دمعةٌ على ضريح الطفولة
في وداع الطفل الشهيد/أنس السعيدي(1)
مَلَكَاً أتيتَ إلى الحياةِ مُسَالماً
تهفو إلى اليمنِ السعيدْ ..
أغراكَ باليُمنِ اسمُها
فأتيتَ حُرَّاً
طامعاً بالعيشِ في كنَفِ السعيدةِ
في ظلالِ الجنتينِ
ترِفُّ شوقاً للسعاةِ
طامحاً للحُبِّ منها بالمزيدْ ..
قبَّلتَ طيب َ ترابِها
وسجدتَ للرحمنِ شكراً
أنْ حَلَلتَ بها وليدْ ..
أغراكَ طيبُ هوائها
كالمسكِ تنشِقُهُ
وتعطسُ باكياً
والأهلُ حولَكَ يضحكونَ
وأنتَ مشدوهاً بعالمِكَ الجديدْ ..
فمَلَئتَ دُنياهمْ بأُنسٍ
صافحوا فيكَ الحياةَ سعادةً
وَسَمُوكَ بالـ أنَسِ السعيدْ ..
***
مَلَكَاً أتيتَ إلى الحياةِ
معانقاً بالحُبِّ موطِنَكَ الوسيعْ ..
كالوردِ في أكمامِهِ
عانقتَ بالأملِ الربيعْ ..
كالطيرِ تشدو بالسلامِ
وبالمحبَّةِ للجميعْ ..
بنقاءِ قلبٍ طاهرٍ
ترنو إلى الكونِ البديعْ ..
وترى الوجودَ بكلِّ ما فيهِ جميلاً
مثلَ روحِكَ في الجمالِ
لأنَّ عينَكَ مثلُ روحِكَ
لا ترى شيئاً قبيحاً أو مُرِيعْ ..
آهٍ أيا أنَسُ الحبيبْ
آهٍ أتيتَ إلى الحياةِ كصفحةٍ بيضاءَ
تلهو ضاحكاً في مركِبِ الأقدارِ
فاغتالتْكَ أيدي الحقدِ
واغتالتْ بموطنِكَ الطفولةَ والمحبَّةَ والنشيدْ ..
***
آهٍ أيا طفلي الرضيعْ
أنسُ الحبيبُ
تُرى ماذا اقترفتَ بحقِّ جيشِ عصابةِ الإرهابِ
كي يَتَرَصَّدوكْ ؟!!
لمْ تروِهمْ سيلُ الدماءِ بساحةِ التغييرِ
لمْ تُشبِعْهمُ الأشلاءُ في طولِ البلادِ وعرضها
حتى أتوكَ وَصَوَّبوا حقدَ الطغاةِ ليقنصوكْ ؟!!
عجباً تُرى ما أفزعَ (الفرعونَ) يا (موسى)
وقد خُتِمَتْ رسالاتُ السماءِ
فأطلقَ الخفَرَ اللئامَ ليقتلوكْ ؟!!
عذراً أيا قلبَ الملاكِ وطهرِهِ
أُصدقْ أباكَ وأُمَّكَ الثكلى وخفِّفْ حزنَهمْ
هلْ كنتَ تنوي _ مثلما زعمَ(الكذوبُ) _
بأنْ تقودَ كتائبَ الثوَّارِ
تبغي الفوزَ بالذهبِ المكدَّسِ في المتاجرِ والبُنوكْ ؟!!
عذراً أيا طفلي الحبيبْ
أُصدقْ شعوبَ الأرضِ قولاً .. لا تخفْ
هلْ كنتَ تنوي مثلما زعمَ الطغاةُ
بأن تقودَ كتائبَ الإرهابِ نحوَ القصرِ
بالرضَّاعةِ الجوعى
لكي تُقصي الفسادَ
فأعدموكْ ؟!!
ماذا اقترفتَ إذاً ؟؟
.. لا شيءَ يا أبتي
أجلْ لا شيءَ
إلا أنَّني ككتائبِ الأحرارِ كنتُ على جرائمِ ذلكَ الطاغي
شهيدْ ..
***
أبتي
أتذكرُ يومَ ألقى ذلكَ الطاغي على (النوَّابِ والشورى) خطاباً
ذمَّ في العلمَ في الأحرارِ
يندُبُ حظَّهُ ؛
فسياسةُ التجهيلِ لمْ تنجح تماماً
وهو يطمحُ أنْ يرانا في مؤخِرةِ الأممْ ؟!!
من يومِها اتُخِذَ القرارُ
قضى بأنْ يُجتَثَّ من وطني الشبابُ الطامحونَ
الثائرونَ على جهالتِهِ ..
.. رآهُ الشعبُ يقتلُهمْ ويحرقُهمْ
ويستحيي الخدمْ ..
أبتي
رآكَ المجرمونَ جوارَ أُمِّي
تشتري لأخي الحقيبةَ والقلمْ ..
فسرى عليهِ الحُكمُ
لكنِّي افتديتُ أخي
عسى بالعلمِ أنْ يحيا
ويحيا الشعبُ في عِزٍّ
فيبني ما انهدمْ ..
***
كفكِفْ دموعَكَ يا أبي
وافرحْ
أنا حيٌّ
فما ماتَ الشهيدْ ..
***
شعر:أ/ياسين عبد العزيز
26/9/2011م
ـــــــــــــ
(1)الطفل أنس السعيدي لم يتجاوز عمره عشرة أشهر، استشهد برصاصة في جبينه من أحد قناصة نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في الوقت الذي تركه أبوه وأمه برفقة أخيه داخل السيارة ودخلا أحد المتاجر لشراء المستلزمات المدرسية لأخيه بشارع هائل وسط العاصمة صنعاء .