|
أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل |
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل |
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني ... بها ولا ناقتي فيها ولا جملي |
ناءٍ عن الأهل صفر الكف منفرد ... كالسيف عري متناه عن الخلل |
فلا صديق إليه مشتكى حزني ... ولا أنيس إليه منتهى جذلي |
طال اغترابي حتى حن راحلتي ... ورحلها وقرا العسالة الذبل |
وضج من لغبٍ نضوى وعج لما ... يلقى ركابي ولج الركب في عذلي |
أريد بسطة كفٍ أستعين بها ... على قضاء حقوقٍ للعلا قبلي |
والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الجد بالقفل |
وذي شطاطٍ كصدر الرمح معتقلٍ ... لمثله غير هيابٍ ولا وكل |
حلو الفكاهة مر الجد قد مزجت ... بشدة البأس منه رقة الغزل |
طردت سرح الكرى عن ورد مقلته ... والليل أغرى سوام النوم بالمقل |
والركب ميل على الأكوار من طربٍ ... صاحٍ وآخر من خمر الهوى ثمل |
فقلت أدعوك للجلى لتنصرني ... وأنت تخذلني في الحادث الجلل |
تنام عيني وعين النجم ساهرة ... وتستحيل وصبغ الليل لم تحل |
فهل تعين على غيٍ هممت به ... والغي يزجر أحياناً عن الفشل |
إني أريد طروق الحي من إضيمٍ ... وقد حماه رماة من بني ثعل |
يحمون بالبيض والسمر اللدان به ... سود الغدائر حمر الحلي والحلل |
فسر بنا في ذمام الليل معتسفاً ... فنفخة الطيب تهدينا إلى الحلل |
فالحب حيث العدا والأسد رابضة ... حول الكناس لها غاب من الأسل |
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت ... نصالها بمياه الغنج والكحل |
قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ... ما بالكرائم من جبنٍ ومن بخل |
تبيت نار الهوى منهن في كبدٍ ... حرى ونار القرى منهم على القلل |
يقتلن أنضاء حبٍ لا حراك به ... ويحتوين كرام الخيل والإبل |
يشفى لديغ العوالي في بيوتهم ... بنهلةٍ من غدير الخمر والعسل |
لعل إلمامةً بالجزع ثانيةً ... يدب منها نسيم البرء في عللي |
لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت ... برشقةٍ من نبال الأعين النجل |
ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني ... باللمح من خلل الأستار والكلل |
ولا أخل بغزلانٍ تغازلني ... ولو دهتني أسود الغيل بالغيل |
حب السلامة يثني هم صاحبه ... عن المعالي ويغري المرء بالكسل |
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً ... في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل |
ودع غمار العلا للمقدمين على ... ركوبها واقتنع منهن بالبلل |
يرضى الذليل بخفض العيش مسكنةً ... والعز تحت رسيم الأينق الذلل |
فادرأ بها في نحور البيد جافلةً ... معارضاتٍ مثاني اللجم بالجدل |
إن العلا حدثتني وهي صادقة ... فيما تحدث أن العز في التنقل |
لو أن في شرف المأوى بلوغ منىً ... لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل |
أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً ... والحظ عني بالجهال في شغل |
لعله إن بدا فضلي ونقصه ... لعينه نام عنهم أو تنبه لي |
أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل |
لم أرض بالعيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى وقد ولت على عجل؟ |
غالى بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذلي |
وعادة النصل أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل |
ما كنت أؤثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل |
تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي إذ أمشي على مهل |
هذا جزاء امرئٍ لأقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل |
وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل |
فاصبرلها غير محتال ولا ضجرٍ ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل |
أعدى عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل |
وإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل |
وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظن شراً وكن منها على وجل |
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل |
وشان صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوج بمعتدل |
إن كان ينجع شيءٍ في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل |
يا وارداً سؤر عيشٍ كله كدر ... أنفقت صفوك في أيامك الأول |
فيم اقتحامك لج البحر تركبه ... وأنت يكفيك منه مصة الوشل؟ |
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأنصار والخول |
ترجو البقاء بدارٍ لا ثبات لها ... فهل سمعت بظلٍ غير منتقل؟ |
ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً ... اصمت ففي الصمت منجاة من الزلل |
قد رشحوك لأمرٍ لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل |
|