معاقبة الكاذب في عالم النملفي إحدى المرات كنت جالساً في البرية ، أقلب بصري هنا و هناك ، أنظر إلى مخلوقات الله و أتعجب من بديع صنع الرحمن ..
لفت نظري هذه النملة التي كانت تجوب المكان من حولي تبحث عن شيء لا أظن أنها تعرفه ... و لكنها تبحث و تبحث .. لا تكل .... و لا تمل ..
و أثناء بحثها عثرت على بقايا جرادة .... و بالتحديد رجل جرادة ...
فأخذت تسحب و تسحب تحاول أن تحملها إلى حيث يجب عليها - في عالم النمل و قوانينه- أن تضعها ....
إنها مجتهدة في عملها و ما كلفت به ... تحاول ... و تحاول ..
و بعد أن عجزت عن حملها أو جرها ذهبت الى حيث لا أدري و اختفت .. و سرعان ما عادت و معها مجموعة من النمل كبيرة وعندما رأيتهم علمت أنها استدعتهم لمساعدتها على حمل ما صعب عليها حمله
.. فأردت التسلية قليلاً و حملت تلك الجرادة أو بالأصح رجل الجرادة و أخفيتها .... فأخذت هي و من معها من النمل بالبحث عن هذه الرجل .. هنا و هناك ... حتى يئسوا من وجودها فذهبوا ..
لحظات ثم عادت تلك النملة لوحدها فوضعت تلك الجرادة أمامها .. فأخذت تدور حولها و تنظر حولها .. ثم حاولت جرها من جديد .. حاولت ثم حاولت .. حتى عجزت . . ثم ذهبت مرة أخرى ... و أظنني هذه المرة أعرف أنها ذهبت لتنادي على أبناء قبيلتها من النمل ليساعدوها على حملها بعد أن عثرت عليها ... جاءت مجموعة من النمل مع هذه النملة بطلة قصتنا و أظنها تلك المجموعة نفسها .. !
جاءوا و عندما رأيتهم حملت تلك الجرادة و أخفيتها عنهم .... بحثوا هنا و هناك ... بحثوا بكل إخلاص .. و بحثت تلك النملة بكل مالها من همة .. تدور هنا و هناك .. تنظر يميناً و يساراً .. لعلها أن ترى شيئاً و لكن لا شيء
أخفيت تلك الجرادة عن أنظارهم ....... ثم إجتمعت تلك المجموعة من النمل مع بعضها بعد أن ملت من البحث و من بينهم هذه النملة ثم هجموا عليها فقطعوها إرباً أمامي و أنا أنظر و الله إليهم و أنا في دهشة كبيرة و أرعبني ما حدث .. قتلوها .. قتلوا تلك النملة المسكينة .. قطعوها أمامي ....
نعم قتلوها أمامي قتلت و بسببي ... و أظنهم قتلوها لأنهم حسبوها كذبت عليهم !!
سبحان الله حتى أمة النمل ترى الكذب نقيصة بل كبيرة يعاقب صاحبها بالموت !!
حتى النمل يرى أن الكذب جريمة يعاقب عليها لإثمه و شده جرمه فأين من يعتبر ؟
فكيف إن كان الكذب يحمل إساءة أو شك أو تقوم من وراءه الفتن و الحرب و خراب البيوت ...
أين من يعتبر للنمل المخلوق الصغير؟
منقـــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــول