في كل يوم نرى عجبا، و لكل عجب سبب،
و في كل سبب علينا عتب.
نادية
حين أتامل واقعنا اليومي ، أبحث عن ما تبقى من أمتنا المجيدة ،
أجد نفسي كمن يبحث عن الإبرة في - كوم قش -،
ها هي خالية أيامنا من مظاهر اليقظة و أسبابها أو تكاد تخلو،
ممزعة بين اللهو و الجبن و الضعف و الهوان،
و لم تعد بجسد الأمة سوى نفحات تتراءى في مواسم معدودة،
أعياد و ذكريات و مواقف تنبهنا لهويتنا،
و لا تفتأ تغيب و تحل محلها الغفلة.
فهل نلوم غيرنا؟هل نتهم العصر و الزمان؟
أم نلوم أنفسنا.. ؟
حين نرجع لزمن الفتوحات و البطولات ،نجد القلوب الحية،
التي كانت تحفر القبور و تتمثلها في دار الفناء قبل حلول الأجل،
الهمم العالية العاملة التي لا تدخر جهدا لإعلاء كلمة التوحيد
على كافة المستويات و المجالات المتاحة .
هل كانوا من طينة أخرى، أ كانت قلوبهم من دم و لحم،
و نحن قلوبنا من بلاستيك جامد ؟
نقرأ سيرهم و تبكي عيوننا لقصصهم و تتأثر القلوب،
غير أننا نضعهم و أمثالهم في كريستالات فكرية ،
مثلها مثل التحف الغالية النادرة ،
لا يعيدها الزمن،لا نمنح أنفسنا حتى شرف محاولة التشبه بهم ،
و لا السير على خطاهم.
ثم ننزل من منابرهم، نتدحرج في اتجاه التردي ،
نتجرع أصناف الشهوات و السيئات،
و حالنا ما بين لاهث عابث غافل ، و آخر يقاوم
يتلمس الطريق تائها متخبطا يبحث عن قبس نور يستنير به.