أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: قصة قصيرة ( العروس ) /// حسين علي الهنداوي

  1. #1
    الصورة الرمزية حسين الهنداوي قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 49
    المواضيع : 37
    الردود : 49
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي قصة قصيرة ( العروس ) /// حسين علي الهنداوي

    كان اللَّيل قد ألقى بستائرة المكفهِّرة على الطرقات عندما كان زَيْدان عائداً من قرية أم الجِمال إلى بلدته ، و لمَّا كان البرد يكشِّر عن أنيابه ، والمطر ينهمر بغزارة شديدة ، فقد قرر زيدان اللجوء إلى مغارة الـزرازير

    الممتدة في تلك التلة الصغيرة علَّ المطر يَهْدأُ من انفعاله و تتوقف شرايين السماء عن النزيف 0

    وما إنْ باشر زيدان بعبور المغارة حتى رأى عينين تبرقان داخلها0

    عندها أحسَّ بأنَّ هاتين العينين هما " ضَبْعٌ" يكمن هنا 0 ولما كان معتاداً على مقارعة الضِّباع فقد تقدم منه ببطىء، ثم قفز عليه بسرعة البرق ، وبعد عِراك شديد تمكن زيدان من خنق الضبع و جره خارج المغارة 0 وأثناء جره للضبع كان زيدان يركل جسماً غريباً أحس بفطرته الريفية أنه جسم لآدميٍّ ميت ٍ 0

    حمل زيدان قداَّحته ثم أشعلها ، وأخذ يتحسس بإحدى يديه هذا الجسد 0 إنه جسد أنثى 0 ورغم أنه كان في عجلة للرجوع إلى زوجته وأولاده الذين لم يرهم منذ أسبوعين ، فقد قرر المبيت في معـــارة الزرازير حــتى الصباح لكي يتحقق من شكل هذه الأنثى 0 فأبناء الريــف لديهم نخوة أصــيلة تدفـعهم دائماً إلـى مد يد الـعون حتى للغرباء، فكيف بأبناء بلدتهم الواحدة ثم إنه لا بد له من معرفتها فالبلدة صغيرة ، وجميع أفرادها يعرفون بعضهم 0

    وضع زيدان نعليه تحت رأسه وغرق في نوم عميق ، لقد بلغ منه التعب حدا ً جعله يستغرق في نومه و كأنه

    صخرة جثمت على آلام الأرض 0

    ولما بزغ أول خيط للضوء وكان زيدان قد أفاق من نومه كعادته فتململ قليلا ً ثم نهض ، و أخذ يقلِّب الجثة ثم غطى الجزء المكشوف منها و جر الضبع إلى داخل المغارة ثم سد َّ بابها بمجموعـة من الحجـــارة وقفــل راجعا ً إلى بلدته و لما دخل البلدة كان لا بد من المرور عبر السوق حتى يصل إلى بيته الواقـــع في الـــطرف الآخر و أثناء مروره في السوق سمع عليا ً يصيح كعادته وهو راكب حماره ويقول :

    " من رأى أو سمع أخبار ( حرمة ) عبد القادر فله مئة ليرة ذهبية " 0

    وتبسم زيدان بينه و بين نفسه و دخل الدار فقامت زوجته وجهزت له صحنا ً من اللبن والدبس و جلــست إلى جانبه و أخذت تحدّثه عن قصة مريم ، ثم استطردت في حديثها قائلة : إنه لمن الغريــب حقا ً أن تــختفي في ليلة زواجها 0 فهي كما عُرفَ عنها فتاة خجولة مأدبة ابنة حسب و نـسـب ، ولم يعرف عنها السوء قط

    لقد كانت راضية بزواج ابن عمها عبد القادر ، ولكن قد تكون غزوات البــدو قد اختطفتـــها ، والنـــاس في ضجة العرس فهب جميلة والعين عليها كما يقولون 0 وحمد زيدان ربَّه بعد أن مسح فمه بطرف منديله و قال : لا تتعجلي يا خديجة ، فكل شيء لا بد أن يظهر على حقيقته مهما طال الزمن ثم حمل نـفسه متوجـــــها ً إلى مضافة أبي عبد القادر و سلَّم على الجميع ثم جلس في أحد الزوايا يستمع إلى حديث الرجال 0

    قال أبو عبد القادر : سنقوم بتشكيل مجموعات خمس وكل مجموعة مؤلفة من ثلاثة رجال يجوبون القرى ولا يرجعون إلى البلدة دون أن يأتوا برأسها مهما كانت الظروف لقد خفّضتْ رؤوسنا بين العشائر ، وأقــــسم أنها ستصير عبرة لمن يعتبر 0

    وتنحنح زيدان ، وقال : يا جماعة ! لا تتعجلوا ، فشرفكم مصون ، وكرامتكـــم محفوظـــة ، وابنــتكم ابنة الرجال ! وتلفَّت الجميع إلى زيدان و هم مشدوهون 0 قال أبو عبد القادر :

    أكمل حديثك يا بني ! و أردف زيدان كلامه قائلاً : البارحة عُدْت من قرية أم الجمال و ساقتني الأمطــــار إلى مغارة الزرازير علَّ السماء تتوقف عن الهطول 0

    وما أن دخلت المغارة حتى وجدت فيها ضبعا ً فخلَّصْتُ عليه وحملته خارج المغارة فتعثرت قدمـــاي بـجسد آدمي وانتظرت حتى الصباح فوجدت ابنتكم قد أكل قسم منها فأغلقت عليها باب المغارة ، فاركبوا خيولكم و ستجدونها0

    هتف الجميع بصوت عفوي : ابن أصل يا زيدان ! بارك الله في همتك ، و ستر عرضك 0

    وانطلقت الخيول لترجع بالعروس و الضبع حيث عـُلَّـقَ أمام دكان أبي عــدنان ليراه الجميع و ليــعرفــوا أن شرف الفتاة كان أبيض 0
    حسين علي الهنداوي

  2. #2
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : بعلبك
    المشاركات : 1,043
    المواضيع : 80
    الردود : 1043
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    أخي العزيز حسين هنداوي
    قصة مشوقة رغم غرابتها تلقي الضوء على بعض العادات الاجتماعية السيئة في عالمنا الشرقي .
    دمت في خير و عطاء

  3. #3
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : لا حاجة
    المشاركات : 305
    المواضيع : 52
    الردود : 305
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    حسين علي هنداوي الصديق العزيز
    دمت بخير يا أخي
    قصتك ربما كانت تحتمل أحد وجهين الحكاية الخرافية، أو الواقعة التي زادها أهل الريف حكاية ماتعة لتداولها في سهرات السمر خاصة عند النسوة، ورغم اتفاقي مع الأستاذ سعيد فيما ذكره لكنني أود التنويه إلى أمر ربما لم يكتمل حسب رؤيتي البسيطة لما أسمع أو أقع عليه كقارئة هي أقرب إلى البعد عن الحقيقة فزيدان ليس رجل أسطورة من حيث القوة الخارقة ليتمكن من القضاء على الضبع بكل سهل ويسر، ثم هناك أمر يتعلق بالدين ، كيف ترك الصبية بلا دفن ؟ هل كان سينتظر اطلاع أهل القرية على حكاية البنت أولاً ومن ثم سيتم دفنها ؟ القصة رغم جمالها من حيث الواقعية لعنصر الشرف الذي نعتز به ونحرص عليه دائماً إلا أن هناك شيء ما جعلني أحتار ما هو ؟
    دمت بخير مع صافي محبتي وتقديري
    نحن هنا من أجل أن نزيد الحرف ألقاً بالتواضع وقبول رأي الطرف الآخر / القارئ

  4. #4

  5. #5

المواضيع المتشابهه

  1. قصة قصيرة ( أبو بسام ) /// حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين الهنداوي في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 04-07-2018, 06:59 PM
  2. خلافة علي بن أبي طالب-المستشار الأدبي: حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-06-2016, 01:04 PM
  3. قصة قصيرة( الضبع) /حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين الهنداوي في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-06-2013, 08:41 PM
  4. حسين علي الهنداوي ///حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-11-2006, 12:43 AM
  5. قصة قصيرة ( شجرة التوت ) حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين الهنداوي في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-07-2006, 04:55 AM