نحن بحاجة إلى فهم عصري للقرآن الكريم
القرآن الكريم – بشهادة الأعداء قبل الأتباع – كتاب خالد سرمدي باق على إعجازه إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، وإعجازه يتأتى من جوانب متعددة عرف الناس بعضها وتتعرف الأجيال على مر الزمان على البعض الآخر، ولن تنقطع معجزاته إلى قيام الساعة وهو محور الدراسات والبحث في كل عصر من العصور علمياً وأدبياً ولغوياً وسلوكاً. ونحن – أبناء القرن الخامس عشر الهجري – الحادي والعشرين الميلادي – حين نستعرض أفهام الناس لهذا القرآن في كل جيل من الأجيال نجد أحياناً اختلافاً في الفهم لقسم من آيات القرآن الكريم متبايناً، ونجد أحياناً تناقضاً في الفهم ونجد تارة أخرى تعمداً في نشر الفهم المغلوط سعياً وراء تشكيك المسلمين بهذا القرآن من أجل صرف الأجيال عنه، ناهيك من تعصب الكثير من أهل المذاهب لمذاهبهم ومحاولتهم (لي أعناق الآيات) من أجل مطابقة معاني هذه الآيات على أركان ودعائم هذه المذاهب ونحن حين نتحدث عن ذلك لا نشك أن خيرية القرون الثلاثة الأولى كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نابعة من عدة أشياء على رأسها (الجهاد والعلم) وأن فهم السلف المواكب لحياة الرسول أو لجزء منها لمغازي آيات القرآن الكريم ومعانيها هو الفهم السليم لهذه الآيات، على ألا نغفل أن آيات الأحكام قد فهمت في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم فهماً صحيحاً دقيقاً، وأن آيات الكون وخلق الإنسان ومظاهر الطبيعة قد فهمت في عصرنا فهماً عميقاً بسبب ما منّ به الله تعالى علينا من كشوف العلم والمعرفة في الكون والطبيعة والإنسان واختراق مجاهيل الفضاء وما أحوجنا في هذا العصر أن نعيد بناء فهم جديد لهذا الكتاب الخالد على ضوء معطيات العصر مستندين إلى فهم الأجيال السابقة ومازجين المعاصرة بعلوم من سبقنا، بانين فهمنا لهذا الكتاب على أسس وقواعد دقيقة رسمها لنا رسول الله صلى عليه وسلم وصحابته من بعده ومعتمدين على مقتضيات اللغة العربية وقواعدها ونتائج العلم الحديث.
نحن بحاجة إلى فهم حديث وجديد ومعاصر لا يعارض قواعد وأركان الدين والألوهية والرسالات ، ولا يتناقض مع نتائج العلم، ولا يخالف الواقع، ويسهم في دفع مسيرة المسلمين نحو الأفضل والأحسن والأجدى لخير الدنيا والآخرة. بحيث يجعلنا نتعامل مع الآخرين معاملة إنسانية قائمة على المحبة والخير والتسامح. نحن بحاجة إلى فهم جديد ومعاصر يمحو من عقول الكثير ممن تشربت نفسه بالاسرائيليات، والأساطير والخرافات وقصص الخيال التي تلبست ببعض آيات القرآن الكريم وجعلت الأمة تعيش حالة من التراجع والنكوص عن رفع راية القرآن الكريم وتوصيل رسالته إلى الأمم الأخرى من أجل بناء حضارة إنسانية شعارها:
(يا أيها النّاس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليمٌ خبيرٌ) الحجرات (13).