قالت زبيبة يا حبيبي أخبرن
مالي أراك دفنتني ما بين بين
فأجبتها أني زبيبة حائر
و أكاد لا أخفيك أمرا قد أجن
قالت حبيبي أنت تعلم أنني
لو أستطيع الهم عنك سأحملن
فبدأت أشرح وهي تصغي باهتمام
بالغ وسمعتها تتنهدن
ثم اتخذت من البيان وسيلة
و من البلاغة كنت لا استنقصن
قطعت حديثي كي تقوم لحاجة
وسمعت باب الدار يطرق قلت من
فإذا بشخص قال لي جئناك من
عند الخليفة هيثم فلتفتحن
فبدأت أرجف خشية من قولهم
و الرعب في قلبي يقوم و يقعدن
وزبيبة صاحت بأعلى صوتها
يا ويل حظي إنني أترملن
دخلوا علينا بالسيوف مسلحين
كبيرهم مثل الحمار بلا رسن
قالو أطع والي البلاد فإن تلك
فريضة و اتبع ولا تترددن
فصرخت في وجه الجميع إلا اسمعوا
ماكان ربي بالرذيلة يأمرن
أنتم ومن حكم البلاد جميعكم
كفر تأكده الفرائض و السنن
قالو اسحبوه و بالسلاسل قيدوه
فسوف ويلك للخليفة ترسلن
ولقد دخلت على الخليفة مرغما
و رأيته بين الكواعب يجلسن
سأل الخليفة هل صحيح ما سمعت
بأن أمري عند مثلك يعصين
إن كان حقا ما يقال فقل لنا
ماذا تريد من الحياة و ترغبن
سنزيح رأسك كي تعيش براحة
و كذاك نفعل بالذي لا يشكرن
فنظرت في عينيه لم أبصر سوى
رجل غبي جاهل لا يفقهن
فأجبته بلباقة و بحكمة
إن الخليفة يأمرن و ينهين
بيت الخلافة عامر من فضله
شهد المكان و هكذا شهد الزمن
ضحك الخليفة ثم قال بغبطة
أقسمت من هذا النبيذ لتشربن
فرفضت معتذرا وقلت بأنني
لا أستطيع شرابها فلتسمحن
صرخ الخليفة غاضبا و مهددا
والله رأسك إن رفضت لأقطعن
فخشيت منه وقد خشيت بأنها
غيري زبيبة تعشقن و تنكحن
فبدأت أشرب و الخليفة ممعن
و الدف يضرب و الجواري يرقصن
لما سكرت طلبت منه برحمة
مستأذنا فأجاب أنه يأذنن
و رجعت للبيت الذي فيه زبيبة
تبكين و تندبن و تطلمن
لما رأتني كالذبيحة داخلا
ركضت إلي تقبلن و تحضنن
قالت فدتك النفس إني ها هنا
يا جنتي ما شئت بي فلتفعلن
فمددت كفي كي أصافح نهدها
نهد بغيري ما حييت سيكفرن
و همست في أذن التي داعبتها
إن الخليفة بالرسالة يشركن
يا ربنا إن الأمور عويصة
فارحم فقد كفر المواطن بالوطن