اليك صمصام
اليك اعود بعد غيابى الذى اعتذر عنه كثيرا
ولكنى اعود وأقول انى مشغولة عنكم بكم ايها الاحبة
واعود معك الى تحت ظلال الزيزفون والتى هى فعلا للمنفلوطى ومن اروع ما ترجمه ومعها ماجدولين والعديد والعديد من اجمل الروايات التي ترجمها لنا بأسلوب جعلنا نعشق القراءة معه .
وعن سؤالك صمصام عن تأثير هذه الرواية على نفسى اقولك لك وقد تستغرب حقا ان هذه الرواية جعلتنى احيا فيها كل تفاصيلها وحروفها وكأن بطلة الرواية كانت تسكننى
عشت فى منزلها القديم المحاط بحديقة مليئة بالزهور والورود والاشجار التي ترعاها وتسقيها وتعتنى بها فكنت أروى معها الزهور والورود
كنت أجلس على نفس مقعدها تحت شجرة الزيزفون الكبيرة ارسم ظلالا للحب
وعشت معهاأجمل لحظات اللقاء الاول عنما رأت الشاب الفقير الذى جاء يسكن الحجرة الصغيرة القديمة فى منزلهم .
كدت اشعر بالحب يتخلل قلبى والشرود تملكنى وتاهت نظرات عينى منى وكأنها انا
انطوت مشاعرى وذابت فى قلب هذه الفتاة فعشت معها كل مشاعر الحب الطاهر البرىء اثناء اللقاء
وعرفت معنى الوعد والعهد ومعنى النقاء بين قلبين تعاهدا على الحب حتى الموت مهما كان زمن الفراق
وكم تألمت وبكيت حين لحظة الوداع والفراق ومرارة الايام والسنين والذكرى والحنين
وفى لحظات العذاب والمرض كم شعرت بأن المرض فعلا قد تسلل الى اعضائى وكاد يفقدنى حياتىمعها
وبالرغم من العذاب والألم والمرض وقسوة الايام الا ان الحب فى قلبيهما كان كأول لقاء بينهما لم تغيره السنون
الى يوم الوداع الاخير والوفاء بالعهد حينما عادت اليه لتموت بين يديه وامام عينيه
ولتبقى ذكرى قصة حب خالدة من اروع واجمل ماقرأت من اسلوب خاطب الاحساس والمشاعر بالحرف والكلمة والتصوير الحقيقى لكل مكان وكل همسة ولمسة وحركة فى القصة
صدقنى لو قلت لك ان هذه القصة بالرغم من مرور سنوات على قراءتها الا اننى مازلت اذكر ادق تفاصيلها واحساسها ولا ادرى لماذا ؟؟
هل لانها تطابقت مع ما بداخلى من احاسيس ومشاعر
أم لاننى رأيت نفسى فى هذه الفتاة ؟؟
أم اننى تمني ان اقابل هذا الحب الجميل البرىء الطاهر ؟
أم اننى كنت ابحث عن معانى لقيم لا احيا الا بها مهما كانت النتائج الا وهى الاخلاص والوفاء بالوعد والعهد
الذى اصبج نادر وجودهم الان ؟
لا ادرى ماالسبب ولكنها من اقرب القراءات الى نفسى وقلبى
وهذا هو اسلوب المنفلوطى حتى عندما قرأت له ماجدولين ةهذا ماجعله من كبار الادباء العرب فى مجال الترجمة
فالمنفلوطى من اشهر من ترجموا الكثير والكثير من اشهر المؤلفات لاشهر الكتاب
وعن سؤالك التالى صمصام
غلب على النثر غالباو إلى وقت قريب الجفاف وكان النثر لغة
الخطابة والمكاتبات والمراسلات والمحاضرات
وقد نخرج من ذلك رسائل المحبين
لكن الآن نرى تطورا
ملحوظا في اللغة النثرية تضاهي الشعر وتفوقه جمالا وسحرا
لدى الكتاب المبدعين
ونستطيع أن نقول أن لغة نثرية شاعرة أصبحت تحل محل الشعر
وتنافسه لدى الكثيرين
برأيك كيف حدث هذا؟
وما دور الخاطرة في هذا التحول؟
وهل لتأثير المترجمات وشعر الحداثة النثري دور في ذلك؟
أما عن النثر فأنا فى حدود معلوماتى القليلة انه فعلا الى وقت قريب كان اقرب مايكون الى الرسائل والمكاتبات
لاتجاه أغلب الكتاب الى كتابة الشعر وتنمية مواهبهم وامكانياتهم فى مجاله لانه كان من السائد ان كاتب الشعر يأتى فى درجة أعلى من كاتب النثر مما جعل الكثير من كتاب النثر والخواطر ان يتقلص دورهم ويشعروا بأن فعلا النثر هو فى درجة أقل من الشعر
وهذا المفهوم باطبع مفهوم خاطىء تماما
إ ذ ان لكل من الشعر والنثر أو اى فن عموما له مذاقه وعبيره وله محبينه ومن يتذوقون معناه ايضا
واذا تعمقنا فى مفهوم الكتابة عموما سواء شعر او نثر نجده عبارة عن نبض متوتر يقلق صاحبه فهو ليس ترفا فكريا ولا ترفا عاطفيا ولكنه محاولة لخلق عالم انسانى جديد جوهره الاعمق اكتشاف معنى لعالم جديد فى رؤيا الشاعر حيث تتلاحم العناصر الفكرية والنفسية والجمالية والحضارية وتصبح غاية فى التركيب والتعقيد
وهذه الرؤيا تحتاج الى احساس يتناغم مع الحروف وخيال لايحتاج الى وصاية
فيخرج النص معبرا عن المشاعر والفكر والاحساس وعمق البعد النفسى والوجدانى لكيان الكاتب
وهنا لايختلف كاتب الشعر عن كاتب النثر إذ ان الاثنين حالة واحدة ولكن اختلفا فى اسلوب الكتابة
وتطور لغة النثر فى رأيى فى الفترة الاخيرة جاءت لعدة اسباب
أولا لانها لا تلتزم بقواعد لا قافية ولا بحور
حيث يطلق الكاتب لقلمه العنان فيترجم مشاعره الى حروف
ثانيا : ان الشعراء فى الغترة الاخيرة قد تقلص دورهم قليلا نتيجة ماطرأ على الشعر ومدارسه من تقسيمات
وتيارات مختلفة
ثالثا انه اصبح للنثر قارئين ومعجبن ومتذوقين ايضا
وبالطبع ايضا كان للمترجمات اثرها الكبير فى فتح مجال اوسع للنثر فهناك كثر من الكتاب والكاتبات
لهم مترجمات جميلة فى النثر ومنهم من كتبت عنها موضوع سافو اول شاعرة فى تاريخ الادب النسائى
وكثير غيرها من المترجمات كان لها بالغ الاثر سواء شعرا او نثرا
أما عن الحداثة فى الشعر فهذا موضوع سيطول الكلام فيه شكلا وموضوعا
لانه كما تعلم سندخل هنا فى اختلاف رؤى الشعراء فى الحداثة والتجديد مما سيرجعنا الى قضايا الشكلوالمضمون
فالحداثة نوع من انواع التمرد وثورة على المألوف فى الشكل والمضمون واسلوب التعبير
فنجد من الشعراء من يناصر الشكل وهناك من يناصر المضمون مع ان رؤية الشاعر الحديث تجمع بين الانسان وتجارب حياته بما فيها من تجاوب ورفض لكل ماحوله
فنجد ان اصحاب الرأى الاول يوغلون فى التجديد حتى انهم يرفضون جميع اشكال موسيقى الشعر مما جعل الشاعر ينثر فكرته نثرا عاديا لخاطرة ذهنية مجردة من اجل التخفيف من الصخب الموسيقى للقصيدة والتخفيف من مشقة مفردات اللغة وهو بذلك يفهم التجديد بمعناه الشكلى المحض مهما تحجج بدفقاته الشعرية المكثفة لانه حول الشعر الى نثر
وعندما نفكر فى تعريف الخاطرة نرى انها ما هى الا دفقة شعورية صيغت بأسلوب أدبى
فالخواطر والقصائد النثرية مهما سما معناها وشرف مبناها الا انها لا تملك القدرة على تحويل هذا الشكل الى شعر حديث
وإن قلنا ان قصيدة النثر ضمن اطار مابعد الحداثة فإنما نعود القهقرى كثيرا لان احلال كلمة النثر مكان الوزن انما هو رد فعل انتكاسى مهما استشهدنا بكبار شعراء النثر مثل نزار وأدونيس
صمصام موضوع الشعر والحداثة هذا يحتاج الى صفحات من العرض والنقاش والحوار
فأنا اعلم انك استاذ فى هذا الموضوع
اخى الحبيب صمصام
كم سعدت بوجودك وتشريفك لصفحتى
الذى زادها وجودك فخرا وشرفا لى
شكرا لحضور ألقى عمق فى الفكر والادب
شكرا لحضور جميل بكل معانى الجمال
لك تحياتى ,,, واجمل باقة ياسمين