اتجاهات» بقلم بسباس عبدالرزاق » آخر مشاركة: بسباس عبدالرزاق »»»»» القطار .. وحقائب السفر!!» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» ابتهالات.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجا» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» قلقلة» بقلم محمد إسماعيل سلامه » آخر مشاركة: تفالي عبدالحي »»»»» الربيع» بقلم تفالي عبدالحي » آخر مشاركة: تفالي عبدالحي »»»»» عميل» بقلم إبراهيم ياسين » آخر مشاركة: أحمد مصطفى الأطرش »»»»» عتاب عاشق» بقلم أحمد مصطفى الأطرش » آخر مشاركة: أحمد مصطفى الأطرش »»»»» كنْ طموحًا» بقلم تفالي عبدالحي » آخر مشاركة: محمد نديم »»»»»
.
وعليك السلام
أستاذ محمد
أشكرك أولاً وأحييك لاهتمامك بالنص
قلتَ :
هل فعلا انت ايها الشاعر , فعلت هذا
ام انك تعرف من فعل هذا
وهل اقترف ذنباً آخر إن أجبتك بنعم ؟
وأجيبك أيضاً بسؤال :
هل يُهم أن يكون الشاعر قد عاقر الخمر
ليصف لنا شعور سكير ؟
وهل لابد من أن يموت ويرفق شهادة وفاته
ليصور لنا بعدسته لقطات لذلك الشيء الذي لم نره بعد ( الموت )
والتي اختارها عامدا لندرة استعمالها بين الشعراء
كما فعل صديقي مالك بن الريب قبل قرون
ولكنه مات فعلا وبقيت قصيدته , وحسابه عند رب العالمين
سأفترض معك
أنني قد مارست الزنى لمرة واحدة
وفي هذه القصيدة التي شاهدتها على شريط سينمائي
وتبت بعدها .. ووظفت كل طاقتي الشعرية
في التغزل بخمار حبيبتي الأسود
وجدار بيتها الآيل للسقوط ..
ألا يعد ذلك الشريط بعد توبتي تصويرا
لمرحلة أو نزوة كانت في حياتي ..
وهل لنا أن نقيم الحد على كاميرا التقطت بعمد أو بدون عمد
تلك الصورة ؟
أما عن تدنيسي الواحة المباركة
فهو اتهام أستغربه قبل كل شيء
لأنك قلت لي البارحة : إذا أردت أن أعيد النص مكانه سأعيده
- وكنتَ قد أحرقته - وكان جوابي بأني لا أطلب ذلك لأن النص كان في الأصل موجود
فكيف أعدت ما يدنس مقدساً لديك ؟
وكيف تنعت من طلبت كسب صداقته بالأمس بمثل هكذا نعت ..؟
لا ياسيدي
أرفضهما جدا ً ..
مع أطيب تمنياتي لك ..
مازن حمزي
.
الأستاذ سمير
سعدت بإضاءتك وتشريفك للنص
وإشارتك إلى أخطائي الإملائية والعروضية
أما الإملائية فلا مبرر لها
وأما علم العروض
فلست ملما به كاملاً , وما اشتراكي هنا
إلا للتعلم قبل التذوق والمشاركة
وقد أرجوك
أن لا تبخل علي بمداخلاتك في التصحيح
هذا من جهة
أما من ناحية تناول فكرة الموضوع
فيبدو لي أنك قد رفضتها جملة وتفصيلاً
وهذا من حقك ..
لكنك قد تناولت النص
من بعيد جداً ويؤسفني ذلك
وسأنتظر
فشروح الكون لن تجدي,
خصوصا الآن
.
الأخ الكريم مازن:
كنت أحب أن أعود لأجد توضيحك الذي أردت كي أستعتبك قبل أن أرد عليك أو أن ترفع عني حرج الرد بتوضيح مقنع ، ولكني رأيت منك ما أوجب الرد مستأذناً.
أما ردك بخصوص البناء فلتعلم أيها الشاعر أن أدوات الشاعر هي اللغة والنحو والعروض وبقدر ما يجيد استخدامها مع الخيال المبدع بقدر ما يرتقي بمستواه وبشعره تماماً كالصائغ الذي يصقل الجواهر لتعلو وتغلو وتتألق وهو لا يمكنه الصقل الجيد بدون أدواته ولا يمكنه أن يستخدم الأدوات بدون علم بها وبكيفية استخدامها وحينها وحينها فقط يتفوق صائغ على صائغ بما يملك من مهارة حرفة وسعة خيال.
وعليه فلا أجد أشد على نفسي من شاعر يجعل في جهله عذره وهو أجدر بأن يطلب العلم الكافي والتمكن الوافي لما يقدم ، ولقد كثر مثل هذا العذر حتى بات ظاهرة عامة لا تختص بها وحدك وإنما تميزت أنت عنهم مع قلة لا يستنكفون أن يطلبوا العلم وأن يعترفوا بالقصور وهذه تحسب لك ، ونحن نرحب بك هنا في الواحة مفيداً ومستفيدا.
وأما من حيث المعنى فلم أجدك تملك ما وعدت من توضيح ولذا سأعتمد في ردي عليك على ما قدمت من رد على الأستاذ الكبير وأحد أرقى من في الواحة خلقاً وأدباً وعلماً د. محمد حسن السمان والذي لا أراك إلا جهلت بحقه جهلاً لا يليق بك قبل أي شيء.
لقد استند عذرك في الرد ذاك على أنك مجرد شخص تلتقط بالكاميرا مشهداً معيناً لا أكثر ، ولعمري إن في هذا الأمر ما فيه. أنت بهذا المنطق إنما تدعو إلى أمر عظيم كأن تبيح كل محظور بمجرد أنك لا تقره. ألا تعلم أخي أن النميمة مثلاً محرمة شرعاً؟ وهل النميمة إلا نقل لحالة لا دخل لنا بها؟؟ بل ألا تعلم أن الغيبة محرمة كأن يأكل المرء لحم أخيه ميتاً؟؟ أوليست الغيبة قولة حق في حق إنسان غائب؟؟ هل قولة الحق هذه تبرر الفعل ذاته؟؟
ثم هل لو قمت وأنت تحمل كاميرتك بتصوير مشهد إباحي غير مذنب كونك لست من مارس الفعل بل "نقله بأمانة"؟؟ ألا تعلم أن التعاون على الإثم والعدوان محرم على المسلم بل والإنسانية كلها كأن ترشد مجرماً أو كأن تتعامل مع بنك ربوي رغم أنك رفضت أن تأخذ الربا ، لأنك بمجرد تعاملك مع البنك فقد قمت بدعمه وتشجيعه على الحرام.
خلاصة القول أخي أن ما قدمت من تبرير هو مما لا يقبله منطق ولا عقل فالمرء لا يسأل فقط عما يفعل بل عما يقول وعما ينقل وعما ينشر. يا أخي إن رب كلمة يقولها العبد لا يلقي إليها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفا. يا أخي وهل يكب الناس في النار يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم؟؟ يا أخي ألا تعلم عظم ذنب المجاهر بالسوء والداعي إلى الفاحشة:
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النور:19)
ثم دعني أجيب على أسئلتك التي طرحتها:
وهل اقترف ذنباً آخر إن أجبتك بنعم ؟
بل تكون قد ارتكبت معصية تستوجب الحد.
هل يُهم أن يكون الشاعر قد عاقر الخمر ليصف لنا شعور سكير ؟
كلا ، ولكنه إن فعل ووصف الخمر متلذذاً يقصده في ذاته ويشجع عليه ولو بشكل غير مباشر فقد وقع في الإثم ومثله يقام عليه متى لم يرعوِ حد التعزير.
سأفترض معك أنني قد مارست الزنى لمرة واحدة وفي هذه القصيدة التي شاهدتها على شريط سينمائي وتبت بعدها .. ووظفت كل طاقتي الشعرية في التغزل بخمار حبيبتي الأسود وجدار بيتها الآيل للسقوط .. ألا يعد ذلك الشريط بعد توبتي تصويرا لمرحلة أو نزوة كانت في حياتي .. وهل لنا أن نقيم الحد على كاميرا التقطت بعمد أو بدون عمد تلك الصورة ؟
أولا فإن الزنا يكتب بألف ممدودة لا مقصورة ، وثانياً نعم يقام الحد متى قدم المرء الدليل على نفسه وتفاخر بالفاحشة ، إن التوبة ليست إقلاعاً عن الذنب فحسب ، وليست هي امتناع عنه فقط. وأعيدك هنا إلى الآية التي استشهدت بها عن إشاعة الفاحشة كمن يقدم برنامجاً إعلامياً مثلاً يحرك الشهوات ويطلق خيال الهوى فهو يدعو إلى الفاحشة بل ويمارسها بهذا الشكل وهو بهذا مذنب لا ريب.
ولعلك سألت متهكماً هل يقام الحد على كاميرا؟؟ وهل كانت الكاميراً تفعل يوماً بأمرها ما يفعل بني البشر؟؟ ثم هل أنت كاميرا حقاً أم إنسان بإرادة وقرار؟؟
يا أخي ، لا أحسب في مثل هذا المنطق لك خير وإن والله ناصحوك بكل صدق وود فالفكر قبل الشعر والخلق قبل هذا وذاك ، وما أرى هنا إلا غي كلمة ، وجهل دين وإني أعيذك أن تكون من الجاهلين.
حسناً ، دعني أجتهد في أمر أعلمه في مثل هذه المواقف ، لعلك تأتي رداً بإحدى ثلاث:
أما الأولى فإما أن تدعي جهلاً منا وضيق أفق في الفهم فهذه "إسقاطات" وهذه "اقتباسات" أو لعلها تلاعب بالألفاظ لمعاني فهمناها خطأ أو أننا حتى عاجزون عن فهمها ، وللحق فإنا لسنا كذلك ، والمعنى المراد هنا مهما كان هو أمر مخالف شرعاً نرفضه ونترفع عنه ، وحتى لو كان الأمر أحجية لا نفهمها فقد نهى شرعنا الحنيف عن التلاعب بالألفاظ ولي الألسن والمقاصد بها:
(مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:46)
وأما الثانية أن تتهمنا بالتشدد وتطالب "بحرية" الأدب ، وخروجه على كل الأطر ذلك أن هذا هو "الإبداع" ، وتتهمنا بأننا نحارب هذا الإبداع وهذا "التجديد".
وأما الثالثة فهي إما أن تغضب فتدبر أو أن تستوعب فتقبل وفي كلتا الحالتين نسأل الله أن يهدينا وإياك سواء السبيل.
تحياتي
.
د. سمير العمري
أشكرك جدا على تعقيبك الرائع والمفيد
ولعلك ستعطيني الفرصة للرد بعد الإنتظار لفترة أيضاً
فإني لأجد أن يأتي آخر بما سأقوله أحب إلي وأمرا يحسب للقصيدة
أكثر مني أنا . وقد توافقني على ذلك .
أما عن الأحكام والأصول فإني على علم تام بها وإن ذكرتني بها
فأنا يأ أستاذي خريج الشريعة ودرست تلك الأحكام بشكل تفصيلي
ولكني هنا لا أنظر بعين القاضي الشرعي وإنما المتعبد الأدبي
وتبقى للآخر دوما وجهة نظره ..
شرفني مرورك ثانية
تحيتي وشكري وامتناني لك
.
أنا لم أحضر هنا قاضياً شرعياً أخي وإلا لطال الحديث في هذا ، أنا هنا أتناول الأدب الذي و في حقيقته معنى ومبنى ، أما المبنى فقد أوضحنا ما أصابه من هنات ، وأما المعنى فقد أوضحنا أبعاده وأننا نؤمن بأنه إن فسد المعنى فقد فسد عندنا المبنى ذلك أن الفكر عندنا قبل الشعر.
أما قضية أنك خريج شريعة فهذا مما يجعل الأمر يحسب عليك بشكل أكبر ، وأما قضية التعبد الأدبي فمرفوضة منطقاً ومنطوقاً. ولعلك أنت هنا أتيت بأحد ما توقعت وثق بأننا لم يفتنا هذا الذي تقول لولا أننا أعلنا ونعلن رفضه شرعاً وأدباً وخلقا.
إن كنت تنتظر أن يأتي من يقوم بتبرير ما كتبت هنا من معاني ، وما أرفقت من إسقاطات فلن يكون له نصيب من القبول أو النجاح أياً كان. إننا ما كنا بحاجة لتوضيح التعبد الأدبي الذي تقول به ولا التأكيد على الإسقاطات والمقاصد بل كنا بحاجة لتوضيح المعاني التي أردتها أنت بما كتبت كما حدث معي غير مرة أسوق هنا إحداها مثالاً ..
كنت كتبت في إحدى قصائدي القديمة جداً:
وَرَأَيْتُ فِي لَحْظِ العُيُـوْنِ مَعَابِـدَاً فَجَعَلْتُ فِيْـهَا لِلْهَـوَى مِحْرَابَـا
فقيل لي: وكيف تقول هذا وقد علمت حرمة المعبد شرعاً وكيف تجعل عيونها محرابا؟؟
فلما أن علمت أن قد غاب عنهم المعنى المراد من البيت قمت بتوضيحه بما قصدت هكذا:
قلت بأن المعنى هنا هو أن الناظر إلي عيونها وجد فيها دعوة تخرج عن حدود الشرع كدعوة المعبد للمرء وبهذا شبهت العيون بالمعابد ، ثم أكمل العجز المعنى المراد بأن هذا الناظر قد جعللهوى هذه العيون محرابا أي طهراً والتزاماً بمنهج الحق وخلاصة المعنى هو أن الناظر لم يطع نظرات العيون الشبقة في حرام بل هداها إلى الحلال والحدود.
وهكذا أخي يكون التوضيح وليس الجدل في ذات الأمر والمداورة حول ذات الموضوع بما لا يقدم ما يفيد.
أرجو أن أجد هذه المرة منك ما يفيد كي نطوي هذه الصفحة بخير.
تحياتي
لم أقل أنك أتيت هنا قاضيا بل كدت أن تكونه ..
وما أصاب المبنى من هنات قد سبق وشكرنك على إشارتك لمواقعها
وأشكرك مرة أخرى ..
مع إنفرادك بالإجماع يبقى هناك رأي آخر منتظر
وهذا مما يجعلني أصرف النظر عن التوضيح على الأقل مؤقتا .
أليس الأفضل أن تنتظر حكم واجماع الأدباء لتطلق حكمك النهائي د. سمير
بأن يكون الأمر محسوبا ً علي أم لي ..
خذها على معناها المطلق لا على اصطلاح الفقهاء
فنحن هنا في محراب أدب ,
لا أنتظر من يبرر لي ولا تنتظر مني تبريرا لأنني لست متهماً
وإنما لك مني إضاءة قد تعيد بها قراءة النص من جديد .
أما وقد اعتبرت ماوجدت مني غير مفيد ,
فلم يبق إلا أن أقدم لك إعتذاري الشديد فما كنت هنا لأفيد دكتورا مثلك ..
الشعر ليس يردّ إنْ لم يستسغْ
وعلى الأصول ترنم ٌ للشادي
أما الجمال فأمرهُ متفاوتٌ
ويصد قلبكَ مايريح فؤادي
وتقبل فائق شكري وامتناني
عجبٌ لك ياصديقي
أو صيرك الحب جنياً
كن كما عرفتك
أنقى من الزهور
دمت بنقاء
بطلب من الأخ الشاعر مازن حمزي أنشر نقد للناقد التونسي D.hamham :
إلــى حبلى
--------------------------------------------------------------------------------
دموع لبنان. إلــى حبلى
.
.
وقائلةٍ لـيَ : " ارحَمْنـي
فحُبُّـكَ كـادَ يخْنقنـي "
إلـى دنيـاك ِ فانْصَرفـي
وَ ولّي , واعْرضي عنّـي
ويُضْحِكُني , ولا أرْجـوكِ
أنْ لا تهـربـي مـنّـي
فعِندي الأرْض , لا تعْـدو
سوى شِبْريْنِ , كالكـوْن ِ
وحيـثُ حبيبتـي نزلـتْ
جعلتُ سريرهـا حُضْنـي
فـلا تتمنّـعـي , أبــداً
بزَوْج ٍ , أوْ ب" تَصْغرني "
لنا في العمـر ِ حِسْبتنـا
وزوجـك ِ لا يُشاركنـي
وشَرْعكِ ليـسَ يعْنينـي
وحَمْلكِ , هل سيَمْنعني ؟
أنا رجـلٌ علـى خُلُـق ٍ
أيـا حبلـى , ولكنّـي ..
ولـنْ تتخلّصـي مـنـي
لأنّ اللهَ أرْسـلــنــي
فمنْ يُنْجيكِ مِـنْ رَجُـل ٍ
أحَبّكِ , مِنْ بني الجِـنِّ ؟
***
أنا ماجاءَ بي حُبّي
إليكِ الآنَ , بلْ ابني
نبع عند الغرب في القرن التاسع عشر تيار فنيّ ساد حقل الرسم يُعرف بالتيّار الإنطباعي
و من أهمّ ميّزاته الغموض في التفاصيل و لكنّه غموض خلاّق يجعل المشاهد في موقع المتخيّل المفضي على العمل الفنيّ شيئا من أحاسيسه و رؤاه.
"إلى حبلى" قصيدة رسالة تأخذ من هذا الكثير و خصوصا في مستوى الدّلالة فالمعنى ليس على قدر كبير من الوضوح و لا يسع القارئ حينئذ إلا أن يعوّل على ثقافته حتّى يفهم...
لكنّ الواضح هو مخاطبة الشاعر لحبلى... و الأصل و الشائع أن يخاطب الشاعر العربي المرأة العذراء ربّما لأسباب ثقافيّة و ربّما استجابة لرغبات شبقيّة صرفة غير أنّ الشاعر لا يحفل بهذا فيصدمنا بلون آخر من الرغبة يشبه الرومنسيين الّذين كتبوا كثيرا في المومس و حاولوا الإبانة عن صورة أخرى لهذه الشخصيّة صورة مخالفة للمألوف تتناول المرأة بوصفها ضحيّة لا مذنبة...هذا أمر شدّني إلى النصّ
و لقد نزّل الشاعر نصّه ملتزما قدر الإمكان بالإيقاع فالقصيدة هي من البحر المجزوء الوافر فلا نعثر إلا على أربع تفعيلات (مفاعلتن مفاعلتن ***مفاعلتن مفاعلتن) و الملاحظ أنّ كل القصيدة جاءت خالية من التغيير (فعولن) أي من العلّة الوحيدة التي يمكن أن تطرأ على هذا البحر...و معلوم أنّ العلة تُلْتزم في بقيّة أبيات ألقصيدة فإذا ما تحاشاها الشّاعر فإنّه يكون بذلك قد تخلّص من صعوبة عروضيّة إضافيّة و هذا معناه أنّ الشّاعر توسّل البساطة و نآى عن التعقيد و هو نفس سلوكه حينما تخيّر رويّا سهلا هو النّون المكسورة فهذا الصوت شائع في العربيّة أعطى الشاعر مساحة لغويّة شاسعة تمكّنه من تعبير أفضل عن دفقه العاطفي ناهيك أنّ خياره هذا تزاوج مع سيطرة الضمير المتكلّم المفرد على الخطاب و مع الأسلوب الإنشائي الطاغي و مع بكائيّة محسوسة غير ملموسة.
أذاك راجع إلى أنّ الشّاعر مبتدئ أم إلى نوع من الذكاء الذّوقي؟؟؟
و النص حوار غير عاديّ بين الشاعر و الحبيبة... غير أّن الشاعر هو المسيطر على الكلام أوّلا لأنّه ربّ القصيدة و ثانيا لأنّ موقفه يتّصف بقوّة الإرادة و بالإصرار على تحقّق الوصل. فالمرأة لا تبرز إلا من خلال ثنايا الكلام و ووجودها جاء في شكل نظام مجازي في البيتين الأوّل و السادس إذ أطلق الشّاعر كلام حبيبته و أراد قائلته و مواقفها فابحث بعد ذاك صفة جسديّة واحدة من صفاتها...ابحث عن لون عينيها و عن طول شعرها و شكل شفتيها و ابحث عن صورة قوامها و شكل نهديها فلست ظافرا بأيّ شيء من ذلك.أنّها امرأة و كفى...إنّها موقف و إيمان بمعتقد و نواميس اجتماعيّة يصعب اختراقها.
و لقد جاءت اللغة فصيحة و إن داخلها بعض الضّعف أحيانا.و لست أتلمّس لشاعرنا الأعذار سوى أنّه لم ينجح في التوفيق بين قواعد اللغة و إملاءات العروض لهذا حصلت أخطاء قليلة مثل تحويل همزة القطع إلى همزة الوصل و مثل حذف إسم الناسخ و خبره من البيت التاسع
أنا رجـلٌ علـى خُلُـق ٍ
أيـا حبلـى , ولكنّـي ..
و مثل الاستخدام الثقيل لـ (سوى) في البيت الرابع
فعِندي الأرْض , لا تعْـدو
سوى شِبْريْنِ , كالكـوْن
و لكن ما يشفع لصاحبنا هو حداثة عهده بعالم الشّعر و نقاط ضوء كثيرة في قصيدته أبرزت موهبته بشكل لا يحتمل الشكّ
فانظر استعماله الجميل لواو ربّ أول القصيدة و انظر للتضمين فيه و في البيت السادس و تمعّن التأكيد المعنوي المكثّف الصادر عن استخدام متواتر للأفعال (انصرف ولّى أعرض) في البيت الثاني و في تقديم المفعول على الفعل في نفس البيت و لاحظ ذلك التركيب الفريد حيث استخدم النفي مرّتين في مساحة ضيّقة وقف لحظة عند البيت الرابع حين تضخّم المعنى مع تقشّف واضح في اللفظ...و لاحظ و لاحظ... أناقة في العبارة ما كنّا لنجدها عند مبتدإ في الكتابة الشّعريّة...
صحيح أخطأ صاحبنا في أكثر من موقع و لكنّ له الحق علينا أن نتجاوز عن أخطائه لا مجاملة و إنّما لحسن في شعره كثير و هو من نفس ذلك الحسن الذي جعلنا نقبل بضعف في بعض أشعار المتنبي و بأخطاء في شعر أبي ماض...أقول هذا دون أن أضع "مازن" في مستوى الشاعرين الآنف ذكرهما و إنّما أسأل له بعضا من التفهّم و رحابة الصّدر خصوصا و أنّه شاب يحمل شعره بشائر نجاح أكيد...
لقد توقّفت عند بعض القراءات النقديّة و حيثما وافقت بعضها تعجّبت من بعضها الآخر خصوصا أنّها لم تصدر عن وعي أدبي و إنّما عن تحامل مغرض ذي منطلقات دينيّة لا علاقة بها بالأدب لا من قريب و من بعيد...
الغرض غزلي ما من شك في ذلك و هو غرض قديم قدم الشّعر و هو ما يحدونا إلى البحث عن الجدّة. أمّا المعاني فمنها ما يدخل في دائرة الغزل كالفخر و اللوم و منها ما يخرج عنها كهذه اللهجة القاسية التي يتوجّه بها الشاعر إلى الحبيبة فهو يطردها بل ينتهرها و ما أبعد ذلك عن التشبيب و النسيب... تضاد في الخطاب صارخ و لكنّه لا يفسد بناء القصيدة لحظة واحدة فقسوة الشّاعر مبرّرة : إنّه التحدّي لقرار المرأة و إنّها الثقة في مشيئة الله الذي قدّر أن يكون هذا الحبّ خارجا عن إلزامات الشرع و الدّين...
ولـنْ تتخلّصـي مـنـي
لأنّ اللهَ أرْسـلــنــي
الخطيئة متفشّية في ثنايا النصّ أعترف بذلك و حبّ الشاعر الحبيبة فاضح و إرادة البقاء صوت مسموع لا يمكننا إخفاؤه لحظة
أنا ماجاءَ بي حُبّي
إليكِ الآنَ , بلْ ابني
لكنّ الله هو المقدّر و لا اعتراض على ما قدّر الله...
لعلّه باب في علم الكلام قد أفتحه ردّا على اعتراض بعض النقاد و تحامله على النصّ و لكنّي لست بفاتحه لأنّ الشّعر لا يفهم إلا من منطلق فنيّ منفصل عن كلّ الخطابات الأخرى...فكرة واحدة أريد أن أقولها...إنّ الخطيئة في النصّ لا تحكم على صاحبها بالقصاص و لو كان الإسلام كما يفهمه البعض على هذا الحدّ من التعصّب و محدوديّة الفهم لألغى قصّة الخطيئة الأولى و قصّة الجريمة الأولى و لحذف كلّ الآيات التي تروي قصّة يوسف و زوجة العزيز...و لكنّه القرآن بشفافيّته و وضوحه... لكنّه القرآن باتساع رؤاه ... لكنّه الإسلام الذي يعترف بمشيئة الله جلّ جلاله ... من خلق الشّيطان؟ أليس الله؟ من أطلق ذراعه في الناس إليس هو؟ هل هو عاجز عن الفتك به؟ قطعا لا... و ليكن مازن شيطان هذا المنتدى و لتكن حملتكم من أجل إخراس صوته فهل فوّضكم الله لأن تفعلوا بدلا عنه لأنّه لم يستطع أن يفعل؟
فلماذا احتفل الأصمعي و أبو عمر بن العلاء بشعر الشاعر الملك على ما في معلّقته من مشاهد جنسيّة يندى لها جبين مخرجي أفلام الجنس؟ لماذ لم يحذف المسلمون أبيات أبي نوّاس و سكراته و نزوات شذوذه؟؟ لماذا لم يحرقوا كتب ابن عربي و الحلاّج؟ لماذا لم يغتالوا أبا القاسم الشابي إذْ قال:
إذا الشعب أراد الحياه *** فلا بدّ أن يستجيب القدرْ
أهناك كفر مرفوض و كفر مقبول؟ أهناك زندقة مسلمة و زندقة كافرة؟
ننسى دائما شعر الإباحة في مكّة صدر الإسلام و قد قيل أنّ عمر بن أبي ربيعة كان يعاكس المعتمرات و لم يخمد صوته أحد من التابعين الموثوق في إيمانهم تضرب في ورعهم الأمثال.
و قد كان غلاة المسلمين يسمعون مثل هذا الشّعر فتجذبهم إليه رقّته و عذوبته فشغفوا به و قد سمع سعيد بن المسيّب و هو على رأس فقهاء المدينة شعرا قاله محمّد بن عبد الله النميري من أهل الطّائف في زينب أخت الحجّاج فضرب برجله و قال: هذا و الله مما يلذّ سماعه.
و كان ابن العباس (و ما أدراك من يكون) يستريح من مجلس الفقه و التفسير إلى سماع شعر ابن أبي ربيعة و لقد عاتبه نافع بن الأزرق على هذا المسلك قائلا : الله يا بان العباس إنّا نضرب إليك أكباد الإبل من أقاصي البلاد نسألك عن الحلال و الحرام فتتثاقل عنّا و يأتيك غلام مترف من بني قريش فينشدك كذا و كذا مشيرا إلى قصيدة عمر بن أبي ربيعة (أ من آل نعم..) ؟
و لامه بعض أصحابه في حفظ هذه القصيدة فقال: إنّا نستجيدها...
و يروى أنّ مالك بن انس(و ما أدراك من يكون) كان يجاوره سكير يعود أواخر الليل منشدا و كان الإمام يستلذّ غناءه إلى أن افتقد ليلة صوته فسأل عنه فقيل له: أتاه حرس الخليفة و قبضوا عليه . فخرج إلى قصر الخليفة يطلب له الصّفح و لم ينم ليلتها إلا و جاره في بيته...
قصص كثيرة هي أوردتها حتّى يرى العاقل حقيقة الإسلام و رحابة نظرته للفنّ ... قصص أردتها أن تكشف مدى الهوّة بين تسامح الأيمّة و الفقهاء صدر الإسلام و بين محترفي الفقه اليوم و مدى ضيق فهمهم للظاهرة الأدبيّة.
الفرق شاسع بل هو خطير على ضوء هذه المزايدة التي لا تفتأ تحلّل و تحرّم حتّى بات الفنّانون و العلماء و المصلحون يرون الإثم في كل نفس يتنفّسونه و في كلّ خطوة يخطونها و في كلّ نظرة ينظرونها...و نتساءل في استغراب لماذا نحن منحطّون متخلّفون؟؟؟ لماذا ينجح الآخرون حيث نفشل؟؟؟ لماذا يتقدّمون حيث نتقهقر؟؟؟ لماذا شبابهم يبدع و شبابنا يزيغ؟؟؟
كيف لشبابنا أن يبدع و قد حرّمنا عليه الإبداع؟ كيف لهم أن يأتوا بالجديد و قد أرعبناهم من الجديد؟ كيف لنفس حسّاسة أن تتكلّم و قد رشقناها بسهامنا "الفقهيّة" التي ما أنزل الله بها من سلطان...؟
أسئلة مرة كثيرة رأيت أن أطرحها في خضمّ تحليلي لهذه القصيدة...و لقد وجدتها جميلة على هناتها حيث وجدها آخرون بعيدة عن الشّعر....
اشتريت مرّة قارئ أقراص ليزر و وضعت قرصا يحوي موسيقى على هيئة (آم بي 3) فإذا بالقارئ يخبرني أنّه لم يجد قرصا...
القرص كان موجودا لكنّ القارئ الذي اشتريته كان لا يقرأ إلا ما يفهم فإذا لم يفهم أنكر وجود القرص.
لكم كلّ الإحترام.