قصة قصيرة : قهر...

( 1)

... ركلات شديدة بباب شقتك . ترتعد . تنفض غطاء سريرك . تبحث عن مقبض بابك في العتمة . تخرج رأسك . تجابهك أجساد بشرية ، وأعين يتطاير منها الشرر .. أصوات ، متداخلة النبرات..
تسقط أرضًا . تدهسك الأقدام . تهصر عظامك..


( 2)

... العتمة ... والعتمة ... والصمت ؛ سمت أيامك الفائتة ...
تسمع فتح باب ، وصوتًا غليظًا ،أجش :
- الطعام أمامك ...
.. الجوع ، ينهش معدتك . تأكل ، ولا تعلم كنه ما تلوكه أسنانك...
عندما ، تشعر بألم معدتك ، وضرورة قضاء حاجتك ؛ عليك ، أن تنقر ثلاث نقرات ، متتابعة - كما نبه عليك - اللحظات الوحيدة ؛ التي يسمح لك ، أن يرفع عنك غطاء عينيك...
... القبر وظلمته ، أهون من العتمة والخرس ، وأنت حي ...

( 3)

... بعد أيام ، لا تعلم عددها. تجد نفسك ، تجلس في حجرة أخرى . هواؤها رطب ...
يخلع عنك ، غطاء عينيك . الضوء يغشي بصرك . تضع يديك على عينيك ...
ترامى إلى مسامعك - صوت - وكم أنك مشتاق إلى أي صوت ، يؤنس عتمة وحدتك ...
: ما اسمك ؟
- ...............
: ندمت على جريمتك ...
تقول ، بشده :
- أي جريمة اقترفت ..
قال ، بفظاظة :
- هل نسيت شارع المطار ؟
تقول :
- شارع المــ..........
- واعتداءك بالضرب المبرح ، على مواطن شريف ..
تصرخ :
- مواطن شريف .. كيف ؟ .. يتحرش بفتاة ، ويحاول إجبارها على صعود سيارته ...
يجذبها من شعرها ..كانت تصرخ وتستغيث ...
تكلمت معه بهدوء ، أن يتركها في حالها...
بصق على وجهي وسب أبي وأمي..
بنبرات ، عابثة :
-ما شأنك ..
تقول ، بحدة :
- كيف لا أهتم . أين نحن ؟..
يزفر الرجل ، يحدجك ، بغيظ :
-للمرة الثانية. ما شأنك يا بن ألـ.......
أختك ، زوجتك ....
إذا لم تعتذر له ، لن تخرج من هنا ...

قهر

وقصة تشير إلى كاتب متمكن من أدواته..

ذكرتنا بـ " زوار الفجر " ، ولكنها لأسباب مختلفة تماماً ؛ فقد أصبح الدفاع عن الشرف جريمة.
لقطات قصيرة للغاية ، ولكنها مكثفة .

تقديري واحترامي .

الصديق والأديب المحترم / حسام القاضي
أشكرك على مداخلتك ، وتعليقك - الجميل - ولك كل التحية والتقدير .

هذا النص عالي الحكاية بداية من مشهد القبض علي المتهم الهروس تحت اقدام العسكر حتي التحقيق مروراً بالحجز داخل زنزانة القهر والتهمة جريمة ارتكاب فعل النخوة والشهامة عامداً متعمداً في الطريق العام
وكاننا في عهد الذين يفطعون السبيل
خالص تحياتي
دمت مبدعاً

تصويرُ مكثّف رائع صوّر المفارقة التي نحياها بين ما هو كائن وما يجب أن يكون

التقاطة رائعة لبعض سلبيّات عصرنا وما أكثرها

دمت مبدعا أخي

مودّتي

تصوير رائع للقهر بجزئيات النص تنقَّل بنا الكاتب من خلال سرد متقن ولغة أنيقة وقدرة عالية على الصياغة
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

القهر الحقيقي في مصداقية هذه القصص التي تصب في معنى واحد لا إنسانية
رائعة ولاذعة
بوركت وكل التقدير

نص جميل بنسجة وعرضو وتوجهه
شكرا لك

قصّة حزينة في لقطات حق لكل منها أن تكون قصة قصيرة جدا
أحسنت رسم المشاهد لتحمل وجيعة لا شك أنها واقعية بغلة أولاد "الأكرمين"

دمت بخير أيها المبدع
تحاياي

القهر يعني الغلبة ـ والإنسان المقهور هو ذلك المغلوب على أمره والذي تعرض
لفرض السطوة عليه من قبل المتسلط عنوة
وأما أن يكون القهر من أجل أوضاع مقلوبة فذلك هو عين القهر.
بإيجاز بديع وأداء متقن أبدعت في نسج
صورة للقهر في أسوأ حالاته
دمت بكل خير.