العبث
تأملات قد نوافقها أو نعارض البعض منها
قد أعود و أعارضها بعد حين
إلا أنها وليدة لحظات تأمل في واقع عابث.
محاولة لتعرية الواقع المتستر برداءات شتى وسلاحي في ذلك العبث.....
*لنبدأ باطلالة فلسفية حول مفهوم العبث
مقتطف من مقال د. أحمد سخسوخ*1*
وكلمة عبث
Absurd
من أصل لاتيني ومعناها النشاز أو اللامعنى
وأول من أسس مفهوم العبث بالمعنى الفلسفي الحديث وبالمعنى الأدبي ايضا هو الكاتب المسرحي البير كامي في دراسته اسطورة سيزيف عام 1942؛ وأكد هذا المفهوم سارتر بعده في كتابه "الوجود والعدم" الذي نشر عام 1943.
حدد كامي مفهومه للعبث من خلال ثنائية الصدام بين عقل الانسان والعالم؛ إذ ان عقل الانسان يريد ان يعرف كل شيء بوضوح، بينما العالم غير واضح وغير قابل للفهم، وفي هذه اللحظة التي يسأل فيها العقل ليعرف؛ يصطدم بالعالم الذي لا يعطي اجابة منطقية، وهنا يتولد العبث.
اذن لا يوجد العبث في الانسان وحده؛ كما لا يوجد في العالم وحده، وإنما يوجد من خلال علاقتهما سوياً... عقل يسأل وعالم لا يعطي اجابة منطقية؛ ومن خلال هذه الثنائية يكتشف العقل ان لا معنى للحياة.
والعبث لدى سارتر انما يوجد منذ الأزل؛ وهو يشكل نسيج الكون.. فالانسان يقذف إلى العالم دون أخذ رغبته ودون ان يعرف سبباً جوهرياً لذلك.
وبينما اعطى الوجود للانسان دون موافقته، الا انه مضطر الى صنع وجوده في العالم باعتباره قد وجد فعلاً.
ان الانسان حر في ان يصنع نفسه؛ ولكنه ليس حراً في اختيار وجوده، ولذا فالحرية هنا عبث؛ لأن الحرية هي عدم الوجود.
وفلسفة كامي وسارتر؛ لم تكن سوى نتاج دراسات فلسفية طويلة سابقة عليهما بقرن كامل بدأت من كيركغارد وهوسرل وياسبرز وهيدغر وبرغسون حتى كامي وسارتر.
ولأن فلسفة العبث تبلورت في اربعينيات هذا القرن؛ لذا انعكست هذه الفلسفة بالضرورة على المسرح فظهر مسرح العبث.
ومسرح العبث انما يعبر عن (لا معنى الحياة الانسانية وعن الصيغ العقلية من خلال نفيه للمبررات والتفكير العقلي).
ومسرح العبث يجسد بشكل درامي افكار العبث الفلسفية التي طرحها فلاسفة العبث.
*1* د. أحمد سخسوخ
مسرح العبث بين تهشيم النص والاحتفاظ بسطوة المؤلف
المستقبل - الخميس 6 تشرين الأول 2005 - العدد 2061 - ثقافة و فنون - صفحة 20
* تأملات حول العبث :
- هل العالم اليوم مبني على نظام و سنن وقوانين تحكم سير الحياة ؟
- حياة الإنسان محكومة بقانون و سنن أم أنها محكومة بالعبث و الفوضى؟
- هل يملك أحد منا اليوم أن يتنبأ بما سيكون عليه حال العالم في المستقبل؟
لا أظن ذلك ليس فقط لأن الغيب من علم الله و لكن كذلك لأن العالم اليوم تتداخل في تشكيل ملامحه قوى لا يدري بها أحد حتى كبار صناع القرار
العالم اليوم محكوم بفوضى قد تكون في بعض تجلياتها فوضى خلاقة و لكنها في الغالب الأعم فوضى سميتها بالعبث.
العالم اليوم متغير بشكل متسارع حول اللامتوقع بون شاسع بين بدايات الأحداث و نهاياتها
مثلا الوضع أثناء بداية العدوان على العراق والوضع بالعراق اليوم و في المستقبل
واقع رهين بأفعال قوى لا يدري أحد كنهها وكل قوة لا تدري أفعال القوى الأخرى
هل مسار الحياة يسير كما يخطط له ؟ أم لا؟
ما موقع القضاء و القدر وسط كل هذا؟
ما هو مفهومنا للعدل الإلاهي؟
تساؤلات و غيرها ...........
* لعبة العبث :
خطرت ببالي لعبة نشارك فيها جميعنا .......
اللعبة هي أن نقدم بعض تجليات العبث في واقعنا و حياتنا
ولي البداية :
ننطلق من أشياء بسيطة
حينما يعبث صبي بأعواد الكبريت فيفقد أسرته ييتم و يشرد
حينما يعبث سائق في الطريق فتزهق أرواح بريئة و تدمر أسر
حينما تعبث فتاة بشكلها و هندامها فتقتل الإستقامة و الفضيلة
يزداد العبث
حينما تعبث ممرضات فيصاب أطفال أبرياء بداء السيدا الخبيث
حينما تعبث مباريات كرة القدم بمشاعر الملايين
حينما تعبث برامجنا الإعلامية بالعقول و الأحاسيس
حينما تعبث برامجنا التعليمية بالنشئ و الطلاب
ويزداد العبث
حينما يعبث بوش و المحافظين الجدد بعالمنا الإسلامي العراق أفغانستان السودان إيران ....
حينما يعبث الصهاينة بملايين العرب و المسلمين فلسطين لبنان .....