|
قفا نبكِ من ذكرى عكاظٍ وسوقهِ |
بوادٍ تجلَّـى في عظيمِ الملاحمِ |
من الفرحِ راقَ الدمعُ ليست صبابةً |
ولكنَّها اللُّقيا بخير القوادمِ |
رعى اللهُ ذا الشهباءِ حينَ ارتقيتُها |
تثيرُ جنابَ الأرض حرثُ العوائمِ |
وتطوي بنا البيداءَ كالسّهم سابحٌ |
بفجٍّ خلى من كلِّ جنسِ الحوائمِ |
ألا ياركاب المجدِ مهلاً توقَّفي |
هُنا قبلةُ الأدابِ صِنو المعالمِ |
هنا جنّةُ التاريخِ تزهو بروضِها |
وتُجنى بها الأثمارُ فيضُ النعائمِ |
سقتها بحورُ الشعرِ من بعدِ زمزمٍ |
فكانت شراباً من نفيسِ المناجمِ |
ونادى عكاظٌ في بني العُربِ جَهدهُ |
أعِيدوا إليّ الروحَ بعد المآتمِ |
فما كانَ في حالٍ قويٍّ يقيمُهُ |
وليستْ لهُ كفًّا لرفعِ المظالمِ |
فأضحَى دهوراً بين صخرٍ وطينةٍ |
وأمسَى كما أضحى أسيرُ المعاجمِ |
فجاءت إليهِ الرُّوحُ تسعى بلهفةٍ |
فضمّتْ قِفارُ البيدِ جزلَ الغمائمِ |
بعهدٍ أبى التاريخُ إلا شهادةٍ |
تُساقُ لأهلِ الفضلِ عهدُ المكارمِ |
بعبدِ العزيزِ العلمُ أرخى ظلاله |
فأنهى عصوراً من ضَلالِ التمائمِ |
فوفَّاهُ ربُّ العرشِ عقداًمنظماً |
منَ الدرِّ والياقوتِ نعم المغانمِ |
فأحيَوا لنا منْ كانَ بالأمسِ ميّتـاً |
بتريـاقِ عزمٍ من صنيعِ الأكـارِمِ |
وفاقتْ زهورُ الصَّيفِ منْ كلِّ نبتةٍ |
وهبَّتْ على الأطلالِ عذبُ النسائِـمِ |
أنختُ بساحِ السوقِ رحلي منادياً |
توقفْ جميلُ الطرفِ عن كلّ قادمِ |
فهذا بلاطُ الفكرِ يسمو بربوةٍ |
عليها ملوك الشعرِ حمر العمائمِ |
وهذا بلاطُ البيع والكسبُ وافرٌ |
وتلك التي في الصّدرِ بعضُ الغنائمِ |
كأنّي بأعشى قيسِ قد مـدَّ صوتَهُ |
فأرختْ لهُ بالسّمعِ سِربُ الحمائمِ |
وهذا هو الجعديُّ يحدو بشعرهِ |
ينادي أيا حسَّان يا بن القشاعِمِ |
وخنساءُ قد بانتْ لصخرٍ فأنشدتْ |
قذاةٌ بعيني أم لهيبُ الضرائمِ |
نعم تلكَ أيامٌ تولتْ بمجدها |
ولكنَّ ذكرَ المجدِ شحذُ العزائمِ |
فهيَّـا حُماةَ الضَّـادِ للمجدِ همـّةٌ |
فلا خيرَ في جيلٍ ضعيف الدعائمِ |
فمنْ كانتْ العلياءُ قصداً لسعيهِ |
تهاوتْ لهُ في الدّربِ كلُّ العظائمِ |