أحدث المشاركات

قراءة فى مقال لغز زانا الأم الوحشية لأبخازيا» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» الشجرة ذات الرائحة الزكية» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» همسة!» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» أجمع دعاء وأكمله.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» العفو يورث صاحبه العزة.» بقلم أسيل أحمد » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» مع الظلام» بقلم عبدالله سليمان الطليان » آخر مشاركة: عبدالله سليمان الطليان »»»»» المعية الإلهية فى القرآن» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» كتب محمد فتحي المقداد. الحارس. قصة قصيرة» بقلم محمد فتحي المقداد » آخر مشاركة: محمد فتحي المقداد »»»»» الطبعة الثانية من المنتج الجاهز لعلم عَروض قضاعة 1- 3 - 2024» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» عذْراً فلسطينُ ما عُدْتِ لنا الأّمَا» بقلم حسين إبراهيم الشافعي » آخر مشاركة: شاهر حيدر الحربي »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 14

الموضوع: الخطاب الصوفي : هذا هو تصوفنا و تلك هي دعوتنا

  1. #1
    الصورة الرمزية إدريس الشعشوعي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2004
    الدولة : قلب كلّ مسلم
    المشاركات : 2,253
    المواضيع : 185
    الردود : 2253
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي الخطاب الصوفي : هذا هو تصوفنا و تلك هي دعوتنا

    الخطاب
    هذا هو تصوفنا، وتلك هي دعوتنا
    ربانية الكتاب والسنة، عدلاً بغير إفراط ولا تفريط
    صورة الخطاب الصوفي السلفي الشرعي التاريخي الذي كتبه مولانا الإمام : محمد زكي إبراهيم
    رائد العشيرة وشيخ الطريقة المحمدية الشاذلية
    إلى أحد خواص مريديه
    الطبعة السادسة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمـــة
    حمداً لله، وصلاةً وسلاماً على مصطفاه، وعلى آله ومن والاه، في مبدأ الأمر ومنتهاه.
    ورضي الله تعالى عن أشياخنا في الله، ورحم الله من سبقنا من إخواننا إليه، ووفق أحياءنا إلى ما يحبه ويرضاه.
    أمَّا بعد:
    فهذا خطاب صوفي جامع من شيخنا الإمام الرائد إلى أحد كرام مريديه، وقد كان لهذا الخطاب دويّ بالغ في الأوساط الصوفية وغيرها.
    وهذا الخطاب قطعة أدبية رائعة تسري فيها روح حكم ابن عطاء الله السكندري، وعبيق رسالة الإمام الغزالي: (أيها الولد المحب)، فهو خطاب للرُّوح والوجدان.
    وفي ثنايا هذا الخطاب قواعد وفوائد، وإشراقات روحية، وإشارات صوفية، يستفيد من ذلك كله الخاص والعام.
    فنسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يجعلنا من عباده الصالحين.
    وصَلَّى الله على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ
    ******////*******
    خطاب صوفي جامع
    من الإمام الرائد إلى أحد كرام مريديه
    .........
    يا ولدي:
    سألتني عن التصوف الحق، وها أنذا - بإذن الله - أكتب إليك شيئا مما يحضرني من ( هوامشه )، وأوجهك إلى بعض آفاق مشارفه، لتتعرَّف على بعض حقائقه، فأنقلُ إليك بعض ما قال رجالُه، وما بلَّغَني إليه حالُه، وما كان من فيض الحَقِّ جلَّ جلالُه. وقد يفوتني التنسيق والتزويق، ولكنني أسألُ الله ألاَّ يفوتني التحقيق والتوفيق.
    "اللهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أن أتَكَلَّفَ ما لا أُحْسِنُ، أو أقُولَ ما لا أَعْلَمُ، أو أُمَارِيَ في حَقٍّ أعْتَقِدُهُ، أو أُجَادِلَ عن بَاطِلٍ أنْتَقِدُهُ، أو أَتَّخِذَ العِلْمَ صِنَاعَةً، أو الدِّينَ بِضَاعَةً، أو أَطْلُبَ الدُّنْيَا بنسْيَانِ رَبِّ الدُّنْيَا، أو أَعْمَلَ للآخِرَةِ ريَاءً وزُوراً".
    يا ولدي:
    قالوا: التصوفُ العملي تجربةٌ تصل بك إلى التذوق والصفاء والمشاهدة والوصول إلى سرِّ الذات، والخلافة على الأرض، وسبيله: العلم والعبادة، فلا يغني عنك فيه سواك، فإنَّه لا يمكن أن يتذوق لك منه غيرك، كما لا يمكن أن ترى بعين رجل آخر.
    فهل تستطيع أن تعرف طعم " التفاح مثلاً " دون أن تمضغه بالفعل؟ وهل يكفي أن تنظر إلى العسل، أو أن تعرف مكوناته لتتمتع بحلاوته، دون أن يحتويه الفم أو يعركه اللسان ؟.
    وهل يمكن أن يتحقق الشبع، أو ينطفئ العطش بالتصور والخيال دون تناول الطعام والشراب، فعلاً وواقعاً؟ طبعا: لا.
    وكذلك لا يغني في هذه التجربة مجرد العلم، ولا تُوصِّل إليها دروبُ الفلسفة، فالعلم والفلسفة أعمال عقلية، وهذه التجربة من الأعمال القلبية الوجدانية، وشَتَّان ما بينهما، غير أنَّ التعبيرات الصوفية إذا عولجت بالإحساس والتعمق، والمعاناة والتذوق، كانت قادرة على تغيير الباطن الذي به يتغير الظاهر، فيولد الإنسان ولادة جديدة، كلها إشراقٌ وحبٌّ وبركة وإنتاج.. هكذا قال الشيوخ!
    أمَّا مجرد قراءة كتب التصوف بلا معاناة، فهذه متعة ذهنية، وثقافة عقلية، وقد تشارك فيها النفس الأمارة بالسوء، فتكون طريقاً إلى الضلالة طرداً أو عكسا.
    أمَّا المنح الرُّوحية، والإشراقات القلبية، فهي نتيجة الجهود والأعمال، فالصوفية أرباب أحوال، لا أصحاب أقوال، ولم ينل المشاهدة مَنْ ترك الْمُجَاهَدة.
    يا ولدي:
    إنَّ التصوف خدمة تتكيف بحاجة كل عصر، وكل إنسان، وكل وطن، فهي تجسيد شامل لعملية الاستخلاف على الأرض، ثم إنَّ الهداية أيضاً: جهد ومعاناة، والشيخ دليل فقط، فمَنْ لم يَسْعَ لم يصل، ومَنْ لم يلتمس المعارج لا يتسامى ولا يرتقي، ومَنْ لم يتحرك لم ينتقل، ومن اعتمد على ما عنده وحده اغترَّ، فتَاهَ وضَلَّ.
    وفي ذلك أقول:
    يقول: هل اتخاذ الشيـــخ محتومٌ على القاصد ؟
    فقلتُ: وهل تربى قـــــط مولودٌ بلا والد ؟
    وهل يُتمُ اليتيم كفا هُ فاستغنى عن الرافد ؟
    وهل أبصرتَ مكفو فاً ولا يحتاج للقائـد ؟
    وهل علمٌ ، وهل فــــنٌ بغير المرشد الراشد ؟
    وكيف يسير في الصحــرا غريبٌ ؟ أعزلٌ وافد ؟
    وبابُ الله مفـتوحٌ ولكن من هـو الرائد ؟
    تأمل ما أتى موسى وقصــته مـع العابد
    تأمل بعثة الهــاد ي ففيها الشـاهد الخالد
    يا ولدي:
    إنَّ نسبَكَ إلى الله أصَحُّ من نسبِكَ إلى أبيك.
    ثُمَّ إنَّهُ مَنْ استأذن على الله أذن له، ومن قرع بابه تعالى أدخله، ونحن إنما نشير إلى الحقيقة، ونُبَيِّنُ السبيل، ونَدَعُ المريدَ الصادق ليصل إلى غاية الطريق بجهده، فليس شيخُكَ من سمعتَ منه، ولكن شيخك من أخذتَ عنه، ومن جاهد: عدل، ومن اجتهد: وصل.
    يا ولدي:
    الشَّريعةُ جاءت بتكليف الخَلْقِ، والحَقِيقَةُ جاءت بتعريف الحَقِّ.
    فالشَّريعَةُ أن تَعْبُدَهُ، والطريقةُ أن تَقْصِدَهُ، والحقيقةُ أن تَشْهَدَهُ.
    ثُمَّ إنَّ الشَّريعَةَ قيامٌ بما أمر به وبصَّر، والحقيقةَ شهودٌ لما قضى وقدَّر.
    وهذا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: الشَّريعةُ أقوالُهُ، والطَّرِيقَةُ أفعالُهُ، والحقيقَةُ أحوالُهُ.
    فشريعَةٌ بلا حقيقة: عاطلة، وحقيقةٌ بلا شريعة: باطلة، ولهذا قالوا: "من تشَرَّع ولم يتحقَّق فقد تعوَّق أو تفسَّق، ومن تحقَّق ولم يتشرع فقد تهرطَقَ أو تزندق".
    واعلم - يا ولدي - أنَّ الشريعةَ ليست إلا الحقيقة، والحقيقة ليست إلا الشريعة، فهما شيءٌ واحد، لا يتمُّ أحَدُ جزأيه إلاَّ بالآخر، وقد جمع الحقُّ تعالى بينهُمَا، فمحالٌ أن يفرق إنسان ما جمع الله.
    ثُمَّ تأمل - يا ولدي - قولك (لا إله إلاَّ الله) هذه حقيقة، (مُحَمَّدٌ رسُولُ الله) هذه شريعة. فلو فرَّق بينهما أحدٌ هَلَكَ، فإن من ردَّ الحقيقة: أشْرَك، ومن ردَّ الشريعة: ألْحَد.
    ثُمَّ تأمَّلْ قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تجد الشريعة، {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تجد الحقيقة، وهما شيءٌ واحد يستحيل طرح أحد جزئيه.. عبادةُ العبد: ظاهر الأمر، وإعانة الله: باطِنُهُ، ولا بُدَّ لكل ظاهر من باطن، كالرُّوح في الجَسَد، والماء في العود.
    الحقيقة من الشَّريعَةِ، كالثَّمَرَةِ من الشَّجَرة، والأريج من الزَّهْرة، والحرارة من الجمرة، فلا بُدَّ من هذه لتلك، فاستحال قيام حقيقة بغير شريعة.
    يا ولدي:
    انظر بعين عقلك وقلبك إلى هذا الدُّعَاء، الذي يناجي به أحَدُ العارفين من أشياخنا ربَّه فيقول:
    "إلهي: إذا طلبْتُ منك الدُّنْيَا فقد طلبْتُ غَيْرَكَ، وإذا سألتكَ ما ضَمِنْتَ لي فقد اتَّهَمْتُكَ، وإنْ سَكَنَ قلبي إلى غَيْرِكَ فقد أشْرَكْتُ بِكَ!!.
    جَلَّتْ أوصَافُكَ عن الحُدُوثِ فكيف أكون مَعَك؟.
    وَتَنَزَّهَتْ ذاتُكَ من العلل، فكيف أكونُ قريباً بذاتي منك؟! وتعاليْتَ عن الأغيار، فكيف يكون قوامي بغَيْرِك؟!".
    إنَّه كلامٌ كأنَّه صدىً من روح القُدُس، وكأنَّما اقتبسه الشيخ من ألحان الذين يحملون العرش، ومَن حوله، ومن تسابيح الأرواح المهيَّمَة بآفاق الملأ الأعلى، كلامٌ فيه رائحة مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واقتباسٌ من أضواء سدرة المنتهى، وملامح من صدى الحقيقة والشريعة.
    إنَّ التصوف - عندنا - هو (علم فقه المعرفة)، فهو تصحيح الإسلام، وتحقيق الإيمان، وتأكيد الإحسان.
    ومن هنا كان واجباً، لا يمكن تحصيله بمجرد القراءة، ويبدو ذلك واضحاً في هؤلاء الذين يدرسون التصوف علماً، ولا يمارسونه عملاً!! وهم يحملون أعلى الألقاب العلمية، وكان يسميهم والدي " عربات النقل البشرية " أو " سعاة بريد المعرفة "، إنَّما التَّصوف رفعُ الأستار عن أسرار الكونيات، لإدراك أنوار شموس الحقائق، فلا بد - مع العلم - من المعاناة والممارسة.
    والتصوف: التقوى، والتصوف: التزكية، وهما مقام يجمع الخوف والرجاء، وينهض بالعقيدة والخُلُق، وبه تتحقق إنسانية الإنسان، وإنَّه ما من آية في القرآن إلا وهي تربط الدنيا بالآخرة، وتجعلها وسيلة إليها، من باب التقوى وطريق التزكية .
    ألم يقل الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى}، و{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا}. ألم يكن مِنْ سِرِّ الرِّسَالات: التزكية {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}.
    نعم: التَّصَوفُ أدب، فالعقيدة أدب، والعبادة أدب، والمعاملة أدب.
    وهنا يصل العبد إلى رتبة ( الربَّانية ) بالعلم والدرس والممارسة: {وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}.
    يا ولدي:
    الصُّوفيُّ أكثَرُ من (فقيه)، فالفقيه وقف عند الأقوال. والصُّوفيُّ أكثَرُ من (عابد)، إذ العابِدُ وقف عند الأعمال. أمَّا هو فقد جَمَعَ بينهما، فأثمر (الأحوال).
    والصُّوفيُّ أكثَرُ من (زاهد)، إذ الزاهد في الدنيا زاهِدٌ في لا شيء. أمَّا الصُّوفي فلا يزهد إلا فيما يحجبه عن الله، وبهذا يجعل الدنيا في يده، لا في قلبه.
    وهكذا يصبح التصوف فرض عين، لأنه (طَلَبُ الكَمَالِ)، وما من مخلوق إلا وفيه نقص يجب استكماله، وبالتالي كان كل علم يمكن الاستغناء عنه إلا التصوف، لأن موضوعه: الذاتُ والرُّوح، وعَلاقَةُ الوجود بالموجود، وارتباط الغيب بالشهادة، والملك بالملكوت، وكل علم بعد هذا فهو : نافلة.
    جاء شاب إلى مرشد صوفي، فقال له: يا ولدي: "إن كنت تريد الدنيا والجنَّة فعليك بفقيه، وإن كنت تريد رب الدنيا ورب الجنة فهلم إلينا".
    نعم، مَنْ وَجَدَ الله فَمَا فَقَدَ شيئًا - وإنْ فَقَد -. ومَنْ فَقَدَ الله، فَمَا وَجَدَ شيئًا - وإنْ وَجَد -.
    فشئون الدنيا كلها كشؤن الآخرة كلها، (كل من عند الله).
    يا ولدي:
    البَشَرُ مَدَرٌ، لا يَخْلُو مِن كَدَرٍ، فمَنْ نَظَرَ إلى الخَلْقِ: هَلَكَ، ومَنْ نَظَرَ إلى الحَقِّ: سَلَكَ ومَلَكَ.
    ولكن عليك بخلوص النِّية من قيود المقامات، وأغلال الأحوال، وعبادة الآمال.
    ثُمَّ إنَّه ليس العجب ممن هلك كيف هلك، ولكن العجب ممن نجا كيف نجا!.
    يا ولدي:
    إذا قيل: إنَّ التصوف من (الصفاء)، فقد أصبح اسم التصوف أعظم من أن يكون له جنس يشتق منه، لأن الشرط في الاشتقاق: التجانس ، والموجودات كلها: ضد (الصفاء)، إنَّها كدر (إلا ما كان لله)، ولا يشتق الشيء من ضدِّه.
    ثُمَّ إنَّ ( الصُّوفي ) هو صاحب الوصول.
    و ( المتصوف ) صاحب الأصول.
    والمستصوف ( المتمصوف ) صاحب الفضول.
    وإذا رضي المحبوب: كشف المحجوب.
    والتصوف: فناء صفة العبد ببقاء صفة المعبود، ومن هنا كان الصوفي هو الذي لا يَمْلِك ولا يُمْلَك، أي لا يَمْلِك نفسه، لأنه ملك لله، وبهذا لا يَمْلِكُه غيره من مال، أو جاه، أو بشر، ثُمَّ إنَّ صحة الملكية تكون للموجود، والصوفيُّ في حُبِّ ربه مفقود.
    والمبتدئ في الصوفية يرى نَفْسَه، ولكن يراها ناقصة، فهي - مع هذا - حجاب بينه وبين الله.
    أمَّا المنتهي فقد غَضَّ بصَرَه عن نَفْسِهِ، فلا يراها بالكُلِّيَّة، لأنه يرى قَيُّومها الموجود الحق لا سواه، وما لا قيومية له من نفسه فهو عَدَمٌ مُجَسَّد.
    يا ولدي:
    الصوفيُّ قَائِمٌ بربِّه على قلبه، وقَائِمٌ بقلبِهِ على نَفْسِهِ، وقَائِمٌ بنَفْسِهِ على مَنْ يليه، وهذه القوامة هي التحقق بالتصوف الرفيع: {كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ}.
    والصوفيُّ يُقِيمُ أمْرَ الخَلْقِ في مَقَامِهِ، ويُقِيمُ أمْرَ الحَقِّ في مَقَامِهِ، فيُظْهِرُ ما ينبغي أن يَظْهَرَ ، ويَسْتُرُ ما ينبغي أن يُسْتَر، ويقوم بواجب وقته كأفضل ما يقوم رجل، وبه يستقيم عاتق الميزان برُوح الربَّانية.
    إنَّ الله أمرنا بالتصوف، فهو يقول: {وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}.
    والربَّانية عندنا هي ( التصوف )، فهي في الآية علم ودراسة، ومقتضى ذلك: العمل، والعمل الصحيح.
    فالتصوف: هو الربَّانية، وهو التَّقوى، وهو التزكية، وثلاثتها شيءٌ واحد، لا بد لبعضه من بعض، فلا ربَّانية بلا تقوى، ولا تقوى بلا تزكية.
    وتستطيع أن تُسَمِّي ذلك جميعاً: البر {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} فاقرأ آيات البِرِّ من سورة البقرة وغيرها، وسترى أن جِماع ذلك وملاكه هو (الخُلُق).
    فالتَّصوف خُلُق (مَنْ زاد عليْكَ في الخُلُقِ: زَادَ عليْكَ في التَّصوف)، وبالتالي زاد عليك في الإنسانية، فنفع وانتفع، وأدَّى رسالة البشرية بروح سماوية عَلِيَّة.
    وهكذا تشرق لك بعض معاني قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، فما كان من عظمة في شئون الدنيا والدين، فإنَّما هي أثر للخُلُق العظيم.
    يا ولدي:
    ليس للشيطان على الصُّوفيِّ الصَّادِقِ سَبِيلٌ، لأنَّه تحقَّقَ بالعُبُوديَّة المحضة، فدخَلَ في قُدُس: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}.
    وقد عرف الشيطان هذا واعترف به {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}، وقال: {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}، ومِنْ ثَمَّ كانت العبودية أعلى مراتب القرب:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}، و{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ}، {نِعْمَ الْعَبْدُ}، {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}.
    واعْلَمْ - يا ولدي - وعَلِّم النَّاس: أنَّ التصوفَ الحَقَّ مُقَيَّدٌ بأحكام الكتاب والسُّنَّة، على أساس العزيمة، وحذار من الصيرورة إلى الرُّخْصَة، إلا في حَدِّها المحدود، فالتصوف - من حيث هو - عِلْمٌ، وعَمَلٌ، وخُلُقٌ، وعِبَادَةٌ، وجِهَادٌ، ودَعْوَةٌ.. هُوَ أصْلٌ مُؤَصَّلٌ مما جاء به الوحي، وحثت عليه الشريعَةُ كما رأيْتَ، فهو كما قلنا (طلبُ الكمَالِ)، وكل امرئ - مهما يكن شأنه - فيه وجه، أو وجوه من النقص، وبهذا يصبح التصوف واجباً عينياً، لا عذر لأحد معه.
    ( هذا هو تَصَوُّفُنَا )، وهو ( علم فقه المعرفة )، ولا شأن لنا بتصوف الآخرين، و{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}.
    وهكذا يكون الصوفيُّ هو ( المسلم النموذجي )، تمثيلا للإنسانية الرفيعة، واندماجاً في موكب الحياة الزاخر بالجدِّ وبالمجد، والعمل الروحي، والعمل الحضاري الخالد.
    يعيش الصوفيُّ: بَدَنٌ مع الخَلْقِ، ورُوحٌ مع الحَقِّ، الفَرْقُ في لِسَانِهِ، والجَمْعُ مع جَنَانِهِ، وهو يعلم أنَّ العمل مَعَ الغفلة خَيْرٌ من الغفلة عن العمل !!.
    يا ولدي:
    التصوف دعوة ( الحُبِّ ) الذي فقده النَّاس، ففقدوا الحقيقة الإنسانية في الأجساد البشرية.
    والحبُّ هو: الخصيصة المميِّزة للسالك الصوفي، فهو يحبُّ الله، وبالتالي يحب خلق الله، فهو يحبهم بحب ربهم، وهو بحكم حبه لهم يسعى في خيرهم وبرِّهم.
    وتصوَّر - يا ولدي - مجتمعاً يحكمه: الحبُّ، والسَّلام، والتَّسامح، والتيسير، واللين، والتعبد، والتعاطف، والشرف، والإيثار، وتحرِّى معالي الأمور ؛ كيف يكون أفراده ؟ وكيف تمضي حضارته ؟!.
    إنَّ العنف، والقسوة، والقهر، والتعالي، والخبث، والتغالي، والبذاءة، والتعالم، والاندفاع، وأذى الناس أقذار لا يعرفها التصوف.
    واسمع الآن الشاعر الصوفي يحدو على شاطىء الحب قائلاً:
    رأى المجنُونُ في الصَّحَرَاءِ كَلْباً
    فمَـدَّ له مِنَ الإحسـانِ ذَيْلا!
    فلامــوهُ على مـا كان مِنْهُ
    وقالوا:كم أنَلْتَ الكَلْبَ نَيْلا؟
    فقال: دَعُـوا المَلامَةَ إنَّ عَيْنِي
    رأتْـهُ لَيْــلَةً في حَيِّ (لَيْلَى)
    يا ولدي:
    يقول السادة رضي الله عنهم:
    "سِرُّ الحَقِيقَةِ ظَاهِرٌ، وعِلْمُ المَعْرِفَةِ منصُوبٌ، وبَابُ الوصُولِ مَفْتُوحٌ؛ ومَا حَجَبَكُمْ إلا رُؤْيَة أنفُسِكُمْ، فعَشَّشَ فيها الكِبْرُ وبَاضَ وأَفْرَخَ!!" والكِبْرُ مِيرَاثُ إبْلِيس.
    وهم يقولون رضي الله عنهم:
    "الطَّرِيقُ واضِحٌ، والدَّلِيلُ لائِحٌ، والدَّاعِي أَسْمَعَ، فَأَقْنَعَ وَأَمْتَعَ؛ ومَا التَّحَيُّرُ بعد ذلك إلا من غَفْلَةِ النَّفْسِ، وغَلَبَةِ الهَوَى، واعْتِقَادِ الفَضْلِ على السِّوَى".
    يا ولدي:
    لقد كان التصوف ثورة على الترف والاستعجام والانحلال واللامبالاة؛ فإذا دخلته المغالاة، فتلك طبيعة الأشياء، وهذه قصة الصحابة الذين أرادوا أن يصومُوا بلا فطر، وأن يعيشوا على الطعام الرمزي، وأن يتركوا النساء والأولاد، وأن يصلوا الليل والنهار: تَعَبُّداً وانقطاعاً عن الحياة، فنهاهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأرشدهم إلى الوسطية {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.
    كان ذلك والوحيُ ينزل، والرسولُ صلى الله عليه وآله وسلم حيٌّ، فإذا داخل التصوف الغلاة والمتنطعون، واستبدلوا حكم إحياء النفس بقتل النفس، أو اختاروا الخبيث على الطيب؛ فليس هذا عيباً في التصوف نفسه؛ فالتصوف شيء غير المتصوف، ولا يمكن أن يحمل الإسلامُ وزر المسلم الذي ينحرف، وهل يترك المسلم التقي إسلامه لأنَّ في المسلمين قوماً ضَلُّوا السبيل؟!.
    التصوف دعوةٌ إلى الحريَّة المطلقة، والسِّيَادة التَّامَّة على النفس والشهوة، وعلى الشيطان، وعلى العبودية لغير الله، وعلى كل صَغَار خُلُقي أو فكري، فهو أصْلُ التَّحَرُر المطلق من أغلال المادة والهوى، لأنَّ الصُّوفيَّ قد تحقق بقوله (لا إله إلا الله).
    فالتصوف - يا ولدي - كما رأيت ، فوق أنَّه دعوة الحب والنور، والفيض والبركة والمدد، هو دعوة الحرية المطلقة، ورفض كُلِّ عبودية - حسيَّة أو معنويَّة - لغير الله، فهو - يا ولدي - ردُّ اعتبار الإنسانية للإنسان، بعد ما فقد الإنسان اعتباره، واستعبدته المادة، ومكاره الأخلاق، والكيوف المتحكِّمَة، والشَّهوات المظلمة، والآمال المعتمة.
    التصوف - يا ولدي - هو ترميم بناء الباطن بعد أن تحطم الإنسان من داخله.
    التصوفُ الحَقُّ: دعْوَةٌ إلى القُوَّة، والعلم، والتوحيد، والعزة، والعدالة، والمساواة، والإحياء، والتكافل، والتكامل، والتجديد، والابتكار، والسِّيَادة، والقيادة، لأنَّ الله خَلَقَ المسلم الحقَّ ليُمَارس كُلَّ هذا وما يترتب عليه، وما يتفرع عنه، قولاً وعملاً وحالاً {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ}، ولكُلِّ كلمة من كل ذلك شَرْحٌ عريقٌ عميقٌ، أصْلُهُ الكِتَابُ والسُّنَّةُ، وفرعُهُ الفَيْضُ والمدد.
    وهكذا كان مَنْ فاته التصوف الحق، فقد فاته الخير الذي قد لا يُعَوَّضُ على الإطلاق، وأيُّ خَيْرٍ يكونُ إذا انقطعت عَلاقَة المرء بالسماء، وما وراء هذا من الأسرار والأنوار ؟!.
    إنَّ عند الصوفية ما عند النَّاس، وليس عند النَّاس ما عند الصوفية.
    يا ولدي:
    قد يعترض عليك بعضهم بأقوال لم يفهمها مما جاء عن بعض السلف، والسلف بشر، فإنْ أخطئوا فوزرهم على أنفسهم، ولا نُسْئلُ عنهم، ولا نُؤاخَذُ بما اجترحوا، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
    ولكننا نعتقد أنَّهم أرادوا الخير، وكانت لهم ظروف وصروف وملابسات، أجبرتهم على الرمز والإشارة، أو إلى الإلغاز والتحجية، وما دامت أقوالهم تقبل التأويل الإيماني - ولو من وجه واحد من مائة وجه آخر - فإننا نحمله على هذا الوجه الواحد المؤمن، بحسن الظن، وبحكم العلم، وندع ما وراء ذلك لله وحده، فليس أحد يقول أو يكتب شيئاً وهو يعتقد أنه يدخل به النار!! وليس من حَقِّ أحد أن يحكم على أحد بالخروج من الملَّة إلا بدليل لا شبهة فيه ( على مثل ضوء الشمس ).
    ونحن نعتقد أنَّ لكلام القوم مفاتيحٌ لمستغلقات مترامية الأبعاد، فهي لخاصَّة الخاصَّة، فما لم تفهمهم على مرادهم اليقيني فلتدع لله أمرهم، واستغفر الله لنا ولهم.
    ونقول: لعلَّهم تأولوا، أو اجتهدوا فأخطئوا، هذا موقفنا: مبرءاً من الوغى والدعوى، على طريق الحب والخير والأدب.
    يا ولدي:
    غَاية كُلِّ مُتَحَرِّكٍ إلى سُكُون، ونِهَايَةُ كُلِّ مُتَكَوِّنٍ ألاَّ يَكُون، فإذا كانَ ذلِكَ كَذَلِكَ، فَلِمَ التَّهَالُكُ عَلَى الهَالِكِ؟!.
    يقول أشياخنا رضي الله عنهم:
    أصُولُ صُحْبَتِنَا سَبْعَةٌ:
    1 - عُلُوُّ الهِمَّة.
    2 - وحِفْظُ الحُرْمَة.
    3 - وحُسْنُ الخِدْمَة.
    4 - ونُفُوذُ العِزْمَة.
    5 - وتَعْظِيمُ النِّعْمَة.
    6 - والنُّصْحُ للأُمَّة.
    7 - ودَفْعُ البَاطِلِ بالحِكْمَة.
    وهم يقولون: "إذا أَلِفَ القَلْبُ الإعِرَاضَ عن الله، صَحِبَتْهُ الوقِيعَةُ في أَوْلِيَائِهِ".
    وقَلَّمَا رأيْتُ في خصوم التصوف رقَّةَ الإسلام، أو سعة الأفق، أو سماحة النُّبُوَّة، أو رفق الولاية، أو حسن الظن، أو أدب المعاملة، فإن ذلك كله إنَّما ينبع من معين التواضع، الذي هو خميرة مكارم الأخلاق.
    وهؤلاء قد حُرمُوا هذه النعمة، فليس منهم إلا جاف الطبع، معتم القلب، غليظ الروح، ثقيل الظِّل، مظلم، معتم، كأنما هو سجَّانٌ فظٌّ، أو صاحب "مشنقة" كَنُود؛ فهو متأزم، معقَّد، حامل غلٍّ على الذين آمنوا، يكاد الكبر يتفجَّرُ من جَنْبَيْه، تعالياً على النَّاسِ، وتألهاً عليهم، فقد زعَمُوا لأنفسهم العصمة وضمان الجنة، وأقاموا من أشخاصهم أوصياء على دين الله، كأنَّما الدِّين ما عندهم وحدهم، إلا من رحم الله، وقليلٌ ما هم.
    ويعلم الله أنَّنا نأسى لهم، ونعطف عليهم، مما ابتلاهم الله به، وندعو الله بظهر الغيب لهم، ولا نزال نعتقد أنَّ فيهم خَيْراً، نرجو أن يغلب عليهم، وما ذلك على الله بعزيز.
    إنَّ النَّاس لا يطلبون الله والجنَّة بما صَحَّ عند غيرهم، وإنَّمَا يطلبون ذلك بما صَحَّ عندهم، فإن أصابوا فأجران، وإن أخطئوا فأجر، وعند الله مزيد، ولكل امرىء ما نوى.
    يا ولدي:
    هذه لمحة - على هامش التصوف - وأرجو أن يكون لي عودةٌ إلى مثل هذا الحديث معك، إن كان في العمر مدد، فهو حديث غير ممنون: ذو شئون وشجون !!.
    وإنِّي أقول ما قال السادة: "لو أَنَّ الخاطئين خَرِسُوا ما تَحَدَّثْنَا مِن البَكَمْ"، ويعلم الله لو كان للذنوب ريحٌ ما دنا منَّا أحد.
    أقولُ قولي هذا، وأسْتَغْفِرُ الله لي ولكم وللمسلمين.
    وهو الموفق المستعان.
    وصَلَّى الله على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ
    وكتبه المفتقر إليه تعالى وحده
    محمد زكي الدين بن إبراهيم الخليل الشاذلي

    رائد العشيرة وشيخ الطريقة الشاذلية المحمدية
    رحمه الله تعالى رحمة واسعة
    *****
    الإهداء : الى أخي الحبيب سلطان .

  2. #2
    الصورة الرمزية مصطفى بطحيش شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 2,497
    المواضيع : 135
    الردود : 2497
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    إنَّ التصوف خدمة تتكيف بحاجة كل عصر، وكل إنسان، وكل وطن، فهي تجسيد شامل لعملية الاستخلاف على الأرض، ثم إنَّ الهداية أيضاً: جهد ومعاناة، والشيخ دليل فقط، فمَنْ لم يَسْعَ لم يصل، ومَنْ لم يلتمس المعارج لا يتسامى ولا يرتقي، ومَنْ لم يتحرك لم ينتقل، ومن اعتمد على ما عنده وحده اغترَّ، فتَاهَ وضَلَّ.
    وفي ذلك أقول:
    يقول: هل اتخاذ الشيـــخ محتومٌ على القاصد ؟
    فقلتُ: وهل تربى قـــــط مولودٌ بلا والد ؟
    وهل يُتمُ اليتيم كفا هُ فاستغنى عن الرافد ؟
    وهل أبصرتَ مكفو فاً ولا يحتاج للقائـد ؟
    وهل علمٌ ، وهل فــــنٌ بغير المرشد الراشد ؟
    وكيف يسير في الصحــرا غريبٌ ؟ أعزلٌ وافد ؟
    وبابُ الله مفـتوحٌ ولكن من هـو الرائد ؟
    تأمل ما أتى موسى وقصــته مـع العابد
    تأمل بعثة الهــاد ي ففيها الشـاهد الخالد
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    - ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)
    -(إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية وإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة والعامة.‏)
    ولنا في رسول الله اسوة حسنة

    اما ما ذكر من دلالة الشيخ , فيخطر ببالي سؤال :
    ماذا لو ضل الشيخ واضل من وراءه ؟
    لك الود والتقدير

  3. #3
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.82

    افتراضي

    عن الصوفية من جديد .... استاذنا الشعشوعي الشاعر السعيد

    أخي الحبيب

    لم أقرأ لاني أخاف انقطاع الكهرباء وسآخذ هذه المقالة الى البيت وأقضي معها الليل الطويل علني استخرج منها مالم تألفه ثقافتا المشوشة عن التصوف

    والى ذلك الحين أليك اسئلتي ...
    1\
    هل التصوف ظاهرة اسلامية أم بشرية ؟
    2\
    مامدى التوافق بين الرهبانية والتصوف
    3\
    كيف نخرج من فلك وقيد ( عصمة القطب ) ؟
    4\
    هل من همة لاعادة صياغة الخطاب الصوفي لجعله خطابا ً عالمي التوجه روحاني التأسيس خصوصا ً ان الانسان اليوم يعيش في تصحر الروح للمادية المقيتة ؟

    \

    أخي وحبيبي

    أنتظرك ... فأنتظرني

    يارب عند الكوثر ... تجمعنا
    الإنسان : موقف

  4. #4
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله

    وأما أن أرد بصغير علمي وقليل فقهي على موضوع كهذا تفنيداً أو تأييداً
    فهذا ما لا طاقة لي به
    وكفى بنا أن اجتماع الأمة على أن كل ما خالف سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام التي ما كانت إلا ترجمة لأوامر الله في خلقه
    هو بدعة باطلة
    ولن أخوض في إيراد نصوص فتاوى بهذا الخصوص
    ولكنني أتوقف عند جزء من المقالة ولن أستكمل بقية ما فيها
    لأن هذا الجزء كفيل بردها
    - وأستغفر الله على ما فعلت وما لم أعلم -


    يقول: هل اتخاذ الشيـــخ محتومٌ على القاصد ؟
    فقلتُ: وهل تربى قـــــط مولودٌ بلا والد ؟
    وهل يُتمُ اليتيم كفا هُ فاستغنى عن الرافد ؟
    وهل أبصرتَ مكفو فاً ولا يحتاج للقائـد ؟
    وهل علمٌ ، وهل فــــنٌ بغير المرشد الراشد ؟
    وكيف يسير في الصحــرا غريبٌ ؟ أعزلٌ وافد ؟
    وبابُ الله مفـتوحٌ ولكن من هـو الرائد ؟
    تأمل ما أتى موسى وقصــته مـع العابد
    تأمل بعثة الهــاد ي ففيها الشـاهد الخالد


    وهنا يصور النص ضرورة وجود المشايخ ومريديهم
    فلو اعتقدنا بصحة ما سبق . فماذا تقول في هذا :

    - كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا النبي عليه الصلاة والسلام , لانه :
    ( وما ينطق عن الهوى () إن هو إلا وحي يوحى ) .. النجم
    - أن الله خلق الخلق لكي يعبدوه ويدعوه بدون وساطة , وأنه سبحانه أقرب إليه من أي شحص آخر , وهنا تحقيقه :
    ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ... ق
    - مقولة المصطفى عليه أفضل صلاة وأتم تسليم :
    ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا : كتاب الله وسنتي ) أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -

    ...

    آمل ألا أضطر لمزيد من الحوار في ما اتفقت الأمة على بطلانه
    وألا يتم نشر مثل هذه المواضيع هنا كرسالات دعوية
    بل كوجهات نظر مشروطة بتقفية من كاتبها يوضح فيها وجهة النظر الشرعية والحكم الشرعي لما فيها ..

    والسلام عليكم ورحمة الله
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية إدريس الشعشوعي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2004
    الدولة : قلب كلّ مسلم
    المشاركات : 2,253
    المواضيع : 185
    الردود : 2253
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى بطحيش مشاهدة المشاركة
    إنَّ التصوف خدمة تتكيف بحاجة كل عصر، وكل إنسان، وكل وطن، فهي تجسيد شامل لعملية الاستخلاف على الأرض، ثم إنَّ الهداية أيضاً: جهد ومعاناة، والشيخ دليل فقط، فمَنْ لم يَسْعَ لم يصل، ومَنْ لم يلتمس المعارج لا يتسامى ولا يرتقي، ومَنْ لم يتحرك لم ينتقل، ومن اعتمد على ما عنده وحده اغترَّ، فتَاهَ وضَلَّ.
    وفي ذلك أقول:
    يقول: هل اتخاذ الشيـــخ محتومٌ على القاصد ؟
    فقلتُ: وهل تربى قـــــط مولودٌ بلا والد ؟
    وهل يُتمُ اليتيم كفا هُ فاستغنى عن الرافد ؟
    وهل أبصرتَ مكفو فاً ولا يحتاج للقائـد ؟
    وهل علمٌ ، وهل فــــنٌ بغير المرشد الراشد ؟
    وكيف يسير في الصحــرا غريبٌ ؟ أعزلٌ وافد ؟
    وبابُ الله مفـتوحٌ ولكن من هـو الرائد ؟
    تأمل ما أتى موسى وقصــته مـع العابد
    تأمل بعثة الهــاد ي ففيها الشـاهد الخالد
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    - ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)
    -(إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية وإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة والعامة.‏)
    ولنا في رسول الله اسوة حسنة

    اما ما ذكر من دلالة الشيخ , فيخطر ببالي سؤال :
    ماذا لو ضل الشيخ واضل من وراءه ؟
    لك الود والتقدير
    الاستاذ الفاضل مصطفى بطحيش سرنا مرورك هنا أيّما سرور ..
    و لكنني وددت للذين مروا من هنا و تساءلوا أو استعجلوا .. ليتكم قرأتم المقال أكثر من مرة .
    ياالله ... اقولها بكل صدق .. ياالله
    المقال له وقع يحرك القلوب انها كلمات تخترق العقل و القلب معا ... فلماذا يحرم الانسان نفسه نعمة العقل و التأمل في مواد عليها تشويش كبير ..
    أكاد أجزم مع احترامي للسادة .. أن هذا المقال - لمن قرأه و تأمل فيه و توقف عند كلماته - من لم يحرك قلبه و يزعزع نفسه فهو مسلوب الروح ميت القلب ... و ليسمح لي الجميع بهذا التصريح .
    ماذا يمكن أن تقدم لكم أجوبتي و نقولي .. لما كبرتم على نفيه و اعتباره بدعة و خزعبلات ؟؟؟؟؟
    ماذا يمكن أن يحرّك الجديد الذي نضيفه من روائع أو درر إذا كان القلب مختوم و العقل مصادر ؟؟؟؟؟
    *****
    و لكنني أجيب على سؤالك استاذي الفاضل .. بما ينقدح في ذهني الان ..
    أن الله بعث الرسل ، و أوجد العقل دليلا للتصديق بهم ، و الفطرة النقيّة حجة لهم ، ثم أيّدهم بالمعجزات ليكسر حجاب الصدود الذي يغشى عقل الانسان عندما يقابل الجديد في حياته .. ليجعله يعيد التدبر بعقل رشيد و فكر سديد و قلب نبيل فيتجرد من موروثاته و شهواته و نزواته و يرى جديّّة الخطاب و عاقبة الأمور ... و بهذا اثاب الله المؤمنين بهم - بالرسل - و عاقب الذين أعرضوا كفرا و عدوانا .
    إذا وصلنا الى هذه النقطة و اتفقنا عليها ، قادنا الأمر الى سؤالك :ماذا لو ضل الشيخ واضل من وراءه ؟
    و نقول : المريض إذا عزّ دواؤه قصد طبيبا ، و تحرى الطبيب الأفضل و الطبيب الحقيقي الغير مزيف لأن في خطئه القصد هلاكه .. و كذلك الانسان المريض قلبه إذا أدرك ما يتغلغل في داخله من آثام ، استشعر وجوب قصد الشيخ البصير الذي يبصره بعيوبه و يدله على طريقه . فالمهمة الاولى لهذا القاصد هي تحرّي المقصود : الشيخ . و لاشك أن علامات صلاح الطبيب الماهر الحذق الحقيقي معروفة ، و كذلك علامات الشيخ المرشد البصير و هي ما الكتاب و السنة . كما قال الامام الجنيد رضي الله عنه : علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة . و قال الامام مالك رضي الله عنه : من تفقه و لم يتصوف فقد تفسق و من تصوف و لم يتفقه فقد تزندق ، و من جمع بينهما فقد تحقق .
    و عبثا سيدي الفاضل و من جاء بعدك و أقصد د.عمر الذي قال أن الامة متفقة على أن هذا مخالف للكتاب و السنة ؟؟
    و اقول كيف علمت أن الامة اتفقت على أن التصوف مخالف للكتاب و السنة ؟؟؟
    و ماذا لو علمت أن الامة من سلفها الى خلفها في اغلبها تجمع على الصوفية . و لو شئت لأتيتك بنصوص العلماء و تراجمهم .
    فهذا الامام مالك و هو من السلف يقول :من تفقه و لم يتصوف فقد تفسق و من تصوف و لم يتفقه فقد تزندق ، و من جمع بينهما فقد تحقق .
    و هذا الامام سفيان الثوي و هو من أعيان السلف : يقول لولا أبوهشام الصوفي ما عرفت دقائق الرياء
    و هذا الجنيد و هو من السلف : يسمى امام الطائفتين و تجمع عليه الأمة ، و هو امام و قدوة الصوفية من بعده رضي الله عنه .و يقول : لو علمت تحت أديم السماء أشرف من هذا العلم - و يقصد علم التصوف - لقصدته .
    و هذاالامام الشافعي له اقوال في التصوف و كذا الامام أحمد بن حنبل ... و هذا الامام الاعظم ابوحنيفة النعمان يلازمه داود الطائي الصوفي المشهور و كلاهما من السلف ، بل و يقول الامام الطائي أنه لبس الخرقة الصوفية من امامه ابي حنيفة رضي الله عنهما .
    و هذا ابن تيمية رحمه الله يقول أنه لبس الخرقة الصوفية من بعض مشائخه و له كلام في التصوف منصف .
    و هذا الامام النووي رحمه الله له كتاب مقاصد التصوف و هو صوفي مشهور .
    و هذا الامام الحجة الغزالي الذي عدّه الرجال بلا نزاع مجدّد القرن الخامس الهجري أحد كبار الصوفية و سادتهم .
    و هذا الشيخ عبد القادر الجيلاني الصوفي المشهور الذي لم يختلف عليه اثنان في تقواه و صلاحه و تصوفه .
    و هذا العز بن عبد السلام سلطان العلماء صوفي ، و هذا العلامة ابن دقيق العيد يحضر مجالس الشيخ أبي الحسن الشاذلي الصوفي المشهور و يقول و الله ما رايت أعرف بالله منه .
    سبحان الله ؟؟؟؟
    من اي تاريخ أتيت بقولك استاذنا د.عمر أن التصوف لا تقول به الأمة ؟؟؟
    ****
    ألا ترون معي ايها الكرام أن في الأمر خلل ، أن في الثقافة المنشورة اليوم حول التصوف و حول رجال السلوك و مشائخ المعرفة هي ثقافة مشوشة مبتورة عن التاريخ ..تاريخ هذه الأمة الخيرية ، أفضل أمة أخرجت للناس ؟؟؟
    و لنا عودة في الجواب على بعض ما طرح هنا ....
    و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم .

  6. #6
    الصورة الرمزية مصطفى بطحيش شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 2,497
    المواضيع : 135
    الردود : 2497
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إدريس قندوز الشعشوعي مشاهدة المشاركة

    الاستاذ الفاضل مصطفى بطحيش سرنا و نقول : المريض إذا عزّ دواؤه قصد طبيبا ، و تحرى الطبيب الأفضل و الطبيب الحقيقي الغير مزيف لأن في خطئه القصد هلاكه .. و كذلك الانسان المريض قلبه إذا أدرك ما يتغلغل في داخله من آثام ، استشعر وجوب قصد الشيخ البصير الذي يبصره بعيوبه و يدله على طريقه . فالمهمة الاولى لهذا القاصد هي تحرّي المقصود : الشيخ . و لاشك أن علامات صلاح الطبيب الماهر الحذق الحقيقي معروفة ، و كذلك علامات الشيخ المرشد البصير و هي ما الكتاب و السنة . كما قال الامام الجنيد رضي الله عنه : علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة
    اخي الكريم

    اذن نحن متفقون تمام الاتفاق على الكتاب والسنة ولن اخوض فيما نعت به من مروا على موضوعك

    اعود الى سؤالي :

    ماذا لوضل الشيخ واضل من خلفه ؟
    قلتَ : نبحث عن الطبيب ثم الامثل فالأمثل
    فهل تشك ان امثل الأمثل هو الكتاب والسنة ؟
    ساتجرأ واجيب عنك انك لاتشك في ذلك مطلقا ( فكذا احسبك والله اعلم بالسرائر )
    بناء على ما اتفقنا عليه ( الكتاب والسنة ) , نعرض قول الشيخ وفعله على الكتاب والسنة :
    فإذا وافق فقد رشد .
    واذا خالف فقد ضل .

    اذن ينبغي ان نعلم الكتاب والسنة لكي نستطيع الحكم

    فإذن لاغنى عن الكتاب والسنة !
    فما حاجتنا الى الشيخ ؟

    فهل اسلم نفسي الى الشيخ يفكر عني اذا رشدَ رشدتُ واذا ضلَّ ضللتُ , فيسلب مني جوهرة التفكير التي وهبنيها ربي , ثم لايغني عني من الله شيئا أذا ضل !
    ام انظر واتفكر في ملكوت الله واتدبر في محجة بيضاء ليلها كنهارها ؟ (أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )
    فما قولك ؟!

    لك الود والتقدير

  7. #7
    الصورة الرمزية مصطفى بطحيش شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 2,497
    المواضيع : 135
    الردود : 2497
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    اما ما نشر عن ائمة التصوف رحمهم الله , فقد مضى معهم بحلوه ومره ولا وقت لدينا لان ننظر فيه والاولى بنا ان ننظر في كتاب الله وسنته

    لك التحية والتقدير

  8. #8
    الصورة الرمزية سلطان السبهان شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2004
    الدولة : شمال الجزيرة !!
    المشاركات : 3,808
    المواضيع : 145
    الردود : 3808
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    أخي الكريم إدريس الشعشوعي

    وصلتني هديتكم على الخاص ، فما إن قرأتها قلت في نفسي : بل أنتم بهديتكم تفرحون !

    بالفعل ، تمنيت ان تكون أكثر جدية في الطرح فليست القضية قضية مقامات أدبية وسجع وصور خيالية !

    المقام مقام عرض عقيدة .
    ثم كيف تريدنا ان نقتنع ان الصوفية والتي ينتظم فيها مئات الطرق والفرق كلها على وتيرة واحدة ومذهب واحد ، وكل نصوص الأئمة في التصوف يشملها ، وان كل مفردة من مادة ( ص و ف ) تنطبق على كل فرق الصوفية !!

    وهل الصوفية الأولى هي نفسها هذه التي نراها كأسوأ مايكون في عالمنا الاسلامي جهلا وابتداعا ودروشة واختلاءا !

    ثم آمل ان تكون أكثر توسعا وانصافا في نقولك في المرات القادمة أخي فالذي أعرفه ان الامام الشافعي قال : "لو أن رجلا تصوف اول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق".

    وان الامام احمد بن حنبل كان للصوفية بالمرصاد فقد قال فيما بدأ الحارث المحاسبي يتكلم فيه وهو الوساوس والخطرات قال احمد: ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون وحذر من مجالسة الحارث وقال لصاحب له: لا أرى لك ان تجالسه.

    وان الامام ابن الجوزي كتب كتابا سماه "تلبيس ابليس" خص الصوفية بمعظم فصوله وبيَّن تلبيس الشيطان عليهم ما جعلهم يتخبطون في الظلمات.

    وان شيخ الإسلام ابن تيمية كان من أعظم الناس بيانا لحقيقة التصوف, وتتبعا لاقوال الزنادقة والملحدين وخاصة ابن عربي والتلمساني وابن سبعين, فتعقب اقوالهم وفضح باطنهم وحذر الامة من شرورهم وقد ذكرنا في هذا الجزء مقاطع مما قاله ابن تيمية.

    ثم اتدري :

    إن الفضائل التي ذكرت في المقالة هنا والصفات الافلاطونية التي يؤكد عليها الخطاب الصوفي فيها
    قد أقول لك إن كل فرق الدنيا ومذاهبها تدعي التمسك بها حتى الآرثودكسية والشيوعية !!


    ليس المقام مقام عرض أدبي يا أستاذ إدريس ، إنها العقيدة وتقريرها ، وهي لاتقرر بمثل هذا

    وعليه فيجب الان بذل التالي :

    1 ) توضيح عقيدة الصوفية في الله تعالى
    2 ) عقيدة الصوفية في الرسول صلى الله عليه وسلم
    3 ) في الأولياء
    4 ) في الجنة والنار
    5 ) في العبادات
    6 ) قي تقديس الموات

    وغيرها من المسائل الحساسة .

    دمت بخير ، ولعل لي عودة للنقاش حول النقاط الست في عقيدة الصوفية ان شاء الله .
    ما دام أن الموت أقرب من فمي
    فمجرّد استمرار نبضي معجزة .........

  9. #9
    الصورة الرمزية أمل فؤاد عبيد قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    الدولة : فلسطين
    العمر : 59
    المشاركات : 149
    المواضيع : 62
    الردود : 149
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    من الجميل في الموضوع ان كاتبه او عارضه قد اختص بالمهم في خطواته وماطالبه ومسائله المهمة .. ولكن السؤال لي خاص ... أو لتكن إضافة ان التصوف له مراحل ثلاث ايضا .. ولا بد ان لا نفقد الأمل في الوصول خاصة إذا ماطالت مرحلة من هذه المراحل .. ذلك ان هذه المراحل هي بداية علم اليقين يبدأ فيها تأسيس او تفعيل القلب لاستلهام اليقين من الله .. لينتقل القلب فيها من حالة علم اليقين الى عين اليقين .. ثم تدرج السالك الى بر الامان مع الله وهو حق اليقين .. من هنا لا فروقات ممكن حسابها إلا على اساس من هذه المراحل .. ولكن لابد للعلم ان المرحلة الأولى هي فاتحة كل الخير .. وتتطلب صبرا كبيرا وعظيما .. وقدرة على احتمال الالم والمجاهدة والصبر على البلاء .. ذلك هو البلاء المبين . ولكن لي سؤال لم اعرف له مبرر رغم علمي بما يلهمني به الله .. لماذا دوما يسخر الله عدو من المجرمين لسالكي طريقه .. وقد يقع في شرك المغالطة والغلط او ااستدراجه الى حيث مناطق الغضب .. لربما هذا كان بلاء مبين حق .. لتفعيل قدرات الفرد السالك مدارج الايمان .. ولكن ايضا هل هناك آيات بينات تقرأ في هذه الحالة .. ام ان الله غالب على أمره في بداية المرحلة الأولى ولابد من الصبر فقط .. والسير على الطريقة كما بدأها بالذكر والمواصلة مع الله .. لربما سؤالي ليس في محله .. ولكني سعيت للفهم أكثر .. وحتى لا اشعر انني اطلب من الله شيئا هو ضامنه لي وهو الخير ولكن لمجرد العلم لا الفتوى ..
    شكرا لك سيدي على هذا الموضوع ولربما عالح بعض النقص لدي .. فتح الله عليك إن شاء الله
    ولتواصل بنا طريق التواصل بامر الله

    أمل فؤاد عبيد

  10. #10
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله
    وهقد عدنا والحمد لله للرد على ما جاء في مداولة هذا الموضوع
    وما أثار حفيظة الأخ الكاتب من مقولة ( بأن كل ما خالف السنة بدعة )
    وأنقل إليكم من مقال بعنوان :

    ماذا تعرف عن التصوف ..؟
    التصوف الصحيح هو عين التوحيد
    للشيخ عبد العزيز عبد الفتاح القاري
    إمام مسجد قباء سابقا


    ..
    ففيه كفاية ويزيد
    مع الرد اقتباساً عما سلف من كلام أخينا ..
    ...

    التصوف هذه الظاهرة والطريقة التي ظلمها محبوهها أكثر من منتقديها بما ألبسوها من ثياب
    من خزعبلات وأسندوها لعلماء اجلاء

    وقد بدأت ظاهرة العباد والزهاد منذ وقت مبكر؛ من وقت التابعين، يعني من تفرغوا للعبادة وللزهد وانقطعوا عن الدنيا، وفي هذا الباب يذكر أبو نعيم أويساً القرني كمثال على هذا الأسلوب "الزهد".

    وكان لظهور هذه الفئة من العباد والزهاد تذكيراً للمجتمع وإيقاظاً له، خاصةً أن بوادر الترف في حياة المجتمع كانت قد بدأت تظهر فكان لظهور هؤلاء العباد ولأقوالهم وأحوالهم أثراً تحذيرياً للمجتمع من أن يقع فريسة الترف والغفلة وتذكيراً له بمهمته الأساسية من الذكر والعبادة، وإعلاناً بأن هذه الدنيا لا قيمة لها، فهذا كان له أثر الإيقاظ للمجتمع وبوادر الترف تهجم عليه، ولذلك كانت أقوال هؤلاء العباد تدور حول هذه المعاني وحول محبة الله _عز وجل_ والانقطاع لـه وتقديم محبته والتعلق به على سائر العلائق، وكانوا يوصون مع ذلك بأن يرد كل ما يصدر عنهم إلى الكتاب والسنة.


    يقول أبو يزيد البسطامي : " إذا أعطي الرجل من الكرامات حتى يرتقي في الهواء فلا تغتروا بـه حتى تروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة.

    والتصوف إذن بهذا المفهوم ليس منفصلاً عن الكتاب والسنة، بل هو مذهب في السلوك مستنبط منهما ومـن أحوال الصحابة الكرام، وآدابه ليست غريبة على الدين.

    يقول سهل بن عبد الله التستري أحد كبار المتصوفة : أصول طريقتنا سبعة : التمسك بالكتاب، والاقتداء بالسنة، وأكل الحلال، وكف الأذى، وترك المعاصي، والتوبة، وأداء الحقوق.
    فهذه الآداب ليست غريبة على الدين هذا مذهب في السلوك مستنبط من مصدر هذا الدين الكتاب والسنة. وكان هؤلاء الأوائل من أئمة التصوف ملتزمين بذلك.




    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اقتباس
    و هذا الشيخ عبد القادر الجيلاني الصوفي المشهور الذي لم يختلف عليه اثنان في تقواه و صلاحه و تصوفه .


    ومثل الكلام السابق نقل عن الشيخ عبد القادر الجيلاني _رحمه الله_ يقول: " القدر ظلمة ـ أي الحياة المقدرة التي نعيش فيها ظلمة ـ فادخل في الظلمة بالمصباح الذي هو الحكم، والحكم هو كتاب الله وسنة رسوله_صلى الله عليه وسلم_؛ لا تخرج عنهما ".

    والشيخ عبد القادر الجيلاني كان عالماً فقيهاً متمسكاً بالكتاب والسنة، وهو من أئمة المتصوفة المتأخرين،
    ولذلك عني شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله_ بكلامه عناية عظيمة، ونقل بعض عباراته من كتاب " فتوح الغيب " وشرحها، تجد ذلك في جزء السلوك من مجموع الفتاوى، وكانت عباراته إذا احتملت عدة وجوه يحملها على أحسن الوجوه وأحسن المعاني،

    وكان يثني على أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي الحنبلي، وهذا أيضاً من أئـمة التصوف، صاحب (منازل السائرين)، وهذا كتاب مشهور يعد من أحسن مصادر التصوف الصحيح، وخاصة مع شرحه(مدارج السالكين)، شرحه الحافظ ابن القيم _رحمه الله_ بكتابه (مدارج السالكين)، وهذان الإمامان من أئمة المدرسة السلفية.



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اقتباس
    هذا ابن تيمية رحمه الله يقول أنه لبس الخرقة الصوفية من بعض مشائخه و له كلام في التصوف منصف .



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اقتباس
    و هذاالامام الشافعي له اقوال في التصوف


    وهذا الكلام يحتاج لمصدر قد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية كلام بعض الأئمة في التصوف أو في ذم التصوف، وكان أشد هؤلاء الأئمة الإمام الشافعي : ورد عنه ذم التصوف مطلقاً، وروي عن الإمام مالك أيضاً، بينما كان الإمام أحمد يقرأ كتب الحارث المحاسبي ونقل عنه شيء من عبارات المتصوفة، ولم ينقل عنه ذم التصوف كما نقل عن الإمام الشافعي.

    والإمام الشافعي كان شديداً على التصوف وعلى الكلام، وورد عنه ذم الكلام مطلقاً، وحتى قال : من اشتغل بعلم الكلام أرى أن يجلد بالسياط ويطاف به على دابة بين الناس، ويقال: هذه عقوبة من يشتغل بالكلام عن كتاب الله وسنة رسوله_ صلى الله عليه وسلم_.

    ماذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعد هذا النقل؟ يقول : " والتحقيق أن فيه الممدوح والمذموم ـ يعني في مذهب التصوف الممدوح والمذموم ـ والمذموم منه ما يكون اجتهادياً، ومنه غير ذلك، كفقه الرأي فإنه قد ذم فقه الرأي طوائف من الفقهاء والعلماء والعباد ". ثم يقول : " ومـن المتسمين بهذا الاسم ـ أي التصوف ـ من أولياء الله وصفوته وخيار عباده ما لا يعلم عددهم إلا الله، كما أن من أهل الرأي ـ أي من فقهاء الرأي ـ أهل العلم والإيمان طوائف لا يعلم عددهم إلا الله ".

    هذا الكلام من إنصاف السلف، ولهذا أخذت معالم التصوف الصحيح أكثر ما أخذته من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وأسلوبه؛ مع أنه من أشد من نقد التصوف وعلم الكلام، ولكن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ولا يحمل العالم الصحيح على عدم الإنصاف، وعلى الرغم من نقده لمذهب التصوف فقد كان منصفاً في الحكم عليه ودقيقاً في بحث تفاصيله والتفريق بين ممدوحه ومذمومه.


    وهذا الممدوح الذي يشير إليه شيخ الإسلام هو ما نعنيه بالتصوف الصحيح فمحاولتنا هذه ذات قرنين أو ذات شقين :

    الشق الأول : إنصاف هذا المذهب بالتفريق بين صحيحه وسقيمه، فالتصوف في جذوره الأولى كان تصوفاً صحيحاً كما ضربنا على ذلك الأمثلة وأوردنا الأدلة من كلام أئمته، فمن إنصاف هذا المذهب أن نبرز الوجه الصحيح منه ونميزه عن الوجه المنحرف.


    والتصوف مدرسة كبرى في حياة المسلمين لا يمكن إلغاؤها بجرة قلم، بل يجب الإفادة من صوابها وعرض ما سوى ذلك على الكتاب والسنة، كمدرسة الرأي سواءً بسواء، وقد لاحظنا أن شيخ الإسلام ابن تيمية ضرب المثال بهاتين المدرستين الكبيرتين، مدرسة التصوف في علم السلوك، ومدرسة الرأي في علم الفقه.


    هاتان المدرستان كبيرتان لا يمكن إلغاؤهما بجرة قلم، بل يجب احترامهما والإفادة من صوابهما، وأصلاً كل المذاهب والمقالات والأفكار يجب أن تعرض على الكتاب والسنة فما وافقهما قبلناه وما ناقضهما رددناه، وهذه وصية أهل التصوف أنفسهم أبي يزيد البسطامي والشيخ عبد القادر الجيلاني، وبقية أئمة التصوف الصحيح ورموزه.


    والشق الثاني لهذه المحاولة الإصلاح : التصوف دخله كما دخل حياة المسلمين قاطبة كثير من الانحراف، شوه صورته وكدر صفاءه، وأخطر ما شوه التصوف الفلسفة، فإن الفلسفة دخلت في الصوفية بالزندقة، كذلك مما شوه صورة التصوف وصفاءه الأول ممارسات المسلمين اليوم، فأكثر الصوفية في العالم الإسلامي تجدهم عند الأضرحة والقبور يمارسون ممارسات ليست خارجة عن حدود الكتاب والسنة فحسب، بل حتى عن التصوف الصحيح، فهؤلاء ليسوا متصوفة والصوفية منهم براء لماذا؟ لأنهم قلبوا مفهوم التصوف، التصوف في أصله الصحيح معناه التعلق الكامل بالخالق _سبحانه وتعالى_ وقطع الأمل عن المخلوق.


    كما ورد عن ذي النون المصري يقول : " التصوف هو التعلق بالخالق وقطع الأمل عن الخلائق " ولكن هؤلاء المنحرفين عن التصوف عكسوا هذا المفهوم، تعلقوا بالمخلوق حياً وميتاً وانشغلوا عن الخالق، وما عاد التصوف في هذا الشكل المنحرف زهداً ولا عبادة، صار تكالباً على الدنيا؛ ولذلك هذا نداء لأهل التصوف العلماء منهم والحكماء أن يبادروا بإصلاح التصوف من داخله حتى يلحقوا بالركب المبارك؛ ركب الصحوة : صحوة أهل السنة والجماعة، وإن لم يفعلوا فسيبقى الصوفية بهذا الشكل المنحرف الذي نشاهده اليوم سادرين في غيهم محجوبين عن حقيقة الـدين وعن حقائق الأشياء، غائبين عن الصحوة الكبرى.


    وأهم مثال أضربه لما أريد أن أقرره " قضية التوحيد " فإن قضية التوحيد هي كعبة هذا الدين التي بها قيامه وبدونها انهدامه، ولذلك العلماء من فقهاء ومحدثين وعباد ومن متصوفة؛ كلهم يطوفون حول هذه الكعبة ويردون حوض التوحيد.

    من عبارات أهل التصوف التي يتكلمون بها وهي في ظاهرها مشكلة، ولكن فسرها شيخ الإسلام ابن تيمية بوجه صحيح كلمة " الفناء". يتحدث الشيخ عبد القادر الجيلاني عن الفناء، ويتحدث أبو إسماعيل الهروي عن الفناء.

    فيقول الشيخ عبد القادر _رحمه الله_ : " افن عن الخلق بحكم الله، وعن هواك بأمره وعن إرادتك بفعله _سبحانه وتعالى_، فإن فعلت فأنت أهل لأن تكون وعاء لعلم الله ". هذه من عبارات الشيخ عبدالقادر الجيلاني _رحمه الله_ لو تأملناها على الوجه الصحيح نجدها عين التوحيد.


    لا فرق بين أئمة التصوف الصحيح وبين غيرهم من الأئمة والعلماء في قضية التوحيد، يقول : " وعلامة فنائك عن خلقه بحكمه أن تقطع أملك منهم وتعتزلهم وتيأس مما في أيديهم "
    ـ يعني تعلقك بالخـالق وتقطع علائقك بالمخـلوق، أي لا تنافس المخلوقين في الدنيا ولا تصارعهم في التكالب عليها؛ لأنك مشغول بالخالق عن المخلوق ـ

    لكن يقول : " افن بحكمه " وكما شرح هناك الحكم ما هو قال : " المصباح الذي هو الحكم وهو كتاب الله وسنة رسوله_صلى الله عليه وسلم_ ".


    ولكن من الإشكالات التي قد تطرأ على مثل هذه العبارات في ظاهرها قولـه : " وافن عن إرادتك بفعله " هذا قد يغلط بعض السالكين في هذا الطريق في فهمه فيظن أن معناه ألا يكون للموحد إرادة مطلقـة وهذا غير ممكن، كل حي لابد له من إرادة، وما يحبه الله ورسوله وأمر بإرادته إما أمر إيجاب أو أمر استحباب، فترك الأول معصية، وترك الثاني نقص في حق الموحد، فلا يريد الشيخ عبد القادر _رحمه الله_ أن يقول : ألا يكون للموحد إرادة أبداً، بل ألا تكون له إرادة مخالفة لإرادة الله وإرادة رسوله_صلى الله عليه وسلم_ ـ أي لما في الكتاب والسنة ـ و إلا فإن الله _عز وجل_ قد مدح أنبياءه ومدح الصديقين والصالحين بالإرادات الشرعية، فقال عن أبي بكر الصديق :" وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى" هذه إرادة.

    وقال لنبيه_صلى الله عليه وسلم_ : "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه" وهذه إرادة مطلوبة، وقال : "ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً " فهذه إرادة مأمور بها أيضاً، إرادة شرعية مطلوبة؛


    فإذن : المراد أن تفنى عن الإرادة المخالفة للحكم الذي هو كتاب الله وسنة رسوله_صلى الله عليه وسلم_،

    ويفهم الفناء على وجه صحيح بمعنى كلمة " التوحيد " : أن تفنى عما سوى الله وتفنى في حب الله، كيف ذلك؟
    معنى النفي في قوله : (لا إله) أن تنفي عما سوى الله جميع صفات الإلهية واستحقاقات العبادة. (إلا الله) أن توجهها للمعبود _سبحانه وتعالى_ فتفنى عن السوى، لا تشعر به ولا تتعلق به، وتفنى في المعبود _سبحانه وتعالى_ بمعنى أن حبه يتخلل قلبك كله بحيث لا يبقى فيه متسع لغيره، مع أنه _سبحانه_ من رحمته لم يفرض هذا على عباده، الذي فرضه عليهم أن يكون الجزء الأكبر من قلبك مفرغاً لحبه ويبقى جزء لباقي أنواع المحبات الطبيعية.


    قال: "والذين آمنوا أشد حباً لله" ولم يقل والذين آمنوا فرغوا قلوبهم كلها لله، لكن" أشد حباً لله" ولكن من فرغ قلبه كله لله، هذا وصل إلى مقام أعلى وأعظم، فبعضهم يقول: إن هذا ينتج غياباً للمحب في المحبوب، فلا يشهد نعت المحبوب؛ لأنه غاب بمشهوده عن شهوده ـ هذه من مصطلحات القوم ـ أي من شدة تعلقه بالمحبوب المعبود _سبحانه وتعالى_ يغيب بمشهوده عن شهوده، يعني غاب من شدة تعلقه بالمعبود عـن شهود العبودية وعن شهود صفات المعبود _سبحانه وتعالى_.


    يقول شيح الإسلام ابن تيمية : " قد يحصل هذا لبعض العباد نتيجة ضعف قلبه وقوة حبه وقوة تعلقه، ولكن أكمل الخلق محبة لله الخليلان إبراهيم ومحمد _عليهما الصلاة والسلام_ ومحبتهما لله أكمل وأعظم من محبة غيرهما، ومع ذلك لم يغيبا عن شهود العبودية، كان شهودهما للعبودية ـ أي وعيهما بعبوديتهما لله _تعالى_ ـ حاضراً في جميع الأحوال، ووعيهما بنعوت الكمال والجلال في المعبود المحبوب _سبحانه وتعالى_ حاضراً في جميع الأحوال، وهذا أكمل من ذاك، ذاك فناء فيه غيبوبة وفيه غياب، وهذا فناء فيه حضور وشهود.


    والذي نفهمه من الحديث أنه كلما ارتقى الموحد في درجات التوحيد حتى يصل إلى سلم الإحسان فيرتقي في مقامات الإحسان حتى يقرب من محبوبه _سبحانه وتعالى_ يكون نتيجة ذلك البقاء لا الفناء، والشهود لا الغياب، والكشف لا الحجاب كيف ذلك؟ :


    يقول النبي_صلى الله عليه وسلم_ : " قال الله _تعالى_ ما تقرب إلي عبدي بشيء أحبَّ إلى مما افترضته عليه ـ أداء الفرائض أولاً إذا أردت أن ترقى في السلم ـ ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " هذا التفرغ بالذكر والعبادة والتقرب إلى المعبود _سبحانه وتعالى_ بارتقاء هذا السلم سلم الإحسان، ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه،

    ولهذا يقول بعض الظرفاء من المفسرين في قوله _تعالى_ :" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" يقـول : ليست القضية أن تحب الله، القضية أن يحبك الله، هذه هي النتيجة العظمى.

    هنا يقول:" حتى أحبه " إذا وصل الموحد إلى هذا المقام وصل. ويقولون: " الواصلون " هؤلاء هم الواصلون الذين وصلوا إلى درجة أن يحبهم الله؛ لأنهم فرغوا قلوبهم لذكره وعبادته وأسهروا ليلهم وأظمؤوا نهارهم ومازالت ألسنتهم رطبة بذكر الله بينما الدنيا كلها تلهث خلف السراب في غفلة سادرون.


    إذا وصل إلى هذا المقام العظيم من مقامات الإحسان ما هي النتيجة؟ :
    " فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بهـا، ورجله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه " وفي رواية ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية : " فبي يسمع وبي يرى وبي يبطش وبي يمشي وبي يعقل وبي ينطق ".


    هذا شهود أو غياب؟ هل هذه غيبوبة؟ هذه ليست صفات الغيبوبة ولا صفات الحجاب، هذه صفات الشهود، عندئذ يكون عبداً ربانياً يسمع ويبصر ويتحرك ويمشي ويعقل وينطق،كل ذلك بتوفيق الله _عز وجل_.


    هذا هو المعنى الصحيح للفناء إن كان للفناء معنى صحيح، وفي الحقيقة هذا هو البقاء، وهذا هو الشهود، وهذا هو الوعي الكامل.


    الخليل محمد_صلى الله عليه وسلم_ وصل إلى أعلى مقام، مقام لم يصل إليه مخلوق ولا جبريل رئيس الملائكة، تأخر جبريل وتقدم محمد_صلى الله عليه وسلم_ حتى سجد بين يدي المعبود، زالت كل الحجب وبقي الحجاب الأخير، وكما قال_صلى الله عليه وسلم_ : " وحجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما امتد إليه بصره _سبحانه وتعالى_ " هذا الحجاب لا يكشف في الدنيا، لم يكشف لموسى _عليه السلام_ ولم يكشف لمحمد_صلى الله عليه وسلم_ ولكن ما وصل أحد إلى أعلى من هذا المقام، ومع ذلك كان وعي النبي_صلى الله عليه وسلم_ حاضراً وشهوده كاملاً، ما غاب عقله ولا زاغ بصره ولا طغى بصره، وعى كل ما رأى وكل ما ألقي إليه وروى ذلك لأصحابه ولأمته : " يا محمد ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع ". سمع هذا وهو في ذاك المكان ورواه للأمة، معناه أنه وصل وهو بكامل شهوده.


    ..
    آمل أن تكون الصورة قد تجلت
    وجزاه الله خيراً من كان لنا عوناً في ردنا
    ...
    والسلام عليكم ورحمة الله

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ((** عُدْ أو هِي تَرحلَ إليكَ **))
    بواسطة نجوى الحمصي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 21-01-2011, 03:25 PM
  2. هِيَ ... والفَجْر .. شعر / شريفة السيد
    بواسطة شريفة السيد في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 11-01-2011, 10:00 AM
  3. هِي الهُيام
    بواسطة حسين الطلاع في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-03-2010, 02:33 PM
  4. فِ غزه..لا .. هِيّ السبب
    بواسطة غازى كلخ في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 01-01-2010, 05:48 AM
  5. هيَ..وحـدها..
    بواسطة أسماء حرمة الله في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 46
    آخر مشاركة: 25-09-2007, 02:46 AM