وتعبتَ تبحثُ في وجوه الليل عن قبسٍ
تمازجه امتدادكْ
تنأى بهِ عن ظلمة الزمن الكؤودْ
عن مصيف السقم الذي أودى بحلم الشمس
في مهوى الندمْ
ترتاحُ من لفحاتِ ريحِ المحْـلِ
والوطنِ الخرافهْ
وتمج أوجاع البلاد العاقرهْ
يا أنتَ أضنتكَ الصدورُ الخانعات السود
تمنحها ودادَكْ
تنثالُ حِضناً نافحاً بالطيب في
كل انغماسٍ أو طيافهْ
تمضي تفتش عن غيومٍٍ
كان مرفؤها فؤادكْ
تمتد أفياء إلى كل السهولْ
وتفيض مثل الصبح تحناناً
على كل الحقولْ
حتَّامَ تفتأُ تنشد الفجرَ النديَّ وترتجي "بيضَ العمائم"
في زمان عجّ فيه الليلُ والآهات واحتضن الدجى.
*******
ماذا بقى في عالمٍ مرٍ كهذا ؟!
في موطنٍ جهمٍ كهذا !
لست تدري من تحاورْ
لست تدري من تناصرْ
لست تدري أي ركب أنت فيهِ
أي بحر تصطفيهِ
أي نجمٍ تهتدي أنت بنورهْ
أي آثار وظل تقتفيهِ
الكل ينكر كلَّهُ
الكل يمنح جزءه صك النجاةْ
والغول والطوفان يكتسح البلاد من المدى
والى المدى.
الغول ينخرُ في الوجوه وفي العقولْ
والريح تعصف بالشواطئ
والحقولْ
عم الشقاء من المدى
وإلى المدى
***
يا أنتَ لمْ تعد الحمائم تطرب الأزهار باللحن الطروبْ
لم يبقَ للجدول الرقراق أنغام يغـنيها النًَّهَرْ
لم يعد للشدو أشجان تراقص كاسيات الحقل والألق الجميلْ
رحل الزمان بأنسهِ نحو الجمالْ
جهمتْ أسارير المدى
عزفت ذئاب الغي للأغنام ألحانَ الردى
ذابت قناديلُ النهى
***
أي المرافئ سوف تأتي اليوم والدنيا مغلقة
عليك
أي القوافي سوف تعزفُ
والبلاد لها انتحاب شائن
يكوي الربوع من المدى والى المدى
********
اليوم يتجه الهوى نحو الجوى
وتهيج في الآفاق أفواج الضلالةِ
والنوى
إلا جَحَاجِحَة المحبةْ
***
يا أنت قل لي:
أين من ركبوا عنان الشمس وامتشقوا الثريا
والقمر؟
"أين أرباب الحِجَا؟"
هل ضيعوا أوكانهمْ
هل طلقوا أوطانهمْ
هل كنت زكمتنا* الآخرة يا "حسن"
هل كنت آخر أيهمٍ
هل كنت آخر ضيغمٍ
هل كنت آخر أهزع وسط الكنانة
***
اليوم لا وطن يلملم شمل أمته السقيمةْ
لا زرع ينمو
بعد في جرز عقيمةْ
اليوم لا طيف ولا سيف ولا حد همام
تلكم جموع النشء تمخر في عباب البحر تلتحف السراب
والأمة الرعناء ما برحت على الأبواب تشحذُ
كاليتيمة
تجثو على أقدام أنجاس البشر
***
يا صاح ماذا سوف يجدي اليوم إن ذرفت شئوني
قارَ حزنٍ
أو بكى الباكون غيرك في المنابر والمحافل!
الله لو كنا رجالاً !!
الله لو كنا رجالاً !!