رسالة إلى هدى علي
إلى الطفلة التي اغتالت يد الحضارة براءة نقائها
هدى علي
كانت تبني قصور السعادة على شاطئ الأحلام ، خيال عفة ، من الروح وتواضع الآمال ، ترفع سقف المرح على دعائم براءة نقية ، لحظة ، دوَّي الموت برعد القهر ، موت أسرة تشظت أمانيها إلى قطرات دموع يتم ، لم تبق ِ لها أنياب الرقي المزعوم إلا أشلاء أجفان تبكي شطآن غزة
بنتي هدى
يا دمعة غيلت على خد المدى
حمراء شظاها الممات معربدا
زرق النيوب تلوكها حقد القصاص
تميمة الأخلاق يذرفها القنوط
لجبهة سوداء تعرب للردى
همس الوضيع إشارة توحي بصمت
شفاهنا لقلوبهم
إنا على درب التنازل ما عدا
يتم الصدى بأنين جفن ٍ
قضه غول تقرصن بالمدى
أبنيتي كنا وما زلنا نغني سيرة (الثكلى هدى) *
جمر الحضارة ثيــِّبٌ بصراخ أناتٍ الحــِدا
حملت به خمسون عاما أمة
لم تتخذ يوما براءة رحمها من رجسه
برماد عنقاء النقاوة صادها
جند التقدم بالعدا
لبيك إنا ها هنا
أبناء يهرب للدناءة خمرة
الأحزان روَّضت المبادئ
سُبَّة ً من دن( نيرون) اتخذنا معبدا
لبيك يا بنتي هدى
فأجابها غول الحضارة نابه
أبناء قابيل ......اعتدى
قرط الإماء تشنفت
آذانهم لصليلها بعتاق أزلام
التخاذل ، كالقواعد جاسها
نفحُ الشبيبة موعدا
بوح الفراق بنيتي
يلوي كعرجون السقوط مجردا
بمياسم غزلت أفانين الرذيلة
حول كف صُفـِّدا
أولم يروا للطير فوق رؤوسهم
يقبضن أجنحة الردى؟؟؟؟؟؟؟
أم أقفلوا برتاج أوبئة التجاهل
فطرة ً عين الفؤاد فأرمِدا.
نار الهجير تصم أقفال الكرامة
نخوة حطت رحال عزيمة
خارت على شطآن غزة مِرقدا
أ بنيتي لا تحزني
لبيك أبناء العروبة غيروا
رسمَ الطريق علامة تحيي خرائط
أحرف ٍ بلهاء
أسموها تعاليم الهدى
قلبوا المشاعر أصبحت تمثال
مَيْت ٍ قد يرون رفاته طاعون عهد يعبدا
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى
تأبى الرماح تصيدا
ولقد ذكرتك والخدود لوامع
مكياجها لا ريب
لا تثريب إن سقط النصيف
ولم ترد إسقاطه ظنوه عن قصد بدا
تجري الرياح بما تجوب رمالهم
بحرا يلاطم سامريَّ عجولهم
امسكْ لحى خذها قرابين الصَغـَار ِ
فقد عبدنا العسجدا
أبناء يهرب للدنان عذارهم
داسوه غـِرَّا أمردا
رشفوا أفانين الدناءة خمرة
الصبار مرا علقما
فاستعذبوا سؤر الكلاب تمثلا
بوفاء كلب المقتدى
ثمل النباح مرددا
أهواك يا (ست هدى)*
فأجابهم للهو قرصان النواسي
كرمتي
أولاد جـفـنـة ما تهرُّ كلابـُهم
نبـِّهْ نديمـَك قد نـَعـَسْ
يسقيك كأسَ الضيم من قعر الخنا
عربون فحش ، لا تخفْ
وارشف دماء صبية
غيلت بأنياب الردى
واسكب مداد ملامة
لابن المرقش مرشدا
في حضن غانية لدى
يا راكبا ليل السفود مطيَّة ً
إما عرضت فبلغنْ
لله دركما ودر أبيكما
أضحى على درب الضياع مصفدا
من مبلغ الأعراب أن بـُنـَيـَّة ً
أبكت على خد السباع دموعها
يأبى الصراخ إذا بكى
صبر النجيع بأعين
ثكلت بأجفان الندى
عذرا هدى.... خـَرِفَ الزمان فأنشدا
بصم العزاء على دمي
مرَّ المذاق بناب غول العلقم
يا ويحهم أولاد يعرب من جراحات الكمي
نصبوا المشانق من تردٍ
في متاهات الهبوط بلا مواطئ سلم
يا ويح حرفي غاله كف الطغاة على فمي
أغلال فرعون نعت حِلـَقَ الحديد
تلف جيد المعصم
ويل العروبة من دموع اليــُتـَّم
ويل العروبة من قصيد البكر
كحــَّلها الظلام بمرود متكدم،
والجفن معتل الرموش على كرى
شقَّ المهادَ بشوك جرح المبسم
لكنهم أبناء خال ٍ
لم يمت بحراب يوم عـُنـَيـْزَة ٍ
أو سهم ضرع شُوَيْهَةٍ
نالَ البَسُوْسَ برمية
نجلاء وطء المنسم
أشطان بئر في دمي
تنسلُّ: ويحك ِ أقدمي
بسنان بكر غالبت
يوم الهجيج على لجام الأدهم
قل للمليحة في خمار العندم
ماذا فعلت براهب مترنم ؟؟؟؟؟
ويح العروبة
من دمي ولغت به جــَّراءَ موت ِ الضيغم ِ
لـُكـَعُ الكلاب
وطهرت أنيابها الزرقاء
إفــكــا من قراح الزمزم
هذا أنا هند، وليلى ،وأم معبد والنوار
وبنت كعب خيمتي
سرق الشتاء رواقها وبقيت ثكلى الأنجم
جلد الظلام براءتي بسياط جمر قشعم
نهل السراب على مدى أبصار فحل
من عشيرة درهم
مائي وأصبحت الفيافي لا تقيل عثار
عذل من صنيع عداوة
جهرا على ابني ضمضم
ويجول عنتر ُ، والرماح تزينت بوشي
تبر فوق مقبض أجذم
والصدر مزدحم الجوى أنواط نصر معتم
ما غادر الشعراء حتى أرجزوا
إن العيون ، ولا إخالك فاغنم
كاس المحاق وخمر مومس
للتجني ترتمي
فتيان عبس يا أمانينا التي
يا دار عبلة واسلمي
وعمو صياحا دار (سوزي) بالرطين تكلمي
واستشهدوا بحديث عرض فوق نهد مبسم
بنتي هدى يا أيها الطفل المزنر بالردى
أملي علينا سيدي
ما صغت من عقد الحجارة شعلة
أحرقْ بها ،وانثر رماد زمانهم في اليم
واركع واسجدا
وارفع مآذن جولة
فلقد ملكت المعبدا
يابن الجلا فكَّ اللثام مرددا
إني رأيت رؤوسهم حمر العمائم أينعت
لمناجل التاريخ ما قلنا : يدا
تجلو الرقاب من الصدا
يأبى الضرام إذا نبا غصن الربيع تجلدا
صبر الدموع بأعين ثكلت بمرود صبوة
تحكي بأطراف الأسنة منشدا
من يلق رملا سفَّه حقد الحضارة مشجبا
إن تسأليهم بالنساء فإنهم أبناء تجربة
تباهوا ليلهم في ودهن ثراء علم أعجبا
إن شاب رأس المرء حيث علمنه
زهدت به ، فالقطع يبقى حل أسئلة
أراها .... للإبانة موجبا
بنتي هدى
هلا سألت شيوخهم وشبابهم
ولقد خشيتُ بأن أموت وأحرفي
ما زال يشنقها الفدا
وكما الغريق بقشة مستنجدا
يخلو الذباب بها وليس ببارح
غردا على سطر لقيط للخنوع معربدا
هزجا يحك نقاطه ، فعل المداد على بيان الأجذم
وإذا الكتيبة أدبرت
لبيك يا بنتي هدى
نهواك لحما أسودا
مرٌّ مذاقتـُه كطعم العلقم
ورموك أشلاءً ، لأجلاف الصدود
بلا تأسف مكرم
غردا كفعل الشارب المترنم
فأجابها إن المنية منهل
لابد أن يسقى بذاك الملهم
والحرب ضاربة الحظوظ
على نديات الفم
بنتي هدى بنتي هدى
لم يبق في الساحات إلا
من علمت شمائلي وتكرمي
ـــــــــــــــ
الكويت: ـ 14/6/2006 ـ
هدى الأخرى ـ الست هدى ـ عنوان مسرحية شعرية لأحمد شوقي