أخي الحبيب والأديب الأريب عبد الملك:
نص أنصفت فيه الحق ووصفت فيه الفرق وأأجدت فيه النطق بكلمات واثقات وجرس قوي ويقين واضح.
ولعلني راق لي من الردود ما قال يحيى سليمان أن نضع الخير في كفة والشر في كفة ونحن إن فعلنا ذلك انتصر الحق أين كان وارتفع الصدق أنى كان. وأما الحداثة فهي لفظة أصبحت مصطلحا لمجموعة من الخصائص والمميزات التي لا تقف عند حدود تصنيف الشعر فحسب بل تجاوزته للكثير من قضايا أهم وأعم ، وهذه الحداثة بمعناها الاصطلاحي أمر هدام ومرفوض من قبل كل صادق حر كريم ومردود على كل مخاتل أو جاهل.
أما تطوير الشعر فأراه أمرا آخر ويجب أن نكون واعين لمعركة المصطلحات التي تستخدم بخبث كبير لتوقع في شرها الكثير من الناس كقولهم علمانية على الكفر الزندقة ليظن أن للعلم وأهله في مثل هذا مجال وكما قيل حداثة حتى يظن بأن الأمر يتجه لمعنى التطور والتقدم والرقي بالأمر ليصبح حديثا ومعاصرا ولعمري ما هذا إلا كذب صراح وتخاتل كبير فما وجدت الحداثة إلا لهدم أسس الأدب العربي الراقي والباقي على مر السنين شعرا ونثرا بخلط هذا بذاك وتمييع خصائص هذا بخصائص ذاك وصولا لأمور هدامة أهم وأعم ، ناهيك ما يميز هذا التوجه من فحش وعهر وزندقة يتشح الغموض وسيلة مراوغة وتشويش.
أعود لأقول بأننا دوما مع التحديث والتطوير للشعر ولغيره وهذا أمر أزعم أننا نعمله جميعا شئتا ذلك أم أبينا قصدنا أم لم نقصد ، وأزعم أنني شخصيا أفعله رغم أنني غلى رأس المتهمين "بالأصالة والمخافظة" اللهم إلا إن كانوا يقصدون من التطوير والتحديث هدم الأسس وقلب المفاهيم والانشغال بتدمير البناء الشعري من أسسه بدل تطويره وتحديثه مبنى ومعنى. إن عاقلا لا ينكر أن البشرية تطورت وتحدثت وتقدمت كثيرا وكثيرا جدا فهل يزعم عاقل أن هذا التطور كان في الشكل؟؟ أقصد هل كان الإنسان قبل ألف سنة بعين وأنفين وخمسة أقدام و...؟؟ أو أنه كان مجبولا من مادة نباتية ثم اكتسب لحما وتغير شكله إلى ما نحن عليه اليوم؟؟
أم هل كان التطور والتقدم في المضمون سواء في العلوم أو في الوسائل والآليات والتصرفات والإمكانيات والتوجهات مع تهذيب بسيط في الشكل أقصد مظهر الشكل لا جوهره؟؟ أترك الإجابة لكل عاقل صادق يستنبط كنه الأمر ولا يكون ضحية مصطلحات مغرضة هدامة.
أما نصك من حيث البناء أخي الحبيب فرائع جميل ممتع مقنع راق لي كثيرا ولكني استوقفني البيت الأخير بخطأين في النحو:
وإنْ جئتُ أمراً فكنْ عنهُ سـالٍ
فإنَّـك إنْ رُمـتَ قُربـي تخـيـبُ
فكن عنه سالٍ ..... بل فكن عنه ساليا كونها خبر كان منصوبا.
وفي العجز الصواب نحوا هو فإنك إن رمت قربي تخب. جزما كونها جواب شرط.
تحياتي