سلام الله عليكم..
هذه خاطرة أدبية لإحدى الأخوات تركتها عهدة عندي، آملة في إيجاد وقت للالتحاق بركب خير الحروف،
لكن لم تسعفها الظروف بعد.. وقد استأذنتها في نشرها كي لا تبقى حبيسة أرشيف الحاسوب فوافقت على ذلك جزاها الله خير الدارين..
أبكني.. يا رجل القرن الواحد والعشرين..
ابكني، فقد توفيت عام ألف و.. ابكني، فقد نحرت سعدي على مفصل الصدمات، وقطعت أوصالي أحلام كانت مشرقات.. ابكني، فقد ماتت في داخلي الأنثى منذ سنوات، وارتديت سراويل الذكورة في شوارع المومسات..
ابكني، كلما تسلمت مرتبي، وجلست في مكتبي، وقصصت جدائلي بمقص التقدم والمؤتمرات وأرسلت بريق عيوني ظلاما في دهاليز الندوات..
ابكني يا رجل القرن الواحد والعشرين؛ أنا ضحية الطموحات.. كما بكيت نفسي وسأبكها تحت أطلال الشرفات..
أين أنت؟ وأين أنا.. وأين نفسي في وسط الكائنات؟
ابكني.. ربحت رقما بين أرقام الصفقات، وبعث شبابي –مرغمة- بدريهمات..
أجوب داخل جسدي المرهق بالجري في الطرقات.. أسابقك.. أنافسك في السير في الممرات، أقطع حديثك السخيف أمام الكاميرات..
ابكني.. أو ابحث معي عن نفسي، فقد نسيت من أنت ومن أنا.. مع كثرة المسميات..
خنثى أنا أم أنثى؟ ابكني.. فقد أخذوا رحمي وأجنتي في المصانع والشركات، وضعوني تماثيل بلاستيكية في الواجهات..
هل يوما ما.. سأجد نفسي كي أكون مرة أخرى أنثى، وتكون رجلي أنت كما في الحكايات؟
اعطني اسما.. امنحني جسما، أو اعطني رقما من أرقام البورصة والمراهنات..
أتمنى أن أجد نفسي مع شهرزاد.. والروايات..
أتمنى فقط أن أعود فتاة.. امرأة كالسيدات..
..
خذ مني منصبي في البرلمان.. مكاني في الإذاعة والشركات، وأعدني إلى شرفة بيتي، كي أزين جدائل شعري بالزهرات..
عد كما كنت.. رجلا..
ابكني.. وسأبكيك أيضا.. في مقبرة الحياة!