السلام عليكم جميعاً .
الأخ الفاضل : د. عبد الفتاح أفكوح ..
سيدي ، يسرني أن أُثمـّن عالياً توجيهك وتنبيهك الهادف ، وإيجازك الشامل -في الأسطر الثلاثة الأخيرة من مقالتك -للرسالة الفكرية والأدبية التي أردت إيصالها .
وإذا كان لي من إضافة على ما تفضلت به حضرتك من أفكار ومعلومات ، فهي أن الأفراد والجماعات الفاعلة على الساحة الإسلامية اليوم هي المسئولة عن تلك الاشتقاقات اللفظية وما ينجم عنها من التباسات فكرية وانحرافات ثقافية .
ولعلني أُضيف أن واقع العرب والمسلمين قد تجاوز مرحلة الاختلاف الثقافي واللغوي- بأضرارهما ، إلى منزلق الخلاف الفكري والعقدي - بدمارهما ؛ فقد كفّـر المسلمون بعضهم بعضاً واستحلوا دماء بعضهم .!
وأنا أرى -والله تعالى أعلم- أن بين المسلمين من يسعون جاهدين لتقوية ذلك الجدار الفكري العبثي السميك المضروب حول العقل المسلم -لا سيما العربي ، والذي يُصوّر له -جهلاً-أن كل مَنْ وما خلف ذلك الجدار هم أعداء أو هي أخطار تتأهب للانقضاض على الإسلام واستئصاله .! وأن التحاور والتفاهم والتعايش مع غير المسلمين إما أنه مستحيلٌ أو أنه مُـحـرّمٌ .
ورغم ظهور الفكر الوسطي أو المعتدل بين المسلمين ، إلا أن ذلك الجدار الفكري (العنصري من وجهة نظري) لا يزال طاغياً على الساحة الإسلامية ، ويحول دون تفاعل الثقافة العربية -خاصة- مع ثقافات الأمم الأخرى ، ويَحضُّ العقل المسلم -عامة- باسم الدين- على التعصب لذاته ، ويُجبره باسم الدين كذلك على نبذ الآخـر والسخرية منه .!
ولعلنا نرى فيما يجري على الساحة الدولية من خلافات ثقافية وسياسية واقتصادية وجغرافية ..، أقول نرى كيف أن المسلمين -دون غيرهم - يتجاهلون صبغة تلك الخلافات ومجالاتها ، ويضعون الطابع الديني على تلك الخلافات ، ويُروِّجون لفكر العـداء ، ويُحذّرون من الهجوم الوشيك -دائماً- على الإسلام واستهداف المسلمين في عقيدتهم .!
ومن هنا ظهرت تلك الاشتقاقات اللفظية والمسميات المختلفة - بغض النظر عن دلالاتها وكيفية استنباطها- فكلها تشترك وتدور حول الإسلام والمسلمين ، لتُلبِّي ولتنعت الاختلافات -الفكرية والسياسية والأيديولوجية والمذهبية والطائفية -المتعددة المتناحرة على الساحة الإسلامية - في عصر ما بعد العلم .!
( أنا هنا لا أُبـرّر تلك التسميات والاشتقاقات اللفظية -المغلوطة أو المدسوسة قصداً أو جهلاً أو أنها ظهرت نتيجةً للحاجةً للتفريق بين توجهات وأهداف أتباع الدين الواحد ، ولكني أُحاول تسليط الضوء على مُسبباتها ) .
أهـلاً بك أستاذنا الفاضل .