ولداي و ابنتاي ببطني . . يفكون القماش ،
    لا تزيدوا - فلذات كبدي - على كف من الحبات . . ثم أسرعوا بأقدامكم .
    الظلام مطبق ، و أجسادنا المتساندة في نومها ترتجف . تلك النجمة ، واهنة
    حركتها من المشرق إلى حيث يبتلعها المغرب . هل تتأسين - أيتها النجمة - لوحدتك
    في السماء أم لوحدتنا ؟ ها هو القرص يتسارع بخيوط أشعته المحرقة . تفتحت
    أبصارنا تتخطى تماس الأفق من بعيد .
    شدوا يدي - أبنائي - ليلة واحدة ، منذ فارقتنا يا " بكار " و يا " فرح " .
    الحنطة تتناقص و أنفاسكما تلاحقني . دعوا يدي . . فالصمت يملأ جسدي .
    عيونكم ستواصل المسير نحو سلك الحدود الشائك ، حيث هناك يهطل الماء ، و
    يلمع رذاذه من السماء . الصمت الآن . . .
    . . . . . . له رنين مع طاقة النور التي تدنو مني .
    الولدان و البنت :
    عند رأس " برية " تقول البنت : " لا تنهوا الحنطة حتى نستطيع أن نصل " . توقفت
    أسنان الولدين ، كان الأفق ملتفًا بالاحمرار . تلفتت عيونهم ، تصرخ في الجسد
    المسجي . . . .
    " أين السلك الشائك يا أمنا ؟ ، أفيقي ، و أشيري لنا . . سنعدوا نحوه ، قد
    شبعنا . . أشيري . . أشيري . . ".
    تقول البنت : " أمنا " برية " مع " فرح " و أبي " بكار" لا تقلقوها " .
    . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
    النجمة تسرع من المشرق للمغرب ، مرات ، و مرات . . عيونهم . . الآن . . معلقة
    بالجسد الذي بدأ في الانتفاخ و قد ازدادت بطونهم تقعرًا ، يصطرخون جوعًا . . .
    . . . . . ثم تلاحقت . . . أسنانهم على اللحم المنتفخ
    القراءة:

    للإنسان المبدع نسقه المعرفي المبني أساسا على عنوان النص: شكلا ومضمونا ،
    باطنيا كان ام ظاهريا .
    اختيار عنوان القصة القصيرة التي قام بكتابتها الدكتور مصطفى عطية يبدو كلوحة غلاف للنص استهلالا ومضمونا فلقد رأيته كعتبة بدون مفتاح ندلف من خلالها الى رؤؤس اقلام النص الداخلي مباشره... ومن خلال هذه العتبه الاستهلاليه (العنوان) امكنني تشكيل رؤيتي الحقيقيه عند متابعتي مضمون القصة من سرد واحداث..
    في العادة تكمن أهمية اختيار العنوان في استقطابه بقوة جاذبيته للقارئ، تلك الجاذبية التي تقابلها في مجالات الحياة الأخرى جاذبية اللون والرائحة والملمس. العنوان، كمدخل للنص أراه ضروري للغاية وإهماله قد يودي بأي لنص الى التهلكه.
    من خلال قراءتي لقصة الدكتور مصطفى عطية القصيره الحنطه رأيت وهذا من وجهة نظري أن الشكل هو المضمون وان كان رمزا، فالشكل في مساحة قصته القصيرة رسم السطح العميق للجوهر .
    وإذا كان الشكل هو الوجه المنظور للجوهر، فقد قام بابداع و اهتمام كبيرين بأشكال العرض الإبداعي بنفس الدرجة التي تم بها اهتمامه بالمادة/الموضوع.
    "الحنطة" و في مجتمع من "المجتمعات التي تقع تحت براثن المجاعات فوق مساحات كبيره من يابس كرتنا الارضيه ، رسمها الروائي مصطفى عطيه كرغيف الخبز الذي تتوقف عليه حياة شعوب اضناها الفقر وقتلها الجوع والكفاف والجفاف.. ما كانت الا مفتاح الرمز للدخول الى معاناة وصراع المقصود منهما الاشارة الى صور الموت ومراحل الدخول فيه في سبيل تخطي حدود عالم الجفاف بكل تلك الالام التي حاقت باسرة بكار وامرأته بريه وذاك والامل في الوصول الى ارض الغيث والنماء لانقاذ ما يمكن انقاذه من افراد الاسرة الجائعة المهددة بالفناء جوعا وقهرا تحت انواء الحريق المناخي وما يتبعه من تهديدات كائنات جائعه تماثلهم جوعا بالفتك بكل ما يصافها من اجل لقمة تقيت جوعها وتسد رمقها.
    الحنطه كما اراها من زاوية رؤيتي هي بحد ذاتها وجبة كاملة لنص يعتمد في الاصل على تجارب وخبرات اصلية ذات صلة بالموت جوعا..وارى ايضا ان الروائي هنا قد كان يعي من خلال سرده ان النص موجه لقراء عرب هم في غالبيتهم مسلمون يتسربلون بالرحمه والتمازج مع معاناة اخوانهم..فكانت كل ادواته التي استخدمها من مفردات وتصاوير بيئية طبيعية تلائم طبيعة نفوسهم برمزيه تصل قيمة ترميزها الى معظم الثقافات الاسلامية لتندمج احساسا ومعنى ومشاركة شعوب صارعوا الموت من اجل الحصول على رغيف الخبز لقتل الجوع الحنطة اساسه فقد يغامر المرء بروحه وارواح رعيته من اجل هذه الوجبة وحدها.
    ولأن الخبز غذاء ضروري في وجباتنا كما هو الحال في المجتمعات العربية الإسلامية، فقد عمد الكاتب الروائي الى الاشارة من داخل قصته القصيرة الحنطة الى حدث يميزها ليصل بنا كقراء -في المقدمة والمضمون – الى ما اودت به سنين المجاعة -في بعض دول افريقيا- من مآس وأوجاع وصراع حتى الموت راسما بالحرف والكلمة للقارئ أعلى درجات العوز والحاجة. فرارا من المجاعة وهذا هو سر جمالية السرد الذي انتمى في المقام الاول الى ثقافة تلك الشعوب..
    نص مختلف بحق يستحق بجدارة القراءة والابحار...
    تحياتي
    لميس الامام

  2. #2
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    المشاركات : 191
    المواضيع : 44
    الردود : 191
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    الأخت العزيزة / لميس
    أشكرك على هذه الدراسة التي :
    - انطلقت من رؤية شاملة للنص
    - راعت جماليات النص بدءا من العنوان وانتهاء بالأسلوب والبنية .
    مع روعة في الأسلوب النقدي ، مما جعل الدراسة نصا أدبيا مميزا .
    تحياتي وتقديري

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة في قراءة الدكتور مصطفى عراقي في الشاعر الكبير الدكتور سمير العمري
    بواسطة د. محمد حسن السمان في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 10-03-2015, 01:23 AM
  2. قراءه جديده في كتاب الخيانه
    بواسطة محمد احمد معوض في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-08-2011, 07:41 AM
  3. الحكمة من قراءة سورة الكهف كل جمعه...؟؟؟
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 10-02-2006, 06:46 PM
  4. الحكمة من قراءة سورة الكهف كل جمعه...!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 21-10-2005, 01:59 AM
  5. الى ملكة الطرب رويدا عطيه
    بواسطة عبدالكريم الكيلاني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 29-05-2004, 05:33 PM