بسم الله الرحمن الرحيم
تحية لك ايتها البعيدة في واقع الامر ، القريبة من مكامن قلبي خيالا وصورة ..!!
وبعد...
القي عليك تحية فواحة بعطر الارض في صباحات حقول بلادي ، مكللة بما تناثر من ندى على
اهداب الورد خجلة تلامس كف نور الشمس ، وهو يحاول ان يشق طريقا له من بين ما تراكم من غيوم ، ليرسم في السماء لوحات ما كان لريشة فنان أن تمنحها التبدل الاّني ، والتكوين الجمالي ، من لون متجدد بين عتمة وضوء ، وفرح لنور يتغلغل من بين تراكمات غيوم ، لسماء موشاة بها ، وشيء من حزن شفيف..!!
تلبدت السماء بالغمام وهي تعلن عن وصول قريب لشتاء ؛ اتمنى ان يكون محملا بالمطر ، وانا سمائي بعدك نشتاق كثيرارلوقع المطر...!!
فروحي يحاصرها الجدب ، حتى لأخال انها تكاد تشبه أرض تشققت من عطش طويل..!!
وانت تعلمي كم اعشق المطر..!!
فكم كانت لنا من حكايات همسنا بها في ذالك الركن البعيد ، ورذاذ المطر يكاد يلمس تلك المقاعد البدائية التي صنعناها معا من جذع شجرة عجوز ، القت بجسدها على الارض بعد زهو ربيع عمرها المورق ، والوارف بالظلال ، ربما ما كان بيننا من حكايات تشبه الآن بمصيرها حياة تلك الشجرة ، نماء وايناعة غصن ، ثم جدب وموت جذع...!!
ذالك الركن الذي اّوانا معا ، كم اشتاق اليه ، لم يكن ركنا أو زواية مجردة في معناها المادي ، ربما كانت لي تمثل ملاذا بعيدا عن كل ما يداهم حاضرة تفكيري من قلق حرب تحيط بايامنا ، وتتغلغل في تكويني وانا اخوضها مقاتلا ، احاول ان اجد في اتونها فلسفة الموت والحياة والتضحية وجدواها..!! وهل أن الثمن لو أقدمت على الموت ، أو نالني بوقع حادث قتالي ما ، طعم اخر سيختلف عما تركه من عرفت من اصدقاء ، طرزوا بالشهادة صفحة النهاية لعمر وان طال ، فهو بتصوري قصير...!!
لا ادري لم تداعت كل تلك الافكار من زمن ، ربما من يتصور احداثه بالسنة المعنية سيقول ؛ أنه بعيد ، رغم ذالك ؛ كان لي كل تحسس الجمال وعمق مكامنه ، وربما كنت انت اختزال لكل شيء جميل .
انا الان تجردني غربتي من ابجديات تلمس الجمال بعمقه ، حيث يحيط بي ، كل شيء ياخذ طابع السطحية هنا ، ربما لانك هناك حيث الزمن البعيد القريب ، وحيث تلك الأماكن وما تعنيه ، تمثلان كل العمق..!!
كم كنا لانبالي أو نعير اهتماما لعيون ربما كانت ترقب جلساتنا من بعيد او قريب .. وهل يعبأ هارب مِن جحيم إلى نبع الرواء بكائن اّخر..!!
لأنا كنا معا ندرك أن ليس بالضرورة أن للاخرين ادراك معنى أو فهم ، أن أكون أنا وأنت هائمين معا بجمال ما رسم الله سبحانه من جمال ، في أفق يمتد أمام ناظرينا، وجمال ماء نهر وتشابك شجر ، وربما أحيانا تشابك كفين في لحظة تواصل عميق..!!
يوم كنا معا لم يدر بخلدي يوما أني سأستمد من كل ذالك إحساس الفقد ورغبة الكتابة لتجسيد ولو هامش بسيط مما كان لنا معا ، تأخذنا محاور الحديث ، نقرأ لكلينا ما حفظنا من شعر ، وكم كنت اجد في جرس الكلمات الخارجة بتؤدة الهمس ، وبغنج الانثى الشهية في كل شيء يوحي أن ها هنا أنثى تجيد النبض بدفق أجمل لثنايا كلمات الغزل ، لكلمات لتلك الشاعرة الجميلة وقصائدها ، وانت تترنمين بها وارتعاشات صوتك مذاق اخر لمعنى الحنان وحرقة الأنثى العاشقة ، في كل صوره تجسده احاسيس لك بين صوت ، وعينيك السابحتين في هلام الحلم وجمال أفق نهر تمتزج بكل كلمة ، وهي تخرج من بين شفاهك المكتنزة بحمرة الورد .
لم يكن الأمر محض علاقة عابرة ولا التقاء لرجل بامرأة على هامش الزمن..
كان الأمر حتما أكبر من مصادفة ، وأعمق من قدر ساق كلينا في منعطف من منعطفات الحياة الكثيرة المضحكة أحيانا ، والمبكية احاييّن كثيرة اخرى..!!
كان الفكر والخيال ، والسمو الروحي أكبر من أن توصف به تلك الحوارات في غفلة زمن كنا نسرقه من تراكمات زحمة مشاغلنا ، و كل شيء من الناس والظروف المعاندة احيانا..!!
لم..يتبقى من كل ذالك الآن سوى ذكرى تفرض حضورها عليَّ في كل حفل للتامل أو للجمال ، أو الوحدة القاتلة والغربة المؤلمة التي أفتقد بها العقول قبل القلوب...!!
وكما اّمنا يوما معا أن الغربة غربتان ، غربة للجسد ، وغربة للروح ، وها أنا أعاني بفقدك. وحضورك المميز على كياني الغربتين..!!
ربما احيانا إن استبد بي القلق وعاند عينيَّ النوم ، ألجأ إلى ذالك الخيال الساحر الذي كنا نصوغ منه تصورات تشبه عبث الاطفال ، وبراءة خيالاتهم وهم يستطلعون وعي الحياة..!!
مضت الايام سريعا ، كان لفرارها وقع الألم القسري ، وكيفية احتماله مرغما على الاعتياد
أن لاشيء له ثبات ولا ثبات ، إلا إلى زوال..!!
لادري مالذي دفعني للكتابة اليك الآن !! لأني وطنت نفسي على نسيانك أو تناسيك مرغما ، لربما كانت رغبة لكسر الملل أو حاجة لرفض المألوف من تتابع لامعنى له غير القلق من حياة تطرز أيام غربتي بالوحشة والحزن...!!
لا أود أن اطيل ، وأن يتشعب حديثي وذكرياتي ، ولربما يثقل عليك الامر أ وربما لا بل من المؤكد أني سالقي برسالتي هذه إلى أقرب موقد قريب للنار ، لأني أرغب أن تتذوق النار بعض حرقة الروح وهي تبث اليك نجواها..!!
فإن كان ووصلت إليك فاعلمي أن لا دخل لي في الامر ، لكنها كلمات ساقها إحساس لا أعرف كنهه
إنني الساعة باحتياج كبير إليك ، لا أحد. سواك ، حتى يجيء يوما تحاصرني ذكراك في كل الزوايا ، ولا استطيع الفرار بسهولة ، سامسك القلم كما الساعة لأكتب إليك من جديد...!!
سلام