تركوكِ يا بلدى بظهرٍ ملتهبْ ..
فالبحرُ يشكو هـمَـهُ
والـحُـرُ صاحب ظُـلمَهُ
والنيلُ أنكر أمهُ
لما رآها فى سياط المغتصبْ
قد جُـردت من ثوبها
مشدودةً فى عود صَلْبٍ منتصبْ
يتصببُ العرق الشهيد على الجبين المغتربْ
ويسيل قهرا من رجالٍ ودًعوا عهد الغضبْ
فيد الجليد تبخترت فوق اللهبْ
ويد العزيمة أنكرت من يأسها
خير الجنودِ ..
وخالفت عهد الرسول وأسقطتْ
تاريخها المغزول فى أرض العربْ
تركوكِ يا بلدى بعينٍ دامعهْ
نهبا ثريا للذئاب الجائعهْ
يتناوبون على الحضارة كالكواسر
فى الجبال المفزعهْ
لم ينج منهم أزهرٌ ..لم تنج منهم مئذنهْ
لم يستحوا أن يستبيحوا كل دارٍ فى الديارِ الآمنهْ
لم تُـفدَ منهم محبرهْ .. لم تستثر عطفا لديهم .. مقبرهْ
لم تنج منهم جامعهْ
لم يتركوا قلما ولا رحموا وريثا
للنجوم الساطعهْ
والناس فى بلدى .. تراهم فى المشاهد جامدهْ
لا العين تبصر ما تراهُ .. ولا الفؤاد يصب شيئا
فى العروق الباردهْ
فكأنما خلت الكنانةُ وارتمت عنها السهام الراشدهْ
وجريمة التاريخ مرًت سهلةً
وهى التى اهتزت لها كل الضمائر من عميق الأرض
حتى أفزعتْ .. جمعَ الملائك فى السماء السابعهْ
والقوس ودًع عهده يبكى الأكف الضائعهْ
من بعد ما عرفوا الهوان .. وصفقوا
فرحا بمفهوم جديدٍ للأكفِ البارعهْ
أبكى على بلدى .. بكاء مقيدٍ ..
لَـمَح النداء يهز نبضي فى دمى
وهى الأسيرةُ خاطبتْ .. قلبي بآهاتٍ تسيل على الفمِ
لبيك يا بلدى .. فدُلى حيرتى
أنا عاجزٌ .. والعجز يكسر همتى
سيلُ الشدائد قد أطاح بقدرتى
وأنا خلىُ الكف .. خالى المعصمِ
فإذا بها قد عاندتْ ..
شلل الذراع وقاومتْ ..
رغم الألمْ ..
وأشار إصبعها لكفٍ لم يخفْ
نطقت بصوتٍ مرتجفْ
قالت سلاحك ها هنا ..
طببْ به جرح الحضارة .. يلتئمْ
وانصب به ظهر الحقيقة .. يستقمْ
فنظرت فى كفي .. وإذ بأصابعى ..
قبضتْ بآخر جهدها .. سن القلمْ