طور أول
أتوقُ إلى لحظةٍ حلوةٍ
تقرّبني من لظى شفتيكِ
ويا ليتني كلّما غبتِ عني
أموت،وأحيا بلمسِ يديكِ
أقلّب ُ في الأفق طرفا صبيبا
وأرفلُ في حزنِ ورقاءِ أيْكِ
وأمسي وقد خلّفتني النوى
صريعا على نصل شوقي إليكِ
طور ثان
أطوّف بين المقاهي وحيدا
وأقرأ وجهك في اللافتاتِ
يطير الحصى كلما مس رجلي
فأوقظه من عميق السباتِ
كأن الشوارع تلتف حولي
حبالاً تقيدني في الحياةِ
فلا أستطيع فراراً إليكِ
ولا العجز يقنعني بالفتاتِ
طور ثالث
ما تبقّى مني سوى طيفِ طفلٍ
يشبه البدر في ليالي الخسوفِ
فخذيني إليك غضّاً طريّاً
عرف الحبّ قبل نطق الحروفِ
خذيني إليك
فما عاد يجدي فراري
غصصت بحنظلتي ومللت اصطباري
طور رابع
ويأتي الفتى البدويّ الشجيّ
يمد ذراعين مهزولتينِ
ولا ينطفي من هواه الأوارُ
فيحكي ويبكي ويبكي ويحكي
إلى أن يميت الظلامَ النهارُ
طور خامس
لا تغاري منها فما هي إلا
محض رسمٍ يعنّ للمرتادِ
ذكّرتـنـيـكِ يوم جئت حياءً
في قوام مجلّلٍ بالسوادِ
يوم أن قلتُ: يا حبيبتي ارمي
عنك هذا النقاب دون عنادِ
فترددتِ ثمّ قلتِ: تمهّلْ
ليس إلقاؤه من المعتادِ
طور سادس
قالت أحبّكَ قلتُ لا فخرا
تيهاً على الجوزاء والشّـِعرى
أما أبوكِ فإنه رجلٌ
وا حرّ قلبي منه وا حرّا
أيخافني وهواك مستعرٌ
في مهجتي يستوقد الجمرا؟
إن المصابيح التي اشتعلتْ
أطفأتها فجعلتها ذكرى
وضممتُها ضمّا يخدرنا
ويصب في أعماقنا الخمرا
طور سابع
أهملتُ أشيائي ويا ضيعتي
إن غاب من يعنى بأشيائي
غابت فغاب الدفء عن حجرتي
وصرت كالظمآن للماءِ
أواه لو تدرين ما خطبُ من
قد حار بين الحاء والباء
طور ثامن
ولست أنسى وفاء قد نذرت به
لله أني لا أنساكِ في سفري
وإن نظرتُ إلى أخرى مصادفةً
رجعت عنها بطرف غير منبهرِ
وإن تكن ذات حسن لست أنكرهُ
فإن حبك أعماني عن الأخرِ
وليس ذلك أني ذو محافظة
من الوقوع ولكنْ كنتِ لي قدري
وكنت أضعف من طفلٍ مقاومةً
لما تخلف عن حبّيـكِ من أثرِ
طور تاسع
تقلبت بين حال الروح والجسدِ
ثم انتهتْ وهي تلقاني كــلا أحدِ
ماذا أمرّ من اللقيا إذا احتدمتْ
والقلبُ يصرخ في جوفي أن ابتعدِ؟
طور عاشر
وكنتِ تريدين حبّكِ نهرا
أمرغ خدي على ضفتيه
على ضفة الوصل عبدا لديه
على ضفة الهجر أبكي عليه
ولكني عينيك أبصرتاني
فتىً لا يحط الذبابُ عليه
طور حادي عشر
تركتُكِ لكنّ أشباح ذكرى
تقاسمني صحوتي والرقادا
أقاسي الزمان الذي خان عهدي
وأوراق شعري تعب المدادا
فلا كان من ينتشون بحبّ
يميت الفداءَ ويحيي العنادا
____________