كل أنواع الأسلحة الرابضة ستشعر بالخجل أمام هذا الحذاء الذي بلغت به الشجاعة إلى مستوى الوفاء..و كل ترسانات الدول العربية التي تخزنها السلطات ليوم القيامة أو لشقيقة جارة والجيوش التي من مهمتها فتح عين وإغماض عين كلها الآن تحت وطأة هذا الحدث تفتقد موازينها وربما تجد توازنها رويدا رويدا ..وفي أي أرض يا ترى تقف ثورتنا الخامدة !
الرئيس بوش دخل التاريخ كأي ظالم مستبد أظلم أيامه بيديه القذرة وأنتج جبالا من الرماد وشيد بها مدنا من المقابر ولكن ..سيرافقه ذلك الحذاء إلى كل صفحة من صفحات تاريخه بل ستتقدم سيرة هذه الحذاء عليه وما يتعلق بها من دوافع الفاعل واستحقاق المفعول لهذه الواقعة في كل السياقات المرتبطة بانجازات عهد بوش الهابطة وانهزام إنسانيته الصاعدة سيكون ذلك الحذاء مرافقا له وشاهدا على شجاعة الصحفي العراقي الذي حمل الكلمة ومسؤولية مصداقيتها على كتف وطن دُمر بأيادي آثمة بعذر كان أقبح من الذنب ذاته ...سيورث بوش ذريته سيرته الذاتية في مطويات مذكرات الحذاء وستظل فترة بوش عبر التاريخ مرتبطة بهذا الحذاء الذي أثلج كل مغتاظ كاره للقمع وللظلم بل لم يثر حفيظتنا تجاه هذا الامر الذي لو كان في موقع آخر لأختلفت رؤيتنا له ..تلك السيرة مرتبطة بنضال شعب لديه إرادة قوية في الحفاظ على حياضه ولو كان السلاح حذاء أطهر من قلب رجل لوث سيرة وطنه بالظلم والعار وانعدام المصداقية في عهد تقهقرت فيه الحقوق الإنسانية بكافة أصعدتها
***
استغرب الجميع في ارتريا بعد الاستقالة مباشرة عندما وضعت الدولة في ميدان عام وسط العاصمة اسمرا مجسم لحذاء المناضل وقد زينت المساحة بأزهار وحشائش خضراء وقد كُرس لهذا العمل نخبة من النحاتين المحترفين وإحاطة هذا المجسم بجمال خلاب ...
بل أصبح تقدير حذاء المناضل (عامة تسمى كونغو أو شدي ) إلى أن اتخذت الأماكن العامة والنوادي وحتى المطاعم كتحفة ضمن الديكور وذلك تكريما لهذا الحذاء الذي كانوا المناضلون المشاة يعتمدون على قدرتها في الصبر وبالذات في ميادين القتال وتضاريس شديدة الوعورة ...بالرغم من اعتراض الكثير من الناس على هذه الظاهرة أي تكريم الحذاء تجاوزا بالمناضل إلا إني عرفت الآن أهمية الحذاء وأنها لم تكن فقط أداة محدودة الوظيفة بل هي أداة تتجاوز وظيفتها عند الحاجة .
***
يقودني هذا الأمر إلى ذلك المناضل صاحب نظرية النضال المسالم غاندي الذي مشى حافيا ربما كان يدخر الحذاء لمهمة أعمق من ارتدائها والاتكاء عليها مشيا حيث انه لو فشلت كل أنواع المقاومة لكان الحذاء الوسيلة الأجدى التي لا تفتقد الحيلة ..وربما تنبأ شخصية استعمارية على هيئة بوش ليبق الحذاء سليما إلى أن يأتي يوما يصافح فيه هذا النوع وجهه..إذن كل الذين مشوا في حياتهم حفاة تركوا السر في حذاء البطل والصحفي العراقي منتظر الزيدي ..
***
والآن كل الأحذية في المتاجر وفي الدواليب والعلب تستعير أغنية أحمد عدوية إذا يقول لسان حالها يا شبشب الهنا يا ريتني كنت أنا..قيل قديما لعدنان درجال يا بو رجل الذهب وماذا سنقول للصحفي البطل منتظر الزيدي ؟